مخيم جنين.. جذوة مقاومة لن تخبو
 

http://www.bntpal.com/vb/img/bntpal_1441311642_524.jpg

الإعلام الحربي-غزة

مخيم جنين، وكعادته، عنوانٌ للثبات والبطولة، فكلما تعاظم عدوان الاحتلال الصهيوني عليه، وزاد من همجيته وقمعه؛ زادت روح المقاومة والتحدي في أبنائه الذين اعتادوا على الصبر والمقاومة، وما ارتضوا يوماً الذلّ والخنوع. فتاريخ المخيّم الذي حطّم برجاله ومقاوميه أمثال الشهداء: محمود طوالبة، وأبو جندل، وأبو الهيجا، وغيرهم، أسطورة الجيش الذي قيل إنه لا يقهر، عام 2002، يعاد في كل يوم.
وتصدى مقاومون في مخيم جنين، فجر الثلاثاء الماضي، لعملية عسكرية كبيرة لجيش الاحتلال في المخيم وأفشلوها، حيث خاضوا اشتباكات مسلحة مع جنود الاحتلال، وحالوا دون تنفيذ هدف العملية المتمثل – وفق الاحتلال– باستهداف القيادي في حركة الجهاد الإسلامي بسام السعدي؛ ما أدى إلى إصابة جندي بجروح خطيرة، واحتراق جيب عسكري بالكامل.
وذكرت مصادر أمنية ومحلية في جنين أن نحو 40 آلية عسكرية تساندها جرافات عسكرية اقتحمت المدينة والمخيم من كافة الجهات، ونشرت فرقة مشاه ووحدات خاصة في قرية وادي برقين، مشيرة إلى اندلاع مواجهات عنيفة في المدينة ومخيمها بين الشبان وقوات الاحتلال التي أطلقت الأعيرة النارية وقنابل الصوت".
وأضافت المصادر أن جيش الاحتلال حاصر منزل الأسير المحرر من حركة حماس، مجدي أبو الهيجا، وقامت باعتقاله ونجله صهيب (18 عاماً)، وشقيقه علاء، وتفجير منزله، وأفرجت في وقت لاحق عن مجدي وعلاء.
عنوان المقاومة
القيادي في حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، الشيخ خضر عدنان، أكّد أن الاحتلال فشل في تحقيق أهدافه من خلال اقتحام مخيم جنين، أمام شجاعة أهل المخيم وبسالتهم في التصدي لقوات الاحتلال، وحالوا دون أن يصلوا إلى القيادي في حركة الجهاد، الشيخ بسام السعدي، مشدداً على أن الضفة المحتلة، وخصوصاً مخيم جنين الذي أنجب قادة بارزين في العمل الوطني والجهادي ستبقى عنواناً ورمزاً للمقاومة.
وقال الشيخ عدنان: "الاحتلال فقد عقله عندما رأى وقوف أهل المخيّم بصدورهم العارية، والتفافهم حول خيار المقاومة، وتمكنهم بعون الله من رد الاحتلال ودحره إلى خارج المخيم خائباً"، مطالباً الشعب الفلسطيني بالعمل على بناء منزل القائد في حركة "حماس"، مجدي أبو الهيجا، بشكل فوري بعد أن أقدم الاحتلال على هدمه؛ وذلك رداً على الاحتلال، وتأكيداً على أن الشعب الفلسطيني لن يترك مقاوميه ولن يتخلى عنهم.
وحول موقف حركته من رد فعل السلطة إزاء اقتحام الاحتلال للمخيم؛ أضاف: "نحن نقول للسلطة أن اتفاق "أوسلو" انتهى، دوسوا عليه بأقدامكم، متسائلاً في ذات الوقت: "ماذا تريد منا السُلطة أن نفعل أمام الاحتلال الذي جاء لقتلنا في مخيم جنين ؟، أنستقبله بالورود؟، وأي مقاومة يريدون هؤلاء (السلطة) ؟، مشدداً على أن ما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة.
ولفت القيادي في حركة الجهاد الإسلامي إلى ضرورة أن يتوّحد الفلسطينيون في مواجهة الاحتلال، وأن يكونوا دائماً على حذر؛ لأن "الاحتلال لا يُؤمن مكره ولا يرقب فينا إلاًّ ولا ذمّة"، مضيفاً أنه "علينا جميعاً كفلسطينيين أن نشكل درعاً حامياً للمقاومة؛ باعتبارها السبيل الوحيد لاسترداد فلسطين كل فلسطين، وتحريرها من الاحتلال".
وفي تعقيب لها على بطولة مخيم جنين؛ أكّدت حركة الجهاد الإسلامي أن مدينة جنين قدمت من جديد درساً آخر للاحتلال تحت عنوان الوحدة ورص الصف في مواجهة المحتل، ودللت على حيوية شعبنا الذي يرفض الاستسلام والإذلال، مشددةً على أن الإرادة أقوى سلاح تتكامل فيه الأدوار الوطنية لحماية كل أبناء الشعب الفلسطيني.
وقالت الحركة في بيان وصل "الإعلام الحربي" نسخةٌ عنه: "إنَّ درس جنين كان رسالة حاسمة للاحتلال بأن شعبنا سيدافع عن نفسه في مواجهة أي محاولة من الاحتلال للتلاعب بحياة ومستقبل أبنائه"، مبينةً أن مخيم جنين بأبطاله وشبابه الأحرار أفشلوا عملية أمنية أراد من خلالها جيش الاحتلال أن يحقق إنجازاً، لكن صمود الشباب وعزيمتهم دفعته للخروج خائباً.
وحيت الحركة عائلة أبو الهيجا التي قدمت نموذجاً فريداً في الصبر والصمود والتضحية، وأدانت جريمة هدم منزل العائلة واعتقال أبنائها، مطمئنةً أبناء شعبنا بأن الشيخ القائد بسام السعدي بخير، ولم يمسه سوء بفضل الله تعالى.
فشلت أهدافه
بدوره، الكاتب والمحلّل السياسي، د. عبد الستّار قاسم، قال: "إن ما حدث في مخيم جنين من صمود للأهالي وتصديهم لقوات الاحتلال التي اقتحمت المخيم بهدف ملاحقة كوادر المقاومة يمثل نموذجاً من نماذج العزّة والفداء التي عهدها الفلسطينيون على أهالي المخيّم"، مشيراً إلى أن قوات الاحتلال فشلت فشلاً ذريعاً في تحقيق الأهداف التي دفعتها لاقتحام المخيّم.
وأوضح قاسم أن الاحتلال يسعى من خلال استهدافه المتكرر لمخيم جنين إلى كسر إرادة أبنائه الذين تربوا على ثقافة مقاومة الاحتلال، ولقنوا العدو دروساً قاسية خلال المعركة التي اندلعت في المخيّم إبان الانتفاضة عام 2002، وأوقعوا في صفوفه خسائر فادحة في العتاد والأرواح، فضلاً عن أن المخيّم يضم قيادات وطنية بارزة من كافة الفصائل الفلسطينية وتحديداً من حركتي "الجهاد الإسلامي" و"حماس"، اللتين قدمتا الكثير في سبيل دعم المقاومة، ومواجهة الاحتلال.
وأكّد على ضرورة وجود خطط استراتيجية تستند لمعايير محددة لمواجهة الاحتلال ومخططاته الهادفة لكسر شوكة المقاومة وإخماد شرارتها في الضفة المحتلة، مستبعداً في الوقت ذاته قرب اندلاع انتفاضة ثالثة بالضفة في ظل تصاعد وتيرة الاعتداءات الممارسة من قبل الاحتلال هناك.