منتديات بنات فلسطين

منتديات بنات فلسطين (http://www.bntpal.com/vb/index.php)
-   ▪« قطوُفٌ دَآטּـيَة ]≈● (http://www.bntpal.com/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   متجدد/ وقفات تأمل في حياة نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم (http://www.bntpal.com/vb/showthread.php?t=18284)

صمت المحابر 05-27-2014 01:15 PM

هذه هي منزلة كبار السن في عين رسول الله.. بل إنه يرفض أن تطول الصلاة الجماعية -مع حُبِّه لها وتعظيمه لقدرها- لأن ذلك قد يشق على كبير السن وغيره من أصحاب الحاجات، وهذا دليل على نظرته الشمولية لمسألة الرحمة، ودليل على اتساع أفقه، وإدراكه لحقيقة الإسلام، وإنه في الأساس رحمة للناس وليس مشقة وعذابًا لهم..

نلحظ كل ذلك من موقف فريد رواه أبو مسعود الأنصاري[6] وفيه أن رجلاً قال: والله يا رسول الله إني لأتأخر عن صلاة الغداة[7] من أجل فلان مما يطيل بنا، فما رأيت رسول الله في موعظة أشدَّ غضبًا منه يومئِذٍ، ثم قال:«إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ فَأَيُّكُمْ مَا صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيَتَجَوَّزْ فَإِنَّ فِيهِمْ الضَّعِيفَ وَالْكَبِيرَ وَذَا الْحَاجَةِ»[8].

فيالَعَظَمَةِ هذا الموقف!!

صمت المحابر 05-27-2014 01:16 PM

وإذا كانت كل هذه الرحمة لعموم كبار السن، فإنها ولا شك أعظم وأجلُّ في حق الوالدين.. إن الأبوين في كثير من بلاد العالم -الذي يسمُّونه متحضرًا في زماننا- لا يجدان رعاية ولا عونًا من أبنائهم بعد أن يتقدم بهما العمر، وتضعف منهما الصحة..

لكنَّ الأمر ليس كذلك عند رسول الله..

جاء رجل إلى رسول الله فقال: «يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صَحَابَتي؟ قال: "أمك. قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّكَ. قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّكَ. قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثم أبوك»[9].

فأحق الناس بالصحبة ليس الصديق ولا الحاكم ولا صاحب العمل ولا غير هؤلاء، إنما أحق الناس بالصحبة الأم ثم الأب، وقدَّم الأم ثلاثًا لضعفها وشدة احتياجها عند كبرها..

هذه هي رحمته بالأم والأب، ولْيُقارن أهل الأرض بين هذه الرحمة وما يحدث في العالم أجمع!.. بل إنه في موقف آخر يقول ما يتفطَّر له القلب رقةً وتأثرًا!!

لقد جاءه رجل يقول له: إني جئت أبايعك على الهجرة، ولقد تركت أبويَّ يبكيان، فقال رسول الله: «ارجع إليهما، فأضحكهما كما أبكيتهما» [10].

يا لَرَحْمَتِك يا رسول الله!!

صمت المحابر 05-27-2014 01:17 PM

فالرجل جاء يبايع على الهجرة، والأمر جد خطير، ومع ذلك فالرسول يهتم -ليس فقط برضا والديه وراحتهما- بل وبضحكهما وسرورهما!!

هذه هي رؤيته لكبار السن في أمته، وهذه هي رؤيته للواجب نحو الوالدين، وإذا كان هناك في العالم من يدَّعي أن قانونه يشبه -ولو من بعيد- قانون رسول الله، فإنني على يقين أنه لن يوجد من يدَّعي أن هناك مَن طبَّق على أرض الواقع ما طبَّقه رسول اللهمن مواقف الرحمة، ومن مظاهر الرعاية لحقوق الإنسان!! وصدق الله العظيم إذ يقول: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107].

--------------------------------------------------------------------------------

صمت المحابر 05-27-2014 06:12 PM

وفاء الرسول

الوفاء من الرحمة :

كان محمد حليمًا رقيق القلب عظيم الإنسانية[1].

في أواخر أيام دولة الأندلس وقّع حاكم مدينة غرناطة معاهدة بينه وبين ملك قشتالة تنص على استسلام بلاده وتسليمها للنصارى, وتضمنت معاهدة التسليم سبعة وستين شرطًا بما يحفظ على المسلمين دينهم وعرضهم وأموالهم, ولكن بمجرد استيلاء النصارى على الأندلس تبخرت كل الوعود, واستحل النصارى الأموال والديار, وتم إكراه المسلمين على التنصر بما عرف في التاريخ بمحاكم التفتيش حتى تم محو الإسلام من أسبانيا بأكملها -الأندلس سابقًا-[2].

هذا حالهم ولكن الإسلام شيء آخر!!
بَلَغَ مِنْ رحمة رسول الله بغير المسلمين أنّه حَرَّمَ الغدر بهم ولو كان هذا في زمان الحرب, ولم يُؤْثَر عن الرسول أنه غَدَرَ بعهدٍ قطُّ, بل كان مثالَ الوفاء الدائم, وإن غَدَرَ به أعداؤه, وسنتناول هذا المعنى من خلال النقاط التالية:

صمت المحابر 05-27-2014 06:13 PM

شهادة الأعداء بوفاء النبي :
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بن حرب أَخْبَرَهُ أنه عندما كان في بلاد الروم في كفره أثناء صلح الحديبية؛ أحضره هرقل بين يديه, وسأله عن الرسول بعدما وَصَّلَه -أي: هرقل- رسالة رسول الله, وكان مما سأله عنه أن قال: فَهَلْ يَغْدِرُ؟ فقال أبو سفيان: لا.
ثم عَلَقَّ هرقل في ختام حِواره مع أبي سفيان قائلاً: وَسَأَلْتُكَ: هَلْ يَغْدِرُ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ لا يَغْدِرُ, وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لا تَغْدِرُ[3].

صمت المحابر 05-27-2014 06:13 PM

أمر النبي أصحابه بعدم الغدر :
ومن رحمة النبي أنه كان حريصًا على أن يغرس في نفوس الصحابة خُلُقَ الوفاء حتى في وقت الحرب؛ فقد كان يُوَدِّعُ السرايا مُوصِيًا إيّاهم: «ولا تغدروا»[4], ولم يكن ذلك في معاملات المسلمين مع إخوانهم المسلمين, بل كان مع عدوٍّ يكيد لهم, ويجمع لهم, وهم ذاهبون لحربه, فما أسمى هذه الأخلاق النبوية!!

وقد وصلت أهمية الأمر عند رسول الله إلى أن يتبرَّأ من الغادرين ولو كانوا مسلمين, ولو كان المغدورُ به كافرًا محاربًا؛ فقد قال: «مَنْ أَمَّنَ رَجُلاً عَلَى دَمِهِ فَقَتَلَهُ, فَأَنَا بَرِيءٌ مِنَ الْقَاتِلِ, وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ كَافِرًا»[5].

وقد تَرَسَّخَتْ قِيمَةُ الوفاء في نفوس الصحابة حتى إنّ عمر بن الخطاب بَلَغَهُ في ولايته أنَّ بعض المجاهدين قال لمحارب من الفرس: لا تَخَفْ, ثم قتله.

فكتب إلى قائد الجيش: "إنّه بلغني أنَّ رجالاً منكم يَطْلُبُونَ العِلْجَ –الكافر-, حتى إذا اشتد في الجبل وامتنع, يقول له: "لا تَخَفْ", فإذا أَدْرَكَهُ قَتَلَهُ, وإني والذي نفسي بيده, لا يَبْلُغَنِّي أنّ أَحَدًا فَعَلَ ذَلك إلا قَطَعْتُ عُنُقَه[6]".

صمت المحابر 05-27-2014 06:14 PM

ذِمَّة المسلمين واحدة :
ومن رحمته بغير المسلمين في أثناء الحرب أنّه كان يَقْبَلُ بإجارة المسلم لكافر, بمعنى أنه كان يُنْفِذُ وَعْدَ المسلم أيًّا كان للكافر المحارب بالأمان, ويحضُّ المسلمين جميعًا على إنفاذ هذا الوعد والأمان.
قال رسول الله: «ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ, فَإِنْ جَارَتْ عَلَيْهِمْ جَائِرَةٌ, فَلا تَخْفِرُوهَا[7], فَإِنَّ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءً, يُعْرَفُ بِهِ يَوْمَ القِيَامَة»[8].

وقد طبَّق الرسول هذا المبدأ تطبيقًا عمليًّا بين المسلمين؛ فأوفى بجوار أُمِّ هانئ بنت أبي طالب لأحد المشركين يوم فتح مكة؛ فقد روى البخاري, وأبو داود, والترمذي عن أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها أنها قالت: قُلتُ: يا رسول الله, زَعَمَ ابنُ أُمِّي تقصد أخاها عَلِيَّ بن أبي طالب, أنَّه قَاتِلٌ رجلاً قد أجرتُه: فلان ابن هبيرة؛ فقال رسول الله: «‏قَدْ ‏ ‏أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا‏ ‏أُمَّ هَانِئٍ»[9].
وبَعْدُ, فهذا غَيْضٌ مِنْ فَيْضِ أخلاق الرسول في حروبه مع المشركين التي لا تُقارَن بأخلاق قادة الكفر في كل مكان وزمان.
إنّ أخلاقه لا تُوصف إلا بأنها أخلاق أنبياء, فذلك أصدق وصفٍ لها, وكفى.

صمت المحابر 05-27-2014 06:16 PM

حلم النبي صلى الله عليه وسلم.

كان مُحَمَّد الحاكم المُتسامح والحكيم والمُشرِّع [1].

إن ما يقرب من نصف دول العالم مازال يعاني من مرارة الجهل والتخلف، فنجد أن نسبة الأُميِّة في بعض الدول -خاصة الفقيرة- تصل إلى 70% من عدد السكان [2].

على الرغم من أن الجهل صفة مذمومة لم تُذْكَر في القرآن الكريم غالبًا إلا على سبيل الذم واللوم، بل استعاذ منها موسى عليه السلام كما حكى ربُ العزَّة في القرآن في قوله: {قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [البقرة:67].

على الرغم من ذمّ هذه الصفة إلا أن كل البشر بلا استثناء يتصفون بها من وجه من الوجوه، فهم يعلمون أشياء ويجهلون أشياءً أخرى، حتى أكثر العلماء علمًا في مجال معين لا بد أنه جاهل في مجال آخر.

وإنما يُذَمُّ حقيقةً الجاهل الذي لا يسعى إلى تحصيل العلم، والجاهل الذي يجهل أمرًا مُشتَهرًا جدًا بين الناس، أو كما يقول الفقهاء: "الجاهل بما هو معلوم من الدين بالضرورة".

وهذا النوع الأخير وهو (الجهل بالأمر المشتهر)، هو ما نعنيه في هذا المبحث، وإلا فكل البشر جاهلون، أو على الأقل كانوا في مرحلةٍ ما من عمرهم جاهلين، ثم انتقلوا بعد ذلك إلى مرحلة العلم.

صمت المحابر 05-27-2014 06:17 PM

يقول ‏مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ: بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ‏ ‏‏إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ؛ فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ؛ فَقُلْتُ: وَاثُكْلَ ‏أُمِّيَاهْ مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ؟ فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ؛ فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي لَكِنِّي سَكَتُّ؛ فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ‏‏‏فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ؛ فَوَاللَّهِ مَا ‏‏كَهَرَنِي ‏وَلا ضَرَبَنِي وَلا شَتَمَنِي؛ قَالَ: «إِنَّ هَذِهِ الصَّلاةَ لا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلامِ النَّاسِ إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ» [3].

في هذا الموقف نرى بوضوح رحمة رسول الله بمعاوية بن الحكم، والذي كان جاهلاً إلى حَدٍّ كبير بتعاليم الصلاة، وهذه الرحمة لفتت نظر معاوية، حتى إنه ذكرها وعلَّق عليها؛ فقال: "فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ".

وكأن معاوية كان يتوقع الزجر والتعنيف من رسول الله لمَّا رأى ثورة المصلّين حوله ومحاولتهم إسكاته، فقال معاوية في سرور: فَوَاللَّهِ مَا ‏‏كَهَرَنِي ‏وَلا ضَرَبَنِي وَلا شَتَمَنِي، وكأن هذه كانت أمورًا متوقعة.

لكن رسول الله لا يصدر منه القول السيئ، ولا يقسو على أحد أبدًا.

صمت المحابر 05-27-2014 06:19 PM

وفي يوم آخر رأى رسول الله ما يُغضِبُ عادةً أي إنسان، ومع ذلك فإن رحمة رسول الله قد ظَلَّت رد فعله، فتعامل بهدوء ورفق لا يشابهه فيه أحد.

يروي ذلك الموقف جابر بن عبد الله فيقول: "أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ ‏‏فِي مَسْجِدِنَا هَذَا وَفِي يَدِهِ ‏عُرْجُونُ ‏ابْنِ طَابٍ[4]، فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ نُخَامَةً فَحَكَّهَا‏ ‏بِالْعُرْجُونِ، ‏ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ: «أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يُعْرِضَ اللَّهُ عَنْهُ؟» قَالَ: فَخَشَعْنَا، ثُمَّ قَالَ: «أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يُعْرِضَ اللَّهُ عَنْهُ؟»، قَالَ: فَخَشَعْنَا ثُمَّ قَالَ: «أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يُعْرِضَ اللَّهُ عَنْهُ؟» قُلْنَا: لا أَيُّنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ.

قَالَ: «فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ ‏ ‏يُصَلِّي فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قِبَلَ وَجْهِهِ فَلا يَبْصُقَنَّ قِبَلَ وَجْهِهِ وَلا عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ تَحْتَ رِجْلِهِ الْيُسْرَى[5] فَإِنْ‏ ‏عَجِلَتْ بِهِ بَادِرَةٌ [6] ‏فَلْيَقُلْ بِثَوْبِهِ هَكَذَا»، ثُمَّ طَوَى ثَوْبَهُ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ؛ فَقَالَ: «أَرُونِي عَبِيرًا»، فَقَامَ فَتًى مِنْ الْحَيِّ ‏‏يَشْتَدُّ[7] ‏إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ‏ ‏بِخَلُوقٍ[8] ‏فِي ‏رَاحَتِهِ‏ ‏فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ ‏‏فَجَعَلَهُ عَلَى رَأْسِ ‏الْعُرْجُونِ ‏ثُمَّ ‏لَطَخَ بِهِ عَلَى أَثَرِ النُّخَامَةِ؛ فَقَالَ‏ ‏جَابِرٌ:‏ ‏فَمِنْ هُنَاكَ جَعَلْتُمْ ‏‏الْخَلُوقَ ‏فِي مَسَاجِدِكُمْ" [9].

فمع أن الموقف قد آذى رسول الله، وليس فيه توقيرٌ للمسجد، إلا أن رسول الله من رحمته لم ينفعل، ولم يسأل عن الفاعل، ولكن علَّمهم بهدوء ما ينبغي عليهم أن يفعلوه، بل وأزال بنفسه النخامة وطيَّب مكانها

صمت المحابر 05-27-2014 06:20 PM

قول أنس بن مالك: بَيْنَمَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ‏ ‏‏ ‏إِذْ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ[10] فَقَامَ يَبُولُ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ ‏أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ‏: ‏مَهْ ‏مَهْ[11]. قال: قال رسول الله: «لا تُزْرِمُوهُ[12] ‏دَعُوهُ»، فَتَرَكُوهُ حَتَّى بَالَ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏‏ ‏دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ: «إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ وَلا الْقَذَرِ إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللَّهِ وَالصَّلاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ» أَو كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏‏قَالَ فَأَمَرَ رَجُلاً مِنْ الْقَوْمِ فَجَاءَ بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ ‏فَشَنَّهُ[13] عَلَيْهِ"[14].

ووالله إنه لموقف نادر حقًّا!!

إن أَحْلَمَ الناس في هذا الموقف سيكتفي بأن يأمره بأن يقطع بوله، فكفاه ما فعل بمسجد رسول الله، وقد هَمَّ الصحابة أن يقوموا بذلك فعلاً مع حلمهم المشتهر وأدبهم المعروف.

لكن رسول الله أتى بما لم يأتِ به الأولون والآخرون!

لقد تعاظمت رحمته حتى شملت هذا الأعرابي، الذي لم يتخلَّق بعدُ بأخلاق المدينة، بل ظل على جفاء البادية، أي رحمة هذه التي نتحدث عنها!!



أترانا لو بحثنا عن مثل هذه المواقف في تاريخ الأمم هل سنصل إلى شبيه أو مثيل؟!

إن الإجابة على هذا السؤال توضح الفارق الجليِّ بين أخلاق عامة البشر وأخلاق النبوة، وصدق الله العظيم إذ يقول: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:107].

وجع الروح 05-28-2014 04:39 PM


السيرة النبوية :
١١٢- رأى رسول الله في الجنة :
١- قصر لعمر بن الخطاب .
٢- ورأى جارية لزيد بن حارثة .
فأخبرهما بذلك .
٣- ورأى نهر الكوثر .

وجع الروح 05-28-2014 04:39 PM

السيرة النبوية :
١١٣ -
٤- ورأي رسول الله النار يحطم بعضها بعضاً نعوذ بالله منها ، وأجارنا منها .
٥- ورأى مالك خازن النار عليه السلام .

وجع الروح 05-28-2014 04:40 PM

السيرة النبوية :
١١٤- ثم ذهب جبريل عليه السلام برسول الله إلى أطراف السماء السابعة ، ثم توقف جبريل عليه السلام ، وقال لرسول الله :


وجع الروح 05-28-2014 04:41 PM

السيرة النبوية :
١١٦- وصل رسول الله إلى موضع سمع فيه صريف الملائكة التي تكتب أقضية الله سبحانه
تكرمت الله لنبي هذه الأُمة صلى الله عليه وسلم


وجع الروح 05-28-2014 04:42 PM



السيرة النبوية :
١١٥- " يامحمد تقدَّم ، فوالله لو تقدمت خطوة واحدة لاحترقت ".
فتقدم رسول الله ، ووصل إلى موضع لم يصل إليه لا بشر ولا مَلَك .


وجع الروح 05-28-2014 04:43 PM


السيرة النبوية :
١١٧- هناك في هذا المكان الطاهر العظيم كلَّم الله سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم وفرض عليه وعلى أُمته الصلوات الخمس .


وجع الروح 05-28-2014 04:43 PM

السيرة النبوية :
١١٨- مَنح الله هذه الأُمة :
فرض الصلوات الخمس
غُفر لكل مسلم الكبائر ، يعني لا يُخلَّد في النار .
أعطيت خواتيم سورة البقرة.

وجع الروح 05-28-2014 04:43 PM


السيرة النبوية :
١١٩- بعد مافرغ رسول الله من كلام الله له رجع إلى جبريل عليه السلام ، ثم رجع إلى المسجد الأقصى وركب البراق وعاد إلى مكة .


وجع الروح 05-28-2014 04:44 PM


السيرة النبوية :
١٢٠- كل هذه الرحلة العظيمة وتفاصيلها حدث في أقل من ليله
عرفتم الآن أنها معجزة عظيمة
ولذلك خلَّد الله ذكرها في كتابه الكريم

وجع الروح 05-28-2014 04:44 PM


السيرة النبوية :
١٢١- نزل جبريل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الإسراء والمعراج بيوم ليُبيِّن له أوقات الصلوات الخمس .
#نشر_سيرته


صمت المحابر 05-29-2014 05:57 PM

الشمولية في حياة الرسول

وإذا كانت حياة كل واحد من هؤلاء تختلف عن حياة الآخر، وإذا كان لكل منهم أحوال وأعمال تتقلب عليه بتقلب الظروف، بين قيام وقعودٍ ومشيٍ، وأكلٍ وشربٍ، ونومٍ ويقظةٍ، وضحكٍ وبكاءٍ، وفرح وترح، وسرور وحزن، وارتداءٍ للملابس وخلعٍ لها، وتعلُّمٍ وتعليمٍ، وعبادةٍ لله ومعاملةٍ للناس، وضيافةٍ وتضيّفٍ، وغير ذلك من الأعمال والأحوال التي تطرأ عليْه، وهو في ذلك قد يكون أبًا أو ابنًا أو جدًا، أو زوجًا أو عزبًا، كما تعتريه الأعمال القلبية والخلال النفسية، كالعزيمة، والشجاعة، والرضا، والصبر، والشكر، والتوكل، والتضحية، والقنا عة، والإيثار، والجود، والتواضع، وغيرها من الخصال، وهو في كل ذلك محتاجٌ إلى القدوة الهادية النافعة، والأسوة الكاملة ممن سبق له العمل بكل ذلك.

الشمولية في حياة الرسول:
إذا كان الأمر كذلك فإنه لن يجد كلُّ هؤلاء المثالَ الكاملَ في كل أحوالهم إلا في حياة محمد صلي الله عليه وسلم، فقد عاش كلَّ تلك الأحوال، وكان فيها المثالَ العاليَ الذي لا يُلحَق، والعَلَم الذي نصبه الله للدلالة على مكارم الأخلاق وحميد الصفات، فلا يوجد قائد دولة أو معلم أو مصلح رأته الدنيا كما كان رسول الله صلي الله عليه وسلم؛ الذي استطاع أن يقودَ الأمةَ قيادةً حكيمةً، وأن يطبق في التربية والإصلاح مشروعًا عظيمًا ومنهجًا مستقيمًا، فتح الله به الدنيا على يديْه وعلى يديْ أمته.

صمت المحابر 05-29-2014 05:57 PM

عاش صلي الله عليه وسلم غنيا، ورأينا كيف كان ينفق من ماله بلا حساب، وعاش فقيرًا ولو شاء أن تسيل معه جبال الدنيا ذهبًا وفضة، لسالت، وكان لا يدخر لقوته، ولما أدركه الموتُ، كان يقول لأهله وهو في سكرات الموت: إن هناك سبعة دنانير عنده، ويدلهم على مكانها، ويأمرهم بإخراج هذه الدنانير، ثم يُغمى عليه، ثم يفيق فيسأل: ماذا فعلتم بالدنانير؟! صلى الله عليك يا رسول الله!

وهكذا كان صلي الله عليه وسلم فقيرًا، فكان يمر عليه الشهر والشهران لا يوقد في بيته نار، ولا يأكل إلا التمر والماء، ومرت عليه أيام ربط فيها الحجر على بطنه من شدة الجوع، ومرت عليه أيام لم يجد فيها ما يأكله وعنده تسعة أبيات يمر عليها فلا يجد طعامًا في أي منها، فيصوم ويصبر! فيعلم الفقير كيف يصبر، والغني كيف يشكر.

صمت المحابر 05-29-2014 05:58 PM

كان أبًا، وعلم الآباء كيف تكون التربية، فهو رحيمٌ يُقَبِّل الأولادَ ويَحْنُو عليهم ويَعِظُهم ويُعلِّمهم برفق.
يجلس ومعه عمر بن أبي سلمة، وهو صبيٌ صغيرٌ، ويَده تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فَقَالَ له رَسُولُ الله صلي الله عليه وسلم: «يَا غُلَامُ سَمِّ الله وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ»، قال عمر: "فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ" [1].

ويروي أَبو هريرة رضي الله عنه" "أن رَسُولُ الله صلي الله عليه وسلم قَبَّلَ الحسن بن علي وَعِنْدَهُ الأقرع بن حابس التميمي جَالِسًا، فَقَالَ الْأَقْرَعُ: إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنْ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ الله صلي الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ: «مَنْ لَا يَرْحَمْ لَا يُرْحَمْ»"، وفي رواية: «أَوَ أَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ الله مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ» [2]

صمت المحابر 05-29-2014 05:58 PM

يقف على المنبر خطيبًا، فيشاهد الحسن والحسين وهما أطفال يتعثران، فينزل من على المنبر يحملهم ويرجع مرة أخرى، ويصلي بالناس إمامًا، فتأتي أمامة بنت أبي العاص، بنت السيدة زينب رضي الله عنها، فيحملها صلي الله عليه وسلم على كتفه، فإذا ركع وضعها، فإذا قام حملها!

ويعلم الصغير، ويعلم الكبير كيف يكون أبا وزوجًا.

صمت المحابر 05-29-2014 06:05 PM

وإذا أردت أن تتأسى به قاضيًا مثلاً، فإنك تجده صلي الله عليه وسلم ينصح القاضي ويقول: «لاَ تَقْضِي بَيْنَ اثْنَيْنِ وَأَنْتَ غَضْبَان» (صحيح البخاري:7158)، وعندما تقضي لا بد أن تقضي بالعدل، وإن استطعت أولًا أن تصلح بين الخصمين، فلا بد أن تصلح بينهما، وإذا لم تستطع، فلا بد أن تقضي بالحق.

صمت المحابر 05-29-2014 06:05 PM

وهناك العديد من القصص في ذلك، فهذا الزبير بن العوام رضي الله عنه كَانَ يُحَدِّثُ: "أَنَّهُ خَاصَمَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا إِلَى رَسُولِ الله صلي الله عليه وسلم فِي شِرَاجٍ مِنْ الْحَرَّةِ كَانَا يَسْقِيَانِ بِهِ كِلَاهُمَا، فَقَالَ رَسُولُ الله صلي الله عليه وسلم لِلْزُّبَيْرِ: «اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ أَرْسِلْ إِلَى جَارِكَ» فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ! فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ الله صلي الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ: «اسْقِ ثُمَّ احْبِسْ حَتَّى يَبْلُغَ الْجَدْرَ»"، أي أشبع أرضك بالماء أولاً..

وهذا هو العدل، لأن الماء يمر على أرضه أولًا، فَاسْتَوْعَى رَسُولُ الله صلي الله عليه وسلم حِينَئِذٍ حَقَّهُ لِلْزُّبَيْرِ، وَكَانَ رَسُولُ الله صلي الله عليه وسلم قَبْلَ ذَلِكَ أَشَارَ عَلَى الزُّبَيْرِ بِرَأْيٍ فيه سَعَةٍ لَهُ وَلِلْأَنْصَارِيِّ، فَلَمَّا أَحْفَظَ -يعني أغضب- الْأَنْصَارِيُّ رَسُولَ الله صلي الله عليه وسلم اسْتَوْعَى لِلْزُّبَيْرِ حَقَّهُ فِي صَرِيحِ الْحُكْمِ. قَالَ الزُّبَيْرُ: "وَالله مَا أَحْسِبُ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ إِلَّا فِي ذَلِكَ: {فَلَا وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}" [النساء:65] [3].

هنا يعلِّم النبي صلي الله عليه وسلم القاضي، أن ينزع من نفسه كل المعاني النفسية، فلا يقول القاضي: "إني أحب فلانًا أو أكره فلانًا، يقول الله تعالى:{وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا الله إِنَّ الله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة:8].

صمت المحابر 05-29-2014 06:06 PM

الرسول قدوتنا:
وهكذا.. لو أردت في أي مجال من مجالات الحياة وفي كل أحوالها أن تؤلف كتابًا عن رسول الله صلي الله عليه وسلم فستجد أن حياته صلي الله عليه وسلم على قصرها كانت هداية وقدوة لكل شخص في كل حال، فقد تزوج وطلق، وحارب وسالم، وعادى ووالى، وباع واشترى، وفعل كل شيء، وثبتت عنه في ذلك قصص تصلح أن تكون قدوة.

ولكن تعال إلى غيره من العظماء.. بل من الرسل مع كمالهم صلوات الله عليهم أجمعين، فإذا وجدت أحدهم بارزًا في مجال من المجالات، فلن تجد في سِيَرهم المحفوظة ما يصلح لأن يكون قدوة في المجالات الأخرى.

فإذا أردتَ أن تتعلم من سيدنا عيسى عليه السلام معاملة الزوجات؛ فإنك لا تستطيع أن تتعلم منه ذلك لأنه لم يتزوج، وإذا أردتَ أن تتعلم من سيدنا موسى عليه السلام تربية الأولاد؛ فلا تستطيع أن تتعلم منه ذلك؛ لأنك لا تجد في القصص التي وردت عنه عليه السلام كيف كان يعامل الأولاد.

وإذا أردتَ أن تتعلم من سيدنا إبراهيم عليه السلام ماذا يفعل عند لقاء العدو ومواجهته فلن تستطيع ذلك؛ لأننا ليس لدينا في سيرته أنه كان قائدًا للجيش أو خاض أية معارك.

إذًا! لكي نأتي بقدوة تصلح لجميع البشر فإننا لن نجد سوى رسول الله صلي الله عليه وسلم؛ إذ لم يثبت عن أحد في كل المجالات قصص صحيحة ثابتة تشهد بكماله في كل أحواله إلا رسول الله صلي الله عليه وسلم.

صمت المحابر 05-29-2014 06:14 PM

فذو العرش محمود وهذا محمد:

قال تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء:79].


الشمس من حسادهِ والنصر من *** قرنائه والحمد من أسمائهِ
أين الثلاثة من ثلاث خلالهِ *** من حسنهِ وإبائِهِ ومضائهِ
مضت الدهور وما أتينَ بمثلِهِ *** ولقد أتى فعجزن عن نظرائِهِ



محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.. هذا الاسم الأعلم، إذا ذُكر ذكرَتْ معه الفضيلة في أجمل صورها، وذُكر معه الطهر في أرقى مشاهده، وذًكر معه العدل في أسمى معانيه.
محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.. اسم كتب بحروف من نور في قلوب الموحدين، فلو شققت كل قلب لرأيته محفورًا في النياط مكتوبًا في السويداء، مرسومًا في العروق.



والله لو شق قلبي في الهوى قطعاً *** وأبصر اللحظ رسماً في سويداهُ
لكنت أنت الذي في لوحه كتبت *** ذكراه أو رسمت بالحبّ سيماهُ

صمت المحابر 05-29-2014 06:15 PM

محمد صلى الله عليه وسلم صاحب الغرة والتبجيل، المذكور في التوراة والإنجيل، المؤيد بجبريل.. حامل لواء العز في بني لؤي، وصاحب الطود المنيف في بني عبد مناف بن قصي.
بشرت به الرسل، وأخبرت به الكتب، وحفلت باسمه التواريخ، وتشرفت به النوادي، وتضوعت بذكره المجامع، وصدحت بذكراه المنائر، ولجلجت بحديثه المنابر.



عصم من الضلالة والغواية {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} [النجم:2]، وحفظ من الهوى {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم:3].
فكلامه شريعة، ولفظه دين، وسنته وحيّ {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم:4].
سجاياه طاهرة، وطبيعته فاضلة، وخلاله جميلة، وخصاله نبيلة، ومواقفه جليلة {إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ} [النمل:79].
تواضعه جمّ، وجوده عمّ، ونوره تمّ، فهو مرضي الفعال، صادق الأقوال، شريف الخصال {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4].
لين الجانب، سهل الخليقة، يسير الطبع {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران:159].
ظاهر العناية، ملحوظ بعين الرعاية، منصور الراية، موفق محظوظ، مظفر مفتوح عليه {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح:1].
أصلح الله له قلبه، وأنار له دربه، وغفر له ذنبه {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح:2].

صمت المحابر 05-29-2014 06:15 PM

فهو المصلح الذي عمر الله به القلوب، وأسعد به الشعوب، وأعتق به الرقاب من عبودية الطاغوت، وحرّر به الإنسان من رقّ الوثنية {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى:52].
وهو الذي أعفى البشرية من التكاليف الشاقة، وأراحها من المصاعب، وأبعدها من المعاطب، وسهل لها -بإذن الله- أمر الحياة، وبصَّرها بسنن الفطرة {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعراف:157].



فهو رحمة للإنسان، إذ علّمه الرحمن، وسكب في قلبه نور الإيمان، ودله على طريق الجنان..
وهو رحمة للشيخ الكبير، إذ سهّل له العبادة، وأرشده لحسن الخاتمة، وأيقظه لتدارك العمر واغتنام بقية الأيام..
وهو رحمة للشاب إذ هداه إلى أجمل أعمال الفتوة وأكمل خصال الصبا، فوجه طاقته لأنبل السجايا وأجل الأخلاق..
وهو رحمة للطفل، إذ سقاه مع لبن أمه دين الفطرة، وأسمعه ساعة المولد أذان التوحيد، وألبسه في عهد الطفولة حلة الإيمان..

صمت المحابر 05-29-2014 06:16 PM

وهو رحمة للمرأة، إذ أنصفها في عالم الظلم، وحفظ حقّها في دنيا الجور، وصان جانبها في مهرجان الحياة، وحفظ لها عفافها وشرفها ومستقبلها، فعاش أبًا للمرأة وزوجًا وأخًا ومربّيًا..
وهو صلى الله عليه وسلم رحمة للولاة والحكام، إذ وضع لهم ميزان العدالة، وحذرهم من متالف الجور والتعسف، وحد لهم حدود التبجيل والاحترام والطاعة في طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم..
وهو رحمة للرعية، إذ وقف مدافعًا عن حقوقها محرمًا الحيف ناهيًا عن السلب والنهب والسفك والابتزاز والاضطهاد والاستبداد.

صمت المحابر 05-29-2014 06:17 PM

إذاً: فهو رحمة للجميع ونعمة على الكل: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:107].
كان إذا تبسم سبى القلوب وأسر الأرواح بإشراق وجهه وحسن قسماته وجمال محياه وبشاشة طلعته.
وكان إذا تكلم عبر كلامُه حدود النفس وتجاوز أقطار الروح، فغاص حديثه في أعماق الأفئدة، ونقش لفظه في صفحة الذاكرة، وخط على سويداء القلوب.

وكان إذا ضحك ملأ المكان أُنسًا، وأتحف الحضور بِشرًا، عبّأ جلّاسه سعادة وحفاوة.
وكان إذا بكى خشع لبكائه الناس، وذرفت كل عين مخزونها، وأخرجت كل نفس مكنونها، فكأن نذر القيامة على الأبواب، وكأن رسل الموت وقوف على الرؤوس، فلا ترى إلا دموعًا وخشوعًا وخضوعًا وإطراقًا {أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ . وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ} [النجم:59-60].


بادٍ هواك صبرت أم لم تصبرا *** وبكاك إذا لم يجرِ دمعك أو جرى

وكان إذا خطب هزّ المنابر، وأيقظ الضمائر، وحرك السرائر، وألهب السامعين، وأذهل المخاطبين، فلو أن للصخر عينًا لبكت، ولو أن للجدار نفسًا لخشعت، ولو أن للأيام أذنًا لأنصتت.


ليت للدهر مقلة فلعلّ *** الذكر يبكيه مثلما أبكاني
بحديثٍ يغوصُ في القلب *** غوصاً وعليه جلالة من معانِ

صمت المحابر 05-29-2014 06:17 PM

وكان إذا قاتل ثبت ثبوت الجبال، وتقدّم تقدّم السيل، وصمد صمود الحق {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ} [النساء:84]، فكان لا يعرف الفرار، ولا يسمع بالهزيمة ولا يستسلم للإحباط، محياه باسم والغبار يملأ المكان، وقلبه مطمئن والرؤوس تعاف الأبدان، ونفسه ساكنة والنفوس شذر مذر على رؤوس الرماح، وطلعته ضاحكة والسيوف تخط بالدماء حروف الموت {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} [آل عمران:144].


وقفتَ وما في الموت شكٌّ لواقفٍ *** كأنك في جفن الرّدى وهو نائمُ
تمرُّ بك الأبطالُ كلمى هزيمةً *** ووجهُك وضّاحٌ وثغرُك باسِمُ

صمت المحابر 05-29-2014 06:18 PM

وكان إذا جاد بلغ المدى في السخاء، وفعل ما لم تفعله الأنواء، يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، ويهب هبة من أرخص الدنيا وزهد في الحطام وعاف البقاء ورجا من الله الخلف.. يداه غمامة أينما هلّت، وكفّه مدرار أينما وقع نفع، جاد بمهجته فعرَّضها للمنايا في سبيل الله، وقدمها لشفرات السيوف لرفع لا إله إلا الله، فما شجاعته إلا آية لجوده، وما إقدامه إلا برهان على سخائه:



أنت الشجاع إذا لقيت كتيبةً *** أدّبت في هول الردى أبطالَها
وإذا وعدتَ وفيتَ فيما قلتَه *** لا من يكذّب قوله أفعالها

صمت المحابر 05-29-2014 06:18 PM

يعطي ما يملك في ساعة، ويهدي ما عنده في لحظة، هانت عليه الدنيا فمنح أجلاف العرب مئات الإبل، ورخصت عنده الأموال فجاد بالغنائم على مسلمي الفتح: «لو كان لي عَدَدُ هذه العِضاهِ نَعَمًا لقَسَمْتُه بينَكم، ثم لا تَجِدوني بَخيلًا، ولا كَذوبًا، ولا جَبانًا» (صحيح البخاري).
ما قال (لا) إلا في التشهد، وما ترك (نعم) إلا عند المناهي.

سئل قميصَهُ فخلعه وأعطاه، وجاد بقوته فعصب بطنه على حرّ الجوع وبلواه.. جود حاتم للصّيت والسمعة والرياء، وجود خاتم الأنبياء لمرضاة رب الأرض والسماء.
أنفق من فاقة، وأعطى من فقر، وآثر من حاجة، ووصل مع العوز.

صمت المحابر 05-29-2014 06:19 PM

وكان إذا عفا على الجاني أسره بإحسانه، فلا يعاتبه ولا يطالبه.. ينسى الإساءة ويدفن الزلة ويمحو بحلمه الذنب، ويغطي بصفحه الجرم {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} [الحجر:85].

قاتله قومه ونازلوه، فآذوه وسبّوه وشتموه، وطردوه وحاربوه وجرحوه، فلما انتصر عفا وصفح، وحلم وسمح، وكانت أنشودة أخلاقه: «صِلْ مَنْ قَطَعَكَ، و أَحْسِنْ إلى مَنْ أَساءَ إليكَ، و قُلِ الحقَّ و لَوْ على نَفْسِكَ» (السلسلة الصحيحة:1911).

صمت المحابر 05-29-2014 06:19 PM

كل خلق نبيل في القرآن فهو مترجم في سيرة هذا الإنسان، ولذلك قالت عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان خلقه القرآن".

وكان إذا وعد وفى، فلم يحفظ عنه أعداؤه خلفاً لوعد، ولا خيانة لعهد، مع حرصهم الشديد على الظفر بعثرة له أو زلة، ولكن هيهات، عاش عمره كله سلمًا وحربًا ورضًا وغضبًا وحلاً وترحالاً، عاش حالة واحدة من الصدق والأمانة، فهل الصدق إلا ما كان عليه؟
وهل الأمانة إلا منه وإليه؟


لقد وعده رجل في مكان، فانتظر صلى الله عليه وسلم في ذلك المكان ثلاثة أيام، ليفي بوعده. لقد عاهد المشركين واليهود وهم أشد الناس عداوة له، فما خان ولا خلف بالعهد، ولا نقض الميثاق. وحق له أن يكون أوفى الناس بوعده وأصدقهم في عهده، وهو الذي جاء بشريعة الصدق والوفاء، وحذر من الخيانة ونقض الميثاق، أليس هو القائل: «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان» (صحيح البخاري)، وهو الذي نزلت عليه {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} [الإسراء:34]، وقوله: {الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنقُضُونَ الْمِيثَاقَ} [الرعد:20].


وإذا أخذت العهد أو أعطيتَه *** فجميع عهدك ذمة ووفاءُ

وجع الروح 05-30-2014 03:17 PM



السيرة النبوية :
122- فُرضت الصلوات الخمس في الإسراء والمعراج ركعتين لكل صلاة إلا المغرب كانت 3 ركعات .
#نشر_سيرته



وجع الروح 05-30-2014 03:17 PM



السيرة النبوية :
123- كانت القبلة إلى بيت المقدس ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى جعل الكعبة بين يديه فيُصيب القبلتين .
#نشر_سيرته




الساعة الآن 03:47 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.
Search Engine Optimization by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.