أمي الحنون ..
يامن جابهتي المنون...
يامن تطوعت لإجابة النداء المحزون ...
يامن ذقتي الهوان والذل والإنكسار !!
لتطعميني كسرة خبز ..
قطرة ماء...!
لقمة غذاء ...
أمي ..
لا تبكي ..
فلست أحتمل دموعك ..
لا تجعلي تلك الدمعة تترقرق في عينيك ..
فهي تمزق مني القلب أسى ..
تمنيت في هذه اللحظة ..
لو تصل يدي لصفحة خديك ..
كي تمسح الدموع والألم ..
أماه ..
إن كنت قد حرمت من حضنك في الدنيا ..
فإن الله أبدلني بحضن آخر ..
وهي الجنة .. قلا تحزني ..
أمي ..
سامحيني ..فقد حرمتُ عينيك من النظر لي بعد اليوم ..
حرمت يديك الدافئتين من لمسي ..
ولكني خرجت يا أمي لأنتفض لما يجري لك ولي ..
خرجت لأدافع عن حقي في علم ..
عن حقي في دين ..
عن حقي في حفنة تراب وطن ..
عن حقي في تاريخ عريق على مر الزمن ..
خرجت لأني لم أعد أطيق صبرا ..
والإنتظار أشعل في قلبي وروحي نارا ..
في مسمعي دوي كصوت الرعد يحرقني ..
صراخ أخي الصغير وهو ظمآن ..
وصدى الهتاف يؤرقني ومن لذيذ النوم يحرمني ..
(( سوريا إسلامية والروافض حشرة طفيليه ))!!
صور في ذاكرتي لم تعد تبارحني ..
صورة أبي المتناثره أشلاؤه بلا جرم ..؟!
صورة بيتنا المهدوم الذي أصبح كومة حجارة ..
وكثبان رمال تذروها الرياح أين ما شاءت !!!
بيتنا الذي لي فيه بكل زاوية ذكرى ..
أرض جدي الخضراء المحروقة ..
التي كانت السماء تحرسها و الأرض تحتضنها ..
كانت تقف فيها الطيور على أشجار الزيتون ..
فتناجي بارئها وتشتكي بأعذب الألحان جور أعدائها ..
أليس بأجرام أن أحرم طفولتي بهذه القسوة ..
جرحي ينزف يا أماه ولن يتوقف نزفه الا با الشهادة ..
جرحي ينزف ألماً وكبرياء ..
ينزف عزة وقوه ..
بت لاأرى الا سواد ورايات الحداد ..
حطم الروافض أحلى الأيام وأجمل اللحظات ..
لم أعد أذكر سوى ابتسامتك وأنتي تقدميني للشهاده ..
وتشجعيني للسير في درب السعاده ..
أماه وداعا ..
أماه وداعا أنا لاحق بأبي ..
وداعا .. أنا ثائر لأخي ..
وداعا أنا المطالب بحقي ..
وبعد أن رويت الأرض بدمي ..
هل رأى العالم يا أماه صورتي .. ؟
هل جسدت وحشية عدوي للمرتابين ..؟
هل زالت غشاوة الإرهاب عن أبصارهم ..
هل عرفوا لمَ نقاتل ونضحي ..؟
هل نظر العرب الصامتون لما يجري ..؟
أمي بعد أن حال التراب بينك وبيني ..
أود أن أدرج لك عبر هذه السطور وصيتي ..
لاتحزني ..
ولاتبكي ..
وإذا ذكر اسمي لك ارفعي رأسك عاليا وابتسمي ..
وأخيرا خبريني واهمسي لي عند قبري ..
رحمك الله يا شهيد ..
وإلى لقاء قريب يجمعنا يا أماه ..
مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ..
والسلام ..
ابنك الشهيد ..