منتديات بنات فلسطين - ذكرى العام السادس على كوني ست " بايرة " !

إنه العام السادس على ذكرى كوني سيدة " بايرة " و " محدا دور عليها ! " حضرت كعكة من التوت ووضعتها قبالتي رفعتها بستة شموع.. لسوء الحظ أنني لم أمتلك شمعة سابعة احتياط لأن الشمعة الأخيرة احترقت في قالب الجاتوه ، شعرت بأنها تلعن اللحظة التي كانت نهايتها أن تنغرس في جاتوه لسيدة بائسة أظنها تمنيت لو أنها اتحرقت في كعكة بين يداي حبيب مراهقة ينبض قلبها للقائها ، شوهت شكله قليلا لكنها لم تخفي أنه نوع من الحلويات .. دعوت على هذا الاحتفال شهادتي في طب جراحة القلب ، و أغنية كتبتها بألحاني و صورة حبيبي القديم الذي عاهدني ألف مرة بأنه سيتحامل بالسلاح إنه رفضه قومي ، ورسالة صديقتي التي طلبت مني أن نفترق لأن زوجها بدأ ينجذب لي و طفلها الصغير يحب أن تأتي خالتو علينا !
كانو جميعهم أمامي على الأريكة ، أصدقائي الأبديون ، لم أقوم بدعوة كتبي .. إنهم لا يقبلون إقامة هذا الحفل أساسا يقولون بأنه اعتراف مني بأنني امرأة عانس وهذا لا يليق بي .. أذكر أنه في العام الماضي قام كتابي المفضل بتمزيق ورقة الدعوة أمامي وطلب مني ألا أقرأ منه لفترة لا بأس بها و استغرق وقت طويل حتى عاد لي ليختبئ بين كفاي الحنونتان ، جلست أمامهم بدأت أغني لهم كي أحدث أي نوع من الشغب في هذا الهدوء الذي يبعث بالمرء اليأس الأبدي .. قلت هل تذكر أيام الماضي وربيع العمر الأخضر ؟ واغاني الشعر وباقات الورد الجوري الأحمر ؟ هل تذكر حبيبي الأجدر ..
لم يلتفت أحدا لي كأنما لا يملك أحدهم أي إجابة..لا ذنب لهم انهم لا يتذكرون لا الومهم أبدا ، كنت أنظر لشيء ما لا أراه لكنني أقسم بأنه موجود، كان في هدوء الأشياء حولي تفجعآ يلقي الدمع في عيني مرة أخرى ، تذكرت كل جارتنا في الحي اللواتي تزوجوا رجالا أحبوهم ، ولم يكونوا " عوانس "
أظن بأن جميع الضيوف الذين جاؤوا للثرثرة مع أمي تركوا أكواب العصير ممتلئة لأنها كانت تقول دائما بأنه فال " مش طيب " و أن البنت التي لا يشرب لها ضيافة تبور .. يا الله لهذا اللفظ الوقح ، لا أظن بأن من أكلقه كان قارئاً أو ما شابه ، لا أخفي سرا أن المرأة ما هي إلا ريحانة صغيرة في أوج الحرب ، وحرب النساء كثيرا ما تكون من طرف واحد ..!
لكن امثالي من النساء .. حكم عليهم المجتمع وبدون أدنى مبرر لذلك بأنهم شوك ، الريحان لا يصلح لي هكذا قال الأولون، وقفت أمام مرآتي .. سألتها وأنا في أكثر حالاتي هزيمة : هل برت ؟ لم أعد جميلة ؟ حتى مرآتي لم تجد إني أستحق هذه الإجابة ،
إني أدخل في عامي السادس و الثلاثين ، اعلم أنه ثمة تجاعيد في هذا الوجه لكنها ستمر .. كل الأشياء مرت ، حتى ذلك القطار مر !
ألم يخلق الله أي قطار آخر ؟ ألم يسلك ذلك القطار محطة أخرى ؟ ربما كنت منشغلة في تخبئة هدية حبيبي تحت ملابسي لذلك لم ألحظ مرور القطار أسفل نافذتي ، إنها حتما غلطتي .. الجميع يقول هذا ، لا أظن بأن جميعهم مخطئين ووحدي الصائب الوحيد !
ثم تخيلت قليلا ماذا لو أنني أنجبت الأمير المعهود ؟ كان سيحظى بأفضل ماما على الإطلاق ، كنت سأعتني بقلبه كثيرا إنه اختصاصي ، لم يكن قرار دراسة طب القلب من فراغ لقد اخترته عن اقتناع تام بعد لقائي بقلب حبيبي في الوداع ، طلب مني أن أخلع قميصه عنه ، وفعلت .. ثم بدأ بتحسس يساره و أشار لي بالعيون إنه هنا حاديثيه ، قلت .. كيفك ؟
أجابني أتسألين عن حال من حالك ! كان ألطف قلب قابلته في حياتي صحيح ان حجمه بكفة يداي لكنه تمكن مني مع أول نبضة .. طلب مني أن أعاهده على شيء لكنني رفضت قطعا مبررة ذلك أني أخاف العهود ولا أقطعها على نفسي .. ثم بدأت بقفل أزرار القميص لأنهاء الحديث لكنه قال شيء قبل أن أغلق النافذة عليه " عاهديني أن تكوني الدواء لكل القلوب " ..
إنه العهد الوحيد الذي أوفيته .. وكل يوم أنظر إلى يداي تنزف جرح غافر لا يلتئم منذ آخر مرة لمست يساره وقلت " كون بخير "
أخذت شهادتي الجامعة و تخصصت في جراحة القلب ، تعلمت بعض الأشياء الثانوية كالتطريز و الغناء ، ودرست عام في كلية القانون لكتني فشلت رغم إيماني التام بأن الحقوق دائما تقع في جيب أصحابها .. وكنت أكتب أشياء قليلة لكنها لا تنافس الأدب العالمي .. تمنيت دائما أن تنافس كتبي الوجع العالمي !
صادقت أشخاص طيبون أيضا وتجاذبت معهم أطراف الأحاديث .. كانت صديقتي قلبي الآخر ولكنها ركبت في القطار قبلي وفاتتني دون أن تخبرني بموعد الرحيل أو العودة على الأقل .. طوال هذه السنين كانت كل هذه الإنجازات لا تعيرها أمي أي انتباه ،لا تكترث لأي الانتصارت التي حققتها أو المعارك التي خرجتُ منه على قيد الحياة على أقل تقدير ..
كانت أمي لا تبالي بأي المعارك في العالم سوى معركتها الأبدية مع ابن الحلال المنتظر ، ابن الحلال الذي كانت تحضر أمي له هدية كل يوم ، تسأل الف سؤال عنه في الدقيقة ، وتدعي لي طوال الليل أن يسترني الله !
وكنت أنتظر بينما كان هو يعيش!
لم أكن تلك المرأة التي تتحكم فيها حكومة فاسدة أو رجل طاغي لكنني أصبحت كل الأشياء التي تمنيت ألا أكونها أبدا .. حتى أنني لم أشغف بالطب أبدا ، كنت دائما أريد ان أكون مهندسة لكنها من أسخف الأحلام إني لا أجيد سوى الهدم كيف لي أن أجازف بأرواح سكان هذه الجدران ؟
طرق باب غرفتي .. كانت أمي ، قالت شيئا لطيفا يخص هذه المناسبة ، ودعت لي أن أتزوج لكن بطريقتها وأقفلت الباب ورحلت .. لحظتها ، أشجهت بالبكاء ، كانت أكثر لحظاتي ذلآ ، لقد فرغت تماما من الأحبة و الأصدقاء لا يوجد شخص واحد معي على الأقل .. حتى الله ، لقد تأخرت المسافة بيينا في عامي الأول على هذه الذكرى ..!
أنه حزن العاجز يا صديق .. أن ترى كل الأشخاص حولك يفعلون ما تمنيت دوما ان تفعله ، لقد أذتني الحياة لفرط أنني شعرت بأن الله لا يحبني ، لم يكن ذنبي إطلاقا لم تحتوي عيناي البريئة على عيب واحد فقط ، لقد كنت الشخص الأطهر دائما وأبدا لكنني تلوثت بقذارات العابرين ، والآن ماذا .. لم أحافظ على عائلتي الوهمية ولم أستطع أن أبدأ بجديدة ..
انتهى كل شي ، أريد ان انغمس .. ثم تمنيت لو انني عكاز أمي ، او قطعة خبز في بطن جائع تمنيت لو أنني كلمة احبك من أفواه الصادقين .. تمنيت أي شي إلا انا إلا آنا وكرهت نفسي ومضيت ..
فتحت النافذة كان الفجر قد بدأ يستيقظ لتوه ، أتراه الفجر عازبا مثلي والليل منغمس في العشاق!
أقفلت النافذة ثانية وألقيت نفسي على السرير ..
كنت قد مسحت الدمع من عيني بطرف كمي القماشي وأطفأت الشموع كي لا أتفج للدموع ثانية وأغمضت عيناي و دعوت ان ينتهي كل هذا او أن يطرق الباب ابن الحلال !

بس .. ♡