لا تحزني يا قدس .. يوسف كلوب

لا تحزني يا قدس..
إن رأيتي أبنائك قد وقعوك على ميثاق يبيح اغتصابك..وهدر دمائك العنبرية..
لا تحزني..
إن سمعت أصوات قبلاتنا الوفية العربية..طامعة في سؤر كأس غشية الذباب..
لا تحزني..
إن وجدتينا نهندم طاقة الرأس على رأس يهودي..هو صديقي الآن!!..
لا تحزني..
إن هجرناك سنين..أو قرون..أبدا لن ننساك!..أنت ميراث الأجداد..أنت من تراث الأيوبي..ونحن دوما نشجع السياحة لديارنا..يا أجمل تذكار!..
لا تحزني..
إن سلبناك بضعا من فسيفساءك..فتأذى منه جبينك الذهبي..أعذريني..فلم أعرف بماذا أقامر..
لا تحزني..
إن أشعلت سيجاري الأمريكي أمام بوابتك الذهبية..فسقط عود الثقاب من يدي..محرقا إكليلك الأخضر..
لا تحزني..
إن أدخلناك في ليلة باريسية باردة..مزاد المقتنيات الأصيلة!..فأنت قديمة جدا..قدم الصخرة..قدم الإسراء!..قدم عمر!..ونحن لا نحتفظ بالقديم عادة!..
لا تحزني..
إن بعناك..وكان الثمن تحفة خشبية تشبهك تماما..سنرضى بكل صغير..مادام في حوزة أيدينا!..
لا تحزني..
إن لم آتيك في موعدنا..لم أتيك بفانوس الصحراء الأزلي..نضب الزيت..وصدأ الفانوس..
لم يعد يضيء فضائي سوى الأزرار..أعذريني..فمفكرتي ممتلئة بالمواعيد..وبأرقام الهواتف..وبأسماء العاشقات..وعناوين السهر حتى أخر رمق من الليل..حيث أحطم زمني الأسود..وأثمل مني كأسي الفارغ..لا وقت لدي لزيارتك..ولسماع بكاءاتك السرمدية!..
لا تحزني..
إن بدلنا تواريخنا..وأبوابك..وبلاطاتك السبع..فنحن في زمن غير كل منا جلده!!...
لا تحزني يا قدس..
كفكفي دمعك..وأزيلي تلك الممرات التجهمية من بين عينيك..ضعي الألوان على جفنيك وشفتيك..وعلى جفنيك المتورمين..
يا قدس...
يكفيك حزنا..يكفيك دمعا..لا شئ يدعو للبكاء!!..لا شئ!!!...


لوحه من اعمال الفنان يوسف كلوب