!~ آخـر مواضيع المنتدى ~! |
|
إضغط علي
![]() ![]() |
|
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
| |||||||||
| |||||||||
![]() قصة قصيرة / معلمتي بقلم الوالد قلت بعد عبارات العزاء التقليدية : رحمها الله ! فقال مادا يده إلي بفنجان القهوة : كلنا على نفس الطريق . _ أعانك الله على فراقها ! الوحدة صعبة . فحدق في رافعا حاجبيه ، وتبادل ولداه النظر ، وتشاغل هو بدفع خشبة صغيرة من طرف الكانون إلى قلب النار . لم يخفَ علي أنهم استغربوا كلامي ؛ فلم استغربوه ؟! وخرج أصغر الولدين ، وبعد خروجه بدقائق غمرتني غيبوبة ! رأيت أمه في باب الغرفة ! من مات إذن ؟! في من عزيت ؟! وفي شبه الحلم وتوتر الحرج سمعتها تقول : كيف حالك يا محمد ؟ من زمان ما رأيناك ! وانبعث صوتي من مكان لا أعيه : كيف حالك يا أم إبراهيم ؟ بمن أعزيها وكنت أحسبني عزيت فيها ؟! وفطن أبو إبراهيم إلى أن لدي التباسا حول من مات في العائلة ، فابتسم وقال : مريم هي التي ماتت . صدمني ما قاله وفتح قلبي لموجة حزن كبيرة ، فقلت مستعيدا شيئا من وعيي : رحمها الله ! سمعت خلاف ذلك . 2 سمعت أن أم إبراهيم هي التي ماتت ، وأنه قد مضى على موتها أربعة أيام . إذن انتهى وقت العزاء . هم جيران قدامى لنا . رحلنا عنهم منذ عشرين عاما . وبعد المكان ، مع أنه في حالنا لم يزد على ثلاثة كيلومترات تقريبا ، يخفف العلاقات ويقلل الأخبار إلا صدفة . أحزنتني وفاة مريم . كانت معلمتي في الصف الأول قبل رحيلنا من جوارهم . وكانت تحسن معاملتي لتفوقي ولكوني ابن جيرانهم . كان في معاملتها لي نفحة أمومة مؤثرة . ومثل بعض المعلمات خلفها قطار الزواج ، فظلت تعيش مع عائلة أخيها أبي إبراهيم . وعندما تزوجت ، وكنا في الشتاء ، أهدتني معطفا كاكي اللون بلا زغب ، تعودت ألا ألبسه ، بحافز المحافظة عليه لكونه هدية منها ، إلا إذا اشتد برد الشتاء . ولعادتي تلك صار زملائي المدرسون يتمازحون بأن لبسي له هو العلامة الأكيدة للشتاء ، وأن كل أنوائه لا تصلح توكيدا لمجيئه . 3 ضحى اليوم التالي ، قطفت من حديقة البيت الصغيرة إضمامة زهور ، وقصدت المقبرة التي دفنت فيها . وهي مقبرة جديدة صغيرة تبرع بأرضها محسن .لن يصعب علي تمييز قبرها من القبور القليلة . دلفت من جوار أثلة ثلاثية الفروع . وبعد خطوات سمعت صوتا يسأل : ماذا تريد ؟! بحثت عن مصدره ، فلمحت شابا يعتلي سطح بيت غربي المقبرة . قال : آ ! أستاذ محمد . وفي لحظة كان عندي . قال : المقبرة في حراستنا . تعرف التي دفنت من أيام ؟ _ كانوا جيراننا . وهي معلمتي في الصف الأول . وضعت الباقة على قبرها ، وقرأنا الفاتحة على روحها ، ومضيت إلى المدرسة . وحين رآني بعض زملائي الجالسين في زاوية في ساحة المدرسة انتظارا لبدء اليوم المدرسي بعد أن يخرج تلاميذ الفترة الصباحية ؛ وقف أحدهم ، وهو قصير ساخر ، وقال عالي الصوت : ما للشتاء جاءنا مبكرا هذا العام ؟! كنا في منتصف أكتوبر ، وكنت لابسا المعطف الذي أهدته لي معلمتي العزيزة الراحلة مريم ؛ من تسع سنوات المصدر: منتديات بنات فلسطين - من قسم: قصص أدبية , روايات , حكايات , تاريخ الأدب والأدباء lugljd |
| |