![]() |
كان يا ما كان كان يا ما كان كان يا ما كان، في سالف العصر والأوان، مدينةٌ تحفّها الأشجار من كل جانب، ولكثرتها صارت تعرف بأرض السواد, لأنَّ لونها الأخضر يتراءى للبعيد كأنه أسود, في هذه المدينة تختبئ في قلبها مكتبةٌ نادرة تُعدّ درّة المكان, لم يكن يدخلها إلا الملوكُ والعلماء، ويُقال: إنّ بين رفوفها كتابًا عظيم القدر وفي أطراف تلك المدينة الجنوبية عاش فتى يُدعى أحمد، تميّز بحدة ذكائه وشغفه بالمعرفة، وكان يسمع من جدّه وأبيه حكاياتٍ عن تلك المكتبة السحرية، فيزداد شوقه ويقوى عزمه. وذات ليلةٍ، بينما كانت الرياحُ تعوي من خلف التلال والأشجار، شاهد أحمد نورًا غريبًا يتسلّل من نوافذ المكتبة، نورًا لم يره من قبل؛ كأنه خيطُ فجرٍ انشقّ قبل أوانه, تسلّلت إلى قلبه رغبةٌ لا تُقاوَم، فانطلق بدون رادع. ولما بلغ باب المكتبة، دُهش حين وجده مفتوحًا كأنّ أحدًا كان بانتظاره, تقدّم بخطواتٍ حذرة، فسمع همسًا خافتًا يشبه تقليب صفحاتٍ في العتمة, وكلّما اقترب، ازداد النور قوةً حتى غمر المكان كلَّه. هناك، بين رفّين عالِيَين، لمح كتابًا ضخمًا يتلألأ عنوانه, وما إن مدّ يده إليه حتى انفتحت الصفحات من تلقاء نفسها، وانطلقت منها رياحٌ دافئة حملته برفق، كأنّها تدعوه لاختبارٍ لا يناله إلا الشجعان. وفجأةً تحوّلت صفحات الكتاب إلى بوابةٍ واسعة، خلفها أراضٍ شاسعة دخل أحمد البوابة، فانغلقت خلفه، ولم يدر أحد ما حلّ به, إلا أنّ أهل المدينة، منذ تلك الليلة، كانوا كلما مرّوا قرب المكتبة يسمعون همسًا جديدًا بين الرفوف، كأنّ أحمد نفسه بات جزءًا من أسرارها. |
| الساعة الآن 04:38 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.
Search Engine Optimization by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by
Advanced User Tagging (Lite) -
vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.