الفهم العشوائي والخاطئ للإسلام من قبل البعض هو الذي جعلهم يشككون في صحة الحديث النبوي الذي تحدث فيه عن أن الجنود المصريين هم خير أجناد الأرض، بعد أن استبعدوا البعد الإسلامي لموقع ومكانة مصر في منهج القرءان ومنهج النبوة الذي يدعوا إلي الوسطية والاعتدال، والذي في حاجة إلي إعلاء علي غيره من المناهج الصورية التي ترتدي عباءة الإسلام والتي تدعوا إلي التطرف والعنف والتي يبدو أنها وجدت من أجل تشويه صورة الإسلام في نفوس أتباعه وأعدائه علي حد سواء، مع أن الإسلام دين يدعو إلي الأمن والسلام في كل الأوقات، تجد أن البعض يدعو إلي العنف والرعب والقتل باسم الإسلام، وهذا كله عار علي الإسلام، والإسلام برئ منه ومن أفعاله وتصرفاته. فما بال أقواما يلوون الكلم عن موضعه ويثرثون باسم الإسلام، لتشويه سمعة خير أجناد الأرض، ومن ثم فإن الشعب المصري هو المعين الذي لا ينضب في مد الجيش المصري بكل الجنود، لتجديد شبابه والدفع بدماء جديدة ومتجددة في شرايينه بشكل دائم وعلي مدار تاريخه، حتى تكنس وتنظف كل أثار الشيخوخة، فيظل جيش كله شباب بشكل دائم، في الوقت الذي لا ينسي فيه حكمة الشيوخ، ومن هنا نجد أن الحديث عن الجنود المصريين يحمل في طياته، الحديث عن مصر الوطن، والحديث عن شعب مصر، الذي يعيش علي أرضها، ولذلك فإن مصر وشعبها وجيشها متصلون مع بعضهم البعض بجين وراثي في سلسلسة متصلة الحلقات يقوي بعضها البعض الأخر، ويشد بعضها من عضد البعض الأخر، ولذلك يخطئ من يعتقد أنه يمكن أن يفصل بين جيش مصر عن مصر الوطن أو عن شعب مصر، فهذه الحلقات الثلاثة تدعم من قوة بعضها البعض الأخر إلي قيام الساعة مصداقا لنبوة سيد الخلق محمد صلي الله عليه وسلم. وعندما ننظر إلي مكانة مصر في القرءان الكريم، نجد أن أكثر من 60% من آياته البالغة ستة الاف ومائتين وستة وثلاثين آية، تتحدث عن مصر ومكانتها، من خلال الكثير من الأيات والقصص والأحداث المتتابعة التي حدثت علي أرض مصر، وهذا معناه أن مصر في حماية وحفظ الله سبحانه وتعالي مدي الدهر، وكل من يفكر في تدنيسها أو تقسيمها ستحرقه بنارها، ويكفي أنها البلد الوحيد الذي ذكر إسمه كاملا في القرءان الكريم، بنجوعها وقراها ومدنها ومراكزها وأقاليمها ومحافظتها دون غيرها من المناطق السبع التي ذكرت في القرءان الكريم، ومنها مكة والمدينة وسبأ وبابل وسيناء والمسجد الأقصى، قال تعالي : ( ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ ) يوسف 99، مما يعني أن الحفاظ علي كل حبة رمل من تراب مصر فرض عين علي كل المصريين بإسم منهج القرءان الكريم عوضا عن الكثير من المعاني التي يمكن إستنباطها عن قدر مصر ومكانتها في الإسلام. وباعتبار الحديث الشريف الذي تحدث عن أن جند مصر هم خير أجناد الأرض في قوله صلي الله عليه وسلم : "إذا فتح الله عليكم مصر بعدي، فاتخذوا فيها جنداً كثيفاً، فذلك الجند خير أجناد الأرض" وقد صدق الرسول الكريم في حديثه عن البعد الزماني والمكاني عن وصول الإسلام إلي مصر بعد وفاته، والذي تحقق في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، وهذا لا يمكنه فصله عن الحديث القرءاني عن مكانة مصر في الإسلام وإمكانياتها في حمايته والدفاع عنه بإخلاص وتفاني علي مدار أكثر من الف وأربعمائة سنة. ثم إن الإشارات النبوية التي يمكن استنباطها من هذا الحديث الشريف عن رباط أهل مصر الدائم في الدفاع عن الإسلام إلي يوم القيامة في حديثه الذي لا ينطق عن الهوي، فيكفي أن نعرف أن الذي رواه هو عمرو بن العاص الذي فتح مصر، في وجود مداخلة من الصحابيين الجليلين المبشرين بالجنة، أبو بكرالصديق الخليفة الأول للمسلمين، وعمربن الخطاب الخليفة الثاني للمسلمين، مما يؤكد علي أن رواية الحديث كانت في وجودهما، وهذ يؤكد علي مكانة مصر وأهميتها عند رسول الله ومنزلتها عند ابوبكر وعمر، وكبار الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، لتأكيد صحة الحديث، وأن هذا الرباط معناه في الوحدة والقوة والتأهب والاستعداد الدائم للدفاع عن الإسلام، هو نتاج طبيعي وحياتي لوحدة الجيش المصري والشعب المصري في وجود مصر دولة قوية موحدة لا يمكن تقسيمها، وتحقيق هذا التأكيد في الوحدة والرباط قائم لا محالة في قوله " إنهم في رباط إلي يوم القيامة."وهذا الحديث أيضا يستقي معناه من أصول محمد صلي الله عليه وسلم المصرية من هاجر وجرهوم، وإمتدادا لنسبه الشريف الذي بدأ بعدنان الجد العشرين، وكنانة ( مصر ) الجد الثالث عشر، والجد العاشر فهر والذي تنتسب إليه ( قريش) والمقصود بها القبيلة المؤمنة في لغة قدماء المصريين، أما جده الرابع قصي بن كلاب فقد سمي أبناءه الأربعة بأسماء مصرية، عبد مناف ( مدينة منف في الجيزة)، وعبد شمس وعبدالدار وعبدالعزي (أسماء مصرية)، ومن عبد مناف كانت أمنة وعبد الله، ومنهما كان محمد صلي الله عليه وسلم. وهذا معناه أيضا أن توالي الأحاديث النبوية عن فضل مصر وأهلها ومكانتها عند رسول الله صلي الله عليه وسلم، ونسبه إلي سيدنا إسماعيل عليه السلام، وزواجه صلي الله عليه وسلم من أم المؤمنين مارية القبطية، يؤكد علي مدي حبه لأهل مصر واحترامه وتقديره لإهلها، من خلال النسب والمصاهرة، مما يؤكد علي أهمية مصر الإستراتيجية ودفاعها عن الإسلام من خلال شعبها وجيشها اللذان سيظلان في رباط إلي يوم القيامة. وبعد كل هذا التقدير والاحترام وتلك المنزلة الرفيعة والعالية لمكانة مصر وشعبها في القرءان الكريم و لجيشها والذي جعله رسول الله صلي الله عليه وسلم خير أجناد الأرض، نجد من يتطاول علي مصر وشعبها فيحرق كل مؤسساتها ويعتدي علي جيشها علي جنوده بالسب والقذف، وكتابة الألفاظ والعبارات المسيئة، التي تتجاوز كل الأعراف والأخلاق والمبادئ الإنسانية، وبل وتتعدي ذلك إلي رفع السلاح وقتل جنوده في كل مكان علي أرض مصر باسم الإسلام والدفاع عنه، مما شوه من صورة الإسلام النبيلة والعظيمة في قلوب أتباعه، ونال من شماتة أعدائه الكثير، الذين لا هم لهم بالليل قبل النهار من تدمير وتفتيت مصر وتحطيم الجيش المصري، وهذا ضد أبسط قواعد فهم الإسلام إذا عايرته بمنهج القرءان الكريم ومنهج النبوة. ودي واحترامي |