!~ آخـر مواضيع المنتدى ~! |
|
إضغط علي
![]() ![]() |
|
![]() |
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
| ||||||||
| ||||||||
![]() الجزء الثاني الحرب الأهلية، النثر يبدو أن جون ملتون الأكبر (الوالد) أحس بأن ست سنوات من الانصراف إلى العمل في رواية وأناة في هورتون كانت جزاء وفاقاً للموهبة التي ابتدعت مثل هذه القطع الغنائية. وليكمل حسن صنيعه أرسل ابنه ليتجول في أنحاء القارة مع دفع كل النفقات. وغادر ملتون إنجلترا في إبريل 1632 يرافقه خادم. وقضى بضعة أيام في باريس (وكانت آنذاك تحت قبضة ريشليو العسكرية)، وأسرع إلى إيطاليا، حيث أقام شهرين في فلورنسة، زار خلالها گاليليو الكفيف نصف السجين، والتقى برجال الأدب، وجلس إلى الجامعيين، وتبادل معهم التحية في شعر باللاتينية، ونظم بالإيطالية قصائد السونيت، وكأنه نشأ وترعرع على ضفاف نهر أرنو أو نهر بو. وفي ناپولي استقبله ورحب به وكرمه نفس المركيز مانسو الذي صادق وناصر تاسو وماريني من قبل وقضى في روما أربعة أشهر التقى فيها ببعض الكاردينالات المثقفين وأحبهم، ولكنه أعلن بصراحة مذهبه البروتستانتي. ثم عاد إلى فلورنسة، ثم قصد إلى البندقية عبر بولونيا وفيرارا، ثم ذهب إلى فينيس عبوراً بمدينة فيرونا وميلان ثم قفل راجعاً إلى لندن مروراً بجنيف وليون وباريس (أغسطس 1639). وفي كتاباته الأخيرة دون قطعتين مشهورتين عن رحلته في إيطاليا. وكتب رداً على تعريض أحد الخصوم به: "أشهد الله أنه في كل تلك الأماكن التي لا تلقى فيها الرذيلة إلا أيسر الاستنكار والتثبيط، وترتكب في أقل خجل وأيسره، لم أحد أنا قط عن جادة الفضيلة والنزاهة". وبتذكر كيف امتدح النقاد الإيطاليون شعره: وهكذا بدأت أوافق كل الموافقة على ما ذكره هؤلاء النقاد الإيطاليون أو يقول نفر من أصدقائي هنا في بلدي، كما استمع بنفس القوة إلى اسحثاث داخلي ينمو بين جوانجي كل يوم، من أنه بالعمل الجاد والانكباب على الدرس (وهذا ما اعتبره قدري في هذه الحياة) بالإضافة إلى الميل الطبيعي، بهذا كله يمكن أن أخلف شيئاً مكتوباً للأجيال القادمة، وقد لا يرتضون أن يفنى (بل يبقى ويخلد على الزمن). وبدأ ملتون الآن يخطط لملحمة تخلد ذكر وطنه وعقيدته، وتخلد اسمه على مر القرون. وكان لزاماً أن تمضي عشرون سنة قبل أن يتمكن من البدء فيها، وتسع وعشرون سنة قبل أن يتمكن من نشرها. وفيما بين فترتي نظمه الشعر: الفترة الأولى (1630-1640) والثانية (1658-1668)، لعب دوراً في الثورة الكبرى، وسخر قلمه للحرب والنشر. المُصلح في 1639 استأجر ملتون مسكناً لرجل أعزب في "سانت بريد تشيرشيارد" في لندن، حيث تولى التدريس لأبناء أخته. وبعد سنة واحدة انتقل معهم إلى أولدرزجيت ستريت"، وهناك (1643) أستقبل عددا آخر من التلاميذ بين سن العشرة إلى سن السادسة عشرة آواهم وعلمهم،وحصل من ذلك على دخل متواضع يكمل به المبلغ الذي خصصه له والده. وفي كتاب إلى "مستر هارتلب (1644) صاغ ملتون آراءه في التعليم. فأتى لهذه اللفظة بتعريف قوي رائع: "أقول أن التعليم التام الواسع هو الذي يعد الإنسان لينهض، بحق ومهارة ورحابة صدر، بكل مهامه الخاصة والعامة، في السلم والحرب، سواء بسواء." وأول واجب على المعلم هو أن يغرس الخلق القويم في نفس التلميذ، "ويصلح ما أفسده آباؤنا الأولون"-أي أن يقهر نزعة الشر الطبيعية في الإنسان (الخطيئة الأولى)-أو (كما يجدر بنا أن نذكر الآن) أن يعيد تكييف الخلق القومي الذي سبق تشكيله وفقاً لحاجات مرحلة الصيد، نقول تكييفه تبعاً لمتطلبات حياة المدينة الحالية". وأحس ملتون أن هذا يمكن تحقيقه على خير وجه بأن نغرس في الذهن الناشئ إيماناً قوياً باله واحد بصير، وأن نعوده على ضبط النفس وفقاً لنظام واقي (التحرر من الانفعال، عدم التأثير بالفرح أو الترح، الخضوع دون تذمر لحكم الضرورة) وضرب لتلاميذه مثلاً يحتذونه: "الدراسة الشاقة والطعام اليسير". فقلما أجاز لنفسه يوماً "اللهو والمتعة وبعد الدين والأخلاق، يجب أن تأتي الدراسات اللاتينية والإغريقية القديمة، والتي لم يستخدمها ملتون مجرد نماذج للأدب، بل وسائل لدراسة العلوم الطبيعية والجغرافيا والتاريخ والقانون والأخلاق والفسيولوجيا والطب والزراعة وهندسة العمارة، والخطابة والشعر والفلسفة واللاهوت. وإذا كان هذا التوفيق الفريد بين العلم والإنسانيات قد أفترض أن النزر اليسير قد أضيف إلى العلم منذ سقوط روما، فيجب أن نلاحظ أن هذا حقيقي فعلاً، اللهم إلا بالنسبة لـگاليليو، بل أن كوپرنيكس نفسه كان له سلفه الإغريقي في شخص أرستارخوس. وفوق ذلك، اقترح ملتون تعريف تلاميذه كذلك ببعض النصوص الحديثة في العلوم والتاريخ، بل حتى ببعض النماذج الحية في الفنون العملية، وكان يأمل في أن يستقدم إلى حجرات الدراسة صيادين وبحارين وبساتين ومشتغلين بالتشريح وصيدليين ومهندسين ومعماريين، لينتقلوا إلى التلاميذ أحدث ألوان المعرفة في هذه المجالات وخصص وقتاً كافياً للموسيقى والتمثيل، وساعة ونصف الساعة يومياً للرياضة البدنية والتدريب العسكري. ويمكن أن يطوف طلابه أرجاء البلاد في جماعات على صهوات الجياد، يرافقهم أدلاء معروفون بالرزانة والحصافة، لتعلموا ويلاحظوا، "أو" يلتحقون بالبحرية بعض الوقت ليتعلموا الملاحة ومصارعة البحر، وأخيراً وبعد بلوغهم سن الثالثة والعشرين، يمكنهم أن يسيحوا خارج إنجلترا. وهذا برنامج شاق، ليس لدينا دليل على تطبيقه تطبيقاً كاملاً في مدرسة ملتون، وربما كان في حيز الإمكان تطبيقه أو أن التلاميذ اقتبسوا من معلمهم شيئاً من غيرته وجده. وراوده أحياناً حلم إنشاء أكاديمية تنافس أكاديمية أفلاطون وأرسطو. ولكنه افتتن بأحداث العصر البارزة والشغل بها. من ذلك أن التئام البرلمان الطويل (1640) كان نقطة تحول في حياته، بل يكاد يكون تحولاً عنيفاً غير طبيعي عن الشعر والتعليم إلى السياسة والإصلاح. وفي 11 ديسمبر قدم حزب "الجذر والفرع" البيوريتاني الذي انتسب إليه بعض أصدقائه قدم إلى البرلمان عريضة صارخة ممهورة بخمسة عشر ألف توقيع (يحتمل أن يكون من بينهم ملتون) يلتمسون فيها إقصاء الأساقفة عن الكنيسة الإنجليزية. ورد جوسف هول أسقف أكستر على العريضة "باحتجاج متواضع إلى المحكمة العليا في البرلمان" (يناير 1641)، دافع فيه عن النظام الأسقفي بأنه مأخوذ عن "عصر الرسل الأبرار بلا انقطاع...حتى العصر الحاضر" فاستل خمسة من الكهنة المشيخيين أقلامهم في "الرد على الاحتجاج المتواضع" (مارس 1641) وقعوه باسم مستعار مكون من الأحرف الأولى من أسمائهم . ورد الأسقف هول وبعض الأسقفيين الآخرين، وأقر مجلس العموم الاقتراح، ورفضه اللوردات. واشتد الجدل على المنبر وفي الصحب وفي البرلمان، وانضم ملتون إلى المعمعة بكتيب من تسعين صحيفة "إصلاح يمس نظام الكنيسة في إنجلترا (بونيه 1641). وفي عبارات قوية لاهثة، استوعب بعضها نصف صفحة، عزا ملتون تدهور الكنيسة الرسمية إلى سببين: الإبقاء على الطقوس الكاثوليكية، واحتكار الأساقفة لسلطة تعيين القساوسة. وهزأ ملتون "بهذه الطقوس الفارغة التي لا معنى لها، والتي تحتفظ بها الكنيسة لمجرد أنها علامة خطيرة للانزلاق نحو روما، والتي لا تستخدم إلا كمجرد مسرحية تعرض أبهة الأساقفة". إن الأساقفة-كانوا يتسللون خلسة إلى الكاثوليكية في طقوسهم-وتلك طعنة صريحة لرئيس الأساقفة لود الذي كان قد قدمت له قبعة الكاردينالية. وأنكر ملتون ما زعمه جيمس الأول وشارل الأول من أن الأساقفة ضرورة لا زعامة لحكومة الكنيسة وللنظم الملكية. وأهاب بالاسكتلنديين المشيخيين أن يواصلوا حربهم ضد النظام الأسقفي، وتضرع إلى الثالوث الأقدس أن يرعى المصلحة العامة: يا إلهي: أولِ عنايتك لكنيستك البائسة التي كادت تنهار وتلفظ أنفاسها الأخيرة، لا تتركها هكذا فريسة لتلك الذئاب المزعجة التي تتربص وتفكر طويلاً لتلتهم قطيعك الوديع، تلك الخنازير البرية التي سطت على كرمنك، وتركت بصمات حوافرها المدنسة على نفوس عبادك. لا تدعهم ينفذون خططهم اللعينة التي تقف الآن على مدخل الهاوية غير ذات القرار، مترقبة أن يفتح الحارس ويطلق الجراد والعقارب الفتاكة، لتحتوينا في ظلام جهنم الدامس، حيث لن تشرق علينا شمس حقيقتك، ولن نعود نأمل في بزوغ الفجر البهيج، أو نسمع زقزقة العصافير في الصباح. واختتم هذه العبارة بإلقاء جماعة الطقوس التقليدية في الجحيم. ولكن أولئك الذين يتوقون إلى مناصب الحكم الرفيعة والارتقاء هنا في هذه الدنيا، على حساب إفساد عقيديتهم الحقة والانتقاص منها، وعلى حساب كروب بلدهم واستعباده، لابد أنهم، بعد خاتمة مزرية في هذه الحياة (التي وهبهم الله إياها)، سيلقي بهم في الدرك الأسفل من النار، وهناك يتلقاهم من سبقهم من المحكوم عليهم بالهلاك الأبدي، فيتحكمون فيهم في حقد وحسد، ويطأونهم بأقدامهم ويزدرونهم، وفي حمأة تعذيبهم، لن يجدوا الراحة إلا في ممارسة أشد ألوان الطغيان عسفاً ووحشية، معهم بوصفهم أرقاءاً وعبيداً لهم، وسيبقون على هذه الحال إلى الأبد، مخلدين في أحط وأسفل مهاوي الهلاك الأبدي وأشدها كآبة واحتقاراً واضطهاداً. وعندما رد الأسقف هول على القساوسة الخمسة المشيخيين وهاجمهم بعنف، انبرى ملتون لنصرتهم في بيان عاصف لابد أنه أخرج الأسقف وهو في الخامسة والستين من ردائه الكهنوتي: "نقد لاذع لدفاع المحتج على بيان المشيخيين"، ظهر، مجهولاً كاتبه، في يوليه 1641. واعتذر ملتون في المقدمة عن عنفه فقال: في الكشف عن إنسان سيء السمعة عدو للحق، ولسلام بلاده وإدانته وبخاصة إذا اغتر بأن له لساناً ذرياً منطلقاً مؤثراً، فإنه لا يتنافى مع اعتدال المسيحية وتواضعها أن ترد على مثل هذا الرجل بأسلوب أعنف وأشد من أسلوبه، وأن تشيع غطرسته إلى مثواها مضمخة بمائه المقدس. وأعاد الأسقف وابنه الكرة ببيان عنوانه "حجة داحضة متواضعة جديدة" (يناير 1642) هاجما فيه كاتب "النقد اللاذع" بحدة تميز بها هذا العصر المغيظ المحنق. فرد ملتون كيد الأسقف في نحره ببيان عنوانه "دفاع ضد الحجة الداحضة المتواضعة" (إبريل) اعتذر فيه مرة أخرى عن سوء معاملته للأسقف هول، وشجب الفريد العريضة "التي أوردها هول" وهي اتهام ملتون بأنه طرد من كمبردج، وأكد ملتون للعالم بأسره بأن زملاءه في "كرايست كولدج" دعوه، بعد تخرجه، للإقامة معهم، وأكد من جديد طهارته التي لا مطعن فيها: على الرغم من أني لم ألقن إلا قدراً يسيراً من المسيحية، فإن شيئاً من التحفظ والنزعة الطبيعية والقواعد الخلقية، واستقيته من أنبل فلسفة، كان كافياً ليجعلني أحتقر من ألوان الفجور ما هو أقل كثيراً مما يجري في المواخير. ولكني قد عرفت مبدأ الأسفار المقدسة التي تكشف عن الأسرار السامية الطاهرة...التي تقول بأن "الجسد للرب، والرب للجسد "فإني كذلك سألت نفسي: إذا كان التجرد عن العفة في المرأة التي ينعتها القديس بولص بأنها فخر الرجل، فضيحة وخزياً وعاراً، فالأمر يقيناً كذلك في الرجل الذي هو صورة الله وفخره معاً، فإنه لا بد أن يكون أشد فساداً وعاراً، لأنه يقترف الإثم ضد جسده، وهو الجنس الأكمل، وضد فخره الذي يكمن في المرأة، والأنكى من ذلك ضد صورة الرب وفخره ماثلين في شخصه هو. Cquote1.png ومن ثم نجد ملتون يرثي لأخلاق كثير من الشعراء القدامى، ويؤثر عليهم دانتي وپترارك، اللذين لم يكتبا قط إلا تكريماً وتشريفاً منهما لأولئك الذين نذرا لهم أشعارهما التي عرضا فيها أفكاراً سامية نقية، دون تأثيم وانتهاك للحرمات. ولم ألبث إلا قليلاً حتى تأكد عندي هذا الرأي: إن هذا الذي لا يمكن أن يخيب أمله في أن يكتب كتابة جيدة، ويجدر أن يكون هو نفسه قصيدة صادقة، أي مركباً مكوناً من أفضل الأشياء وأشرفها، لا يقدم على أن يكون قصيدة عقود مدح وثناء للرجال البطوليين أو المدائن المشهورة، إلا إذا أوتي من التجربة والخبرة والمران على كل ما هو أهل للثناء والإطراء. وبعد هذا المثال الذي اقتبسناه، انتقل ملتون إلى الحديث عن قدمي الأسقف وجوربه الذي يبعث "برائحة منتنة إلى السماء". وإذا بدت هذه اللغة غير لائقة باللاهوت فإنه دافع عنها "بقواعد أعظم البلغاء" وبأنه يحذو حذو لوثر، وذكر قراءه بأن "المسيح نفسه وهو يتحدث عن التقاليد البغيضة لا يتردد في استعمال ألفاظ مثل الغائط والمرحاض". والآن نكتفي بهذا القدر من النزاع الكريه الكئيب، الذي سقناه لأنه يلقي ضوءاً على شخصية ملتون وعلى آداب السلوك في ذاك العصر، ولأنه وسط هذا الهراء القاسي وفوضى الأجرومية والجمل الطويلة، كانت هناك قطع نثرية ذات جرس موسيقي، مشرقة تهز المشاعر مثل شعر ملتون وفي نفس الوقت (مارس 1642)، وكان قد نشر باسمه كتيباً أكثر موضوعية: "إثارة تفكير حكومة الكنيسة في حظر السلطة الأسقفية": "هذا النير البغيض الذي لا يمكن أن يزدهر أي عقل حر أو موهبة ممتازة تحت وطأة ما يفرضه من غباء وعداء تعسفي وطغيان." وسلم بالحاجة إلى نظام أخلاقي واجتماعي. والحق أن ملتون أدرك أن في نهوض النظام وسقوطه مفتاح ارتقاء الدول وانهيارها: ليس في هذا العالم شيء أعظم أهمية وأشد إلحاحاً وخطراً في كل حياة الإنسان بأسرها من النظام. وهل أنا في حاجة إلى ضرب مثل على ما أقول؟ إن كل من قرأ في تبصر وتدبر عن الأمم والدول...لابد أن يقر على الفور بأن ازدهار المجتمعات المتحضرة واضمحلالها، وكل تحركات الأحداث البشرية وتحولاتها، إنما تروح وتجيء وكأنها على محور عجلة النظام. وأنه ليس ثمة كمال اجتماعي في هذه الدنيا، مدني أو ديني، يمكن أن يسمو فوق النظام وقواعد الانضباط. لأن النظام هو الذي، بفضل أوتاره الموسيقية يحافظ على كل أجزاء الحياة ويمسك بها متضامة بعضها إلى بعض. ومثل هذا النظام، على أية حال يجب ألا يستقي من أية هيئة كهنوتية متسلسلة في رتب الكنيسة، بل من إدراك أن كل إنسان بذاته يمكن أن يكون كاهناً. وفي كل المراحل كان ملتون يعي ويدرك كل قدراته ومواهبه. أنه قدم للجزء الثاني من رسالته بقطعة عن سيرة حياته، وأبدى فيها حزنه لأن النزاع قد باعد بينه وبين إخراج عمل عظيم شغل باله طويلاً: إن هذا الذي أداه أعظم العباقرة وصفوتهم في أثينا وروما أو إيطاليا الحديثة، والعبرانيون القدامى، لبلادهم، يمكن أن أقوم به أنا لبلدي، بدوري، ويقدر حظي من الحياة والعمل، هذا بالإضافة إلى أني فوق كل شيء مسيحي(. "وروى ملتون كيف أنه كان بالفعل يعد الموضوعات التي يضمنها مثل هذا الكتاب. ولكنه أراده عملاً يستطيع من خلاله "أن يصور نابضاً بالحياة وبصف...سجل الطهر والفضيلة بأسره"، و "كل ما هو سام ومقدس في العقيدة الدينية"، "وكأنما كان يتنبأ بأن الأعوام الستة عشر قد تنقض قبل أن تدع له الثورة الكبرى فرصة للشروع في الكتابة: فقال يعتذر عن تأخره: لست أخجل من الاتفاق مع قارئ فطن ذي دراية، على أنه في بضع سنين يتعهد بدفع ديوني الحالية، لأنه عمل ليس نتاجاً لنزوة الشباب أو لعب الخمر بالعقل، مثل هذا الذي يسيل به "قلم عاشق شرس" بذئ في أوقات الضياع، أو شاعر متطفل في فوره حقده. كما أنه عمل لا يمكن إنجازه بالتضرع وقراءة التعاويذ للذاكرة وبناتها المغويات (بنات الأفكار)، بل بالدعوات والصلوات المخلصة الخاشعة "للروح الأبدي الخالد الذي يستطيع إثراءنا بالتعبير والمعرفة، ويبعث إلينا بأحد ملائكته (وحارس عرشه) ساروفيم، مع نار مذبحة المقدسة، ليمس ويطهر شفتي من يشاء. ويجدر أن يضاف إلى هذا، دأب على القراءة الجادة المنتقاة، ومثابرة على الملاحظة الدقيقةـ وتبصير بالفنون والمسائل العامة الجذابة والواسعة، حتى إذا تم العمل، إلى حد ما تحت مسئوليتي وبجهدي الخاص، فإني عندئذ لا أرفض أن أزكى هذا الأمل المنشود عند كثير ممن لا ينفرون من المغامرة بالوثوق إلى هذا الحد بما أقطع على نفسي لهم من تعهدات أو وعود. زواجه وطلاقه في "الحجة الداحضة المتواضعة" كان الأسقف هول قد اتهم ملتون بأنه يسعى لشهرة أدبية، ويعلن عن مواهبه وقدراته وتجاربه وثقافته وبيئته السابقة، أملاً في الفوز "بأرملة ذات ثراء" أو أية جائزة أخرى. وفي "الرد" عليه عمد ملتون إلى تسفيه هذه الفكرة والتنديد بها، وقال أنه على النقيض من ذلك، "نشأ في بحبوبة من العيش" واتفق في الرأي مع "أولئك الذي يؤثرون في حكمه وتبصر وبروح طيبة، عذراء غير ذات ثراء عريض، وذات أصل كريم، على أغنى الأرامل". وبينما انساقت إنجلترا إلى الحرب الأهلية (1642)، انطلق ملتون إلى الزواج (1643). لم ينضم ملتون إلى جيش البرلمان، وعندما اقتربت القوات الملكية من لندن (12 نوفمبر 1642) نظم قصيدة (سونيت) يشير فيها على قادتها أن يحموا بيت الشاعر وشخصه؛ كما فعل الإسكندر الأكبر مع الشاعر بندرا من قبل، واعدا إياهم بأن ينشر على الملأ شعراً "حسن صنيعهم". على أن القوات الملكية ردت على أعقابها. ولم يمس بيت ملتون بأذى، وبقي ليستقبل زوجته. وكان ملتون قد التقى بماري باول في فورست هل في أكسفوردشاير، حيث كان والدها قاضي الصلح. وهذا الوالد، ريتشارد باول كان قد اعترف من قبل، في 1627، بأنه مدين لملتون، وكان آنذاك في كمبردج، بمبلغ 500 جنيه، خفف فيما بعد إلى 312، ولكن لم يسدد بعد. والظاهر أن الشاعر قضى عند أسرة باول شهراً (مايو-يونية 1643) ولسنا ندري ليسترد الدين أو يحظى بزوجة. وربما أحس جون وهو في الرابعة والثلاثين، بأنه قد آن الأوان للزواج والنسل، وواضح أن ماري كانت تتحلى بالعذرية التي ينشدها. وفاجأ أبناء أخته بعودته إلى لندن متأبط ذراع زوجته. ولم تدم السعادة طويلاً لأحد. فقد كره أبناء الأخت ماري كدخيلة عليهم، وكرهت هي كتب ملتون، وافتقدت أمها و "القدر الكبير من الصحبة والأنس والبهجة والرقص..." الذي كانت تنعم به في فورست هل. ويقول أوبري: "كثيراً ما كانت تسمع أبناء الأخت هؤلاء يضربون فيتعالى صراخهم مذ رأى ملتون أن ماري محدودة التفكير ضيقة الأفق ليس لديها سوى النزر اليسير من الأفكار، التي هي في جملتها ملكية، فإنه انصرف ثانية إلى كتبه. وتحدث فيما بعد عن "شريكة حياة بكماء جامدة كئيبة لا روح فيها"، ورثى "للإنسان الذي يجد نفسه مرتبطاً بأوثق رباط بهيكل من طين وبلغم، كان يأمل منه أن يكون شريك مجتمع تملؤه السعادة والبهجة والسرور." ويعتقد بعض الباحثين في الزواج غير المتكافئ أن ماري أبت عليه البناء بها. وبعد شهر طلبت السماح لها بزيارة والديها، فوافق ملتون، مع التفاهم بينهما على عودتهما. ولكنها ذهبت ولم ترجع. وبعث إليها برسائل تجاهلها، ولما لم يجد أي متنفس آخر لمشاعره، كتب ونشر دون توقيع "مبدأ الطلاق ونظامه" (أغسطس 1643)، وأهداه إلى "برلمان إنجلترا والجمعية" أي جمعية وستمنستر التي كانت تصوغ آنذاك اعترافاً بالمذهب المشيخي. وتقدم إلى البرلمان برجاء أن يتحلل من أغلال التقاليد، ويسير بالإصلاح قدماً، بإقرار أسس أو شروط أخرى للطلاق، غير الزنى، وعرض أن يوضح: أن التصور، وعدم الأهلية أو تنافر العقول الناشئ عن سبب طبيعي لا يتسنى تغييره، مما عوق، والأرجح أنه كثيراً ما يعوق إلى الأبد، مزايا الحياة الزوجية، وهب السلوى والبهجة والهدوء والطمأنينة، نقول أن هذا سبب للطلاق أقوى من البرودة الزوجية الطبيعية، لا سيما إذا لم يكن هناك أطفال، وكانت هناك موافقة من الطرفين. واقتبس ملتون القانون اليهودي القديم الذي ورد في التوراة (سفر التثنية 24-1) "إذا أخذ رجل امرأة وتزوج بها، فإن لم تجد نعمة في عينيه لأنه وجد فيها عيب شيء. وكتب لها كتاب طلاق ودفعه إلى يدها وأطلقها من بيته". وأوضح أن السيد المسيح رفض هذا الجزء من شريعة موسى. فقد جاء في إنجيل متي (5-31،32) "وقيل من طلق امرأته فليعطها كتاب طلاق. وأما أنا فأقول لكم أن من طلق امرأته إلا لعلة الزنى يجعلها تزني"، واحتج ملتون بأنه "المسيح لم يقصد أن يؤخذ كلامه بمعناه الحرفي، كلمة بكلمة"، وكثيراً ما أعلن أنه لم يأت ليغير مقدار ذرة من شريعة موسى. وكافح ملتون حتى يجعل تفسيره الواسع يشمل قضيته الشخصية، حتى أنه ذهب إلى حد تبرير الطلاق لعدم القدرة على الإسهام في حديث مناسب معقول. "لأن عدم الصلاحية والتخلف في العقلية التي تنفر من الزواج، يمكن أن تهبط بالزواج إلى "حالة أسوأ من حياة الوحدة الموحشة" حيث تكون النفس النابضة بالحياة مربوطة إلى مجرد جثة(59). ونفد الكتاب الصغير بسرعة، لأنه قوبل باستنكار عام. وفي فبراير 1644 نشر ملتون طبعة مزبدة منقحة ظهر اسمه في جرأة وشجاعة. ورد على ناقديه في أسلوب العالم المتفقه، في "تتراكوردون Tetrachordon" ثم في أسلوب أخف في كولاستريون Colasterion (صدر كلاهما في 4 مارس 1645)، تناولهم فيهما بأقسى القدح والألفاظ المقذعة-كتلة من الطين، خنزير، خنزير بري، ذو أنف بشع، محام له مخ الديك، حمار صفيق، بغيض، كريه الرائحة لقد استطاع ملتون في الصحيفة الواحدة أن يقفز من مرتفعات بارناسوس إلى أحط مهاوي السفاهة والبذاءة. وحيث أخفق في أن يحصل من البرلمان على تعديل في قانون الطلاق، اعتزم أن يتحدى القانون، ويتخذ زوجة ثانية، وكان يفضل مسن دافيز التي لا يعرف عنها شيئاً إلا أنها رفضته. ولما ترامت شائعات هذه الخطبة إلى مسامع ماري باول قررت أن تستعيد زوجها ، على أي الأحوال، حلوها أو مرها، قبل فوات الأوان. وذات يوم بينما كان ملتون في زيارة لصديق فاجأته ماري وجثت بين يديه وتوسلت إليه أن يعيدها إلى مخدعه وبيته. وتردد هو، ولكن أصدقاءه ناصروا قضيتها، فقبل عودتها إليه. وانتقل الآن إلى بيت أوسع في باربيكا ستريت، ضمها كما ضم أباه وتلاميذه. وسرعان ما جاء أبواها أيضاً مع الشاعر، بعد أن تدهورت حالهما بهزيمة الملكية، مما جعل هذا البيت أقرب ما يكون إلى دار للمجانين، أو الفلاسفة. وزاد الأمر ضغثاً على أبالة في 1646، مولد طفلة ملتون الأولى آن. وخفف من هذه الفوضى موت ريتشارد پاول في يولية، كما أن جون ملتون الأكبر (الوالد) اختتم حياته المديدة الكريمة في مارس التالي. ومن ثم أصبح الشاعر وريثاً لمنزلين أو ثلاثة في لندن، ولبعض المال، وربما لبعض العقارات في الريف. وفي 1647 فض ملتون مدرسته وانتقل مع زوجته وابنته واثنين من أبناء أخته إلى "هاي هلبورن ستريت" وفي 1648 ولدت له ابنته الثانية ماري. يتبع في الجزء الثالث المصدر: منتديات بنات فلسطين - من قسم: حـانة الآدباء والفـلاسفة والمفكريـن [,k ldgj,k [.x2 |
![]() | #2 |
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() | ![]()
بالمتابعة لتغطية السيرة الذاتية للكاتب الانجليزي جون ميلتون ورفضه للتعنت الديني للكنيسة الكاثوليكية ولطالما كان التعصب الديني لصالح طائفة او فرقة معينة هو اساس كل صراع . شكرا جزيلا لجمال انتقاءك جمال. |
![]() |
![]() | #3 |
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() | ![]() هذا الصراع الديني يا وردة الفت له كتب عديدة واخرجت له مسرحيات وافلام سينمائية ضخمة وقيل فيه الكثير وشنت حروب كبيرة وصراع بين البروتستانت والكاثلوليك ولاتزال جذورها ممتدة الى الان هذا الصراع الديني الذي اشعل حروبا اهلية باكثر من بلد ولاتزال الكراهية والحقد موجودة الى الان ولن تنتهي يذكرني بالحروب القائمة الان بين المسلمين ولكن ليس بالتشابه التام بل بالتعنت بالرأي ورفض الرأي الاخر وكم يؤلمني ويحزنني ان لا نتمسك بقدوتنا في الحياة القران والسنة النبوية كتطبيق فعلي على المكان والزمان وليس تنظيرا وكلاما والملفت بالجزء الثاني يا وردة وهو مهم : التعليم للنشىء الجديد وان نقارن بمفاهيمه في ظل ديننا الحنيف وما قدمه لنا في القران والسنة النبوية الشريفة لاحظي من مقططفات ما قدمه لنا من ايجابيات هذا الكاتب وكأني به يستخلصه من ديننا الحنيف "أقول أن التعليم التام الواسع هو الذي يعد الإنسان لينهض بحق ومهارة ورحابة صدر، بكل مهامه الخاصة والعامة، في السلم والحرب، سواء بسواء." وأول واجب على المعلم هو : أن يغرس الخلق القويم في نفس التلميذ، " ويصلح ما أفسده آباؤنا الأولون" أي أن يقهر نزعة الشر الطبيعية في الإنسان أن يعيد تكييف الخلق القومي الذي سبق تشكيله وفقاً لحاجات مرحلة الصيد نقول تكييفه تبعاً لمتطلبات حياة المدينة الحالية". هذا كلام جدا رائع واتبعه ايضا : اقترح ملتون تعريف تلاميذه كذلك ببعض النصوص الحديثة في العلوم والتاريخ، بل حتى ببعض النماذج الحية في الفنون العملية وكان يأمل في أن يستقدم إلى حجرات الدراسة صيادين وبحارين وبساتين ومشتغلين بالتشريح وصيدليين ومهندسين ومعماريين، لينتقلوا إلى التلاميذ أحدث ألوان المعرفة في هذه المجالات وخصص وقتاً كافياً للموسيقى والتمثيل، وساعة ونصف الساعة يومياً للرياضة البدنية والتدريب العسكري. ويمكن أن يطوف طلابه أرجاء البلاد في جماعات على صهوات الجياد، يرافقهم أدلاء معروفون بالرزانة والحصافة، لتيعلموا ويلاحظوا، "أو" يلتحقون بالبحرية بعض الوقت ليتعلموا الملاحة ومصارعة البحر، وأحس ملتون أن هذا يمكن تحقيقه على خير وجه بأن نغرس في الذهن الناشئ إيماناً قوياً باله واحد بصير وأن نعوده على ضبط النفس وفقاً لنظام واقي (التحرر من الانفعال، عدم التأثير بالفرح أو الترح، الخضوع دون تذمر لحكم الضرورة) وضرب لتلاميذه مثلاً يحتذونه: "الدراسة الشاقة والطعام اليسير". فقلما أجاز لنفسه يوماً "اللهو والمتعة وبعد الدين والأخلاق يجب أن تأتي الدراسات اللاتينية والإغريقية القديمة، والتي لم يستخدمها ملتون مجرد نماذج للأدب بل وسائل لدراسة العلوم الطبيعية والجغرافيا والتاريخ والقانون والأخلاق والفسيولوجيا والطب والزراعة وهندسة العمارة والخطابة والشعر والفلسفة واللاهوت. وهنا اتذكر علمائنا المسلمين \ واغلبهم ليس عربيا كيف تلقوا العلوم اللاتينية والإغريقية القديمة ودرسوها واطلعوا عليها واستفادوا منها في انتاج علومهم هم ايضا والقوى الظلامية في زمننا هذا يرفضون الالتقاء مع العالم الاخر لانهم كفرة كفروا كل شيء \ بما فيهم اخوانهم المسلمين الجزء الثاني ايضا مهم جدا لما لهو من فقرات مهمة في مجالات الحياة اشكرك وردة على التواجد والى اللقاء في الاجزاء القادمة |
![]() |
![]() | #6 |
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() | ![]() رَبِيْ يَعْطِيْكَـ العَآفِيَهِ عَلِىَ جَمَآلِ مَآ طَرِحْتْ لَك كَلِ آلوَرِدُوَأَكالِيلِ النَرجسِ |
![]() |
![]() |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
| |
![]() | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
جون ميلتون جزء 1 | سفير القلعة | حـانة الآدباء والفـلاسفة والمفكريـن | 11 | 02-01-2015 04:55 AM |
"نضج الفراق وحلَّ اللقاء" (قصة قصيرة) جزء2 | نتالي | ابداعات أعضاء بنات فلسطين الشعرية والنثرية | 15 | 10-18-2014 12:32 PM |