الرحيل إلى العالم الآخر

#1 02-08-2017

الآخر , الرحيل , العالم , إلى

الرحيل إلى العالم الآخر

أرادت الذهاب لصديقتها لتشكي لها همومها
فلبست كالعادة فستانها وعباءتها
حيث ستذهب مع أحدى سيارات شركة التوصيل
وحينما وصلت للحارة التي تسكن بها صديقتها وجدتها
مملؤة بالحفريات والصبات والتحويلات
فقالت لسائق السياره “وقفني هنا لوسمحت”
ثم عدلت قليلا من غطوتها وعبائتها
ثم نزلت مسرعة الخطى
ﻟﻢ تقف لتنظر ﻳﻤﻴﻨﺎً ﻭ ﺷﻤﺎﻻً
لأنشغال تفكيرها بهمومها ومشاكلها
وعند ﻋﺒﻮﺭها ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ
ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﻴﺮ وهي ﺑﺪﻭﻥ تركيز
ﻓﺠﺄﺓ حدث مالم يكن في الحسبان
إنه ﺻﻮﺕ ﺻﺮخة قوية بألم
لفتت نظر الناس الذين كانوا هناك
وعندما إقتربوا ونظروا
رأوا فتاة قد إرتطم ﺟﺴﺪﻫﺎ ﺍﻟﻬﺰﻳﻞ بشاحنة مسرعة
وﺍﻟﻜﻞ صدم من هول المنظر
إنها ﻓﺘﺎﺓ في العشرينات قد تطلخ بعض جسمها
ﻋﻠﻰ ﻣﺎﻳﺒﺪﻭ ﺑﺎﻟﺪﻣﺎﺀ
إنها ﺛﻮﺍﻧﻲ ﻗﻠﻴﻠﺔ
ثم صار ﺟﺴﺪﻫﺎ كله منقوع بحمرﺓ ﺍﻟﺪﻡ
وﻋﻠﻰ ﻣﺎﻳﺒﺪﻭ إنه كسور و ﻧﺰﻳﻒ حاد
فإلتف ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ على هذا الحادث المؤلم
وقد حزنوا على ذلك ولكن لفت نظرهم
نور وجهها ووقفوا مذهولين ﻣﻦ ﺳﺮ إﺑﺘﺴﺎﻣﺘﻬﺎ
ﺍﻟﻤﺮﺳﻮﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﻔﺎﻓﻬﺎ
فقام بعض الأشخاص بفرد شماغه وغطاها
فأجرى البعض إتصالات بالشرطة والإسعاف
وبعد ﺩﻗﺎﺋﻖ ﻣﻌﺪﻭﺩﺓ أتت الشرطة وﺍلإﺳﻌﺎﻑ
وبعد إن وصلت دورية الشرطة نزل منها الشرطي وسأل :كيف
وقع الحادث؟! وأين من قد دهسها؟!
فقال بعض الحضور إنه صاحب شاحنه وقد هرب
فقال الم تصوروها أو تسجلوا رقم لوحته فقالوا: لا لإنه قد حدث ذلك سريعاً
أما هي فقد أحست في هذا الحادث الأليم بسعادة
فظاهر هذا الحادث للناس العذاب ولكن باطنه الرحمه لهذه الفتاة
لإنها قد ﺷﻌﺮﺕ ﺑﺎﻟﺮﺍﺣﺔ
وﺑﺎﻟﻬﺪﻭﺀ ﻭ ﺍﻟﺴﻜﻴﻨﺔ ﺗﻤﻸ ﺭﻭﺣﻬﺎ
لقد قابلت رباً كريماً
قد أنساها كل معاناتها والآلامها
ﻣﺎ ﺃﺣﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ
قد ﻧﺴﻴﺖ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ
فقد ﻧﺴﻴﺖ قسوة أبيها بسبب زوجته
لإنها متسلطة ومتجبرة عليها
هي ﻧﺴﻴﺖ ﻛﻴﻒ فقدت أمها التي كانت الحضن الدافئ لها
ﺗﺎﺭﻛﺔ ﺍﻳﺎﻫﺎ ﺧﻠﻔﻬﺎ
لأن والدها كان قاسياً وشحيحاً عليها
ويحرمها من أبسط ماتريده
إنها قد ﻧﺴﻴﺖ ﻛﻴﻒ ﺑﺎﺗﺖ ﻟﻴﺎﻟﻲ ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ ﺍﻟﻄﻮﻳﻠﺔ
ترتجف من البرد وبطنها ﺧﺎﻭﻳﺔ ﻭ معنوياتها ﻣﻨﻬﺎﺭﺓ
بسبب مرضها والآلامها التي في جسمها وروحها
وقد كان غداً هو ﻣﻮﻋﺪ ﺗﺴﻠﻤﻬﺎ لتحاليلها من المختبر
حيث قد إشتبه الدكتور بإصابتها بمرض السرطان
الآن قد تذكرت لماذا أصر ﺧﻄﻴﺒﻬﺎ على تركها
خاصة حينما لمح لها ﻗﺎﺋﻼ” إن ﺍﻟﺴﺮﻃﺎﻥ هو ﻣﺮﺽ ﺍﻟﻌﺼﺮ”
ﻭ أن المصاب به غالباً ﻻﻳﻌﻴﺶ كثيراً
ﻫﻮ يريد زوجة تكون له بصحة قوية تقوم بواجباته
و ﻻ ﻳﺮﻳﺪ ﺍﻥ ﻳﻌيش مع مريضة مثلها
لذلك ﻃﻠﺐ منها ﺍﻻﻧﻔﺼﺎﻝ
ولقد تذكرت بأن والدها قد صفعها على وجهها
حينما أرادت فقط منه شراء معطف يقيها من شدة البرد
فقد كان ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ ﻗﺎﺭﺱ جداً ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ عليها
ﻭ خاصة أن جسمها النحيل المريض ﻟﻢ يعد يتحمل
هي إبتسمت لأنها لن تعد تشعر بتلك الألآم
ولإنها قد تركت من وراءها الذل والحرمان والأحزان
إنه ﺟﻤﻴﻞ هذا الإﺣﺴﺎﺱ
ﺑﺎﻟﻼﻗﻠﻖ و باﻟﻼﺧﻮﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﺩﻡ
ثم عند ﻗﺪﻭﻡ ﺳﻴﺎﺭﺓ ﺍﻻﺳﻌﺎﻑ
نزل منها الدكتور وطاقمه
ثم ﺗﺮﻙ ﻟﻬﻢ ﺍلحضور ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ ﻟﺘﻔﻘﺪ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ
وقاس نبضها ثم قال بهدوء وحزن
“البقاء لله ،قد فاضت روحها إلى بارئها ”

ثم قال “هل من قريب لها هنا؟!” فلم يرد عليه أحد
ثم أخذوها المساعدين للطبيب على سرير الإسعاف وأركبوها في سيارة الإسعاف
ثم غادر ﺍﻟبعض إلى بيوتهم والبعض الأخر لأعمالهم
ﺍﻻ ﻫﻲ فقد كانت سعيدة في رحلتها إلى السماء
لإنها قد رحلت بقرب الله ثم ﺍﻣﻬﺎ
ﺍﻟﻰ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﻬﻨﺎﺀ ﻭ ﺍﻟﺴﺮﻭﺭ
إلى ﺣﻴﺚ ﺍلرحمة والكرم من الله
الذي سيعوضها عن معاناتها وعن كل شيء قد إنحرمت منه
حتى من عطف أبوها
فبعد ما أخذت ملائكة الرحمة روحها
وحلقت بها بعيداً إلى السموات
هي إلتفتت للأرض بسخرية
وقالت إيها البشر قد تركت لكم الأرض والحياة الدنيا
لتتصارعوا فيها كوحوش في غابة
فأهنؤوا فيها بكراهيتكم وبجشعكم وأمراضكم وحروبكم
بقلم / سلمان محمد البحيري

المصدر: منتديات بنات فلسطين - من قسم: قصص أدبية , روايات , حكايات , تاريخ الأدب والأدباء

hgvpdg Ygn hguhgl hgNov

أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع أرسل هذا الموضوع إلى صديق
انواع عرض الموضوع
الانتقال إلى العرض العادي الانتقال إلى العرض المتطور العرض الشجري

المواضيع المتشابهه
الموضوع	كاتب الموضوع	المنتدى	مشاركات	آخر مشاركة
عالمي الأخر ^ ^	قصي	عـدسـة الأعضاء	38	01-24-2015 12:10 PM
ها هي شمس الرحيل تعلن الرحيل ...	غرام	همس القوافي , النثر و الخواطر	4	12-06-2014 09:38 AM
نكت تحشيش من الآخر 2015	إبنة فلسطين	النكت والطرائف	2	09-15-2014 08:12 PM
كيف تحتوي قلب الآخر...	لصمتى رونق	زوايا عامة	3	04-23-2014 10:38 PM
ايهما تختار .. العتاب ثم الرحيل .. ام الرحيل بصمت دون العتاب	عشق !	الـטּـِقآشآتُ الجَّآدة والـפـوَآر..!	13	02-13-2014 06:56 PM

الرحيل إلى العالم الآخر

= 500) this.width = 500; return false;" /> أرادت الذهاب لصديقتها لتشكي لها همومها فلبست كالعادة فستانها وعباءتها حيث ستذهب مع أحدى سيارات شركة التوصيل وحينما وصلت للحارة التي