ركزت على مؤخرة سيارة في الموقف ، انتظر السائق أن يحضر رابعنا، ليتم العدد ويقلنا للمخيم. جاء صاحب السيارة ومعه شاب تقول ملامحه أنه أكبر مني بعام ونيف، من النظرة الأولى عرفت أنه عامل بناء. ففروة رأسه المغبرة كذلك ملابسه الممزقه ويديه المتسختين كفيل باخباري عن مهنته. طأطأت رأسي ودرت بنفسي لأفتح الباب، فيما كان يشغل دماغي سؤال أوحد ، كيف سيجلس هذا الشاب المتسخ بجانبي؟. شيء ما دفعني لصالون السيارة بقوة، يبدو أنها ذكريات الطفولة، حين كان والدي يعود من عمله داخل أراضينا المحتلة مع انحدار قرص الشمس إلى المغيب ، كنت أركض عليه، أعانقه ثم أبدا بشم يديه المليئتين بالأسمنت ، وأبدا بتحسس ملابسه بأنفي، رائحة (بسلطن)عليها أذكرها جيدا . صعد الشاب بجانبي كامشا نفسه، شعرت بضيق جلسته وما كان علي إلا أن أرمي بكتفي على كتفه وألصق فخدي ببنطاله الممزق، طالبا منه أن يستريح في جلسته ولا يكتثر لبنطالي الجديد الذي جلبته لي أمي.
وصلت المنزل ، ألقيت التحية على الأم. بادلتني إياها وما لبثت إلا أن عقدت حاجبيها قائلة : "بتفكر حالك صغير، ليه موسخ ملابسك؟!! ".
تحية متأخرة لعمالنا
jpdm gulhgkh Hulhgkh fp[f