منتديات بنات فلسطين - الحَرب سَرقتّ عُمري.. ، بِقلمي ]

مِنْ مُذكرآتيْ قَبلْ عَآمْ ..

فَتحتُ دُرجيْ وَ أَستخرجتُ مِنهُ صُورةْ قَديمةْ كُنتُ قَدْ خَبأتُهآ مُنذُ زَمنْ
وَ أّخذتُ أَتمعنْ فِيْ تَفآصِيلهآ بِـ دِقهْ ،

فِيهآ نَجلسُ أَنآ وَ إِخوتيْ مُتجآورينْ وَ مُصطَفينْ جَنبآ إِلى جَنبْ وَ يَقفُ أَبيْ خَلفنآ وَ علىْ وَجههِ إِبتسآمهً لَطيفهْ يُجآملُ بِهآ عَدسهَ المُصورْ ،

وَآضعاً يَدهُ عَلىْ كَتفِ أُختيْ وَ مُسبلٌ يَديهُ الأُخرىْ الىْ جِوآرِ بِنطآلهِ العَكسريْ .

أَخذتُ أَتحسسُ بِـ يَديْ وَجوهْ أَخوتيْ وَ إِبتسآمهِ أَبيْ فَـ شَعرتُ كَمآ لَو أَنهمْ جِوآريْ !

وَ دَخلتُ عَميقاً فِيْ تَفآصِيلِ الصُورةْ لِـ أُخرجَ مِنْ جَعبتيْ كُلَ مَآ أَملكهُ مِنْ ذِكريآتٍ عَنهآ ،
كَآنْ أَبيْ ضآبِطاً عَسكرِياً عَظيمَ الشَأنِ بَينَ أَصحآبهِ ،شَديدٌ الطِبآعْ ، قَلمآ تَرآهُ يَبتسمْ اَوْ يَتحدثْ

وَ أَكثرُ مَآ يُلفتَ النَظرَ فِيهْ هُوْ شَآرِبهُ الكَثيفْ الذيْ يَبدوْ كَـ الهِلآلْ يَغطيْ شَفتهُ العُليآ وَ يُضفيْ عَلىْ مَظهرهِ الحِدهَ.

كُنتُ صَغيرةً حِينْ فَقدهُ حَتىْ أَنيْ بِـ الكَآدْ أَتذكرُ مَعآلِمَ وَجههِ وَ لكنيْ لآ أَنسىْ نَظرتهُ الحَآدهْ حِينْ أَتمآدىْ بِـ شَقآوتيْ وَ ضَحكتيْ العَآليهْ

فَيرمقنيْ بِعينيهْ لِـ أَكفْ ، وَ كُنتُ أُذعنُ لَهُ فَوراً خَوفاً مِنْ عِقآبهِ ،

إِعتآدَ زيآرناً بَينَ الفِينهَ وَ الأُخرىْ لِـ يَطمأنَ عَلينآ وَ يُعآودَ الإِلتحآقَ بِـ عَلمهْ ،
وَ كٌلمآ بَآدرتُ بِـ سُؤآلِ اُميْ عَنهْ مُتململة مِنْ غيآبهِ المُستمرْ أَجآبتنيْ وَ هَيَ تَبتسمْ ( إِنْ وَآلِدكِ البَطلْ يَخوضُ حَرباً مَعْ المُحتلْ وَ يجبُ أَنْ تَكونَي فَخورة بِهِ)
فَيدورُ فِيْ نَفسيْ سًؤآلٌ مُلحْ (وَ مَتىْ سَـ ننَتهيْ مِنْ هَذآ ؟!) /

أَذكرُ جِيداً آخرْ زِيآرهْ لَهْ قَبلْ أَنْ نَفقدهْ .. كُنتُ فِيْ الخَآمسةْ أَوْ السَآدسةْ مِنْ عُمريْ ،
وَ قَد إِصطحبنآ جَميعاً لَـ نَلتقطْ صُورةْ مَعهْ ، وَ كآنتْ هَذهْ المَرهُ الأُولىْ التيْ يَطلبْ مِنآ ذَلكْ
فَـ وَقعْ طَلبهُ هَذآ مَوقعاً كَبيراً فِيْ نُفوسنآ مِنْ شِدهِ السَعآدهْ بِـ رِفقتهْ ،

فَـ كَآنتْ هَذهِ الصُورةْ التَيْ بَينَ يَديْ الآنْ ،

أَنهْ لَمْ تَمضيْ إِلآ أَيآمْ حَتىْ تُوفيْ وَآلديْ بَعدهآ ،

وَ تَحلمتُ بَعدَ هَذهِ المُصيبةْ مَآ لآ طَآقةةْ لِـ مِثليْ بَاحتمالْ مِلثهْ ، فَكنتُ كُلمآ تَذكرتهُ بَكَيتُ كَثيراً لأَنهْ رَحلْ وَلمْ أُودعهْ ،

لَستُ أَنسىْ ذَلكْ اليَومْ الذيْ جَآءَ بِهِ مُحمدْ _صَديقْ وَآلديْ المُقربْ _ الىْ مَنزلنآ بِـ زِيآرهْ غَيرْ مَعهودةْ ،

دَخل عَلى عَجلةٍ وَآجماً مُكتئباً .. يُغطيْ الشُحوبْ وَالهلع مَلآمحهُ الودودةْ

فَـ أَستقبلهُ عَميْ الكَبيرْ وَ أَخيْ وَ أَخذوهْ مَعهمْ لِـدآخلْ المَنزلْ

كُنتُ مُنهمكةةْ ب أللعبْ خَآرجاً فِيْ حَديقةِ المَنزلْ .. أَستمتعُ بِـ تَحريكِ الإِرجوحةْ بِـ قٌوةْ

وَكلمآ أَرتفعتْ أَكثرْ شَعرتُ بأنيْ أَطيرْ بَعيداً عَنْ الأرضْ .. ثُمْ أَعودْ وَ أَنزلْ إِليهآ

وَ لَسببْ مَآ كُنتُ أُحبْ الأَزيزْ المُزعجْ الذيْ تُصدرهْ السَلآسلْ المُتديلةْ .. وَ المُرتبطةْ بِـ مَقعديْ

رُغمَ أَنه لَم يَكنْ يَروقْ أَحداً غَيري ،

_ هَلْ تَستمتعينَ بِـ اللعبْ يَ صَغيرهْ ؟

_نَعمْ يَآ عَمْ .. صَنعْ وَآلديْ هَذهِ الإِرجوحةةْ بِـ نَفسةْ ... لمَ لَمْ يَأتيْ هَذهِ المَرةْ مَعكْ ؟

_ هَلْ تَسمحينْ لِيْ بِـ الجَلوسْ مَعكْ عَلىْ الأُرجوحةْ ؟

_ بِـ الطَبعْ يَآ عَمْ ،

وَ جَلسْ محمد جِوآريْ وَ أَخذْ يَعبثْ بـ شَعريْ وَ يَخبرنيْ كَمْ يُحبْ اللهوْ مَعْ الأَطفآلْ

وَكيفْ أَنْ وآلديْ لآ ينفكْ يَذكرنآ أَمآمهْ ، وَ أَبآدرهْ بِـ أَبتسآمهْ خَجولهْ وَ أَستمعْ لِـ حديثهْ بِـ أَهتمآمٍ شَديدْ

وَ أُحُآورهُ فَيأنسْ بِـ كَلآميْ وَ فِطنتيْ رُغمْ صِغرْ سِنيْ ،

ثُمْ كَررتْ سُؤآلي عَنْ وَآلديْ فَ تَنهدْ وَ نَهضْ مِنْ المَقعدْ ،
وَبدأ يَهزْ الأُرجوحةْ بِـ تَأنيْ وَ بَصرهُ شَآردْ نَحوْ أَفقْ السَمآءْ

ثَمْ تَنهدْ مُجددْ وَ قآلْ :

_ إِنْ وَآلدكَ يَآ صَغيرهْ .. قَررْ العَيشْ فِيْ السِمآءْ
_ فِيْ السَمآءْ .. ؟
_ نَعمْ .. كَكلْ الآشيآءْ الجَميلةْ , فيْ مَكآنْ يَأنسْ بِهِ كُلْ مَنْ يَرآهْ ولآ يُريدْ مُغآدرتهْ
_ وَلكنهْ سَـ يَعودْ .. أَليسْ كَذلكْ ؟
_ إِنهُ مَوجودٌ دَآئماً مَعكِ هُنآ أَلآ تَريهْ ؟
_ لآ .. لَستُ أَرآهْ
_ مممْ ... إِذآ أَغمضيْ عَينيكِ .. هَلآ فَعلتِ ؟
_لِـمآذآ ؟
_ لإِنْ وَآلدكْ الآنْ .. أَصبحَ مِثلْ الدَخآنْ يَآ صَغيرتيْ .. لآ يُمكنْ أَنْ تَريهِ إِلآ إِذآ أَغمضتِ عَينيكِ ..،
_ الآنْ سَـ أُغمضْ عينيّ ..
ممْ ,,,
إِنيْ آرآهُ أَمآميْ يَبتسمْ وَيبتعدْ قَليلاً .. بِلآ أيديْ وَلآ رِجلينْ ..يَطفوْ فِيْ الجَوْ آمآميْ .. يُشبهْ الآشبآحْ ..

ثِيآبهْ كَأنهآ خَآويةةْ مِنْ جَسدهْ .. وَرَأسهُ هَشْ يُشبهْ الغُيومْ .. وَ يَبدوْ مُتعبٌ كَثيراً .. فَـ عَينآهُ حَزينهْ

بَدأْ يَتلآشىْ وَ يَبتعدْ ، ..

لَقدْ غَآبَ عَنْ نَظريْ .. !

ثَمْ أَنتفضتُ مِنْ الأَرجوحةْ وَ فَتحتُ عَينآيْ وَسألتهُ بِـ نَبرهٍ تَشبهْ التَوسلْ :

_هَلْ سَيعودْ يَآ عَم ؟
_ بآلطبعْ سَيعودْ .. فَهوَ لآ يَرحلْ إِلآ إِذآ رَغبتِ أَنتِ بِذلكْ ..
_ وَ لَكنيْ لآ أَرغبْ !
_ إِذاً تَذكريْ أَنهُ مِثلْ الدُخآنْ .. وَيجبْ أَنْ تُغمضيْ عَينيكِ لَتريهْ !

*****

مرتْ الأَيآمْ ..
كَبرتُ وَ أَنآ أَقتآتُ مِنْ هَذهِ الكِذبةةْ .. حَتىْ وَصلتْ مَرحلةةْ الرُشدْ فَـ عرفتُ مِنْ أَمر وَآلديْ الحَقيقهْ ،

فَـ ضآقْ صَدريْ إِلىْ حَدْ الشُعورِ بِـ الإِختنآقْ وَتمنيتُ لَوْ يَبقىْ ذِهنيْ كَـ إِدرآكِ الأَطفآلْ فَـ أُصدقْ مُجدداً أَنْ وَآلديْ مَوجودْ حَوليْ .. وَ هوْ كَـ الدُخآنْ !

هَذهِ كَآنتْ أُولىْ خَسآئريْ وَ أَولىْ أَنتصآرآتِ الحَربْ

وَ أَستمرْ الضُعفْ يَنخرْ جَسديْ .. وَ الخُوفْ يَنآلُ مِنيْ

وَ أَقدآمُ الغُزآهِ تَدوسْ سَنآبليْ .. وَ تَطآلْ أَيديهمْ أَحلآميْ فَـ يَغتآلونهآ قَبلْ أَنْ يُكتبْ لهآ انْ تَتحققْ

وَ طَآلتْ كُلْ َجَميلْ وَكلَ عَزيزْ عَليْ فَـ َدمروه

سَرقوآ مِنيْ المَآءْ وَ الهَوآءَ وَ الأَرضَ وَ الشَمسْ ،

سَرقوآ أَحلآميْ أَكبرهآ وَ أَصغرهآ .. حَتىْ صِرتُ تَآئِهةة مُتخبطةة كَـ المَحمومْ

سَرقوآ مِنيْ عِزتيْ وَ رَموني أَبوسُ أقدآمْ الحُثآلهِ طَآلباً لُقمهً تَسدُ الرَمقْ، وَ تُمسكْ الحَيآهْ

لَمْ يَبقىْ لِيْ سِوىْ قَلميْ

أكتبْ وَ يَدآيْ تَرتجفآنْ .. خَوفَ أَنْ يَغتآلوهْ منيْ

فَـ أَعجزْ عَنْ شَتمْ الحُروبْ .. وَ مُوآسآهِ قَلبيْ

وَ لستْ أَدريْ لِمْ أَهدرْ وَقتيْ بِـ الحَديثِ عَنهآ _ عنْ الحُروبْ _
وَ قَدّ سَرقتْ عُمريْ !

رُبمآ هِيْ الحَآجةةْ .. أَوْ الخًوفْ ..
وَ رُبمآ الحَنينْ َ

"

كَلْ شَيءْ مِنْ نَسجْ الخَيآلْ .. وَضعتهْ لآنيْ اَفتقدْ وَآلديْ بِـ شِدةْ

مَوجودْ لَكنهُ غَيرْ مَوجودْ !

رَأيكمْ يُهمنيْ كَثيراً وَإِنْ كَآنْ نَقداً بَسيطاً

فَـ هَذهِ المَرهْ الأُولىْ التيْ أَكتبْ فِيهآ قِصةْ وَ أَكملهآ لِـ النِهآيةْ ^^ "

حُبيْ