!~ آخـر مواضيع المنتدى ~! |
|
إضغط علي
![]() ![]() |
|
![]() |
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
| |||||||||
| |||||||||
![]() موسوعة الحج بسم الله الرحمن الرحيم الآية : 197 {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ} 1-الحج قال الله تعالى : ( إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين - فيه آيات بينات مقام إبراهيم ، ومن دخله كان آمنا - ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ، ومن كفر فزن الله غني عن العالمين " . 2- تعريفه : هو قصد مكة ، لان عبادة الطواف ، والسعي والوقوف بعرفة ، وسائر المناسك ، استجابة لامر الله ، وابتغاء مرضاته . وهو أحد أركان الخمسة ، وفرض من الفرائض التي علمت من الدين بالضرورة . فلو أنكر وجوبه منكر كفر وارتد عن الاسلام . والمختار لدى جمهور العلماء ، أن إيجابه كان سنة ست بعد الهجرة ، لانه نزل فيها قوله تعالى : ( وأتموا الحج والعمرة لله ) . وهذا مبني على أن الاتمام يراد به ابتداء الفرض . ويؤيد هذا قراءة علقمة ، ومسروق ، وإبراهيم النخعي : " وأقيموا " رواه الطبراني بسند صحيح . ورجح ابن القيم ، أن افتراض الحج كان سنة تسع أو عشر . 3- فضله : رغب الشارع في أداء فريضة الحج ، وإليك بعض ما ورد في ذلك : 4-ما جاء في أنه من أفضل الاعمال : عن أبي هريرة قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أي الاعمال أفضل ؟ قال : " إيمان بالله ورسوله " قيل : ثم ماذا ؟ قال : " ثم جهاد في سبيل الله " قيل : ثم ماذا ؟ قال : " ثم حج مبرور " . والحج المبرور هو الحج الذي لا يخالطه إثم . وقال الحسن : أن يرجع زاهدا في الدنيا ، راغبا في الاخرة . وروي مرفوعا - بسند حسن - إن بره إطعام الطعام ، ولين الكلام . 5- ما جاء في أنه جهاد : 1 - عن الحسن بن علي رضي الله عنهما أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني جبان ، وإني ضعيف ، فقال : " هلم إلى جهاد لا شوكة فيه : الحج " رواه عبد الرزاق ، والطبراني ، ورواته ثقات . 2 - وعن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " جهاد الكبير ، والضعيف ، والمرأة ، الحج " رواه النسائي بإسناد حسن . 3-وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : يا رسول الله ، ترى الجهاد أفضل العمل ، أفلا نجاهد ؟ قال : " لكن أفضل الجهاد : حج مبرور " رواه البخاري ، ومسلم . 4 - ورويا عنها أنها قالت : قلت : يا رسول الله ألا نغزو ونجاهد معكم ؟ قال : " لكن أحسن الجهاد وأجمله : الحج ، حج مبرور " قالت عائشة : فلا أدع الحج بعد إذ سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم . 6-ما جاء في أنه يمحق الذنوب : 1 - عن أبي هريرة قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من حج فلم يرفث (يجامع ) ولم يفسق (يعصى )رجع كيوم ولدته أمه(أي بلا ذنب ) " رواه البخاري ، ومسلم . 2 - وعن عمرو بن العاص قال : لما جعل الله الاسلام في قلبي أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : ابسط يدك فلا بايعك . قال : فبسط فقبضت يدي فقال : " مالك يا عمرو ؟ " قلت : أشترط ، قال : " تشترط ماذا ؟ " قلت : أن يغفر لي ؟ قال : " أما علمت أن الاسلام يهدم ما قبله . وأن الهجرة تهدم ما قبلها ، وأن الحج يهدم ما قبله " رواه مسلم . 3 - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " تابعوا (أي والوا بينهما وأتبعوا أحد النسكين الاخر ، بحيث يظهرا) بين الحج والعمرة ، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب . كما ينفي الكير(: الالة التي ينفخ بها الحداد والصائغ النار) خبث (وسخ) الحديد ، والذهب ، والفضلة ، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة " رواه النسائي ، والترمذي وصححه . ما جاء في أن الحجاج وفد الله : عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " " الحجاج ، والعمار ، وفد الله ، إن دعوه أجابهم ، وإن استغفروه غفر لهم " ، رواه النسائي ، وابن ماجه ، وابن خزيمة ، وابن حبان في صحيحيهما ، ولفظهما : " وفد الله ثلاثة ، الحجاج والمعتمر ، والغازي " . 7- ما جاء في أن الحج ثوابه الجنة : 1 - روى البخاري ومسلم ، عن أبي هريرة قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما ، والحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة " . 2 - وروى ابن جريج - بإسناد حسن - عن جابر رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : هذا البيت دعامة الاسلام ، فمن خرج يؤم (" أي يقصد) هذا البيت من حاج أو معتمر ، كان مضمونا على الله ، إن قبضه أن يدخله الجنة " وإن رده ، رده بأجر وغنيمة " . 8- فضل النفقة في الحج : عن بريدة قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " النفقة في الحج كالنفقة في سبيل الله : الدرهم بسبعمائة ضعف " ، وإسناده حسن . الحج يجب مرة واحدة : أجمع العلماء على أن الحج لا يتكرر ، وأنه لا يجب في العمر إلا مرة واحدة - إلا أن ينذره فيجب الوفاء بالنذر - وما زاد فهو تذوع . فعن أبي هريرة قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : " يا أيها الناس ، إن الله كتب (" أي فرض ) عليكم الحج فحجوا " ، فقال رجل : أكل عام يا رسول الله ؟ فسكت حتى قالها ثلاثا ثم قال صلى الله عليه وسلم " لو قلت : نعم ، لوجبت ، ولما استطعتم " ثم قال : " ذروني ما تركتكم ، فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم ، واختلافهم على أنبيائهم ، فزذا أمرتكم بشئ فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شئ فدعوه " رواه البخاري ومسلم . وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : " يا أيها الناس كتب عليكم الحج " فقام الاقرع بن حابس ، فقال : أفي كل عام يا رسول الله " فقال : " لو قلتها لوجبت ، ولو وجبت لم تعملوا بها ، ولم تستطيعوا ، الحج مرة ، فمن زاد فهو تطوع " . رواه أحمد ، وأبو داود ، والنسائي ، والحاكم ، وصححه . وجوبه على الفور أو التراخي : ذهب الشافعي ، والثوري ، والاوزاعي ، ومحمد بن الحسن إلى أن الحج واجب على التراخي ، فيؤدى في أي وقت من العمر ، ولا يأثم من وجب عليه بتأخيره متى أداه قبل الوفاة ، لان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخر الحج إلى سنة عشرة ، وكان معه أزواجه وكثير من أصحابه ، مع أن إيجابه كان سنة ست فلو كان واجبا على الفور لما أخره صلى الله عليه وسلم . قال الشافعي : فاستدللنا على أن الحج فرضه مرز في العمر ، أوله البلوغ ، . وآخره أن يأتي به قبل موته . وذهب أبو حنيفة ، ومالك ، وأحمد ، وبعض أصحاب الشافعي ، وأبو يوسف إلى أن الحج واجب على الفور . لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من أراد الحج فليعجل ، فإنه قد يمرض المريض ، وتضل الراحلة ، وتكون الحاجة " . . وعنه أنه صلى الله عليه وسلم قال : " تعجلوا الحج - يعني الفريضة - فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له " رواه أحمد ، والبيهقي ، وقال ما يعرض له من مرض أو حاجة . وحمل الاولون هذه الاحاديث على الندب ، وأنه يستحب تعجيله والمبادرة به متى استطاع المكلف أداءه . 9-شروط وجوب الحج اتفق الفقهاء على أنه يشتررط لوجوب الحج ، الشرط الاتية : 1 - الاسلام . 2 - البلوغ . 3 - العقل . 4 - الحرية . 5 - الاستطاعة . فمن لم تتحقق فيه هذه الشروط ، فلا يجب عليه الحج . وذلك أن الاسلام ، والبلوغ ، والعقل ، شرط التكليف في أية عبادة من العبادات . وفي الحديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " رفع القلم عن ثلاث ، عن النائم حتى يستيقظ ، وعن الصبي حتى يشب ، وعن المعتوه حتى يعقل والحرية شرط لوجوب الحج ، لانه عبادة تقتضي وقتا ، ويشترط فيها الاستطاعة ، بينما العبد مشغول بحقوق سيده وغير مستطيع . وأما الاستطاعة ، فلقول الله تعالى : ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا (أي فرض الله على الناس حج البيت من استطاع منهم إليه سبيلا ) 10-بم تتحقق الاستطاعة ؟ تتحقق الاستطاعة التي هي شرط من شروط الوجوب بما يأتي : 1 - أن يكون المكلف صحيح البدن ، فإن عجز عن الحج لشيخوخته ، أو زمانة ، أو مرض لا يرجى شفاؤه ، لزمه إحجاج غيره عنه إن كان له مال ، وسيأتي في " مبحث الحج عن الغير " 2 - أن تكون الطريق آمنة ، بحيث يأمن الحاج على نفسه وماله . فلو خاف على نفسه من قطاع الطريق ، أو وباء ، أو خاف على ماله من أن يسلب منه ، فهو ممن لم يستطع إليه سبيلا . وقد اختلف العلماء فيما يؤخذ في الطريق ، من المكس والكوشان ، هل يعد عذرا مسقطا للحج أم لا ؟ . ذهب الشافعي وغيره ، إلى اعتباره عذرا مسقطا للحج ، وإن قل المأخوذ . وعند المالكية : لا يعد عذر ، إلا إذا أجحف بصاحبه أو تكرر أخذه . 3 ، 4 - أن يكون مالكا للزاد ، والراحلة . والمعتبر في الزاد : أن يملك ما يكفيه مما يصح به بدنه ، ويكفي من يعوله كفايز فاضلة عن حوائجه الاصلية ، من ملبس ومسك ، ومركب ، وآلة حرفة (لا تباع الثياب التي يلبسها ، ولا المتاع الذي يحتاجه ، ولا الدار التي يسكنها ، وإن كانت كبيرة ، تفضل عنه ، من أجل الحج .) حتى يؤدي الفريضة ويعود . والمعتبر في الراحلة أن تمكنه من الذهاب والاياب ، سواء أكان ذلك عن طريق البر ، أو البحر ، أو الجو . وهذا بالنسبة لما لا يمكنه المشي لبعده عن مكة . فأما القريب الذي يمكنه المشي ، فلا يعتبر وجود الراحلة في حقه ، لانها مسافة قريبة يمكنه المشي إليها . ، إلا أن أكثر العلماء يشترط لايجاب الحج الزاد والراحلة لمن نأت داره فمن لم يجد زادا ولا راحلة فلا حج عليه . قال ابن تيمية : فهذه الاحاديث - مسندة من طرق حسان ، ومرسلة ، وموقوفة - تدل على أن مناط الوجوب الزاد والراحلة ، مع علم النبي صلى الله عليه وسلم أن كثيرا من الناس يقدرون على المشي . وأيضا فإن الله قال : في الج : " من استطاع إليه سبيلا " إما أن يعني القدرة المعتبرز في جميع العبادات - وهو مطلق المكنة - أو قدرا زائدا على ذلك ، فإن كان المعتبر الاول لم تحتج إلى هذا التقييد ، كما لم يحتج إليه في آية الصوم والصلاة فعلم أن المعتبر قدر زائدا على ذلك ، وليس هو إلا المال . وأيضا فإن الحج عبادة مفتقرة إلى مسفاة فافتقر وجوبها إلى ملك الزاد والراحلة ، كالجهاد . ودليل الاصل (" الاصل " أي الجهاد المقيس عليه ، فإنه أصل يقاس عليه الفرع . وهو الحج .) قوله تعالى : ( ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج ) إلى قوله : ( ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم ، قلت لا أجد ما أحملكم عليه ) . وفي المهذب : وإن وجد ما يشتري به الزاد والراحلة وهو محتاج إليه لدين عليه ، لم يلزمه ، حالا كان الدين ومؤجلا ، لان الدين الحال على الفور ، والحج على التراخي ، فقدم عليه ، والمؤجل يحل عليه ، فإذا صرف ما معه في الحج لم يجد ما يقضي به الدين . قال : وإن احتاج إليه لمسكن لا بد من مثله ، أو خادك يحتاج إلى خدمته . لم يلزمه . وإن احتاج إلى النكاح - وهو يخاج العنت - قدم النكاح ، لان الحاجة إلى ذلك على الفور . وإن احتاج إليه في بضاعة يتجر فيها ، ليحصل منها ما يحتاج إليه للنفقة ، فقد قال أبو العباس ، ابن صريح : لا يلزمه الحج ، لانه محتاج إليه ، فهو كالمسكن والخادم . وفي المغني : إن كان دين على ملئ باذل له يكفيه للحج لزمه ، لانه قادر ، وإن كان على معسر ، أو تعذر استيفاؤه عليه لم يلزمه . وعند الشافعية : أنه إذا بذل رجل لاخر راحلة من غير عوض لم يلزمه قبولها ، لان عليه في قبول ذلك منة ، وفي تحمل المنة مشقة ، إلا إذا بذل له ولده ما يتمكن به من الحج لزمه ، لانه أمكنه الحج من غيره منة تلزمه . وقالت الحنابلة : لا يلزمه الحج ببذل غيره له ، ولا يصير مستطيعا بذلك ، سواء كان الباذل قريبا أو أجنبيا . وسواء بذل له الركوب والزاد ، أو بذل له مالا . 5 - أن لا يوجد ما يمنع الناس من الذهاب إلى الحج كالحبس والخوف من سلطان جائر يمنع الناس منه . المصدر: منتديات بنات فلسطين - من قسم: ▪« قطوُفٌ دَآטּـيَة ]≈● l,s,um hgp[ |
![]() | #2 |
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() | ![]() 11- حج الصبي والعبد لا يجب عليهما الحج ، لكنهما إذا حجا صح منهما ، ولا يجزئهما عن حجة الاسلام : قال ابن عباس رضي الله عنهما ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " أيما صبى حج ثم بلغ الحنث (: الاثم ، أي بلغ أن يكتب عليه إثمه ) فعليه أن يحج حجة أخرى . أيما عبد حج ثم أعتق ، فعليه أن يحج حجة أخرى " رواه الطبراني بسند صحيح . وقال السائب بن يزيد : حج أبي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ، وأنا ابن سبع سنين . رواه أحمد والبخاري ، والترمذي ، وقال : قد أجمع أهل العلم : على أن الصبي إذا حج قبل أن يدرك فعليه الحج إذا أدرك ، وكذلك المملوك إذا حج في رقه ثم أعتق فعليه الحج إذا وجد إلى ذلك سبيلا . وعن ابن عباس رضي الله عنهما : أن امرأة رفعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صبيا . فقالت : ألهذا حج ؟ قال : " نعم (أكثر أهل العلم على أن الصبي يثاب على طاعته وتكتب له حسناته دون سيئاته ، وهو مروي عن عمر ) ولك أجرا (أي فيما تتكلفين من أمره بالحج ، وتعليمه إياه ) " . وعن جابر رضي الله عنه : قال : حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا النساء والصبيان ، فلبينا عن الصبيان ، ورمينا عنهم . رواه أحمد ، وابن ماجه . ثم إن كان الصبي مميزا أحرم بنفسه وأدى مناسك الحج ، وإلا أحرم عنه وليه ( 4 ) ولبى عنه وطاف به وسعى ، ووقف بعرفة ، ورمى عنه . ولو بلغ قبل الوقوف بعرفة ، أو فيها : أجزأ عن حجة الاسلام ، كذلك العبد إذا أعتق . ( 4 ) قال النووي : الولي الذي يحرم عنه إذا كان غير مميز هو ولي ماله وهو أبوه أو جده أو الوصي من جهة الحاكم . اما الام فلا يصح احرامها الا إذا كانت وصيز أو منصوبة من جهة الحاكم . وقيل : يصح إحرامها وإحرام الوصية وإن لم يكن لهما ولاية . =وقال مالك ، وابن المنذر : لايجزئهما ، لان الاحرام العقد تطوعا ، فلا ينقلب فرضا . حج المرأة يجب على المرأة الحج ، كما يجب على الرجل ، سواء بسواء ، إذا استوفت شرائط الوجوب التي تقدم ذكرها ، ويزاد عليها بالنسبة للمرأة أن يصحبها زوج أو محرم ( 1 ) . ) قال الحافظ في الفتح : وضابط المحرم عند العلماء : من حرم عليه نكاحها على التأبيد بسبب مباح لحرمتها ، فخرج بالتأبيد : أخت الزوجة وعمتها ، وبالمباح : أم الموطوءة بشبهة وبنتها ، وبحرمتها : الملاعنة فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم فقام رجل ، فقال : يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة ، وإني اكتتبت في غزوة وكذا وكذا فقال : " انطلق فحج ( 2 ) مع امرأتك " رواه البخاري ومسلم ، واللفظ لمسلم . ( 2 ) هذا الامر للندب ، فإنه لا يلزم الزوج أو المحرم السفر مع المرأة ، إذا لم يوجد غيره ، لما في الحج من المشقة ، ولانه لا يجب على أحد بذل منافع نفسه ، ليحصل غيره ما يجب عليه . وعن يحيى بن عباد قال : كتبت امرأة من أهل الري إلى إبراهيم النخعي : إني لم أحج حجة الاسلام ، وأنا موسرة ، ليس لي ذو محرم ، فكتب إليها : " إنك ممن لم يجعل الله له سبيلا " . وإلى اشتراط هذا الشرط ، وجعله من جملة الاستطاعة ، ذهب أبو حنيفة وأصحابه ، والنخعي ، والحسن ، والثوري ، وأحمد ، وإسحق . قال الحافظ : والمشهور عند الشافعية اشتراط الزوج أو المحرم أو النسوة الثقات ، وفي قول : تكفي امرأة واحدة ثقة ، وفي قول - نقله الكرابيسي وصححه في المهذب - تسافر وحدها ، إذا كان الطريق آمنا . وهذا كله في الواجب من حج أو عمرة . وفي " سبل السلام " : قال جماعة من الائمة : يجوز للعجوز السفر من غير محرم . وقد استدل المجيزون لسفر المرأة من غير محرم ولازوج - إذا وجدت رفقة مأمونة ، أو كان الطريق آمنا - بماروه البخاري عن عدي بن حاتم قال : " بينا أنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة ، ثم أتاه آخر فشكا إليه قطع السبيل ، فقال : " يا عدي هل رأيت الحيرة (" قرية قريبة من الكوفة ) " قال : قلت : لم أرها ، وقد أنبئت عنها . قال : " فإن طالت بك حياة لترين الظعينة (" أي الهودج فيه امرأة أم لا ) ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة ، لا تخاف إلا الله " . واستدلوا أيضا بأن نساء النبي صلى الله عليه وسلم حججن بعد أن أذن لهن عمر في آخر حجة حجها ، وبعث معهن عثمان بن عفان ، وعبد الرحمن ابن عوف . وكان عثمان ينادي : ألا لا يدنو أحد منهن ، ولا ينظر إليهن ، وهن في الهوادج على الابل . وإذا خالفت المرأة وحجت ، دون أن يكون معها زوج أو محرم ، صح حجها . وفي سبل السلام قال ابن تيمية : إنه يصح الحج من المرأة بغير محرم ، ومن غير المستطيع . وحاصله : أن من لم يجب عليه الحج لعدم الاستطاعة ، مثل المريض ، والفقير ، والمعضوب ، والمقطوع طريقه ، والمرأة بغير محرم ، وغير ذلك ، إذا تكلفوا شهود المشاهد ، أجزأهم الحج . ثم منهم من هو محسن في ذلك ، كالذي يحج ماشيا ، ومنهم من هو مسئ في ذلك ، كالذي يحج بالمسألة ، والمرأة تحج بغير محرم . وإنما أجزأهم ، لان الاهلية تامة ، والمعصية إن وقعت ، في الطريق ، لا في نفس المقصود وفي المغني : لو تجشم غير المستطيع المشقة ، سار بغير زاد وراحلة فحج ، كان حجه صحيحا مجزئا . استئذان المرأة زوجها : يستحب للمرأة أن تستأذن زوجها في الخروج إلى الحج الفرض ، فإن أذن لها خرجت ، وإن لم يأذن لها خرجت بغير إذنه ، لانه ليس للرجل منع امرأته من حج الفريضة ، لانها عبادة وجبت عليها ، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ولها أن تعجل به لتبرئ ذمتها ، كمالها أن تصلي أول الوقت ، وليس له منعها ، ويليق به الحج المنذور ، لانه واجب عليه كحجة الاسلام . وأما حج التطوع فله منعها منه . لما رواه الدارقطني عن ابن عمر رضي الله عنهما ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - في امرأة كان لها زوج ولها مال ، فلا يأذن لها في الحج - قال : " ليس لها أن تنطلق إلا بإذن زوجها " . 12-من مات وعليه حج من مات وعليه حجة الاسلام ، أو حجة كان قد نذرها وجب على وليه أن يجهز من يحج عنه من ماله ، كما أن عليه قضاء ديونه . فعن ابن عباس رضي الله عنهما ان امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : ان أمي نذرت أن تحج ولم تحج حتى ماتت ، أفأحج عنها ؟ قال : " نعم ، حجي عنها . أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته ؟ اقضوا الله ، فالله أحق بالوفاء " رواه البخاري . وفي الحديث دليل على وجوب الحج عن الميت ، سواء أوصى أم لم يوص ، لان الدين يجب قضاؤه مطلقا ، وكذا سائر الحقوق المالية من كفارة ، أو زكاة ، أو نذر . وإلى هذا ذهب ابن عباس ، وزيد بن ثابت ، وأبو هريرة ، والشافعي ، ويجب إخراج الاجرة من رأس المال عندهم . وظاهر أنه يقدم على دين الآدمي إذا كانت التركة لا تتسع للحج والدين ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " فالله أحق بالوفاء " . وقال مالك : إنما يحج عنه إذا أوصى . أما إذا لم يوص فلا يحج عنه ، لان الحج عبادة غلب فيه جانب البدنية ، فلا يقبل النيابة . وإذا أوصى حج من الثلث . لحج عن الغير من استطاع السبيل إلى الحج ثم عجز عنه ، بمرض أو شيخوخة ، لزمه إحجاج غيره عنه ، لانه أيس من الحج بنفسه لعجزه ، فصار كالميت فينوب عنه غيره . ولحديث الفضل بن عباس : أن امرأة من خثعم قالت : يا رسول الله ، إن فريضة الله على عباده في الحج ، أدركت أبي شيخا كبيرا لايستطيع أن يثبت على الراحلة ، أفأحج عنه ؟ قال : " نعم " وذلك في حجة الوداع : رواه الجماعة ، وقال الترمذي : حسن صحيح . وقال الترمذي أيضا : وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب غير حديث ، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم ، يرون أن يحج عن الميت . وبه يقول الثوري ، وابن المبارك ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحق . وقال مالك : إذا أوصى أن يحج عنه ، حج عنه . وقد رخص بعضهم أن يحج عن الحي إذا كان كبيرا وبحال لا يقدر أن يحج ، وهو قول ابن المبارك والشافعي . (وهذا قول أحمد والاحناف ) وفي الحديث دليل على أن المرأة يجوز لها أن تحج عن الرجل والمرأة ، والرجل يجوز له أن يحج عن الرجل والمرأة ، ولم يأت نص يخالف ذلك . إذا عوفي المعضوب (الزمن الذي لاحراك له . ) إذا عوفي المريض بعد أن حج عنه نائبه فإنهيسقط الفرض عنه ولا تلزم الاعادة ، لئلا تقضي إلى إيجاب حجتين ، وهذا مذهب أحمد . وقال الجمهور : لايجزئه ، لانه تبين أنه لم يكن ميئوسا منه ، وأن العبرة بالانتهاء . ورجح ابن حزم الرأي الاول ، فقال : إذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالحج عمن لايستطيع الحج ، راكبا ، ولا ماشيا ، وأخبر أن دين الله يقضى عنه ، فقد تأدى الدين بلاشك وأجزأ عنه . وبلا شك إن ما سقط وتأدى فلا يجوز أن يعود فرضه بذلك إلا بنص . ولا نص ههنا أصلا بعودته . ولو كان ذلك عائدا لبين عليه الصلاة والسلام ذلك . إذ قد يقوى الشيخ فيطيق الركوب . فإذا لم يخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فلا يجوز عودة الفرض عليه بعد صحة تأديته عنه . 13- شرط الحج عن الغير يشترط فيمن يحج عن غيره ، أن يكون قد سبق له الحج عن نفسه . لما رواه ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول : لبيك عن شبرمة ، فقال : أحججت عن نفسك ؟ قال : لا . قال : " فحج عن نفسك ، ثم حج عن شبرمة " رواه أبو داود ، وابن ماجه . قال البيهقي : هذا إسناد صحيح ليس في الباب أصح منه . قال ابن تيمية : إن أحمد حكم - في رواية ابنه صالح عنه - أنه مرفوع على أنه وإن كان موقوفا فليس لابن عباس فيه مخالف . وهذا قول أكثر أهل العلم : أنه لا يصح أن يحج عن غيره من لم يحج عن نفسه مطلقا ، مستطيعا كان أولا ، لان ترك الاستفصال ، والتفريق في حكاية الاحوال ، دال على العموم من حج لنذر وعليه حجة الاسلام أفتى ابن عباس وعكرمة ، بأن من حج لوفاء نذر عليه ولم يكن حج حجة الاسلام أنه يجزئ عنهما . وأفتى ابن عمر ، وعطاء : بأنه يبدأ بفريضة الحج ، ثم يفي بنذره . لاصرورة في الاسلام عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لاصرورة في الاسلام " رواه أحمد وأبو داود . قال الخطابي : الصرورة تفسير تفسيرين . ( أحدهما ) أن الصرورة ، هو الرجل الذي قد انقطع عن النكاح وتبتل ، على مذهب رهبانية النصارى ، ومنه قول النابغة : لو أنها عرضت الاشمط راهب - عبد الاله صرورة متعبد أدنا لبهجتها وحسن حديثها - ولخالها رشدا وإن لم يرشد ( والوجه الآخر ) أن الصرورة هو الرجل الذي لم يحج . فمعناه على هذا : أن سنة الدين أن لا يبقى أحد من الناس يستطيع الحج فلا يحج ، فلا يكون صرورة في الاسلام . وقد يستدل به من يزعم أن الصرورة لا يجوز له أن يحج عن غيره . وتقدير الكلام عنده أن الصرورة إذا شرع في الحج عن غيره صار الحج عنه ، وانقلب عن فرضه ليحصل معنى النفي ، فلا يكون صرورة . وهذا مذهب الاوزاعي ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق . وقال مالك والثوري : حجه على مانواه . وإليه ذهب أصحاب الرأي . وقد روي ذلك عن الحسن البصري ، وعطاء ، والنخعي . 14- الاقتراض للحج عن عبد الله بن أبي أوفى قال : سألت رسول الله صلى اللهعليه وسلم عن الرجل لم يحج ، أو يستقرض للحج ؟ قال : " لا " ، رواه البيهقي . 15-الحج من مال حرام ويجزئ الحج وإن كان المال حراما ويأثم عند الاكثر من العلماء . وقال الامام أحمد : لايجزئ ، وهو الاصح لما جاء في الحديث الصحيح : " إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا " . وروى عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا خرج الحاج حاجا بنفقة طيبة (حلال) ، ووضع رجله في الغرز (ركاب من جلد يعتمد عليه الراكب حين يركب) فنادى : لبيك اللهم ناداه مناد من السماء : لبيك وسعديك (: أجاب الله حجك إجابة بعد إجابة) زادك حلال ، وراحلتك حلال وحجك مبرور غير مأزور (: مقبول ، لا يخالطه وزر . مأزور : جالب للوزر والاثم) وإذاخرج بالنفقة الخبيثة فوضع رجله في الغرز ، فنادى : لبيك ، ناداه مناد من السماء : لالبيك ولاسعد يك ، زادك حرام ، ونفقتك حرام ، وحجك مأزور غير مأجور " . قال المنذري : رواه الطبراني في الاوسط ، ورواه الاصبهاني من حديث أسلم مولى عمر بن الخطاب مرسلا مختصرا . 16- أيهما أفضل في الحج : الركوب أم المشي ؟ قال الحافظ في الفتح : قال ابن المنذر : اختلف في الركوب والمشي للحجاج أيهما أفضل ؟ قال الجمهور : الركوب أفضل ، لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكونه أعون على الدعاء والابتهال ، ولما فيه من المنفعة . وقال إسحق بن راهويه : المشي أفضل لما فيه من التعب . ويحتمل أن يقال : يختلف باختلاف الاحوال والاشخاص . روى البخاري عن أنس رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى شيخا يهادى (: يعتمد عليهما في المشي ) بين ابنيه فقال : " ما بال هذا ؟ قالوا : نذر أن يمشي ، قال :إن الله عزوجل عن تعذيب هذا نفسه لغني ، وأمره أن يركب " . 17- التكسب والمكاري في الحج لا بأس للحاج أن يتاجر ، ويؤاجر ويتكسب ، وهو يؤدي أعمال الحج والعمرة . قال ابن عباس : إن الناس في أول الحج (أي في الاسلام) كانوا يتبايعون بمنى وعرفة ، وسوق ذي المجاز (" موضع بجوار عرفة) ومواسم الحج ، فخافوا البيع وهم حرم . فأنزل الله تعالى : ( ليس عليكم جناح () أي لا إثم عليكم ، وإن تبتغوا فضلا من ربكم مع سفركم لتأدية ما افترضه الله عليكم من الحج ، فالاذن في التجارة رخصة ، والافضل تركها) أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج ) رواه البخاري ، ومسلم ، والنسائي . وعن ابن عباس أيضا ، في قوله تعالى : ( ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ) قال : كانوا لا يتجرون بمنى فأمروا أن يتجروا إذا أفاضوا من " عرفات " رواه أبو داود : وعن أبي أمامة التيمي : أنه قال لا بن عمر : إني رجل أكري (" أكري " أي أؤجر الرواحل للركوب) في هذا الوجه وإن ناسا يقولون لي : أنه ليس لك حج فقال ابن عمر : أليس تحرم وتلبي ، وتطوف بالبيت ، وتفيض من عرفات ، وترمي الجار ، قال : قلت : بلى ، قال : فإن لك حجا ، جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن مثل ما سألتني ، فسكت عنه حتى نزلت هذه الآية : ( ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ) ، فأرسل إليه وقرأ عليه هذه الآية ، وقال : " لك حج " رواه أبو داود ، وسعيد بن منصور . وقال الحافظ المنذري أبو أمامة لايعرف اسمه . وعن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رجلا سأله فقال : أؤجر نفسي من هؤلاء القوم فأنسك معهم المناسك ، ألي أجر ؟ قال ابن عباس : نعم أولئك لهم نصيب مما كسبوا ، والله سريع الحساب " . رواه البيهقي ، والدراقطني . |
![]() |
![]() | #3 |
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() | ![]() 18-حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم روى مسلم : " دخلنا على جابر بن عبد الله رضي الله عنه فسأل عن القوم حتى انتهى إلي ؟ فقلت : أنا محمد بن علي بن حسين ، فأهوى بيده إلى رأسي ، فنزع زري الاعلى ، ثم نزع زري الاسفل ، ثم وضع كفه بين ثديي ، وأنا يومئذ غلام شاب ، فقال : مرحبا بك يا بن أخي ، سل عما شئت ؟ فسألته - وهو أعمى - وحضر وقت الصلاة ، فقام في نساجة ملتحفا بها (ثوب كالطيلسان) ، كلما وضعها على منكبه رجع طرفاها إليه من صغرها ، ورداؤه إلى جنبه على المشجب (: اسم لاعواد يوضع عليها الثياب ومتاع البدن " الشماعة) . فصلى بنا ، فقلت : أخبرني عن حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال بيده : فعقد تسعا . فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث تسع (" مكث تسع سنين " . أي بالمدينة) سنين لم يحج ، ثم أذن في الناس في العاشرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاج فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويعمل مثل عمله . فخرجنا معه حتى أتينا ذا الخليفة : فولدت " أسماء " بنت عميس محمد بن أبي بكر ، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : كيف أصنع ، قال : " اغتسلي واستثفري (أن تشد في وسطها شيئا ، وتأخذ خرقة عريضة تجعلها على محل الدم وتشد طرفيها من قدامها ومن ورائها في ذلك الشدود في وسطها لمنع سيلان الدم) بثوب وأحرمي " . فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ثم ركب " القصواء " (اسم لناقة النبي صلى الله عليه وسلم .)حتى إذا استوت به ناقته على البيداء نظرت إلى مد بصري بين يديه من راكب وماش ، وعن يمينه مثل ذلك ، وعن يساره مثل ذلك ، ومن خلفه مثل ذلك ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا ، وعليه ينزل القرآن ، وهو يعرف تأويله ، وما عمل به من شئ عملنا به . فأهل ( 1 ) بالتوحيد : " لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك " وأهل الناس بهذا الذي يهلون به ، فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم شيئا منه ، ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم تلبيته . قال جابر رضي الله عنه : لسنا ننوي إلا الحج : لسنا نعرف العمرة ، حتى إذا أتينا البيت معه ، استلم الركن ، فرمل ثلاثا ، ومشى أربعا ، ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام ، فقرأ " واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى " . فجعل المقام بينه وبين البيت . فكان يقرأ في الركعتين " قل هو الله أحد " و " قل يأيها الكافرون " ثم رجع إلى الركن فاستلمه ، ثم خرج من الباب إلى الصفا . فلما دنا من الصفا قرأ : " إن الصفا والمروة من شعائر الله " أبدأ بما بدأ الله به ، فبدأ بالصفا ، فرقي عليه حتى رأى البيت ، فاستقبل القبلة ، فوحد الله وكبره وقال : " لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شئ قدير ، لا إله إلا الله وحده ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الاحزاب وحده () هزم الاحزاب وحده : معناه : هزمهم بغير قتال من الآدميين ولا بسبب من جهتهم . والمراد بالاحزاب : الذين تحزبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق ) ، " ، ثم دعا بين ذلك ، قال مثل هذا ثلاث مرات ، ثم نزل إلى المروة ، حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي ، سعى حتى إذا صعدنا مشى ، حتى أتى المروة ، ففعل على المروة كما فعل على الصفا . حتى إذا كان آخر طوافه على المروة ، فقال . " لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي ، وجعلتها عمرة ، فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل ، وليجعلها عمرة " . فقام سراقة بن مالك بن جعثم ، فقال : يا رسول الله ألعامنا هذا أم لابد ؟ فشبك رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه ، واحدة في الاخرى ، وقال : " دخلت العمرة في الحج مرتين ، لابل لابد أبد " . وقدم علي من اليمن ببدن للنبي صلى الله عليه وسلم ، فوجد فاطمة رضي الله عنها ممن حل ، ولبست ثيابا صبيغا ، واكتحلت ، فأنكر ذلك عليها ، فقالت : إن أبي أمرني بهذا . قال : فكان علي يقول بالعراق : فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم محرشا (الاغراء . والمراد هنا أن يذكر له ما يقضي عتابها) على فاطمة للذي صنعت ، مستفتيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكرت عنه ، فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها ، فقال : " صدقت صدقت ، ماذا قلت حين فرضت الحج ؟ . " قال : قلت : " اللهم إني أهل بما أهل به رسولك " . قال : " فإن معي الهدي فلانحل . " قال : فكان جماعة الهدي الذي قدم به علي من اليمن ؟ والذي أتى به النبي صلى الله عليه وسلم ، مائة . قال : فحل الناس كلهم وقصروا ، إلا النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن كان معه هدي . فلما كان يوم التروية (هو اليوم الثامن من ذي الحجة) ، توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج ، وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فصلى بها الظهر والعصر ، والمغرب ، والعشاء ، والفجر . ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس ، وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة . فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا تشك قريش ألا أنه واقف عند المشعر الحرام ، كما كانت قريش تصنع في الجاهلية ( 1 ) . ( 1 ) كانت قريش في الجاهلية تقف بالمشعر الحرام ، وهو جبل بالمزدلفة يقال له فرح . وقيل : إن المشعر الحرام كل المزدلفة ، وكان سائر العرب يتجاوزون المزدلفة ويقفون بعرفات ، فظنت قريش أن النبي صلى الله عليه وسلم يقف في المشعر الحرام على عادتهم ولا يتجاوزه . فتجاوزه النبي صلى الله عليه وسلم إلى عرفات ، لان الله تعالى أمره بذلك في قوله تعالى : " ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس " أي سائر الناس العرب ، غير قريش وإنما كانت قريش تقف بالمزدلفة لانها من الحرم ، وكانوا يقولون : نحن أهل حرم الله ، فلا نخرج منه فأجاز (أي جاوز المزدلفة ولم يقف بها ، بل توجه إلى عرفات) رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة ، فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس ، أمر بالقصواء فرحلت (أي جعل عليها الرحل) له . فأتى بطن الوادي (هو وادي عرفة) فخطب الناس ، وقال : " إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم ، كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا ، ألا كل شئ من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ، ودماء الجاهلية موضوعة ، وإن أول دم أضع من دمائنا ، دم ابن ربيعة بن الحارث - كان مسترضعا في بني سعد ، فقتلته هذيل - وربا الجاهلية موضوع (" أي باطل) وأول ربا أضع ربانا ، ربا عباس بن عبد المطلب ، فإنه موضوع كله ، فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه ، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ، وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده ، إن اعتصمتم به : كتاب الله ، وأنتم تسألون عني ، فما أنتم قائلون ؟ قالوا : نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت ، فقال : بإصبعه السبابة (" أي يقلبها و يرددها إلى الناس مشيرا إليهم .) يرفعها إلى السماء ينكتها إلى الناس ، اللهم اشهد ، اللهم فاشهد ثلاث مرات . تم أذن ، ثم أقام فصلى الظهر ، ثم أقام فصلى العصر ، ولم يصل بينهما شيئا ( 1 ) ( 1 ) " فصلى الظهر ثم قام فصلى العصر ولم يصل بينهما الخ " : فيه دليل على أنه يشرع الجمع بين الظهر والعصر هناك في ذلك اليوم ، وقد أجمعت الامة عليه ، واختلفوا في سببه : فقيل : بسبب النسك وهو مذهب أبي حنيفة وبعض أصحاب الشافعي ، وقال أكثر أصحاب الشافعي : هو بسبب السفر ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات ، وجعل جبل المشاة (جبل المشاة " أي مجتمعهم ) بين يديه واستقبل القبلة . فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس ، وذهبت الصفرة قليلا حتى غاب القرص ، وأردف أسامة خلفه . ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد شنق (أي ضم وضيق) للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رجله (الموضع الذي يثني الراكب رجله عليه . قدام واسطة الرحل ، إذا مل من الركوب) ويقول بيده اليمنى (أي يشير بها قائلا : الزموا السكينة . وهي الرفق والطمأنينة) : " أيها الناس ، السكينة السكينة " كلما أتى جبلا من الجبال أرخى لها قليلا حتى تصعد ، حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ، ولم يسبح بينهما شيئا . ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر وصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة . ثم ركب القصواء ، حتى أتى الشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعاه وكبره وهلله ووحده ، فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا . فدفع قبل أن تطلع الشمس ، وأردف الفضل بن عباس وكان رجلا حسن الشعر أبيض وسيما (" أي جميلا) فلما دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت به ظعن (جمع ظعينة - وهي البعير الذي عليه امرأة ، ثم سميت به المرأة مجازا لملابسها البعير ) يجرين فطفق الفضل ينظر إليهن ، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على وجه الفضل فحول الفضل وجهه إلى الشق الآخر ينظر ، فحول رسول الله صلى الله عليه وسلم يده من الشق الآخر على وجه الفضل ، يصرف وجهه من الشق الآخر ينظر ، حتى أتى بطن محسر . فحرك قليلا ، ثم سلك الطريق الوسطى ( 1 ) ( 1 ) قوله " ثم سلك الطريق الوسطى " فيه دليل على أن سلوك هذا الطريق في الرجوع من عرفات سنة . وهو غير الطريق الذي ذهب به إلى عرفات . وكان قد ذهب إلى عرفات من طريق " ضب " ليخالف الطريق كما كان يعمل في الخروج إلى العيدين في مخالفته طريق الذهاب والاياب . التي تخرج على الجمرة الكبرى ، حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها مثل حصى الحذف ، رمى من بطن الوادي (" أي بحيث تكون " منى " و " عرفات " و " المزدلفة " عن يمينه و " مكة " عن يساره) . ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثا وستين بيده ثم أعطى عليا فنحر ما غبر (فنحر ثلاثا وستين الخ " فيه دليل على استحباب تكثير الهدي وكان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في تلك السنة مائة بدنة و " غبر " أي بقي) وأشركه في هديه ، ثم أمر من كل بدنة ببضعة (: أي القطعة من اللحم) فجعلت في قدر ، فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها . ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأفاض إلى البيت (" أي طاف بالبيت طواف الافاضة ، ثم صلى الظهر) فصلى بمكة الظهر . فأتى بني عبد الملك يسقون على زمزم ، فقال : " انزعوا (أي استقوا بالدلاء وانزعوها بالرشاء ( الحبال) بني عبد المطلب ، فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم (فلولا أن يغلبكم الناس على الخ . معناه لولا خوفي أن يعتقد الناس ذلك من مناسك الحج ويزدحمون عليه بحيث يغلبونكم ويدفعونكم عن الاستقاء لاستقيت معكم لكثرة فضيلة هذا الاستقاء ) لنزعت معكم " . فناولوه دلوا فشرب منه . قال العلماء : واعلم أن هذا حديث عظيم مشتمل على جمل من الفوائد ، ونفائس من مهمات القواعد ، قال القاضي عياض : قد تكلم الناس على ما فيه من الفقه . وأكثروا ، وصنف فيه أبو بكر بن المنذر جزءا كبيرا أخرج فيه من الفقه مائة ونيفا وخمسين نوعا . قال : ولو تقصى لزيد على هذا العدد قريب منه . قالوا : وفيه دلالة على أن غسل الاحرام سنة للنفساء والحائض ولغيزهما بالاولى . على استثفار الحائض والنفساء وعلى صحة إحرامهما ، وأن يكون الاحرام عقب صلاة فرض أو نفل ، وأن يرفع المحرم صوته بالتلبية ، ويستحب الاقتصار على تلبية النبي صلى الله عليه وسلم . فإذا زاد فلا بأس ، فقد زاد عمر : لبيك ذا النعماء والفضل الحسن ، لبيك مرهوبا منك ومرغوبا إليك . وأنه ينبغي للحاج القدوم أولا إلى مكة ليطوف طواف القدوم وأن يستلم الركن - الحجر الاسود - قبل طوافه ويرمل في الثلاثة الاشواط الاولى ، والرمل أسرع المشي مع تقارب الخطا وهو الخبب ، وهذا الرمل يفعله ما عدا الركنين اليمانيين . ثم يمشي أربعا على عادته وأنه يأتي بعد تمام طوافه مقام إبراهيم ويتلو " واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى " . ثم يجعل المقام بينه وبين البيت ويصلي ركعتين . ويقرأ فيهما في الاولى - بعد الفاتحة - سورة " الكافرون " وفي الثانية - بعد الفاتحة - سورة " الاخلاص " . ودل الحديث أنه يشرع له الاستلام عند الخروج من المسجد كما فعله عند الدخول . واتفق العلماء : على أن الاستلام سنة . وأنه يسعى بعد الطواف ويبدأ من الصفا ويرقى إلى أعلاه ويقف عليه مستقبل القبلة ويذكر الله تعالى بهذا الذكر ويدعو ثلاث مرات ويرمل في بطن الوادي وهو الذي يقال له " بين الميلين " وهو - أي الرمل - مشروع في كل مرة من السبعة الاشواط لا في الثلاثة الاول كما في طواف القدوم بالبيت ، وأنه يرقى أيضا على المروة كما رقي على الصفا ويذكر ويدعو . وبتمام ذلك تتم عمرته . فإن حلق أو قصر صار حلالا . وهكذا فعل الصحابة الذين أمرهم صلى الله عليه وسلم بفسخ الحج إلى العمرة . وأما من كان قارنا ، فإنه لا يحلق ولا يقصر ، ويبقى على إحرامه ثم في يوم التروية - وهو الثامن من ذي الحجة - يحرم من أراد الحج ممن حل من عمرته ويذهب هو ومن كان قارنا إلى منى ، والسنة أن يصلي بمنى الصلوات الخمس ، وأن يبيت بها هذه الليلة - وهي ليلة التاسع من ذي الحجة . ومن السنة كذلك أن لا يخرج يوم عرفة من منى إلا بعد طلوع الشمس ، ولا يدخل " عرفات " إلا بعد زوال الشمس . وبعد صلاة الظهر والعصر جميعا ب " عرفات " فإنه صلى الله عليه وسلم نزل بنمرة وليست من عرفات . ولم يدخل صلى الله عليه وسلم الموقف إلا بعد الصلاتين . ومن السنة أن يصلي بينهما شيئا ، وأن يخطب الامام الناس قبل الصلاة ، وهذه إحدى الخطب المسنونة في الحج . والثانية - أي من الخطب المسنونة - يوم السابع من ذي الحجة يخطب عند الكعبة بعد صلاة الظهر . والثالثة - أي من الخطب المسنونة - يوم النحر . والرابعة - يوم النفر الاول . |
![]() |
![]() | #4 |
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() | ![]() 19- وفي الحديث سنن وآداب منها : أن يجعل الذهاب إلى الموقف عند فراغه من الصلاتين . وأن يقف - في عرفات - راكبا أفضل . وأن يقف عند الصخرات ، عند موقف النبي صلى الله عليه وسلم ، أو قريبا منه . وأن يقف مستقبل القبلة . وأن يبقي في الموقف حتى تغرب الشمس . ويكون في وقوفه داعيا لله عزوجل ، رافعا يديه إلى صدره ، وأن يدفع بعد تحقق غروب الشمس بالسكينة ، ويأمر الناس بها إن كان مطاعا . فإذا أتى المزدلفة نزل وصلى المغرب والعشاء جمعا بأذان واحد وإقامتين ، دون أن يتطوع بينهما شيئا من الصلوات . وهذا الجمع متفق عليه بين العلماء . وإنما اختلفوا في سببه . فقيل : أنه نسك ، وقيل : لانهم مسافرون ، أي السفر هو العلة لمشروعية الجمع . 20-ومن السنن : المبيت بمزدلفة ، وهو مجمع على أنه نسك وإنما اختلفوا في كونه - أي المبيت - واجبا أو سنة . ومن السنة ، أن يصلي الصبح في المزدلفة ثم يدفع عنها بعد ذلك . فيأتي المشعر الحرام فيقف به ، ويدعو . والوقوف عنده من المناسك : ثم يدفع منه عند إسفار الفجر إسفارا بليغا ، فيأتي بطن محسر فيسرع السير فيه ، لانه محل غضب الله فيه على أصحاب الفيل . فلاينبغي الاناة فيه . ولا البقاء فيه . فإذا أتى الجمرة - وهي جمرة العقبة - نزل ببطن الوادي رماها بسبع حصيات ، كل حصاة كحبة الباقلاء - أي الفول - يكبر مع كل حصاة . ثم ينصرف بعد ذلك إلى النحر فينحر - إن كان عنده هدى ثم يحلق بعد نحره . ثم يرجع إلى مكة فيطوف طواف الافاضة - وهو الذي يقال له طواف الزيارة . ومن بعده يحل له كل ما حرم عليه بالاحرام ، حتى وطء النساء . وأما إذا رمى جمرة العقبة . ولم يطف هذا الطواف فإنه يحل له كل شئ ماعد النساء . هذا هو هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجه والآتي به مقتد به ، صلى الله عليه وسلم ، وممتثل لقوله : " خذوا عني مناسككم " وحجه صحيح . 21- وإليك تفصيل هذه الاعمال وبيان آراء العلماء ، ومذهب كل منهم ، في كل عمل من أعمال الحج . 22- المواقيت المواقيت جمع ميقات . كمواعيد وميعاد ، وهي مواقيت زمانية ومواقيت مكانية . المواقيت الزمانية هي الاوقات التي لا يصح شئ من أعمال الحج إلا فيها ، وقد بينها الله تعالى في قوله : ( يسألونك عن الاهلة قل هي مواقيت للناس والحج ) وقال : ( الحج أشهر معلومات ) أي وقت أعمال الحج أشهر معلومات . والعلماء مجمعون : على أن المراد بأشهر الحج شوال ، وذو القعدة . واختلفوا في ذي الحجة . هل هو بكماله من أشهر الحج ، أو عشر منه ؟ فذهب ابن عمر ، وابن عباس ، وابن مسعود ، والاحناف والشافعي ، وأحمد ، إلى الثاني . وذهب مالك إلى الاول . ورجحه ابن حزم فقال : قال تعالى : ( الحج أشهر معلومات ) . ولا يطلق على شهرين ، وبعض آخر أشهر . وأيضا ، فإن رمي الجمار - وهومن أعمال الحج - يعمل يوم الثالث عشر من ذي الحجة ، وطواف الافاضة - وهو من فرائض الحج - يعمل في ذي الحجة كله بلا خلاف منهم ، فصح أنها ثلاثة أشهر . وثمرة الخلاف تظهر ، فيما وقع من أعمال الحج بعد النحر . فمن قال : إن ذا الحجة كله من الوقت ، قال لم يلزمه دم التأخير . ومن قال : ليس إلا العشر منه قال : يلزمه من التأخير . الاحرام بالحج قبل أشهره : ذهب ابن عباس ، وابن عمر ، وجابر ، والشافعي : إلى أنه لا يصح الاحرام بالحج إلا في أشهره (وقالوا فيمن أحرم قبلها أحل بعمرة ولا يجزئه عن إحرام الحج) . قال البخاري : وقال ابن عمر رضي الله عنهما : أشهر الحج شوال ، وذو القعدة ، وعشر من ذي الحجة . وقال ابن عباس رضي الله عنهما : من السنة (قول الصحابي : من السنة كذا . يعطي حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ) أن لا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج . وروى ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لا يصح أن يحرم أحد بالحج ، إلا في أشهر الحج . ويرى الاحناف ، ومالك ، وأحمد : أن الاحرام بالحج قبل أشهره يصح مع الكراهة . ورجح الشوكاني الرأي الاول ، فقال : إلا أنه يقوي المنع من الاحرام قبل أشهر الحج ، أن الله - سبحانه - ضرب لاعمال الحج أشهرأ معلومة . والاحرام عمل من أعمال الحج . فمن ادعى أنه يصح قبلها فعليه الدليل . 23- المواقيت المكانية المواقيت المكانية : هي الاماكن التي يحرم منها من يريد الحج أو العمرة . ولا يجوز لحاج أو معتمر أن يتجاوزها ، دون أن يحرم . وقد بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم : فجعل ميقات أهل المدينة " ذا الحليفة " ( موضع بينه وبين مكة 450 كيلومتر يقع في شمالها ) . ووقت (: أي حدد . ) لاهل الشام " الجحفة " ( موضع في الشمال الغربي من مكة بينه وبينها 187 كيلومتر ، وهي قريبة من " رابغ " و " رابغ " بينها وبين " مكة " 204 كيلومتر : وقد صارت " رابغ " ميقات أهل مصر والشام ، ومن يمر عليها بعد ذهاب معالم " جحفة " ) . وميقات أهل نجد " قرن المنازل " ( جبل شرقي مكة يطل على عرفات ، بينه وبين مكة 94 كيلومتر ) . وميقات أهل اليمن " يلملم " ( جبل يقع جنوب مكة ، بينه وبينها 54 كيلومتر ) . وميقات أهل العراق " ذات عرق " ( موضع في الشمال الشرقي لمكة ، بينه وبينها 94 كيلومتر ) . وقد نظمها بعضهم فقال : وقد نظمها بعضهم فقال : عرق العراق يلملم اليمن - وبذي الحليفة يحرم المدني والشام جحفة إن مررت بها - ولاهل نجد قرن فاستبن هذه هي المواقيت التي عينها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهي مواقيت لكل من مر بها ، سواء كان من أهل تلك الجهات أم كان من جهة أخرى (( 1 ) فإذا أراد الشامي الحج فدخل المدينة فميقاته ، ذو الحليفة ، لاجتيازه عليها ولا يؤخر حتى يأتي " رابغ " التي هي ميقاته الاصلي ، فإن أخرأساء ولزمه دم عند الجمهور .) . وقد جاء في كلامه صلى الله عليه وسلم قوله : " هن لهن ولمن أتى عليهن من غيرهن لمن أراد الحج أو العمرة " . أي إن هذه المواقيت لاهل البلاد المذكورة ولمن مربها . وإن لم يكن من أهل تلك الآفاق المعينة فإنه يحرم منها إذا أتى مكة قاصدا النسك . ومن كان بمكة وأراد الحج ، فميقاته منازل مكة . وإن أراد العمرة ، فميقاته الخل ، فيخرج إليه ويحرم منه وأدنى ذلك " التنعيم " . ومن كان بين الميقات وبين مكة ، فميقاته من منزله . قال ابن حزم : ومن كان طريقه لاتمر بشئ من هذه المواقيت فليحرم من حيث شاء ، برا أو بحرا . |
![]() |
![]() | #5 |
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() | ![]() 24- الاحرام قبل الميقات : قال ابن المنذر : أجمع أهل العلم على أن من أحرم قبل الميقات أنه محرم ، وهل يكره ؟ قيل : نعم ، لان قول الصحابة " وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لاهل المدينة ذا الحليفة " يقضي بالاهلال من هذه المواقيت ، ويقضي بنفي النقص والزيادة ، فإن لم تكن الزيادة محرمة ، فلا أقل من أن يكون تركها أفضل . 25- الاحرام تعريفه : هونية أحد النسكين : الحج ، أو العمرة ، أو نيتهما معا : وهو ركن ، لقول الله تعالى : ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ) وقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " إنما الاعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى " . وقد سبق الكلام على حقيقة النية ( 1 ) وأن محلها القلب : قال الكمال ابن الهمام : ولم نعلم الرواة لنسكه صلى الله عليه وسلم . روى واحد منهم : أنه سمعه صلى الله عليه وسلم يقول : " نويت العمرة ، أو نويت الحج " . آدابه : للاحرام آداب ينبغي مراعاتها ، نذكرها فيما يلي : ( 1 ) النظافة : وتتحقق بتقليم الاظافر ، وقص الشارب ونتف الابط ، وحلق العانة ، والوضوء ، أو الاغتسال ، وهو أفضل ، وتسريح اللحية ، وشعر الرأس . قال ابن عمر رضي الله عنهما : من السنة أن يغتسل (أي يغتسل بنية غسل الاحرام .) إذا أراد الاحرام ، وإذا أراد دخول مكة . . وعن ابن عباس رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن النفساء والحائض تغتسل ( 3 ) وتحرم ، وتقضي المناسك كلها ، غير أنها لا تطوف بالبيت حتى تطهر " . رواه أحمد ، وأبو داود ، والترمذي . وحسنه . ( 3 ) قال الخطابي : في أمره عليه الصلاة والسلام الحائض والنفساء بالاغتسال : دليل على أن الظاهر أولى بذلك . وفيه دليل على أن المحدث إذا أحرم ، أجزأه أحرامه ( 2 ) التجرد : من الثياب المخيطة ولبس ثوبي الاحرام ، وهما رداء يلف النصف الاعلى من البدن ، دون الرأس ، وإزار يلف به النصف الاسفل منه .وينبغي أن يكونا أبيضين ، فإن الابيض أحب الثياب إلى الله تعالى . قال ابن عباس رضي الله عنهما : انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة بعد ما ترجل ، وادهن ، ولبس إزاره ورداءه ، هو وأصحابه . الحديث رواه البخاري . ( 3 ) التطيب : في البدن والثياب ، وإن بقي أثره عليه بعد الاحرام (( 1 ) كرهه بعض العلماء ، والحديث حجة عليهم .) . فعن عائشة رضي الله عنها قالت : كأني أنظر إلى وبيض (أي بريق) الطيب في مفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم . رواه البخاري ، ومسلم . ورويا عنها أنها قالت : كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لاحرامه قبل أن يحرم ، ولحله (المراد بالاحلال ، بعد المرمى " الذي يحل به الطيب وغيره ولا يمنع بعده الا من النساء كما سيأتي) قبل أن يطوف بالبيت . وقالت : " كنا نخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ، فننضح جباهنا بالمسك عند الاحرام ، فإذا عرقت إحدانا ، سال على وجهها فيراه النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينهانا ، رواه أحمد ، وأبو داود . ( 4 ) صلاة ركعتين : ينوي بهما سنة الاحرام ، يقرأ في الاولى منهما بعد الفاتحة سورة " الكافرون " وفي الثانية سورة " الاخلاص " . قال ابن عمر رضي الله عنهما : كان النبي صلى الله عليه وسلم يركع بذي الحليفة (" أي المكان الذي أحرم منه النبي صلى الله عليه وسلم) ركعتين . رواه مسلم . وتجزئ المكتوبة عنهما ، كما أن المكتوبة تغني عن تحية المسجد . 26-أنواع الاحرام الاحرام أنواع ثلاثة : 1 - قران . 2 - وتمتع . 3 - وإفراد . وقد أجمع العلماء : على جواز كل واحد من هذه الانواع الثلاثة . فعن عائشة رضي الله عنها قالت : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع . فمنا من أهل بعمرة ، ومنامن أهل بحج وعمرة ، ومنا من أهل بالحج . وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج . فأما من أهل بعمرة ، فحل عند قدومه ، وأما من أهل بحج ، أو جمع بين الحج والعمرة ، فلم يحل ، حتى كان يوم النحر ، رواه أحمد ، والبخاري ، ومسلم ، ومالك . 27-معنى القران ( 1 ) سمي بذلك ، لما فيه من القران والجمع بين والعمرة ، بإحرام واحد : أن يحرم من عند الميقات بالحج والعمرة معا . ويقول عند التلبية : " لبيك بحج وعمرة " . وهذا يقتضي بقاء المحرم على صفة الاحرام إلى أن يفرغ من أعمال العمرة والحج جميعا . أو يحرم بالعمرة ، ويدخل عليها الحج قبل الطواف (يطلق على هذا لفظ " تمتع " في الكتاب والسنة ) 28-معنى التمتع : والتمتع : هو الاعتمار في أشهر الحج ، ثم يحج من عامه الذي اعتمر فيه . وسمي تمتعا ، للانتفاع بأداء النسكين في أشهر الحج ، في عام واحد ، من غير أن يرجع إلى بلده . ولان المتمتع يتمتع بعد التحلل من إحرامه بما يتمتع به غير المحرم من لبس الثياب ، والطيب ، وغير ذلك . وصفة التمتع : أن يحرم من الميقات بالعمرة وحدها ، ويقول عند التلبية " لبيك بعمرة " . وهذا يقتضي البقاء على صفة الاحرام حتى يصل الحاج إلى مكة ، فيطوف بالبيت ، ويسعى بين الصفا والمروة ، ويحلق شعره أو يقصره ، ويتحلل فيخلع ثياب الاحرام ويلبس ثيابه المعتادة ويأتي كل ما كان قد حرم عليه بالاحرام ، إلى أن يجئ يوم التروية ، فيحرم من مكة بالحج . قال في الفتح : والذي ذهب إليه الجمهور : أن التمتع أن يجمع الشخص الواحد بين الحج والعمرة في سفر واحد في أشهر الحج ، في عام واحد ، وأن يقدم العمرة وأن يكون مكيا . فمتى اختل شرط من هذه الشروط لم يكن متمتعا . 29-معنى الافراد : والافراد أن يحرم من يريد الحج من الميقات بالحج وحده ، ويقول في التلبية : " لبيك بحج " ويبقى محرما حتى تنتهي أعمال الحج ، ثم يعتمر بعد أن شاء . أي أنواع النسك أفضل ؟ 30- اختلف الفقهاء في الافضل من هذه الانواع ( الالبانى : ( 1 ) هذا الاختلاف مبني على اختلافهم في حج رسول الله صلى الله عليه وسلم . والصحيح أنه كان قارنا لانه كان قد ساق الهدي ) . فذهبت الشافعية إلى أن الافراد والتمتع أفضل من القران ، إذ أن المفرد ، أو المتمتع يأتي بكل واحد من النسكين بكمال أفعاله . والقارن يقتصر على عمل الحج وحده . وقالوا - في التمتع والافراد - قولان : أحدهما أن التمتع أفضل ، والثاني أن الافراد أفضل . وقالت الحنفية : القران أفضل من التمتع والافراد والتمتع ، أفضل من الافراد . وذهبت المالكية إلى أن الافراد أفضل من التمتع والقران . وذهبت الحنابلة إلى أن التمتع أفضل من القران ، ومن الافراد . وهذا هو الاقرب إلى اليسر ، والاسهل على الناس (لا سيما نحن - المصريين - وأمثالنا ممن لا يسوق معه هديا ، فإن ساق الهدي كان القران أفضل .) وهو الذي تمناه رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه وأمر به أصحابه . روى مسلم عن عطاء قال : سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : أهللنا - أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم بالحج خالصا وحده ، فقدم النبي صلى الله عليه وسلم صبح رابعة مضت من ذي الحجة فأمرنا أن نحل . قال : " حلوا وأصيبوا النساء " ولم يعزم عليهم (: أي لم يوجبه) ، ولكن أحلهن لهم . فقلنا : لما لم يكن بيننا وبين عرفة إلا خمس أمرنا نفضي إلى نسائنا ، فنأتي عرفة ، تقطر مذاكيرنا المني ؟ . فقام النبي صلى الله عليه وسلم فينا ، فقال : " قد علمتم أني أتقاكم لله ، وأصدقكم ، وأبركم ولو لا هديي لحللت كما تحلون ، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي ، فحلوا " فحللنا ، وسمعنا ، وأطعنا . جواز اطلاق الاحرام من أحرم إحراما مطلقا ، قاصدا أداء ما فرض الله عليه ، من غير أن يعين نوعا من هذه الانواع الثلاثة ، لعدم معرفته بهذا التفصيل ، جاز وصح إحرامه . قال العلماء : ولو أهل ولبى - كما يفعل الناس - قصدا للنسك ، ولم يسم شيئا بلفظه ، ولا قصد بقلبه ، لاتمتعا ولاإفرادا ، ولاقرانا ، صح حجه أيضا . وفعل واحدا من الثلاثة . طواف القارن والمتمتع وسعيهما وانه ليس لاهل الحرم الا الافراد عن ابن عباس أنه سئل عن متعة الحج ؟ فقال : أهل المهاجرون ، والانصار ، وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ، واهل لنا ، فلما قدمنا مكة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اجعلوا إهلالكم عمرة إلا من قلد الهدي " فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة ، وأتينا النساء ولبسنا الثياب . وقال : " من قلد الهدي فإنه لا يحل له حتى يبلغ الهدي محله " ، ثم أمرنا عشية التروية أن نهل بالحج ، فإذا فرغنا من المناسك جئنا فطفنا بالبيت ، وبالصفا والمروة ، فقدتم حجنا وعلينا الهدي كما قال الله تعالى : ( فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم ) إلى أمصاركم (أي أوطانكم) الشاة تجزي . فجمعوا نسكين في عام ، بين الحج والعمرة ، فإن الله أنزله في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وأباحه للناس غير أهل مكة ، قال الله تعالى : ( ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ) . |
![]() |
![]() | #6 |
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() | ![]() 31- وأشهر الحج التي ذكر الله تعالى : شوال ، وذو القعدة وذو الحجة . فمن تمتع في هذه الاشهر فعليه دم أو صوم . رواه البخاري . 1 - وفي هذا الحديث دليل على أن أهل الحرم لا متعة لهم ولا قران (يرى مالك ، والشافعي ، وأحمد : أن للمكي أن يتمتع ويقرن ، بدون كراهة ، ولاشئ عليه) ، وأنهم يحجون حجا مفردا ويعتمرون عمرة مفردة . وهذا مذهب ابن عباس وأبي حنيفة لقول الله تعالى : ( ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ) . واختلفوا في من هم حاضر والمسجد الحرام . فقال مالك : هم أهل مكة بعينها ، وهو قول الاعرج واختاره الطحاوي ، ورجحه . وقال ابن عباس وطاوس وطائفة : هم أهل الحرم . قال الحافظ : وهو الظاهر . وقال الشافعي : من كان أهله على أقل مسافة تقصر فيها الصلاة . واختاره ابن جرير . وقالت الاحناف من كان أهله بالميقات أو دونه . والعبرة بالمقام لا بالمنشأ . 2 - وفيه : أن على المتمتع أن يطوف ويسعى للعمرة أولا : ويغني هذا عن طواف القدوم الذي هو طواف التحية ثم يطوف طواف الافاضة بعد الوقوف بعرفة ، ويسعى كذلك بعده . أما القارن فقد ذهب الجمهور من العلماء : إلى أنه يكفيه عمل الحج ، فيطوف طوافا واحدا (1 ) أي طواف الافاضة بعد الوقوف بعرفة) ويسعى سعيا واحدا للحج والعمرة ، مثل الفرد () والفرق بينهما أنه في حالة القرن يقرن بينهما في نيته عند الاحرام 1 - فعن جابر رضي الله عنه ، قال : قرن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج والعمرة . وطاف لهما طوافا واحدا . رواه الترمذي وقال : حديث حسن . 2 - وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من أهل بالحج والعمرة ، أجزأه طواف واحد وسعي واحد " . رواه الترمذي . وقال : حسن صحيح غريب ، وخرجه الدارقطني وزاد : " ولا يحل منهما حتى يحل منهما جميعا " . 3 - وروى مسلم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة " طوافك بالبيت ، وبين الصفا والمروة يكفيك لحجك وعمرتك " . وذهب أبو حنيفة : إلى أنه لابد من طوافين وسعيين . والاول أولى لقوة أدلته . 4 - وفي الحديث : أن على التمتع والقارن هديا ، وأقله شاة ، فمن لم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج ، وسبعة إذا رجع إلى أهله والاولى أن يصوم الايام الثلاثة في العشر من ذي الحجة قبل يوم عرفة . ومن العلماء من جوز صيامها من أول شوال . منهم : طاوس ، ومجاهد . ويرى ابن عمر رضي الله عنهما أن يصوم قبل يوم التروية ويوم التروية ، ويوم عرفة . فلولم يصمها ، أو يصم بعضه قبل العيد ، فله أن يصومها في أيام التشريق لقول عائشة وابن عمر رضي الله عنهما : لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن ، إلا لمن لا يجد الهدي . رواه البخاري وإذا فاته صيام الايام الثلاثة في الحج ، لزمه قضاؤها . وأما السبعة الايام . فقيل : يصومها إذا رجع إلى وطنه . وقيل إذا رجع إلى رحله . وعلى الرأي الاخير يصح صومها في الطريق . هو مذهب مجاهد ، وعطاء . ولا يجب التتابع في صيام هذه الايام العشرة . وإذا نوى وأحرم شرع له أن يلبي . 32-التلبية (التلبية : من " لبيك " بمنزلة التهليل من " لا إله إلا الله) حكمها : أجمع العلماء على : أن التلبية مشروعة . فعن أم سلمة رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يا آل محمد ، من حج منكم فليهل (" أي ليرفع صوته بالتلبية) في حجه " أو (أو ( للشك )) " حجته " رواه أحمد ، وابن حبان . وقد اختلفوا في حكمها ، وفي وقتها ، وفي حكم من أخرها . فذهب الشافعي ، وأحمد : إلى أنها سنة ، وأنه يستحب اتصالها بالاحرام . فلو نوى النسك ولم يلب ، صح نسكه ، دون أن يلزمه شئ لان الاحرام عندهما ينعقد بمجرد النية . ويرى الاحناف : أن التلبية ، أو ما يقوم مقامها - مما هو في معناها كالتسبيح ، وسوق الهدي - شرط من شروط الاحرام ، فلو أحرم ، ولم يلب أو لم يسبح ، أو لم يسق الهدي فلا إحرام له . وهذا مبني : على أن الاحرام عندهم مركب من النية وعمل من أعمال الحج . فإذا نوى الاحرام وعمل عملا من أعمال النسك ، فسبح ، أو هلل ، أو ساق الهدي ولم يلب ، فإن إحرامه ينعقد ، ويلزمه بترك التلبية دم . ومشهور مذهب مالك : انها واجبة ، يلزم يتركها أو ترك اتصالها بالاحرام مع الطول دم . لفظها : روى مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما : أن تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لبيك (( 1 ) قال الزمخشري : معنى لبيك : أي دواما على طاعتك ، وإقامة عليها مرة بعد أخرى ، من " لب " بالمكان ، و " ألب " . إذا أقام به .) اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد لك والنعمة لك والملك ، لا شريك لك " قال نافع : وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يزيد فيها " لبيك ، لبيك ، لبيك وسعديك (( 2 ) وسعديك : أي إسعاد بعد إسعاد ، من المساعدة والموافقة على الشئ) والخير بيديك ، لبيك والرغباء (الرغباء " أي الطلب والمسألة . والمعنى الرغبة إلى من بيده الخير . وهو المقصود بالعمل ) إليك ، والعمل " ، وقد استحب العلماء الاقتصار على تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم واختلفوا في الزيادة عليها . فذهب الجمهور : إلى أنه لا بأس بالزيادة عليها ، كما زاد ابن عمروكما زاد الصحابة والنبي صلى الله عليه وسلم يسمع ولا يقول لهم شيئا ، رواه أبو داود ، والبيهقي . وكره مالك ، وأبو يوسف : الزيادة على تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم . 33- فضلها : 1 - روى ابن ماجة عن جابر رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مامن محرم يضحي يومه (" أي يظل يومه ) يلبي حتى تغيب الشمس ، إلا غابت ذنوبه فعاد كما ولدته أمه " . 2 - وعن أبي هريرة قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " منا أهل مهل قط ، إلا بشر ، ولاكبر مكبر قط إلا بشر " . قيل : يا نبي الله : بالجنة ؟ قال : " نعم " . رواه الطبراني ، . 3 - وعن سهل بن سعد ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من مسلم يلبي إلا لبي من عن يمينه وشماله ، من حجر ، أو شجر ، أو مدر (" أي الحصى) حتى تنقطع الارض من هاهنا وهاهنا " . رواه ابن ماجه ، والبيهقي ، والترمذي والحاكم ، وصححه . 34- استحباب الجهر بها : 1 - عن زيد بن خالد ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " جاءني جبريل عليه السلام فقال : مر أصحابك فليرفعوا أصواتهم بالتلبية ، فإنها من شعائر الحج " .: صحيح الاسناد . 2 - وعن أبي بكر رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل : أي الحج أفضل ؟ فقال : " العح (" رفع الصوت بالتلبية) والثج (نحر الهدي) " . رواه الترمذي ، وابن ماجه . 3 - وعن أبي حازم قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أحرموا ، لم يبلغوا الروحاء حتى تبح (تبح " أي تغلظ وتخش ) أصواتهم . وقد استحب الجمهور رفع الصوت بالتلبية ، لهذه الاحاديث : وقال مالك : لا يرفع ( الملبي ) الصوت في مسجد الجماعات بل يسمع نفسه ومن يليه ، إلا في مسجد منى والمسجد الحرام ، فإنه يرفع صوته فيهما . وهذا بالنسبة للرجال : أما المرأة فتسمع نفسها ومن يليها ، ويكره لها أن ترفع صوتها أكثر من ذلك . وقال عطاء : يرفع الرجال أصواتهم . وأما المرأة فتسمع نفسها ، ولا ترفع صوتها . المواطن التي تستحب التلبية فيها : تستحب التلبية في مواطن : عند الركوب ، أو النزول ، وكلما علا شرفا (المكان المرتفع) أو هبط واديا (المكان المنخفض ) ، أو لفي ركبا ، وفي دبر كل صلاة ، وبالاسحار . قال الشافعي : ونحن نستحبها على كل حال . 35-وقتها : يبدأ المحرم بالتلبية من وقت الاحرام ، إلى رمي جمرة العقبة يوم النحر ، باول حصاة ثم يقطعها . فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لم يزل يلبي حتى بلغ الجمرة . رواه الجماعة . وهذا مذهب الثوري ، والاحناف ، والشافعي وجمهور العلماء . وقال أحمد ، وإسحاق : يلبي حتى يرمي الجمرات جميعها ، ثم يقطعها . وقال مالك : يلبي حتى تزول الشمس من يوم عرفة ثم يقطعها . هذا بالنسبة للحج . وأما المعتمر فيلبي حتى يستلم الحجر الاسود . فعن ابن عباس رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمسك عن التلبية في العمرة إذا استلم الحجر . رواه الترمذي ، وقال : حديث حسن صحيح والعمل عليه عند أكثر أهل العلم ( 3 ) . ( 3 ) قال إذا أحرم من الميقات قطع التلبية بدخول الحرم . وإن أحرم من الجعرانة أو التنعيم قطعها إذا دخل بيوت مكة |
![]() |
![]() | #7 |
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() | ![]() 36- استحباب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء بعدها : عن القاسم بن محمد بن أبي بكر ، قال : يستحب للرجل - إذا فرغ من تلبينه - أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم . وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من تلبيته سأل الله مغفرته ورضوانه ، واستعقه من الناس . رواه الطبراني وغيره . 37- ما يباح للمحرم . 1 ) الاغتسال وتغيير الرداء والازار : فعن إبراهيم النخعي قال : كان أصحابنا إذا أتوا بئرا ميمون اغتسلوا ، ولبسوا أحسن ثيابهم . وعن ابن عباس رضي الله عنهما : أنه دخل حمام الجحفة وهو محرم . قيل له : أتدخل الحمام وأنت محرم ؟ فقال : إن الله ما يعبأ (: أي لا يصنع) بأوساخنا شيئا . وعن جابر رضي الله عنه قال : يغتسل المحرم ، ويغسل ثوبه . وعن عبد الله بن حنين : أن ابن عباس ، والمسور بن مخرمة اختلفا بالابواء (: اسم مكان) فقال ابن عباس : يغسل المحرم رأسه . وقال المسور : لا يغسل المحرم رأسه ، قال : فأرسلني ابن عباس إلى أبي أيوب الانصاري ، فوجدته يغتسل بين القرنين (" قرني البئر) ، وهو يستر بثوب ، فسلمت عليه ، فقال : من هذا ؟ فقلت : أنا عبد الله بن حنين . أرسلني اليك ابن عباس يسألك : كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل ، وهو محرم ؟ قال : فوضع أبو أيوب يده على الثوب فطأطأه (: أي أزاله عن رأسه) حتى بدا لي رأسه ثم قال : الانسان يصب عليه الماء : أصبب ، فصب على رأسه ، ثم حرك رأسه بيده ، فأقبل بهما ، وأدبر فقال : هكذا رأيته صلى الله عليه وسلم يفعل . رواه الجماعة ، إلا الترمذي . وزاد البخاري في رواية : فرجعت اليهما فأخبرتهما ، فقال المسور لابن عباس : لا أماريك (" أي أجادلك) أبدا . قال الشوكاني : والحديث يدل على جواز الاغتسال للمحرم ، وتغطية الرأس باليد حاله - أي حال الاغتسال . قال ابن المنذر : أجمعوا : على أن للمحرم أن يغتسل من الجنابة ، واختلفوا فيما عدا ذلك . وروى مالك في الموطأ عن نافع : أن ابن عمر رضي الله عنهما كان لا يغسل رأسه وهو محرم ، إلا من الاحتلام . وروي عن مالك : أنه كره للمحرم أن يغطي رأسه في الماء . ويجوز استعمال الصابون وغيره من كل ما يزيل الاوساخ ، كالاشنان والسدر (: ورق النبق) والخطمي . وعند الشافعية والحنابلة ، يجوز أن يغتسل بصابون له رائحة ، وكذلك يجوز نقض الشعر وامتشاطه ، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة فقال : " انقضي رأسك وامتشطي " . رواه مسلم . قال النووي : نقض الشعر والامتشاط جائزان عندنا في الاحرام بحيث لا ينتف شعرا ، ولكن يكره الامتشاط إلا لعذر ، ولا بأس بحمل متاعه على رأسه . ( 2 ) ( 2 ) " التبان " سروال قصير ، قال الحافظ : هذا رأي رأته عائشة ، والاكثرون على أنه لا فرق بين التبان والسراويل ، في منعه للمحرم . 38-لبس التبان : وروى البخاري ، وسعيد بن منصور عن عائشة : أنها كانت لا ترى بالتبان بأسا للمحرم ( 2 ) 39- ( 3 ) تغطية وجهه : روى الشافعي ، وسعيد بن منصور ، عن القاسم ، قال : كان عثمان بن عفان ، وزيد بن ثابت ، ومروان بن الحكم يخمرون (" أي يسترون ) وجوههم وهم محرمون . وعن طاوس : يغطي المحرم وجهه من غبار ، أو رماد . وعن مجاهد قال : كانوا إذا هاجت الريح غطوا وجوههم ، وهم محرمون . 40- ( 4 ) لبس الخفين للمرأة : لما رواه أبو داود ، والشافعي عن عائشة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان رخص للنساء في الخفين 41- ( 5 ) تغطية رأسه ناسيا : قالت الشافعية : لا شئ على من غطى رأسه ناسيا ، أو لبس قميصه ناسيا . وقال عطاء : لاشئ عليه ، ويستغفر الله تعالى . وقالت الاحناف : عليه الفدية . وكذلك الخلاف فيما إذا تطيب ناسيا ، أو جاهلا . وقاعدة الشافعية : أن الجهل والنسيان ، عذر يمنع وجوب الفدية في كل محظور ، ما لم يكن إتلافا كالصيد ، وكذلك الحق والقلم (: أي قص الاظافر) ، على الاصح عندهم . وسيأتي ذلك في موضعه . 42-( 6 ) الحجامة ، وفق ء الدمل ، ونزع الضرس ، وقطع العرق : قد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم وسط رأسه (قال ابن تيمية : لا يمكن ذلك إلا مع حلق بعض الشعر) وقال مالك : لا بأس للمحرم أن يفقأ الدمل ، ويربط الجرح ، ويقطع العرق إذا احتاج . وقال ابن عباس رضي الله عنهما : المحرم ينزع ضرسه ، ويفقأ القرحة . قال النووي : إذا أراد المحرم الحجامة لغير حاجة ، فإن تضمنت قطع شعر فهي حرام ، لقطع الشعر ، وإن لم تتضمنه جازت عند الجمهور ، وكرهها مالك . وعن الحسن : فيها الفدية ، وإن لم يقطع شعرا . وإن كان لضرورة جاز قطع الشعر وتجب الفدية . وخص أهل الظاهر الفدية بشعر الرأس . 43- ( 7 ) حك الرأس والجسد : فعن عائشة رضي الله عنها : أنها سئلت عن المحرم يحك جسده ؟ قالت : نعم ، فليحككه وليشدد . رواه البخاري ، ومسلم ، ومالك . وزاد : ولو ربطت يداي ولم أجد إلا رجلي لحككت . وروي مثل ذلك عن ابن عباس ، وجابر وسعيد بن جبير ، وعطاء ، وإبراهيم النخعي . 44-( 8 ، 9 ) النظر في المرآة وشم الريحان : روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : المحرم يشم الريحان وينظر في المرآة ، ويتداوى بأكل الزيت والسمن . وعن عمربن عبد العزيز : أنه كان ينظر فيها وهو محرم ، ويتسوك وهو محرم . وقال ابن المنذر : أجمع العلماء على أن للمحرم أن يأكل الزيت والشحم والسمن ، وعلى أن المحرم ممنوع من استعمال الطيب في جميع بدنه . وكره الاحناف والمالكية المكث في مكان فيه روائح عطرية ، سواء أقصد شمها أم لم يقصد . وعند الحنابلة والشافعية : إن قصد حرم عليه ، وإلا فلا . وقال الشافعية : ويجوز أن يجلس عند العطار في موضع يبخر ، لان في المنع من ذلك مشقة ، ولان ذلك ليس بطيب مقصود . والمستحب أن يتوقى ذلك إلا أن يكون في موضع قربة ، كالجلوس عند الكعبة وهي تجمر ، فلا يكره ذلك ، لان الجلوس عندها قربة ، فلا يستحب تركها لامر مباح . وله أن يحمل الطيب في خرقة أو قارورة ولا فدية عليه . 45- ( 10 ، 11 ) شد الهميان في وسط المحرم ليحفظ فيه نقوده ونقود غيره ولبس الخاتم . قال ابن عباس : لا بأس بالهميان ، والخاتم ، للمحرم . 46-( 12 ) الاكتحال : قال ابن عباس رضي الله عنهما : يكتحل المحرم بأي كحل إذا رمد ، ما لم يكتحل بطيب ، ومن غير رمد . وأجمع العلماء على جوازه للتداوي لاللزينة . 47- ( 13 ) تظلل المحرم بمظلة أو خيمة أو سقف ونحو ذلك : قال عبد الله بن عامر : خرجت مع عمر رضي الله عنه فكان يطرح النطع على الشجرة ، فيستظل به وهو محرم ، أخرجه ابن أبي شيبة . وعن أم الحصين رضي الله عنها قالت : حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع ، فرأيت أسامة بن زيد ، وبلالا ، وأحدهما آخذ بخطام ناقة النبي صلى الله عليه وسلم ، والاخر رافع ثوبه يستره من الحر ، حتى رمى جمرة العقبة . أخرجه أحمد ، ومسلم . وقال عطاء : يستظل المحرم من الشمس ، ويستكن من الريح والمطر . وعن ابراهيم النخعي : أن الاسود بن يزيد ، طرح على رأسه كساء يستكن ، به من المطر ، وهو محرم . 48-( 14 ) الخضاب بالحناء : ذهبت الحنابلة إلى أنه لا يحرم على المحرم ، ذكرا كان أو انثى ، الاختضاب بالحناء ، في أي جزء من البدن ما عدا الرأس . وقالت الشافعية : يجوز للرجل الخضاب بالحناء حال الاحرام في جميع أجزاء جسده ، ما عدا اليدين والرجلين ، فيحرم خضبهما بغير حاجة ، وكذا لا يغطي رأسه بحناء ثخينة . وكرهوا للمرأة الخضاب بالحناء حال الاحرام إلا إذا كانت معتدة من وفاة ، فيحرم عليها ذلك ، كما يحرم عليها الخضاب إذا كان نقشا ، ولو كانت معتدة . وقالت الاحناف والمالكية : لا يجوز للمحرم أن يختضب بالحناء في أي جزء من البدن سواء أكان رجلا أم امرأة ، لانه طيب ، والمحرم ممنوع من التطيب . وعن خولة بنت حكيم عن أمها ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لام سلمة " لا تطيبي وأنت محرمة ، ولا تمسي الحناء فإنه طيب " . رواه الطبراني في الكبير ، والبيهقي في المعرفة ، وابن عبد البر في التمهيد . 49-( 15 ) ضرب الخادم للتأديب : فعن أسماء بنت أبي بكر قالت : " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجاجا ، حتى إذا كنا بالعرج (" : اسم موضع بين مكة والمدينة) ، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونزلنا ، فجلست عائشة إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلست إلى جنب أبي بكر ، وكانت زمالة (" الزمالة " : أداة المسافر وما يكون معه من السفر) رسول الله صلى الله عليه وسلم وزمالة أبي بكر واحدة ، مع غلام لابي بكر ، فجلس أبو بكر ينتظر أن يطلع الغلام ، فطلع ، وليس مع بعيره ، فقال : أين بعيرك ؟ قال : أضللته البارحة . فقال ابو بكر : بعير واحد تضلله ؟ فطفق يضربه ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبتسم ، ويقول : " انظروا لهذا المحرم ما يصنع " ؟ فما يزيد رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يقول : " انظروا لهذا المحرم ما يصنع " . ويبتسم . رواه أحمد ، وأبو داود ، وابن ماجه . 50- ( 16 ) قتل الذباب والقراد والنمل : فعن عطاء : أن رجلا سأله عن القرادة والنملة تدب عليه وهو محرم ، فقال : ألق عنك ما ليس منك . وقال ابن عباس رضي الله عنهما : لا بأس أن يقتل المحرم القرادة والحلمة (الحلمة " أكبر القراد) . ويجوز نزع القراد من البعير للمحرم . فعن عكرمة : أن ابن عباس أمره أن يقرد (" أي ينزع) بعيرا وهو محرم ، فكره ذلك عكرمة ، قال : قم فانحره ، فنحره ، قال : لا أم لك (لا أم لك : سب وذم ، وقد يكثر على الالسنة ولا يقصد به الذم) ، كم قتلت فيها من قرادة ، وحلمة ، وحمنانة (أقل من الحلمة ) 51-( 17 ) قتل الفواسق الخمس وكل ما يؤذي : فعن عائشة قالت ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خمس من الدواب كلهن فاسق ( 4 ) ( 4 ) سميت بهذا الاسم لخروجها عن حكم غيرها من الحيوانات ، في تحريم قتل المحرم لها ، فإن الفسق معناه الخروج . وقيل : إنما وصفت بهذا الوصف لخروجها عن غيرها من الحيوانات ، في حل أكله ، أو لخروجها عن حكم غيرها بالايذاء ، والافساد ، وعدم الانتفاع . يقتلن في الحرم () والحل أيضا . وهو رواية مسلم) : الغراب ، والحدأة ، والعقرب . والفأرة ، والكلب العقور " . رواه مسلم ، والبخاري ، وزاد " الحية . وقد اتفق العلماء على إخراج غراب الزرع ، وهو الغراب الصغير الذي يأكل الحب . ومعنى الكلب العقور : كل ما عقر الناس وأخافهم ، وعدا عليهم ، مثل الاسد ، والنمر ، والفهد والذئب . لقول الله تعالى : " يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات ، وما علمتم من الجوارح (: الكواسب التي تصاد ، وهي سباع البهائم والطير كالكب ، والصقر) مكلبين (: أي معلمين ) تعلمونهن مما علمكم الله " فاشقها من الكلب . وقالت الاحناف : لفظ " الكلب " قاصر عليه ، لا يلحق به غيره في هلا الحكم سوى الذئب . قال ابن تيمية : وللمحرم أن يقتل ما يؤذي - بعادته - الناس ، كالحية ، والعقرب ، والفأرة ، والغراب ، والكلب العقور وله أن يدفع ما يؤذيه من الادميين ، والبهائم ، حتى ولو صال عليه أحد ولم يندفع إلا بالقتال قاتله . فأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من قتل دون ماله فهو شهيد ، ومن قتل دون دمه فهو شهيد ، ومن قتل دون دينه فهو شهيد ، ومن قتل دون حرمته فهو شهيد " . قال : وأذا قرصته البراغيث والقمل ، فله إلقاؤها عنه ، وله قتلها ، ولا شئ عليه ، وإلقاؤها أهون من قتلها . وكذلك ما يتعرض له من الدواب فينهى عن قتله ، وإن كان في نفسه محرما ، كالاسد ، والفهد ، فإذا قتله فلا جزاء عليه في أظهر قولي العلماء . وأما التفلي بدون التأذي ، فهو من الترفه فلا يفعله ، ولو فعله فلا شئ عليه . |
![]() |
![]() | #8 |
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() | ![]() 52- محظورات الاحرام حظر الشارع على المحرم أشياء ، وحرمها عليه ، نذكرها فيما يلي : 1 - الجماع ودواعيه ، كالتقبيل ، واللمس لشهوة ، وخطاب الرجل المرأة فيما يتعلق بالوطء . 2 - اكتساب السيئات ، واقتراف المعاصي التي تخرج المرء عن طاعة الله . 3 - المخاصمة مع الرفقاء والخدم وغيرهم . والاصل في تحريم هذه الاشياء ، قول الله تعالى : ( فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال (( 1 ) الجدال المنهي عنه هنا : هو الجدال بغير علم ، أو الجدال في باطل ، أما الجدال في طلب الحق فهو مستحب أو واجب ( وجادلهم بالتي هي أحسن) في الحج ) . وروى البخاري ، ومسلم ، عن أبي هريرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من حج ولم يرفث ، ولم يفسق ، رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه " 4 - لبس المخيط (: ما لبس على قدر العضو) كالقميص والبرنس والقباء (: القفطان ) والجبة والسراويل ، أو لبس المحيط كالعمامة ، والطربوش ونحو ذلك مما يوضع على الرأس . وكذلك يحرم لبس الثوب المصبوغ بما له رائحة طيبة ، كما يحرم لبس الخف والحذاء (" الحذاء " في اللغة العامية المصرية : الجزمة ، أو الكندرة) . فعن ابن عمر رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا يلبس المحرم القميص ، ولا العمامة ، ولا البرنس (: كل ثواب رأسه منه ) ولا السراويل ، ولا ثوبا مسه ورس (الورس " : نبت أصفر طيب الريح يصبغ به ) ، ولا زعفران ، ولا الخفين ، إلا ألا يجد نعلين فليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين " . رواه البخاري ، ومسلم . وقد أجمع العلماء على أن هذا مختص بالرجل . أما المرأة فلا تلحق به ، ولها أن تلبس جميع ذلك ، ولا يحرم عليها إلا الثوب الذي مسه الطيب والنقاب (ما يستر الوجه كالبرقع) و القفازان (: الجوانتي) . لقول ابن عمر رضي الله عنهما : نهى النبي صلى الله عليه وسلم النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب ، وما مس الورس ، والزعفران من الثياب ، ولتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب ، من معصفر (المصبوغ بالعصفر) أو خز (نوع من الحرير) ، أو حلي (" ما تتزين به المرأة) ، أو سراويل أو قميص ، أو خف . رواه أبوه داود ، والبيهقي ، والحاكم ورجاله رجال الصحيح . قال البخاري : ولبست عائشة الثياب المعصفرة وهي محرمة ، وقالت : لا تلثم ، ولا تتبرقع ، ولا تلبس ثوبا بورس ولا زعفران . وقال جابر : لا أرى المعصفر طيبا . ولم تر عائشة بأسا بالحلي ، والثوب الاسود ، والمورد ، والخف للمرأة وعند البخاري ، وأحمد عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تنتقب المرأة المحرمة ، ولا تلبس القفازين " . وفي هذا دليل على أن إحرام المرأة في وجهها وكفيها : قال العلماء : فإن سترت وجهها بشئ فلا باس (( 1 ) اشتراط المجافاة عن الوجه ضعيف لا أصل له ، أفاده ابن القيم . كذلك حديث : إحرام الرجل في رأسه وإحرام المرأة في وجهها) . ويجوز ستره عن الرجل بمظلة ونحوها ، ويجب ستره إذا خيفت الفتنة من النظر . قالت عائشة : كان الركبان يمرون بنا ، ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات ، فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبانها (" الملحفة) على وجهها ، فإذا جاوزوا بنا كشفناه . رواه أبو داود ، وابن ماجه . وممن قال بجواز سدل الثوب : عطاء ، ومالك ، والثوري ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق . 53- الرجل الذي لا يجد الازار ولا الرداء ولا النعلين : من لم يجد الازار والرداء ، أو النعلين لبس ما وجده . فعن ابن عباس رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب بعرفات وقال : " إذا لم يجد المسلم إزارا فليلبس السراويل ، وإذا لم يجد النعلين فليلبس الخفين (أي إذا لم يجد هذه الاشياء تباع ، أو وجدها ، ولكن ليس معه ثمن فاضل عن حوائجه الاصلية) " . رواه أحمد ، والبخاري ، ومسلم . وفي رواية لاحمد ، عن عمرو بن دينار : أن أبا الشعثاء أخبره عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم - وهو يخطب - يقول : " من لم يجد إزارا ووجد سراويل فليلبسها ، ومن لم يجد نعلين ووجد خفين فليلبسهما " . قلت : ولم يقل ليقطعهما ؟ قال : لا . وإلى هذا ذهب أحمد فأجاز للمحرم لبس الخف والسراويل ، للذي لا يجد النعلين والازار ، على حالهما ، استدلالا بحديث ابن عباس وأنه لافدية (رجح هذا ابن القيم ) عليه . وذهب جمهور العلماء : إلى اشتراط قطع الخف دون الكعبين لمن لم يجد النعلين ، لان الخف يصير بالقطع كالنعلين . لحديث ابن عمر المتقدم ، وفيه " إلا ألا يجد نعلين فليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين " . ويرى الاحناف شق السراويل وفتقها لمن لا يجد الازار ، فإذا لبسها على حالها لزمته الفدية . وقال مالك والشافعي : لا يفتق السراويل ، ويلبسها على حالها ، ولا فدية عليه ، لما رواه جابر بن زيد عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا لم يجد إزارا فليلبس السراويل ، وإذا لم يجد النعلين ، فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين " . رواه النسائي بسند صحيح . فإذا لبس السراويل ، ووجد الازار لزمه خلعه . فإذا لم يجد رداء لم يلبس القميص ، لانه يرتدي به ولا يمكنه أن يتزر بالسراويل . 5 - عقد النكاح لنفسه أو لغيره ، بولاية ، أو وكالة . ويقع العقد باطلا ، لا تترتب عليه آثاره الشرعية . لما رواه مسلم وغيره ، عن عثمان بن عفان : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا ينكح المحرم ، ولا ينكح ، ولا يخطب " . رواه الترمذي وليس فيه " ولا يخطب " . وقال : حديث حسن صحيح ، والعمل على هذا عند بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وبه يقول مالك ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحق ، ولا يرون أن يتزوج المحرم ، وإن نكح فنكاحه باطل . وما ورد من أن النبي صلى الله عليه وسلم : " تزوج ميمونة وهو محرم " فهو معارض بمارواه مسلم " أنه تزوجها وهو حلال " . قال الترمذي : اختلفوا في تزوج النبي صلى الله عليه وسلم ميمونة ، لانه صلى الله عليه وسلم تزوجها في طريق مكة ، فقال بعضهم : تزوجها وهو حلال ، وظهر أمر تزويجها وهو محرم ، ثم بنى بها وهو حلال بسرف ، في طريق مكة . وذهب الاحناف إلى جواز عقد النكاح للمحرم ، لان الاحرام لا يمنع صلاحية المرأة للعقد عليها ، وإنما يمنع الجماع ، لاصحة العقد . ( 6 ، 7 ) تقليم الاظفار وإزالة الشعر بالحلق ، أو القص أو بأية طريقة ، سواء أكان شعر الرأس أم غيره لقول الله تعالى : " ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله " . وأجمع العلماء : على حرمة قلم الظفر للمحرم ، بلا عذر ، فإن انكسر ، فله إزالته من غير فدية . ويجوز إزالة الشعر ، إذا تأذى ببقائه ، وفيه الفدية إلا في إزالة شعر العين إذا تأذى به المحرم فإنه لافدية فيه ( 1 ) . قال الله تعالى : " فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك " . وسيأتي بيان ذلك . ( 8 ) التطيب في الثوب أو البدن ، سواء أكان رجلا أم امرأة : فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن عمر وجد ريح طيب من معاوية ، وهو محرم . فقال له : ارجع فاغسله ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " الحاج الشعث التفل " . رواه البزار بسند صحيح . ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما الطيب الذي بك فاغسله عنك ، ثلاث مرات " . وإذا مات المحرم لا يوضع الطيب في غسله ولافي كفنه ( 2 ) لقوله صلى الله عليه وسلم - فيمن مات محرما - : " لا تخمروا رأسه ، ولا تمسوه طيبا ، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا " . وما بقي من الطيب الذي وضعه في بدنه ، أو ثوبه ، قبل الاحرام ، فإنه لا بأس به . ( 1 ) قالت المالكية : فيه الفدية . ( 2 ) جوز ذلك أبو حنيفة ويباح شم ما لا ينبت للطيب ، كالتفاح والسفرجل ، فإنه يشبه سائر النبات ، في أنه لا يقصد للطيب ولا يتخذ منه . وأما حكم ما يصيب المحرم من طيب الكعبة فقد روى سعيد بن منصور ، عن صالح بن كيسان ، قال : رأيت أنس بن مالك ، وأصاب ثوبه - وهو محرم - من خلوق الكعبة ، فلم يغسله . وروى عن عطاء ، قال : لا يغسله ولا شئ عليه . وعند الشافعية من تعمد إصابة شئ من ذلك ، أو أصابه ، وأمكنه غسله ، ولم يبادر إليه فقد أساء ، وعليه الفدية . ( 9 ) لبس الثوب مصبوغا بماله رائحة طيبة : اتفق العلماء على حرمة لبس الثوب المصبوغ بما له رائحة طيبة ، إلا أن يغسل ، بحيث لا تظهر له رائحة . فعن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تلبسوا ثوبا مسه ورس ، أو زعفران ، إلا أن يكون غسيلا " يعني في الاحرام ، رواه ابن عبد البر ، والطحاوي . ويكره لبسه لمن كان قدوة لغيره ، لئلا يكون وسيلة لان يلبس العوام ما يحرم ، وهو المطيب . لما رواه مالك عن نافع : أنه سمع أسلم - مولى عمر بن الخطاب - يحدث عبد الله بن عمر : أن عمربن الخطاب رأى على طلحة بن عبيد الله ثوبا مصبوغا وهو محرم ، فقال عمر : ماهذا الثوب المصبوغ يا طلحة ؟ فقال طلحة : يا أمير المؤمنين إنما هو مدر (مدر " : أي مصبوغة بالمغرة . وهو الدر الاحمر الذي تصبغ به الثياب ) . فقال عمر : إنكم - أيها الرهط - أئمة يقتدي بكم الناس ، فلو أن رجلا جاهلا رأى هذا الثوب لقال : إن طلحة بن عبيد الله كان يلبس الثياب المصبغة في الاحرام ، فلا تلبسوا - أيها الرهط - شيئا من هذه الثياب المصبغة . وأما وضع الطيب في مطبوغ ، أو مشروب ، بحيث لم يبق له طعم ولا لون ولاريح ، إذا تناوله المحرم فلا فدية عليه . ( 1 ) " وإن بقيت رائحته ، وجبت الفدية بأكله عند الشافعية . وقالت الاحناف : لافدية عليه ، لانه لم يقصد به الترفه بالطيب . ( 10 ) التعرض للصيد : يجوز للمحرم أن يصيد صيد البحر ، وأن يتعرض له ، وأن يشير إليه ، وأن يأكل منه . وأنه يحرم عليه التعرض لصيد البر (( 1 ) " البري " : هو ما يكون توالده وتناسله في البر ، وإن كان يعيش في الماء " والبحري " بخلافه عند الجمهور . وعند الشافعية : البري ما يعيش في البر فقط ، أو في البر والبحر . و " البحري " ما لا يعيش إلا في البحر ) بالقتل أو الذبح ، أو الاشارة إليه ، وإن كان مرئيا ، أو الدلالة عليه ، إن كان غير مرئي ، أو تنفيره . وأنه يحرم عليه إفساد بيض الحيوان البري ، كما يحرم عليه بيعه وشراؤه وحلب لبنه . الدليل على هذا قول الله تعالى : " أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة ( 2 ) ( 2 ) قصر الشافعية والحنابلة : الحرمة على الصيد المأكول من الوحش والطير ، فقالوا بحرمة قتله دون غيره من حيوانات البر ، فإنه يجوز قتلها عندهم . والجمهور يرى تحريم قتلها جميعا ، سواء أكانت مأكولة أم غير مأكولة إلا ما استثناء الحديث : خمس يقتلن في الحل والحرام . . الخ . وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما " . ( 11 ) الاكل من الصيد : يحرم على المحرم الاكل من صيد البر الذي صيد من أجله أو صيد بإشارته إليه ، أو بأعانته عليه . لما رواه البخاري ومسلم عن عن أبي قتادة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حاجا ، فخرجوا معه ، فصرف طائفة منهم - فيهم أبو قتادة - فقال : " خذوا ساحل البحر حتى نلتقي " فأخذوا ساحل البحر . فلما انصرفوا ، أحرموا كلهم إلا أبا قتادة لم يحرم ، فبينما هم يسيرون ، إذا رأوا حمر وحش ،. فحمل أبو قتادة على الحمر فعقر منها أتانا (الانثى من الحمير الوحشية ) ، فنزلوا فأكلوا من لحمها ، وقالوا : أنأكل لحم صيد ، ونحن محرمون ؟ فحملنا ما بقي من لحم الاتان فلما أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا ، يارسول الله : إنا كنا أحرمنا وقد كان أبو قتادة لم يحرم فرأينا حمر وحش فحمل عليها أبو قتادة ، فعقر منها أتانا فنزلنا ، فأكلنا من لحمها ثم قلنا : أنأكل لحم صيد ونحن محرمون ؟ فحملنا ما بقي من لحمها ، قال : " أمنكم أحد أمره أن يحمل عليها ، أو أشار إليها ؟ " قالوا : لا . قال : " فكلوا ما بقي من لحمها " . ويجوز له أن يأكل من لحم الصيد الذي لم يصده هو ، أو لم يصد من أجله ، أو لم يشر إليه ، أو يعين عليه . لما رواه المطلب عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " صيد البر لكم حلال وأنتم حرم ما لم تصيدوه أو يصد لكم " رواه أحمد والترمذي وقال : حديث جابر مفسر ، والمطلب لا نعرف له سماعا من جابر . والعمل على هذا عند بعض أهل العلم ، لا يرون بأكل الصيد للمحرم بأسا إذا لم يصده أو يصد من أجله . قال الشافعي : هذا أحسن حديث روي في هذا الباب . وأقيس . وهو قول أحمد وإسحق وبمقتضاه قال مالك أيضا والجمهور . فإن صاده أو صيد له فهو حرام ، سواء ، صيد له بإذنه أم بغير إذنه . أما إن صاده حلال لنفسه ولم يقصد المحرم ، ثم أهدى من لحمه للمحرم ، أو باعه ، لم يحرم عليه . وعن عبد الرحمن بن عثمان التيمي قال : خرجنا مع طلحة بن عبيد الله ، ونحن حرم ، فأهدي له طير ، وطلحة راقد ، فمنا من أكل ، ومنا من تورع . فلما استيقظ طلحة وفق (: صوب ، أو دعا له بالتوفيق ) من أكل ، وقال : أكلناه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه أحمد ومسلم . وما جاء من الاحاديث المانعة من أكل لحم الصيد كحديث الصعب بن جثامة الليثي أنه أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حمارا وحشيا - بالابواء أو بودان - فرده إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما في وجهه ، قال : " إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم " . فهي محمولة على ما صاده الحلال من أجل المحرم ، جمعا بين الاحاديث . قال ابن عبد البر : وحجة من ذهب هذا المذهب ، أنه عليه تصح الاحاديث في هذا الباب . وإذا حملت على ذلك لم تضاد ، ولم تختلف ، ولم تتدافع . وعلى هذا يجب تحمل السنن ، ولا يعارض بعضها بعض ما وجد إلى استعمالها سبيل . ورجح ابن القيم هذا المذهب وقال : آثار الصحابة كلها في هذا إنما تدل على هذا التفصيل . |
![]() |
![]() | #9 |
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() | ![]() 54- حكم من ارتكب محظورا من محظورات الاحرام : من كان له عذر ، واحتاج إلى ارتكاب محظور من محظورات الاحرام ، غير الوطء ، كحلق الشعر ، ولبس المخيط اتقاء لحر ، أو برد ، ونحو ذلك ، لزمه أن يذبح شاة ، أو يطعم سنة مساكين ، كل مسكين نصف صاع ، أو يصوم ثلاثة أيام . وهو مخير بين هذه الامور الا ثلاثة . ولا يبطل الحج أو العمرة بارتكاب شئ من المحظورات سوى الجماع . عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر به زمن الحديبية فقال : " قد آذاك هوام رأسك " قال : : نعم . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " احلق ، ثم اذبح شاة نسكا ، أو صم ثلاثة أيام ، أو أطعم ثلاثة آصع من تمر على ستة مساكين " . رواه البخاري ، ومسلم ، وأبو داود . وعنه في رواية أخرى ، قال : أصابني هوام في رأسي ، وأنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية حتى تخوفت على بصري ، فأنزل الله سبحانه وتعالى : " فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك . " فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي : " احلق رأسك ، وصم ثلاثة أيام ، أو أطعم ستة مساكين فرقا (: مكيال يسع ستة عشر رطلا عراقيا) من زبيب . أو انسك شاة ، فحلقت رأسي ثم نسكت " . وقال الشافعي غير المعذور على المعذور في وجوب الفدية ، وأوجب أبو حنيفة ، الدم ، على غير المعذور إن قدر عليه لا غير ، كما تقدم . 55-ما جاء في قص بعض الشعر : عن عطاء قال : إذا نتف المحرم ثلاث شعرات فصاعدا ، فعليه دم (والمراد بالدم - هنا - شاة ، وإليه ذهب الشافعي ) . رواه سعيد بن منصور . وروى الشافعي عنه : أنه قال في الشعرة مد ، وفي الشعرتين مدان . وفي الثلاثة فصاعدا دم . 56- حكم الادهان : : ان الادهان إذا كانت بزيت خالص ، أو خل خالص ، يجب الدم عند أبي حنيفة في أي عضو كان . وعند الشافعية : في دهن شعر الرأس واللحية بدهن غير مطيب ، الفدية ، ولا فدية في استعماله في سائر البدن . لا حرج على من لبس ، أو تطيب ناسيا ، أو جاهلا : إذا لبس المحرم أو تطيب - جاهلا بالتحريم ، أو ناسيا الاحرام - لم تلزمه الفدية . فعن يعلى بن أمية قال : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل بالجعرانة ، وعليه جبة ، وهو مصفر لحيته ورأسه . فقال : يارسول الله ، أحرمت بعمرة ، وأنا كما ترى فقال : " غسل عنك الصفرة ، وانزع عنك الجبة ، وما كنت صانعا في حجك فاصنع في عمرتك . " رواه الجماعة إلا ابن ماجه . وقال عطاء : إذا تطيب ، أو لبس - جاهلا أو ناسيا - فلا كفارة عليه . رواه البخاري . وهذا بخلاف ما إذا قتل صيدا - ناسيا أو جاهلا بالتحريم - فإنه يجب عليه الجزاء ، لان ضمانه ضمان المال . وضمان المال يستوي فيه العلم والجهل ، السهو والعمد ، مثل ضمان مال الادميين . بطلان الحج بالجماع أفتى علي ، وعمر ، وأبو هريرة رضي الله عنهم رجلا أصاب أهله وهو محرم بالحج ، فقالوا : ينفذان لوجههما ، حتى يقضيا حجمها ، ثم عليهما حج قابل ، والهدي . وقال أبو العباس الطبري - : إذا جامع المحرم قبل التحلل الاول فسد حجه ، سواء أكان ذلك قبل الوقوف بعرفة أو بعده . ويجب عليه أن يمضي في فاسده ، ويجب عليه بدنة ، والقضاء من قابل . فإن كانت المرأة محرمة مطاوعة فعليها المضي في الحج والقضاء من قابل . وكذا الهدي عند أكثر أهل العلم . وذهب بعضهم إلى أن الواجب عليهما هدي واحد ، وهو قول عطاء . قال ابن كثير : الذي عليه الجمهور : أن العامد والناسي سواء في وجوب الجزاء عليه . وقال الزهري : دل الكتاب على العامد ، وجرت السنة على الناسي . ومعنى هذا : أن القرآن دل على وجوب الجزاء على المتعمد وعلى تأثيمه ، بقوله تعالى : ( ليذوق وبال أمره ) الاية . وجاءت السنة من أحكام النبي صلى الله عليه وسلم وأحكام أصحابه بوجوب الجزاء في الخطأ ، كما دل الكتاب عليه في العمد وأيضا ، فإن قتل الصيد إتلاف ، والاتلاف مضمون في العمد وفي النسيان . لكن المتعمد مأثوم ، والمخطئ غير ماوم . وقال في المسوى : ( فجزاء مثل ما قتل من النعم ) . معناه - على قول أبي حنيفة - يجب على من قتل الصيد جزاء هو مثل ما قتل ( أي مماثله في القيمة ) بحكم - بكونه مماثلا في القيمة ، ذوا عدل : إما كائن من النعم ، حال كونه هديا بالغ الكعبة ، وإما كفارة طعام مساكين . ومعناه - على قول الشافعي - يجب على من قتل الصيد جزاء . إما ذلك الجزاء مثل ما قتل في الصورة والشكل ، يكون هذا المماثل من جنس النعم يحتم بمثليته ذوا عدل ، يكون جزاء حال كونه هديا . وإما ذلك الجزاء كفارة ، وإما عدل ذلك صياما . حكومة عمر وما قضى به السلف عن عبد الملك بن قرير عن محمد بن سيرين : أن رجلا جاء إلى عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قال : إني أجريت أنا وصاحب لي فرسين إلى ثغرة ثنية (أي ثغرة في الطريق) فأصبنا ظبيا ونحن محرمان فما ترى ؟ فقال عمر لرجل إلى جنبه : تعال حتى أحكم أنا وأنت . قال : فحكما عليه بعنز ، فولى الرجل وهو يقول : هذا أمير المؤمنين لا يستطيع أن يحكم في ظبي ، حتى دعا رجلا يحكم معه ، فسمع عمر قول الرجل ، فدعاه فسأله : هل تقرأ سورة المائدة ؟ . قال : لا ، قال ، فهل تعرف هذا الرجل الذي حكم معي ؟ ، قال : لا . فقال عمر : لو أخبرتني أنك تقرأ سورة المائدة لاوجعتك ضربا . ثم قال : إن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه : ( يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة ) . وهذا عبد الرحمن بن عوف . وقد قضى السلف في النعامة ببدنة ، وفي حمار الوحش ، وبقر الوحش ، والايل (ذكر الوعول) والاروى (أنثى الوعل) في كل واحد من ذلك ببقرة ، وفي الوبر والحمامة والقمري والحجل (لدجاج الوحشي) والدبسي (: نوع من الطيور) في كل واحدة من هذه بشاة . وفي الضبع بكبش ، وفي الغزال بعنز ، وفي الارنب بعناق (: العنز التي زاد ت على أربعة أشهر) وفي الثعلب بجدي ، وفي اليربوع (حيوان على شكل الفأر .) بجفرة (العنز التي بلغت أربعة أشهر) . 57-العمل عند عدم الجزاء روى سعيد بن منصور عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى ![]() فإذا قتل المحرم شيئا من الصيد ، حكم عليه فيه . فإن قتل ظبيا أو نحوه ، فعليه شاة ، تذبح بمكة ، فإن لم يجد فإطعام ستة مساكين ، فإن لم يجد ، فصيام ثلاثة أيام . فإن قتل أيلا أو نحوه ، فعليه بقرة ، فإن لم يجد ، أطعم عشرين مسكينا ، فإن لم يجد ، صام عشرين يوما . وإن قتل نعامة أو حمار وحش ، أو نحوه ، فعليه بدنة من الابل . فإن لم يجد ، أطعم ثلاثين مسكينا ، فإن لم يجد صام ثلاثين يوما . رواه ابن أبي حاتم ، وابن جرير . وزادوا : الطعام مد . . . مد يشبعهم . كيفية الاطعام والصيام قال مالك : أحسن ما سمعت - في الذي يقتل الصيد ، فيحكم عليه فيه - أن يقوم الصيد الذي أصاب ، فينظر : كم ثمنه من الطعام ؟ فيطعم كل مسكين مدا ، أو يصوم مكان كل مد يوما وينظر : كم عدة المساكين ؟ فإن كانوا عشرة ، صام عشرة أيام ، وإن كانوا عشرين مسكينا ، صام عشرين يوما ، عددهم ما كانوا . وإن كانوا أكثر من ستين مسكينا . الاشتراك في قتل الصيد إذا اشترك جماعة في قتل صيد عامدين لذلك جميعا ، فليس عليهم إلا جزاء واحد . لقول الله تعالى : ( فجزاء مثل ما قتل من النعم ) . وسئل ابن عمر رضي الله عنهما عن جماعة قتلوا ضبعا ، وهم محرمون ؟ فقال : اذبحوا كبشا . فقالوا عن كل إنسان منا ؟ فقال : بل كبشا واحدا عن جميعكم . 58-صيد الحرم وقطع شجره يحرم على المحرم والحلال (: غير المحرم) صيد الحرم ، وتنفيره وقطع شجره الذي لم يستنبته الادميون في العادة ، وقطع الرطب من النبات ، حتى الشوك إلا إلاذخر (نبت طيب الرائحة . و " السنا " : السنامكي) والسنا ، فإنه يباح التعرض لهما بالقطع ، والقلع ، والاتلاف ونحو ذلك . لما رواه البخاري ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة - " إن هذا البلد حرام ، لا يعضد شوكه ، ولا يختلى خلاه (" أي لا يقطع الرطب من النبات) ولا ينفر صيده ، ولا تلتقط لقطته إلا لمعرف " فقال العباس : إلا الاذخر ، فإنه لا بد لهم منه ، فإنه للقيون (وهو الحداد) والبيوت ! فقال : " إلا الاذخر " . قال الشوكاني : قال القرطبي : خص الفقهاء الشجر المنهي عنه بما ينبته الله تعالى ، من غير صنيع آدمي . فأما ما ينبت بمعالجة آدمي فاختلف فيه : فالجمهور على الجواز . وقال الشافعي : في الجميع الجزاء ، ورجحه ابن قدامة . واختلفوا في جزاء ما قطع من النوع الاول . فقال مالك : لا جزاء فيه ، بل يأثم . وقال عطاء : يستغفر . وقال أبو حنيفة : يؤخذ بقيمته هدي . وقال الشافعي : في العظيمة (أي الشجرة العظيمة) بقرة ، وفيما دونها شاة . واستثنى العلماء الانتفاع بما انكسر من الاغصان . وانقطع من الشجر من غير صنيع الادمي ، وبما يسقط من الورق . قال ابن قدامة : وأجمعوا على إباحة أخذ ما استنبته الناس في الحرم ، من بقل ، وزرع ، ومشموم ، وأنه لا بأس برعيه واختلائه . وفى الروضة الندية : ولا يجب على الحلال في صيد حرم مكة ولا شجره شئ ، إلا مجرد الاثم . وأما من كان محرما فعليه الجزاء الذي ذكره الله عزوجل ، إذا قتل صيدا . وليس عليه شئ في شجر مكة ، لعدم ورود دليل تقوم به الحجة . وما يروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " في الدوحة الكبيرة إذا قطعت من أصلها بقرة " لم يصح . وما روي عن بعض السلف لا حجة فيه . ثم قال : والحاصل أنه لا ملازمة بين النهي عن قتل الصيد ، وقطع الشجر ، وبين وجوب الجزاء ، أو القيمة . بل النهي يفيد بحقيقته التحريم . والجزاء والقيمة ، لا يجبان إلا بدليل . ولم يرد دليل إلا قول الله تعالى ، ( لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ) الاية . وليس فيها إلا ذكر الجزاء فقط ، فلا يجب غيره . 59- حدود الحرم المكي للحرم المكي حدود تحيط بمكة ، وقد نصبت عليها أعلام في جهات خمس . وهذه الاعلام أحجار مرتفعة قدر متر ، منصوبة على جانبي كل طريق . فحده - من جهة الشمال " التنعيم " وبينه وبين مكة 6 كيلو مترات . وحده من جهة الجنوب " أضاه " بينها وبين مكة 12 كيلومترا . وحده من جهة الشرق " الجعرانة " بينها وبين مكة 16 كيلو مترا . وحده من جهة الشمال الشرقي " وادي نخلة " بينه وبين مكة 14 كيلو مترا . وحده من جهة الغرب " الشميسي " (كانت تسمى الحديبية ، وهي التي وقعت عندها بيعة الرضوان . فسميت الغزوة باسمها) بينها وبين مكة 15 كيلو مترا . قال محب الدين الطبري : عن الزهري عن عبيدالله بن عبد الله بن عتبة قال : نصب إبراهيم أنصاب الحرم يريه جبريل عليه السلام . ثم لم تحرك حتى كان قصي ، فجددها . ثم لم تحرك حتى كان النبي صلى الله عليه وسلم . فبعث عام الفتح تميم بن أسيد الخزاعي فجددها . ثم لم تحرك حتى كان عمر ، فبعث أربعة من قريش . محرمة بن نوفل ، وسعيد بن يربوع ، وحويطب بن عبد العزى ، وأزهر ابن عبد عوف . فجد دوها ثم جددها معاوية . ثم أمر عبد الملك بتجديدها . |
![]() |
![]() | #10 |
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() | ![]() 60- حرمة المدينة وكما يحرم صيد حرم مكة وشجره ، كذلك يحرم صيد حرم المدينة وشجره . فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن إبراهيم حرم مكة ، وإني حرمت المدينة ، ما بين لابتيها ، لا يقطع عضاهها (واحدتها عضاهة : وهي الفجوة التي فيها الشوك الكثير) ولا يصاد صيدها " . رواه مسلم . وروى أحمد ، وأبو داود ، عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة : " لا يختلى خلاها ولا ينفر صيدها ، ولا تلتقط لقطتها ، إلا لمن أشاد بها (رفع صوته بتعريفها) ، ولا يصلح لرجل أن يحمل فيها السلاح لقتال ، ولا يصلح أن تقطع فيها شجرة ، إلا أن يعلف رجل بعيره " . وفي الحديث المتفق عليه : " المدينة حرم ، ما بين عير إلى ثور " . وفيه عن أبي هريرة : حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين لابتي المدينة ، وجعل اثني عشر ميلا حول المدينة حمى . " واللابتان " مثنى لابة . و " اللابة " الحرة ، وهي الحجارة السود . والمدينة تقع بين اللابتين : الشرقية ، والغربية . وقدر الحرم باثني عشر ميلا ، يمتد من عير إلى ثور و " عير " جبل عند الميقات ، و " ثور " جبل عند أحد ، من جهة الشمال . ورخص رسول الله صلى الله عليه وسلم لاهل المدينة قطع الشجر لاتخاذه آلة للحرث ، والركوب ، ونحو ذلك مما لا غنى لهم عنه ، وأن يقطعوا من الحشيش ما يحتاجون إليه لعلف دوابهم . روى أحمد ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " حرام ما بين حرتيها ، وحماها كلها ، لا يقطع شجرة إلا أن يعلف منها " . وهذا بخلاف حرم مكة ، إذ يجد أهله ما يكفيهم . وحرم المدينة لا يجد أهله ما يستغنون به عنه . وليس في قتل صيد الحرم المدني ، ولا قطع شجره جزاء ، وفيه الاثم . روى البخاري عن أنس رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " المدينة حرم ، من كذا إلى كذا ، لا يقطع شجرها ، ولا يحدث فيها حدث ، من أحدث فيها حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين " . ومن وجد شيئا في شجره مقطوعا حل له أن يأخذه . فعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه : أنه ركب إلى قصره بالعقيق ، فوجد عبدا يقطع شجرا أو يخبطه ، فسلبه . فلما رجع سعد جاءه أهل العبد فكلموه أن يرد على غلامهم ما أخذ منه . فقال : معاذ الله ، أن أرد شيئا نفلنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبى أن يرد عليهم . رواه مسلم . وروى أبو داود ، والحاكم ، وصححه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من رأيتموه يصيد فيه شيئا فلكم سلبه " . هل فيه حرم آخر ؟ قال ابن تيمية : وليس في الدنيا حرم ، لا بيت المقدس ، ولا غيره ، إلا هذان الحرمان ، ولا يسمى غيرهما " حرما " كما يسمي الجهال فيقولون : حرم المقدس ، وحرم الخليل ، فإن هذين وغيرهما ، ليسا بحرم ، باتفاق المسلمين . والحرم المجمع عليه : حرم مكة . وأما المدينة فلها حرم أيضا عند الجمهور كما استفاضت بذلك الاحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم . ولم يتنازع المسلمون في حرم ثالث ، إلا وجاء ، وهو واد بالطائف . وهو عند بعضهم (( 1 ) وهو الشافعي وقد رجح الشوكاني رأيه . ) حرم ، وعند الجمهور ليس بحرم . تفضيل مكة على المدينة ذهب جمهور العلماء : إلى أن مكة أفضل من المدينة . لما رواه أحمد ، وابن ماجه والترمذي ، وصححه ، عن عبد الله بن عدي ابن الحمراء ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله ، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت " . وروى الترمذي ، وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكة : " ما أطيبك من بلد ، وأحبك إلي ، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك " . دخول مكة بغير احرام يجوز دخول مكة بغير إحرام ، لمن لم يرد حجا ولا عمرة ، سواء أكان دخوله لحاجة تتكرر - كالحطاب والحشاش والسقاء والصياد وغيرهم - أم لم تتكرر ، كالتاجر والزائر ، وغيرهما ، وسواء أكان آمنا أم خائفا . وهذا أصح القولين للشافعي ، وبه يفتي أصحابه . وفي حديث مسلم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعليه عمامة سوداء ، بغير إحرام . وعن ابن عمر رضي الله عنهما : أنه رجع من بعض الطريق فدخل مكة غير محرم . وعن ابن شهاب قال : لا بأس بدخول مكة بغير إحرام . وقال ابن حزم : دخول مكة بلا إحرام جائز . لان النبي صلى الله عليه وسلم إنما جعل المواقيت لمن مر بهن ، يريد حجا أو عمرة . ولم يجعلها لمن لم يرد حجا ولا عمرة . فلم يأمر الله تعالى قط ، ولا رسوله عليه الصلاة والسلام ، بأن لا يدخل مكة إلا بإحرام . فهذا إلزام ما لم يأت في الشرع إلزامه . 61- ما يستحب لدخول مكة والبيت الحرام يستحب لدخول مكة ما يأتي : 1 - الاغتسال : فعن ابن عمر رضى الله عنهما أنه كان يغتسل لدخول مكة . 2 - المبيت بذي طوى في جهة الزاهر . فقد بات رسول الله صلى الله عليه وسلم بها . قال نافع : وكان ابن عمر يفعله ، رواه البخاري ، ومسلم . 3 - أن يدخلها من الثنية العليا ( ثنية كداء ) . فقد دخلها النبي صلى الله عليه وسلم من جهة المعلاة . فمن تيسر له ذلك فعله ، وإلا فعل ما يلائم حالته ، ولا شئ عليه 4 - أن يبادر إلى البيت بعد أن يدع أمتعته في مكان أمين ، ويدخل من باب بني شيبة - باب السلام - ويقول في خشوع وضراعة : " أعوذ بالله العظيم ، وبوجهه الكريم ، وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم ، بسم الله ، اللهم صل على محمد وآله وسلم ، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك " . 5 - إذا وقع نظره على البيت ، رفع يديه وقال : " اللهم زد هذا البيت تشريفا ، وتعظيما ، وتكريما ، ومهابة ، وزد من شرفه وكرمه ممن حجه ، أو اعتمره ، تشريفا وتكريما وتعظيما ، وبرا. " اللهم أنت السلام ، ومنك السلام ، فحينا ربنا بالسلام " . 6 - ثم يقصد إلى الحجر الاسود ، فيقبله بدون صوت . فإن لم يتمكن استلمه بيده وقبله . فإن عجز عن ذلك ، أشار إليه بيده . 7 - ثم يقف بحذائه ويشرع في الطواف . 8 - ولا يصلي تحية المسجد ، فإن تحيته الطواف به ، إلا إذا كانت الصلاة المكتوبة مقامة ، فيصليها مع الامام . لقوله صلى الله عليه وسلم : " إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة " . وكذلك إذا خاف فوات الوقت ، يبدأ به فيصليه . 62- الطواف كيفيته : 1 - يبدأ الطائف طوافه مضطبعا محاذيا الحجر الاسود مقبلا له أو مستلما أو مشيرا إليه ، كيفما أمكنه ، جاعلا البيت عن يساره ، قائلا : " بسم الله ، والله أكبر ، اللهم إيمانا بك ، وتصديقا بكتابك ، ووفاء بعهدك ، واتباعا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم " . 2 - فإذا أخذ في الطواف ، استحب له أن يرمل في الاشواط الثلاثة الاولى ، فيسرع في المشي . ويقارب الخطا ، مقتربا من الكعبة . ويمشي مشيا عاديا في الاشواط الاربعة الباقية . فإذا لم يمكنه الرمل ، أو لم يستطع القرب من البيت لكثرة الطائفين ، ومزاحمة الناس له ، طاف حسبما تيسر له . ويستحب أن يستلم الركن اليماني . ويقبل الحجر الاسود أو يستلمه في كل شوط من الاشواط السبعة . 3 - ويستحب له أن يكثر من الذكر والدعاء ، ويتخير منهما ما ينشرح له صدره ، دون أن يتقيد بشئ أو يردد ما يقوله المطوفون . فليس في ذلك ذكر محدود ، الزنا الشارع به . وما يقوله الناس : من أذكار وأدعية في الشوط الاول والثاني ، وهكذا ، فليس له أصل . ولم يحفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شئ من ذلك ، فللطائف أن يدعو لنفسه ، ولاخوانه بما شاء ، من خيري الدنيا والاخرة . واليك بيان ما جاء في ذلك من الادعية : 1 - إذا استقبل الحجر قال : " اللهم إيمانا بك ، وتصديقا بكتابك ، ووفاء بعهدك ، واتباعا لسنة نبيك ، بسم الله والله أكبر " (( 1 ) هذا الدعاء روي مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم . ) . 2 - فإذا أخذ في الطواف قال : " سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله " . رواه ابن ماجه . 3 - فإذا انتهى إلى الركن اليماني دعا فقال : " ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار " . رواه أبو داود ، والشافعي عن النبي صلى الله عليه وسلم . 4 - قال الشافعي : وأحب - كلما حاذى الحجر الاسود - أن يكبر ، وأن يقول في رمله : " اللهم اجعله حجا مبرورا ، وذنبا مغفورا ، وسعيا مشكورا " . ويقول في الطواف عند كل شوط : " رب اغفر وارحم ، واعف عما تعلم وأنت الاعز الاكرم ، اللهم آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الاخرة حسنة ، وقنا عذاب النار " . وعن ابن عباس رضي الله عنهما : أنه كان يقول بين الركنين : " اللهم قنعني بما رزقتني ، وبارك لي فيه ، واخلف علي كل غائبة بخير " (" اي اجعل لي عوضا حاضرا عما فاتني .) . رواه سعيد بن منصور ، والحاكم . 63- قراءة القرآن للطائف : لا بأس للطائف بقراءة القرآن أثناء طوافه . لان الطواف إنما شرع من أجل ذكر الله تعالى ، والقرآن ذكر . فعن عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنما جعل الطواف بالبيت ، وبين الصفا والمروة ورمي الجمار ، لاقامة ذكر الله عزوجل " . رواه أبو داود والترمذي . وقال : حسن صحيح . فضل الطواف روى البيهقي - بإسناد حسن - عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ينزل الله كل يوم على حجاج بيته الحرام ، عشرين ومائة رحمة : ستين للطائفين وأربعين للمصلين ، وعشرين للناظرين " 5 - فإذا فرغ من الاشواط السبعة صلى ركعتين عند مقام إبراهيم ، تاليا قول الله تعالى : " واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى " . وبهذا ينتهي الطواف . ثم إن كان الطائف مفردا سمى هذا الطواف طواف القدوم . وطواف التحية ، وطواف الدخول . وهو ليس بركن . ولا واجب . وإن كان قارنا ، أو متمتعا ، كان هذا الطواف طواف العمرة ، ويجزئ عن طواف التحية والقدوم . وعليه أن يمضي في استكمال عمرته . فيسعى بين الصفا والمروة . |
![]() |
![]() |
الكلمات الدلالية (Tags) |
موسوعة, الحج |
| |
![]() | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
كيف تثبت بعد الحج- ماهي خطوات تثبيت الحج بالاعمال | ناثرة الورد | ▪« قطوُفٌ دَآטּـيَة ]≈● | 3 | 10-26-2013 09:58 PM |
الحج والأسلام ومتى فرض على المسلمين في أي عام فرض الحج على الناس | وجع الروح | ▪« قطوُفٌ دَآטּـيَة ]≈● | 6 | 10-15-2013 07:12 AM |
الحج ويوم القيامة شهر ذو الحجة ومناسك الحج وصلته بيوم القيامة | وجع الروح | ▪« قطوُفٌ دَآטּـيَة ]≈● | 2 | 10-09-2013 05:54 PM |
في الأيام المُبارك وأجمل أيام السنة أملات في سورة الحج قبل الحج وبعد الحج | وجع الروح | ▪« قطوُفٌ دَآטּـيَة ]≈● | 3 | 10-08-2013 02:25 PM |