منتديات بنات فلسطين - خاويةٌ من الداخل 🍁.

خاويةٌ من الداخل، قابعةٌ في هالتي السوداء، مُثقَلةٌ بالأعباءِ المقيمةِ فوق كاهِلي.
لطالما تمنيتُ أن تختارَ أحلامُنا الظلامَ معنا، فتتوهجَ لتُصبحَ القمرَ فيه، لكنها رفضت مفضّلةً النورَ عليّ.ا إنني أطفو على سطحِ الأمل لكن انتهى بيَ المطافُ على يابسةٍ من خَيبة الأمل، أقف فيها مُمسكةً بحفنةِ قمحٍ بيَدي، تلكَ التي لا يطأُها إلّا بعضٌ من الطيورِ الهزيلةِ المتعبة، وبعض ريش طائرٍ من السربِ المُهاجر، ولكن تبقى تلك المناقيرُ المقصودةُ بعيدةً بعيدة.

كلُّ شيءٍ يقودُ للهلاك، تعبتُ وأنا أداري فداحةَ الموقفِ، متى سأغفو ولو لوهلةٍ عن كلّ هذه المصائب؟
مجزرةٌ داخليةٌ في أعماقي، وثباتٌ في المظهر، إنني مليئة باللاشيء.
اتقن فن إهدار الحياةِ بشكلٍ مبالغٍ فيه، النجدة الآن لن تنفع، كنت أعيش طوال حياتي في قرى الأملْ، كيف لي الآن أن أتعايشَ مع مدن اليأسِ بعدما رأيتُ أن بُنيان الواقع قد تجاوز سحابَ الأمنيات ؟
بدأت أشعرُ أنني أهدرتُ في الأمنياتِ حتى باتَ بئرُها ينضبُ شيئاً فشيئاً. أرضٌ قاحلةٌ منفيةٌ من الضوء، أفرطتُ بأفكاري حتى غرقتُ بها، شعورٌ فائضٌ بي وبلا مغزى. ظِلّي هناك خلفَ إنارةِ العزفِ عن الحياةِ، أراها توبّخُهُ وتردعهُ عن النظرِ واتّباعِ غيرها، لا يملكُ أعذاراً للرحيل، فكُلّ أعذاره ساذجةٌ ومشؤومة. مرارةُ التعبيرِ لم تعد تجدي نفعاً، وكأنّ كلَّ هذه الظروفِ التي أعيشها هي البطلةُ الشريرةُ في مسرحيةِ أرضِ الحياة، تصارعُ الخيرَ كلّ مرةٍ ولا تنتصر.

لم أعد مذهلةً وما عادت الضَحكاتُ تنجيني من أحزاني، غاب كل شيء اعتقدت بأنّه أبدي، مرهقةٌ إلى الحدِّ الذي لا حدَّ له، إحباط أصابني بالعجز، فوضى عارمة تجتاحني، ومن أعماقِ عتمتي اتخذتُ مسكناً.
لا كلماتٍ تهدئُ فَجعي، كلُّ خطواتي باتت تتهالك، تنساب الآهات فوقَ قلبي، كلُّ التعابيرِ المتكلفةِ تثاقلت عن دفنِ أنيني بين ثناياها.
تجعّدَ قلبي من عمقِ خيباتِه، من التحملِ ومُداراةِ الألم، تتهاوى الحياةُ بداخلي، ركامٌ من الهزائم، منغمسةٌ بشعورٌ لم يخيّرني بل أجبرني على السُكنى فيه، غصةٌ في القلب تدوي، إنه لأمر مُهيب أن تبتلع مرارة الحياة دفعةً واحدة.
قد مضى وقتٌ طويلٌ على آخر لحظةٍ غُمرت فيها بالطَمأنينة!
بحاجة إلى طمأنينة تهشم القلقَ المقيمَ في زوايا الروح، غارقةٌ في شعورٍ لا يُنطق، أرمِم ما تبقى مني لأهربَ من دفني، لأنجوَ من مراسم دفنِ دون عزاء، تُعمِّر الأحزانَ في قلبي لأعوام.

أفكارٌ تقودني للتيه، تعمقُ الشعورَ بي حتى الذبول، لا أخطو ولكنني ألهث، ذهبَ كلّ شيء أحبّه وبَقيت هُنا أُقاوم سيلاً من الذكرياتِ بعدما داهمتني.

تتفرعُ جذورُ اليأسِ في بواطِني، أتحدثُ بصمت، فوهةٌ في قلبي ، أتعثرُ بأنفاسي، تلافيفُ الدماغِ فارغة، ما عاد المهجعُ يفضلني، ولا حيَوات قادرة على بناءِ ما هُدم مني.

مملوءةٌ بالكلام، وددتُ لو أنّني غيمةٌ وتتساقطُ الحروفُ مني قطرةً قطرة، وأن أهزم مخاوفي باندثارها عني، يكادُ الحزن يبتلعني، منهكةٌ تماماً، أحتاجُ ليدٍ تُعبرني الطريق، لست ضريرةً لكنّ الدربَ معتمٌ موحش، بالغتُ بشعوري حتى علَقت، كلُّ ما أردته هربٌ إلى المستحيل.

- عذراً يا ميلينا.. أينَ حملتك هبّةُ ريحِ الإجابةِ؟
كلُّ ما أردتُ معرفَته "كيف حالك؟".
-بخير يا جاد، بخَير.