كنت اعاشره وأنا في عزلة عنه .. وأنظر إليه تماما كما ينظر إليه متفرج الشاشة في فضول ، أنجذب إليه وأرهبه ..
إن الراقصة خلف الكواليس .. والممثلة خلف البلاتوه .. والمطربة في البروفة .. والفنانة بين يدي الماكير وهي تتحرك بدون تكلف .. وتتحدث في جرأة وصراحة .. وأحيانا في وقاحة .. وترسل نظراتها بإهمال إلى من حولها .. وتغازل ..
وتداعب وترفع صوتها بالغناء فجأة .. وتبكي بدون سبب .. وتضحك في هستيريا .. وتشتم زميلها أو تقرصه في خده .. أو تلف ذراعها حول عنقه .. تحرك المشاعر أكثر مما تفعل على الشاشة لأنها تمثل على طبيعتها .

الفن خلف الستار يكون عريانا .. والحياة تكون عريانة .. والأعصاب تكون عريانة .
وجوه البطلات آخر الليل وقد اختطلت فيها المساحيق بالعرق .. عيونهن وقد امتزج فيها التعب والقلق واليأس بالرغبة ، وانطفأ فيها بريق المجد والغرور .
تبدو إنسانية.. ضعيفة ..غارقة في التعاسة.

والكلمات القليلة التي يتبادلنها في دقائق الراحة تغوص في القلب ولا تنسى .
هذا الجو المغناطيسي .. ظل يدير رأسي سنة بعد سنة حتى فقدت عقلي في لحظة ووجدت نفسي أحب !! .

وأحب من ؟
واحدة من هذا الجو الذي عشت طول عمري أخافه وأتجنبه !!!
وكان حبا ملتهبا .. ضعت فيه بضعت أشهر .. أو بضع سنوات .. لا أدري .. ثم أفقت فجأة لأجد صاحبتي تفعل أي شيء مع أي شخص .. وفي أي وقت .. امرأة متحللة تماماً .. متحللة من كل خلق ومن كل مبدأ .. ومن كل قانون .. تفعل ما يعجبها مع من يعجبها حينما يعجبها .. بصرف النظر عن أي اعتبار .. وتسمي أي شيء تفعله حباً .

وحاولت أن أنساها .
ومرت سنوات .. تعذبت فيها عذاباً فاق احتمالي ..
والآن تحاولي أمي أن تبني لي حياتي من جديد .. فتخطب لي بنتاً من العائلة طيبة لتكون زوجة صالحة .. ولكن أشعر أني تغيرت كثيراً .. فأنا بعد ان تذوقت هذا النوع الملتهب من النساء .. أصحبت أحس بأن بنات البيوت باردات .. لا حياة فيهن ولا طعم .. جمالهن خال من الملح .. مثل الأكل المسلوق .. صحي ولكنه لا يحرك الشهوة ..
أنا حائر .. لم يعد يعجبني أحد ..
ماذا أفعل ؟ .. أنصحني .. فأنا لا أستطيع أن أتزوج المرأة التي أحببتها لأنها بلا أخلاق .. ولا أستطيع أن احب المرأة التي سوف أتزوجها لأني لا أحس فيها جمالا ! ..
******************
رد د/ مصطفى محمود ..
أنا لا أستطيع أن أتصور الجمال بدون سجايا ، لا أستطيع أن أتصور رؤيتك للجمال في امرأة متحللة من كل خلق ومن كل مبدأ ومن كل قانون .. المرأة التي تفعل ما يعجبها مع من يعجبها .
إن الجمال ليس كلمة .. وليس شكلا .. وليس حركة رشيقة .
إن الجمال في تعبير هذه الأشياء كلها عن شعور حقيقي صادق ..
إن الجمال في توظيف الإنسانية لمواهبها توظيفاً جميلا ..
أنا لا يمكنيي أن أحس بالجمال في امرأة تكذب مهما كانت باهرة وذكية ..
إن احساسي باكذب يقززني ويجعل الجمال يبدو أمامي مثلا الطلاء ..
إن بنت البيت البكر ليست مثل الأكل المسلوق أبدا .. إن بكارتها وبساطتها وعاطفتها الطليقة المباشرة جمال حقيقي ..
إن ذوقك مريض ..
أنت في حاجة إلى سنة أخرى لتنسى وتغسل قلبك وعقلك من آثار الماضي !
~~
من كتاب / 55 مشكلة حب