قصة قصيرة من وحي خيالي وقلمي
أتمنى تعجبكم

كان ممدوح في عقده الأربعين من العمر، اكتسى الشيب شعر رأسه، وخطّت التجاعيد تقاسيم جبينه
قد أشبع ذاته من الدنيا بكل ما فيها من شهوات ونزوات
صداقات ،سفر، مال، سهر...
معتبراً نفسه قد عاش كل ما أحب وجرّب كل ما تمنى
ورغم نزواته العابرة كان محبّاً للخير
مساعداً للفقراء ..لا يستطيع أن يرى انسان بحاجة الى مساعدة إلا أن يمد يده ويسانده...ومعروفاً بسيرته الطيبة بين الناس
أخد ممدوح يسير في طريقه باحثاً عن حب يستكين به
ليرمي كل أوجاع سنينه خلف ظهره
وينسى كل أخطاء عمره ويجدد شبابه ويفرح قلبه
لكنه لم يكن يعلم بأن القدر قد خبأ له مفاجئةً تعادل كل ما قد عاشه وما لم يعشه!
بينما هو حيٌّ في روتينه الأربعيني
وضجره العاطفي
قد قرر أن يذهب إلى الحديقة التي اعتاد أن تحتضنه كلما ضجر أو كان مزعوجاً من أمر ما...!
وكعادته جلس على ذات المقعد
قرب ذات الياسمينة أمام ذات شجرة السنديان الخلابة
ينظر إلى لعب الأطفال ويستمتع بضحكاتهم البريئة
ويتأمل المّارة كيف يمشون وكيف يجلسون وكيف يتحدثون
كان يعتبر هذا نوع من التأمل كي ينسى ضجره!
ولكن هذه المرة قد خبأ له القدر شيئاً جديداً
ومع ذات الاحداث والأصوات إذ به يتسمّر على مقعده إثر ما رأى من سحر وعجائب الخالق في خلقه
قد نسي الزمان والمكان ، قد نسي نفسه وعلّق نظره على تلك التحفة الفنية الربّانية التي رآها
إنها فتاة بالعشرين من عمرها ابتسامتها سحر، قوامها فاتن ، عيناها كفتحة
الفرجار تصيب بسهامها القلب دون استإذان.. شذى عطرها قد فاح في المكان
كانت ترتدي فستان أسود قد جعلها قمة في الجمال والأناقة
لحد كافي لأن تسحره وتسحر ضجره بنظرة واحدة
لم يدري كيف جلست بجانبه
لم يدري كيف ابتدأ حديثه معها
لم يدري ماذا قال لها وماذا أجابته
كل ما كان يعلمه انه بحلم لا يريد ان يستفيق منه أبداً!
كانت روعة فتاة تشع ذكاءاً بالقدر الكافي لأن تستقطب قلب رجلٍ بعمره..
ما عاشته من يتم الأب وهي صغيره ولّد لديها حرمان عاطفي اتجاه الرجل وكانت تبحث عن رجل بعمره!
يعوضها عن حنان أبيها الذي لم تتذكر تفاصيل وجهه!
كان هذا اول لقاء بينهما
وتلاه اللقاء الثاني والثالث والرابع
بموعد وبدون موعد
فعندما تتلاقى القلوب تصبح قادرةً على المواعدة دون اتفاق صريح بين اصحابها !
وكانت هذه بداية عشق وسحر وجمال امتد بهما لسنوات عدّة
هو لم يكن يخشى شيئاً وكان لديه من الثقة والشجاعة لأن يتزوجها على الفور...وهي كان لديها من العاطفة والحنان والرقة والأنوثة لأن تمنح نفسها له وتعيش معه بقية حياتها لا تريد منه شيء سوى حنانه وحبه واخلاصه واحترامه!
على قدر ما أحبّا بعضيهما
على قدر ما تجاوزا كل فروق السنين التي تفصل عمرهما
على قدر الحلم الجميل الذي عاشاه كان القَدَر أقوى منهما واقوى من حبهما الجارف
لم يعطهما فرصة اللقاء الحقيقي
لم يمنحهما جائزة الحياة بلقاء يجمعهما مدى الحياة
لم يسمح لهما أن يكملا حلمهما الجميل النقي
فقد كان القدر والحدود... كل انواع الحدود
حدود عقلية مجتمعنا
حدود قوانين الدول والمدن
حدود الحسد والحقد المعشش في القلوب المريضة
كافيّة لأن تنهي أروع قصة حب عاشاها
كافية لأن تفرقهما
كافية لأن تختم سنين الحب بسنين فراق
وما أصعب الفراق
وما أقساه
وما أعنف صداه داخل أرواحنا

ولي مع قصة فراقهما حكاية أخرى
انتظروني
محبتي 