!~ آخـر مواضيع المنتدى ~!
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   منتديات بنات فلسطين > ★☀二【« الاقـسـام الـعـامـه »】二☀★ > ثقف نفسك

كفى بالحرب واعظاً!

كفى بالحرب واعظاً! لماذا اندلعت الحروب ، وشبت النزاعات الدموية، وانفجرت الحروب الأهلية ومازالت؟؟ بل لماذا تحدث النزاعات المسلحة أصلاً، ليس فقط بين

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 09-17-2014
سفير القلعة غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 793
 تاريخ التسجيل : Jan 2014
 فترة الأقامة : 3747 يوم
 أخر زيارة : 02-03-2015 (07:10 PM)
 المشاركات : 12,936 [ + ]
 التقييم : 1003
 معدل التقييم : سفير القلعة has much to be proud ofسفير القلعة has much to be proud ofسفير القلعة has much to be proud ofسفير القلعة has much to be proud ofسفير القلعة has much to be proud ofسفير القلعة has much to be proud ofسفير القلعة has much to be proud ofسفير القلعة has much to be proud of
بيانات اضافيه [ + ]
اضف الشكر / الاعجاب
شكر (اعطاء): 0
شكر (تلقي): 0
اعجاب (اعطاء): 0
اعجاب (تلقي): 0
لايعجبني (اعطاء): 0
لايعجبني (تلقي): 0
افتراضي كفى بالحرب واعظاً!







كفى بالحرب واعظاً!





لماذا اندلعت الحروب ، وشبت النزاعات الدموية، وانفجرت الحروب الأهلية ومازالت؟؟
بل لماذا تحدث النزاعات المسلحة أصلاً، ليس فقط بين الدول بل حتى على مستوى الأفراد ؟؟
حقاً إنه سرٌ عجيب، ولغزٌ غامض، يستحق التنقيب عن منابعه، والكشف عن جذوره،
لإنه أفظع من وباء الكوليرا والحمى الصفراء والجذام والجمرة الخبيثة مجتمعةً !!
فالحرب أودت بحياة زهرة شباب المجتمع ومازالت!!
ومن الغريب أنها لاتعتبر حتى الآن مرضاً رهيباً، وارتكاباً لجرائمَ حمقاء، بل (بطولة) خارقة، وسياسة متقنة!!
لقد حان الوقت لوضع هذه الظاهرة المكربة تحت عدسة مجهر الدراسة النفسية الاجتماعية،
من أجل بناء ثقافة (سلمية) وتوديع ثقافة (البطولة)، بعد أن أدرك العالم أن طريقَ القوة مسدود، وأن الحربَ عبثيةٌ وانتحار.
في خريف عام 1993 م كنت في زيارة للعاصمة الكندية مدينة (أوتاوا)،
وفي رحلة التعرف على البرلمان الكندي والكومنولث البريطاني والمكتبة الرائعة التابعة للكومنولث والتي تحوي 600 ألف كتاب من ذخائر المعرفة الإنسانية،
ثم المجلس الذي تدار فيه مناقشات الأحزاب، وحيث يهيء وفي مكان مرتفع منه للراغبين من الجمهور في حضور هذه المناقشات الساخنة،
وفي نهاية الرحلة وقفت السيدة التي كانت تقوم بدور المرشد السياحي أمام لوحة تذكارية لتقولَ بخشوع:
هذه اللوحة هي ذكرى للخسائر التي مُنيت بها كندا في الحرب العالمية الأولى، حيث اشتركت الوحدات الكندية في ساحات القتال الأوربية،
مع مجموعات دول الكمنولث من اوستراليا والهند ونيوزيلندا وبالطبع بريطانيا،
حيث سيق 600 ألف جندي كندي يمثلون زهرة شباب المجتمع الكندي و(عُشر) (1 \10 ) مجموع الأمة الكندية في ذلك الوقت،
وقتل منهم أيضاً العُشر (قُتل 60 ألفاً ).
وقفت أتأمل اللوحة التذكارية والشعر الحزين المسطَّر عليها،
تساعدني ابنتي التي تدرس في جامعة (مك جيل) في فك معاني بعض الكلمات،
ذلك أن الأسطر كتبت بلغةٍ فخمةٍ:
عندما ترسل الشمس أشعتها الدافئة، وتمتلىء حقول الربيع بورود الزنبق والياسمين،
وتشعرُ بالسلام يظلل الوطن الذي تعيش فيه، فلاتنسى البؤساء في حشرجة الموت، تنزف جراحاتهم في ساحات القتال،
وتمنيت أن تُختم الأبياتُ بالاستفادة من هذا الدرس المريع كي لايتكرر الخطأ، بكل أسف خُتمت الأبيات بــ (ثقافة البطولة) مرةً أخرى :
لاتنسى دماء القتلى وآهات الجرحى وعذاب المشوهين من أجل الثأر لهم والانتقام لتضحيتهم !!
ولم يختموها كفى بالحرب واعظاً !!
قلت لمرشدتنا الكندية:
إنني جداً متألم لما ذكرتَ، وأرجو أن لاتتكرر هذه المأساة بتقديم المزيد من القرابين البشرية على مذبح الحروب البئيسة،
فهزت رأسها متأثرةً بالإيجاب .
قبل ثمانين عاماً بالضبط، وفي مثل هذه الأيام من الصيف اللاهب من عام 1914 م في يوم (28) حزيران\يونيو،
اختبأ شاب (صربي) عمره (19) عاماً فقط، في أحد أزقة مدينة (سراييفو)
هو جافريلو برنسيب ( gavrilo princip )
وبيده مسدس محشو بما يكفي من الطلقات، قد أكلَ الحقد قلبه، يصرُّ على أسنانه، ويشدُّ من قبضته على الغدَّارة التي في يده،
وهو ينتظر قدوم ضيوف هامين إلى مدينته لتصفية الحساب معهم !!
في هذه الأثناء كان ولي عهد امبراطورية (النمسا وهنغاريا) الأرشيدوق (فرانتس فيرديناند) (frantz ferdinand )
يركب عربةً مكشوفة، وقد اصطحب زوجته الكونتيسة صوفي شوتيك (sophie chotek ) (1 )
التي محَّضها حبَه وإخلاصه، يحاول أن يُدخلَ على قلبها شيئاً من البهجة، بمناسبة مرور 14 عاماً على زواجهما، فهي من عائلة عادية،
وهو من عائلة الدم الملكي (آل هابسبورغ) العريقة، فلايُسمح لها بالظهور في الاحتفالات النمساوية العريقة في البلاط الملكي،
وكان من سوء الطالع (لاندري) أن الحبَ جمع بينهما ليتزوجا في 28 حزيران من عام 1900 ميلادي،
وليفارقا الحياة في نفس هذه المناسبة بعد أربعة عشر عاماً !!
فأرادَ أن يمضيَ معها وقتاً للاستجمام والراحة بعيداً عن فيينا،
في هدوء مدينة (سراييفو) عاصمة البوسنة التي كانت قد ضمت إلى الامبراطورية النمساوية عام 1908 م
أثناء اختراق الشارع الرئيسي في مدينة (سراييفو) تنقل لنا أسرار التاريخ أن منظمةً سرية صربية إرهابية،
تدعى منظمة (الكف الأسود) كانت على موعد مع القدر في تلك الأيام،
فقد جنَّد رئيس تلك الجمعية وكان رجلاً غامضاً اسمه آبيس ( apis )،
مجموعةً من الشباب المتحمسين لاغتيال الضيف المهم القادم للاستجمام في المدينة مع زوجته !!
كانت مجموعة الاغتيال الرئيسية مكونة من ثلاث أشخاص، وهي غير صاحبنا (جافريلو) الذي كان يتربص في مكان آخر،
فأما الأول فأشفق من قتل الكونتيسة فتراجع، وأما الثاني فمد يده إلى المسدس، إلا أنه ارتجف وخانته شجاعته،
وأما الثالث فتحامل على نفسه وطوح بالقنبلة اليدوية بعد مرور الموكب فأخطأت هدفها ؟!! .
وبذلك نجا ولي العهد النمساوي وقرينته المحبوبة، وتنفس التاريخُ الصعداءَ !!
ولكن هذه الاستراحة التاريخية لم تدم أكثر من ساعة،
فالحريق الشيطاني الذي سيغلف الكرة الأرضية مازال على موعد مع رصاصات (جافريلو برنسيب)،
الذي لم يدرك ماذا فعل، وماهي النتائج المروعة والرهيبة التي ستتلو هذه الرصاصات الغادرة ؟!
وطوفان الدماء الذي سيغرق جنبات المعمورة.
كان (جافريلو) تحت ضباب الحقد لايرى سوى شيئاً واحداً:
أن يسفك الدم النمساوي، ولم يعلم أن (الصرب) سوف تُسفك دماؤهم أيضاً، وأن الدم يقود إلى الدم،
والحقد يثير الحقد، والكراهية تولد الكراهية، والدمار ينتج الدمار المتبادل، فهي عملة متبادلة، وردود فعل كونية رُكِّبت النفوس عليها،
وأن الذي يدفع بالتي هي أحسن يولد التي هي أحسن، وأن هذه الطريقة تجعل (فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) !! .
غضب الأرشيدوق من حادثة الاعتداء هذه، وألغى برنامج زيارته،
وأمر الحوذي بسلوك طريق مخالف، في إحدى أزقة المدينة، إلا أنه هذه المرة لم يفلت؛
حيث عاجلته وزوجته الرصاصات محكمة التسديد من يد جافريلو، فرقد الزوجان متكئين إلى بعضهما، غارقين في الدم،
فاقدين الحياة والأنفاس.
وحتى الآن لم نفهم كيف سيفقد ثمانية ملايين جندي حياتهم في ساحات الوغى بعد طلقات سراييفو،
وتندلع أفظع حربٍ عرفها الجنس البشري حتى ذلك الوقت؟!
وهي التي عرفت بالحرب العظمى أو الحرب العالمية الأولى،
أو ماروته لنا جداتنا ونحن صغار نسمع مشدوهين فاغري الأفواه للمجاعة والفقر والتشرد والمذابح الجماعية وكيف طرد (العصملية) الانكليز من (جناقلعة وغاليبولي) وهو ماعرف واشتهر بحرب (السَفَر برلك).
مع هذا تبقى هذه القصة غير ذات معنى،
ولاتفسر تماماً الكارثة الكونية المروعة التي حدثت بعد ذلك؟ لذا كان لابد من أجل فهمٍ أدقَ وأعمق،
أن يُنظر إلى هذه الحادثة من خلال الاقتراب إلى جو الحدث،
فنحن بعقليتنا الحالية يصعب أن نفهم سببية الحدث وعلاقته بنتائجه الكارثية، لابد إذن من محاولة فهم،
بل وتفكيك الحدث التاريخي لمعرفة محتوياته، لابد من معرفة (الجيوبوليتيك) أي الوضع الجغرافي السياسي،
لابد من معرفة الوضع النفسي الاجتماعي التاريخي،
بل والتطور التكنولوجي وماكينة الحرب لفهم عملية (الذبح البشري الكبرى) التي تمت في مدى أربع سنوات ونيف !!
لعل أقرب تفسير لهذا الحريق هو نظرية عود الثقاب أو العمل الذي تجاوز نية صاحبه،
بمعنى أن إلقاء عود ثقاب على برميل ماء لايؤدي إلى أي حريق، خلافاً لرميه فوق برميل بارود، كما أن ضرب رجلٍ بكف لايؤدي لموته،
لولا أن صاحبه قريب من الموت بأقل من ضربة الكف؟!
وهذا ماقاله المثل العربي القديم (القشة التي قصمت ظهر البعير) وإلا فإن آلاف القشات لاتفعل شيئاً للقط فكيف بالبعير !!
هذا الجو في أوربا بشكل أو آخر هو الذي فجَّر برميل البارود في العالم، مع أن أوربا عاشت لفترة نصف قرن في سلام ممتع،
ومعها العالم حتى جاءت هذه النكبة الجائحة.
ولعل الفيلسوف والمؤرخ الألماني (أوسفالد شبينجلر) انتبه بشكل دقيق لجو القرن من خلال البانوراما التاريخية فكتب يقول :
((لقد اقترحت على نفسي أن اضع دراسة واسعة عن الظاهرة السياسية آنذاك، وعن تطوراتها المحتملة ويومذاك كانت الحرب العالمية
تبدو لي أنها وشيكة الوقوع، ومظاهرة خارجية محتومة للأزمة التاريخية التي كانت تجتاحنا حينذاك )) (2).
وماهي الأزمة التاريخية حسب شبينجلر ياترى ؟؟ إنه يحددها :
((إنني أقرر هنا أن الاستعمار الذي كان الأساس الذي ارتكزت عليه الامبراطوريات بين مصرية ورومانية وصينية وهندية،
وقامت على أشلاء الضحايا وإذلال الجماهير، أقول إن الاستعمار هو الرمز المميز لاحتضار المدنية الغربية وموتها،
وفي هذا الشكل الظاهري - الاستعمار - قد بت الآن بمصير الغرب بتاً لاعودة عنه ولا تعديل)(3)
بل حتى أنه ينتقل ليعطي حكماً قاسياً على كل تركيبة الحضارة الغربية:
((إن كل حضارة تمر بمراحل العمر ذاتها التي يمر بها الفرد الانسان، فلكل حضارة طفولتها وشبابها ورجولتها وشيخوختها ...
إن هذا الاكتمال الباطني والظاهري الخاتمة التي تنتظر كل حضارة حية هو مغزى جميع الانحطاطات التاريخية،
بما فيه الانحطاط الكلاسيكي الذي نعرفه معرفة تامة، وبما فيه انحطاط آخر يشابه الانحطاط الكلاسيكي في مجراه وديمومته ،
هذا الانحطاط الذي سيشغل القرون الأولى من الدورة الألفية القادمة من الأعوام، والذي نرى الآن طلائعه ونحس به من حولنا،
وأعني به انحطاط الغرب)) (4).
وبالطبع فنحن في مقالتنا هذه لانريد الغوص في التفصيلات السياسية، كل مانريده صياغة (بانوراما) عامة لهذا الحدث،
الذي يجب استحضاره أمام القاريء العربي بعد أن أصبح معظم العالم العربي فيما يشبه الحرب الأهلية القائمة أو المبطنة،
ولايظن الآخرون أنهم بمنجاةٍ من هذه الجائحة، لإن البلاسما الثقافية التي يسبح فيها الإنسان العربي واحدة،
ومايحدث في أفغانستان أو اليمن حالياً، أو لبنان سابقاً ، قابلٌ أن يتكرر في صور أخرى في أماكن أخرى بشدة تزيد أو تنقص،
ويجب أن نستوعب قضية على غاية من الأهمية من أجل التخلص من ثقافة (البطولة والسيف) في سبيل بناء الثقافة (السلمية)،
أن هذا المرض هو ليس مرض فريق بعينه أو اتجاه دون آخر، بل هو مرض عام، وثقافة مشتركة، ومصيبة طامة،
وبلاسما ثقافية يسبح فيها جميع أطراف النزاع، بل وحتى من لم يشترك في النزاع، لإنها ثقافة (إلغاء الآخر) وعدم الاعتراف به،
فضلاً عن (إيجاده)
بين (28) حزيران يونيو من عام 1914 م ومطلع آب أغسطس تسارعت الأحداث بشكل لايصدق،
ففي (28) يوليو تموز وجهت النمسا إنذاراً نهائياً للصرب،
على أساس أنها خلف حادث الاعتداء والمنظمة الإرهابية (الكف الأسود) من عشر نقاط وافقت على سبع منها،
فلم يعجب النمسا ذلك، ولم ترض بأقل مايشبه الاستسلام الكامل،
فقامت روسيا بإعلان التعبئة العامة في محاولة لحماية صربيا، فوجهت ألمانيا إنذاراً لروسيا لإلغاء التعبئة العامة في مدى (12) ساعة !! فرفضت روسيا، وفي اليوم الأول من شهر آب التهبت الكرة الأرضية،
وكان البريطانيون يتوقعون أنها قد تدوم ( 12 ) يوما ً فقط !! (5)،
وبدأت الحرب تحصد أرواح الشباب في مفاجأة كبرى للساسة والجنرالات على حد سواء !!:
((وانطلقت إلى الغرب أرتال من السيارات المحملة بالجنود، وتبع ذلك طوابير هائلة من المشاة ذوي البذلات الرمادية،
وكان معظمهم شباباً ألمانيين جميلي العيون شقر الشعور،
وهم أحداث متعلمون ممن يطيعون القانون ويحترمونه وممن لم يحدث أن رأوا من قبل رصاصة تطلق غضباً،
لقد أخبروهم أن (هذه هي الحرب) وأنهم يجب أن يكونوا شجعاناً لاتجد الرحمة إلى قلوبهم سبيلاً))
((وفي ليلة 4 أغسطس وبينما أوربا ماتبرح مستغرقة في بحبوحة نصف قرن من السلم،
وما تبرح تستمتع الاستمتاع المعتاد بالحرية والرخص والوفرة الشاملة التي لن يراها أي حي مرة أخرى وتفكر في إجازاتها الصيفية؛
كانت قرية (فيزيه) البلجيكية الصغيرة في أتون من النيران، ثم كان فلاحوها المشدوهون يؤخذون ويعدمون رمياً بالرصاص ،
بدعوى أن أحد الناس أطلق النار على الغزاة،
ومن المؤكد أن الضباط الذين أصدروا هذه الأوامر والجنود الذين نفذوها شعروا بالرعب لغرابة ماأتوا،
إذ لم يسبق لمعظمهم أن شهد حتى ذلك اليوم ميتة عنيفة ، وكانوا قد أضرموا النار لافي تلك القرية بمفردها بل في العالم بأجمعه )) (6).
وهكذا بدأت حرب (السفر برلك) الحرب العظمى،
التي عرفت فيما بعد بالحرب العالمية الأولى ،
لإنه حينما بدأت لم تكن (حرباً عالمية) وظنها الجميع أنها حرب قصيرة، فأعطاها الألمان ستة أسابيع،
بل وابتهج الناس بقدومها فهتف الألمان:
إلى باريس، ورقص الناس في شوارع باريس وهتفوا:
إلى برلين !!
الوحيد الذي جاءه حدس ملفت للنظر هو الجنرال البريطاني (كتشنر) حيث توقع امتداد الحرب إلى عدة سنوات،
وأما كلفة الحرب فتوقعها أشد المتشائمين في حدود مليار جنيه (وكان الجنيه البريطاني وقتها شبيه بالدولار العالمي الذي يترنح اليوم)
فكانت مايزيد عن عشرة أضعاف ماذكر، وتوقعها الجنرالات حروب (بطولة)،
وكان الجنرالات البريطانيون (كيتشنر وجون فرانش وهايغ وروبرتسون) يتحرقون إلى بعض المناظر التي (تخلب الألباب)
من مناظر حروب العصور الوسطى حيث ينطلق الخيالة (لحصد الرؤوس)
بعد المدفعية واستيلاء المشاة على المواقع بالقتال القريب والطعن بـ (السونكي) (7)،
إلا أن المدافعين الألمان كانوا يحرمونهم هذه الرؤية (البهيجة) للرؤوس المتطايرة بحصد الخيالة بالرشاشات (8) .
كما توقع الفرنسيون وهم يفتلون شواربهم العريضة أن الهجوم هو أفضل الطرق لتخفيف الخسائر؟!!
فمات في معارك (الفردون) حوالي (695) ألفاً من جنود الطرفين، من أجل الاستيلاء على قلعة قديمة لاقيمة لها من الناحية الاستراتيجية باستثناء حرص ألمانيا على تمريغ أنف فرنسا في الرغام فانصبت على القلعة في اليوم الأول مليوني قنبلة ؟!!
في حين أن معارك السوم كلفت مليون و265 ألف قتيل ( 9 ) ؟!!
على هذه الطريقة وُصف عويل الفرق المرصوصة التي كانت تتقدم لاقتحام الخنادق،
بعد أن تحولت الحرب إلى استحكامات ومكانك راوح !!
(( وحينذاك صدر أمر ضباط الألمان: النار سريعاً إرم، ومع ارم هذه سقط الصف الأول على طول الجبهة من المتقدمين،
لقد حصدتهم المدفعية وصادهم الرماة وارتفع صراخ من نفذ في صدورهم الرصاص،
ومعه ارتفعت اللعنات تنصب على الألمان والانكليز والدنيا والشيطان،
كان الجرحى ينزفون دماً وهم يجودون بأرواحهم فلالوم عليهم أن يلعنوا أياً كان)) (10).
كانت معارك الحرب العظمى في واقعها (مسالخ بشرية) وكان الهجوم يتلو الهجوم بدون أي اعتبار للخسائر الإنسانية،
بل وإخفاء مايحدث عن شعوبهم التي تقبع بالخلف وهي تمدهم بالقرابين البشرية:
(( يرى بعض المؤرخين أن فردون والسوم لم تكونا معركتين بقدر ماكانتا فورة حيوانية
دهت العقل البشري بكامله في تلك الأيام ....... كان الخندق الواحد يتبادله الجانبان وفي ساعات قليلة،
فترتوي أرضه الكلسية المنخربة بدماء الجرحى والقتلى مرة واحدة -
فإذا سقطت الجثث بجانب بعضها البعض اصطلحت وتوقف النزاع فالموت كان سيد الصلح!)) (11).
أيها القاريء العزيز تذكر أن ملايين القتلى، ومئات الآلاف من الجرحى والمشوهين كانوا بشراً مثلي ومثلك،
كانت خلفهم زوجات تنتظرهم على الشكل الذي أظهرته قصة الأوديسة في الزوجة الوفية (بينولوبي)
وهي تنتظر عودة زوجها من حرب طروادة عشرين عاماً،
هي وابنها (تيلماخ) الذي تركه والده صبياً في المهد قبل أن يذهب لنداء (البطولة)؟! .
كان خلفهم أطفال يتلهفون لرؤية آباءهم،
أما الآباء فكانوا يتلقون جثث أولادهم إن بقي هناك جثث مع الحرب الحديثة التي تترك جثثاً مفحمة، أو أشلاء متناثرة.
كان كل واحد من أولئك الذين يقاتلون في الخنادق وأحياناً الوحل والطين والماء إلى خصر أحدهم بشراً يحمل مشاعر وذكريات آمال وطموحات، وفي لحظة واحدة كما قال (فولتير) يتحول إلى العدم وبطلقة واحدة.
كانت الحرب العظمى نتيجة لحرب عام 1870 البروسية الفرنسية، كما كانت هي بدورها سبباً لحرب أشد ترويعاً وفتكاً،
ستلحقها بعد عشرين عاماً، ومع بزوغ الشمس النووية وضع الإنسان يده على الوقود الكوني، ووصل إلى معادلة عجيبة للغاية،
أوصله العلم إليها حيث ألغت القوة القوة، وانسد الطريق الذي بقي مفتوحاً منذ بداية الحضارة الإنسانية.
إن القرن العشرين قدم الدليل العلمي الواقعي لصحة موقف (ابن آدم الأول) من رفض العنف.
إن القنبلة النووية لم تكن لصالح العنف بل كانت لصالح عدم العنف ولصالح السلام،
إنها نسخت العنف والحرب والسيف، نسخت العهد القديم، فلهذا لايمكن لعالم الكبار أن يتقاتلوا،
ويحدث هذا للمرة الأولى في تاريخ الجنس البشري،
وسقوط الاتحاد السوفييتي وهو يملك من القدرة مايقدر أن يدمر به الأرض، دليل على أن القوة لم تعد تجدي ولاتحمي من يملكها،
وصعود اليابان وهي لاتملك القوة ولم تعد تريدها دليل آخر على إمكان الصعود بدون قوة.
هذا هو عالم الكبار اليوم فما هو حال عالم الصغار ؟؟
إن الصغار إذا لجؤوا إلى القوة في حل مشكلاتهم، فإنهم يكونوا قد باعوا قضيتهم للمترفين في الأرض، لسماسرة الحروب،
والأخيرون ينظرون فمن يكون انتصاره في مصلحتهم نصروه، وإلا فإنهم يتركونهم ينحر بعضهم بعضاً،
أو يمدونهم بالأسلحة التقليدية بتغافلٍ وشماتة، وهذا الوضع العالمي بين الصغار والكبار وضع جديد، علينا أن نتفهمه ونتكيف معه بدون تبلد.
وعلينا أن ننسخ الثقافة المبنية على العهد العتيق،
عهد اعتبار العنف (بطولة)، ولنبدأ التكيف مع العهد الجديد في الأرض الجديدة،
عهد السلام ولنبدأ بصنع (ثقافة السلام)، لإن صنع ثقافة السلام شرط لقيام العيش المشترك معا ً بسلام.
وهذه الثقافة التي ينبغي أن نصنعها هي التي ستبدل الذهنية الجماعية التقليدية التي تنظر إلى العنف أنه بطولة وقداسة،
بدلاً من النظر إليه أنه أمر يدعو إلى الغثيان، وأنه كفَّ عن كونه بطولة بل تحول إلى جريمة،
ومالم نحقق هذه النقلة الثقافية والقطيعة المعرفية فلن نكون قد صنعنا شيئاً.
فكما كانت الجراثيم القاتلة قبل كشفها ومعرفة كيفية التعقيم، كانت مبثوثة في أعيننا،
وكانت تداهمنا من غير أن نعرف كيف تأتي وتحصد الناس،
كذلك فإن الجراثيم الفكرية الثقافية المبثوثة في أغذيتنا الفكرية تأتي وتحصدنا ثم نعيش حيارى مبلسين.
إنه لم يبق في العالم إلا مذهبان،
من يؤمن بالعنف،
ومن يرفضه ويتحداه بالسلام،
وماهو أمام العرب اليوم أن يتمرنوا على حل مشاكلهم فيما بينهم سلمياً،
فإن نجحوا في ذلك فستحل المشكلات بينهم وغيرهم تلقائياً،
ويظن كثير من الناس أن حل المشكلات عند السياسيين، والواقع أن السياسي هو حفيد المثقف،
فهم ثمار الشجرة التي غرسوها.

إن التاريخ يعلمنا أن سقراط تحدى العنف وقبل الموت،
واعتبر العنف عاراً، والموت ليس عاراً،
وأن من العار أن نرتكب العنف الذي هو العار، خوفاً مما ليس بعار وهو الموت،
وعندما تجرع السم بكت زوجته وقالت:
إن مايحزنني أنك تموت وأنت بريء، فقال لها:
ويحك وهل كان يرضيك أن أموت وأنا مدان!!.


بقلم :خالص جلبي

تعريف بالكاتب :
خالص جلبي طبيب وجراح سوري المولد كندي الجنسية ومفكر إنساني ،
من مواليد القامشلي شمال شرق سورية.
يتكلم اللغتين الألمانية والإنكليزية بالإضافة إلى العربية، وتخرج من كلية الطب عام 1971 وكلية الشريعة 1974.
سافر إلى ألمانيا وأتم هناك تخصصه في جراحة الأوعية الدموية، وعاش فيها حتى عام 1982.
حصَل على دكتوراه في الجراحة (فاخ أرتس fachartz) ـ ألمانيا الغربية 1982.
عاد من ألمانيا ليستقر في السعودية
فعمل كرئيس لوحدة جراحة الأوعية الدموية - بالإنكليزية: Vascular surgery unit
في مستشفى الملك فهد التخصصي ببريدة في القصيم بالسعودية بطاقة 570 سريراً.
يقيم الآن بمدينة الرياض. وقد عرف نفسه مرة بقوله:
(إنني سوري المولد، عربي اللسان، مسلم القلب، وألماني التخصص، وكندي الجنسية، وعالمي الثقافة، ثنائي اللغة، لغة التراث ولغة المعاصرة، وأدعو إلى الطيران نحو المستقبل بجناحين من العلم والسلم).



;tn fhgpvf ,hu/hW!





رد مع اقتباس
قديم 09-17-2014   #2


الصورة الرمزية صمت المحابر
صمت المحابر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 988
 تاريخ التسجيل :  Mar 2014
 أخر زيارة : 03-29-2020 (07:44 PM)
 المشاركات : 9,350 [ + ]
 التقييم :  626
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Lightpink
اضف الشكر / الاعجاب
شكر (اعطاء): 1
شكر (تلقي): 0
اعجاب (اعطاء): 0
اعجاب (تلقي): 0
لايعجبني (اعطاء): 0
لايعجبني (تلقي): 0
افتراضي



وعلينا أن ننسخ الثقافة المبنية على العهد العتيق،
عهد اعتبار العنف (بطولة)، ولنبدأ التكيف مع العهد الجديد في الأرض الجديدة،
عهد السلام ولنبدأ بصنع (ثقافة السلام)، لإن صنع ثقافة السلام شرط لقيام العيش المشترك معا ً بسلام.
وهذه الثقافة التي ينبغي أن نصنعها هي التي ستبدل الذهنية الجماعية التقليدية التي تنظر إلى العنف أنه بطولة وقداسة،
بدلاً من النظر إليه أنه أمر يدعو إلى الغثيان، وأنه كفَّ عن كونه بطولة بل تحول إلى جريمة،
ومالم نحقق هذه النقلة الثقافية والقطيعة المعرفية فلن نكون قد صنعنا شيئاً.
فكما كانت الجراثيم القاتلة قبل كشفها ومعرفة كيفية التعقيم، كانت مبثوثة في أعيننا،
وكانت تداهمنا من غير أن نعرف كيف تأتي وتحصد الناس،
كذلك فإن الجراثيم الفكرية الثقافية المبثوثة في أغذيتنا الفكرية تأتي وتحصدنا ثم نعيش حيارى مبلسين.
إنه لم يبق في العالم إلا مذهبان،
من يؤمن بالعنف،
ومن يرفضه ويتحداه بالسلام،
وماهو أمام العرب اليوم أن يتمرنوا على حل مشاكلهم فيما بينهم سلمياً،
فإن نجحوا في ذلك فستحل المشكلات بينهم وغيرهم تلقائياً،
ويظن كثير من الناس أن حل المشكلات عند السياسيين، والواقع أن السياسي هو حفيد المثقف،
فهم ثمار الشجرة التي غرسوها.

كلام جوهري فحصاد المرحلة الحالية إنما هي
ثمار سنين من تخبط الهوية الثقافية والحضارية لدى المسلمين
والابتعاد عن اسس التسامح والعقيدة الاسلامية السمحاء
فسادت ثقافة العنف وتقهقرت ثقافة السلام
أزمتنا في اجيالنا الصاعدة هو غياب القدوة الحقيقة
كمربين ومعلمين وقادة وسياسيين
وبناء فكرة ان القوة تعتمد على القمع والاستبداد وخنق الرأي الاخر
ولعلنا ان لم نتدارك الامر ببناء منظومة فكرية قائمة عل مبادئ الدين الاسلامي الحقة
فلن نصل الى شيء سنبقى معلقين بحائط الدماء نراقب الحروب وهي تحرق
مساخات اكبر من الوطن العربي ليقام عليه المشروع الصهيوني المعروف بالسرق الاوسط الجديد.


قرأت المقال كاملا والمقاربة التي اوردها كاتي المقال بحديثه التفصيلي عن الحرب العالمية الاولى
وكيف تمخضت هذه الحرب عن ويلات ومصائب دفعت الانسانية ثمنها لا لشيء فقط لأن اوروبا
مرست نفسها لتطبق ثقافة القوة بدلا من إحلال السلام فدفعت الثمن غاليا جدا
وكفى بالروب واعظاً..


 

رد مع اقتباس
قديم 09-18-2014   #3


الصورة الرمزية سفير القلعة
سفير القلعة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 793
 تاريخ التسجيل :  Jan 2014
 أخر زيارة : 02-03-2015 (07:10 PM)
 المشاركات : 12,936 [ + ]
 التقييم :  1003
لوني المفضل : Cadetblue
اضف الشكر / الاعجاب
شكر (اعطاء): 0
شكر (تلقي): 0
اعجاب (اعطاء): 0
اعجاب (تلقي): 0
لايعجبني (اعطاء): 0
لايعجبني (تلقي): 0
افتراضي



اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صمت المحابر مشاهدة المشاركة
وعلينا أن ننسخ الثقافة المبنية على العهد العتيق،
عهد اعتبار العنف (بطولة)، ولنبدأ التكيف مع العهد الجديد في الأرض الجديدة،
عهد السلام ولنبدأ بصنع (ثقافة السلام)، لإن صنع ثقافة السلام شرط لقيام العيش المشترك معا ً بسلام.
وهذه الثقافة التي ينبغي أن نصنعها هي التي ستبدل الذهنية الجماعية التقليدية التي تنظر إلى العنف أنه بطولة وقداسة،
بدلاً من النظر إليه أنه أمر يدعو إلى الغثيان، وأنه كفَّ عن كونه بطولة بل تحول إلى جريمة،
ومالم نحقق هذه النقلة الثقافية والقطيعة المعرفية فلن نكون قد صنعنا شيئاً.
فكما كانت الجراثيم القاتلة قبل كشفها ومعرفة كيفية التعقيم، كانت مبثوثة في أعيننا،
وكانت تداهمنا من غير أن نعرف كيف تأتي وتحصد الناس،
كذلك فإن الجراثيم الفكرية الثقافية المبثوثة في أغذيتنا الفكرية تأتي وتحصدنا ثم نعيش حيارى مبلسين.
إنه لم يبق في العالم إلا مذهبان،
من يؤمن بالعنف،
ومن يرفضه ويتحداه بالسلام،
وماهو أمام العرب اليوم أن يتمرنوا على حل مشاكلهم فيما بينهم سلمياً،
فإن نجحوا في ذلك فستحل المشكلات بينهم وغيرهم تلقائياً،
ويظن كثير من الناس أن حل المشكلات عند السياسيين، والواقع أن السياسي هو حفيد المثقف،
فهم ثمار الشجرة التي غرسوها.

كلام جوهري فحصاد المرحلة الحالية إنما هي
ثمار سنين من تخبط الهوية الثقافية والحضارية لدى المسلمين
والابتعاد عن اسس التسامح والعقيدة الاسلامية السمحاء
فسادت ثقافة العنف وتقهقرت ثقافة السلام
أزمتنا في اجيالنا الصاعدة هو غياب القدوة الحقيقة
كمربين ومعلمين وقادة وسياسيين
وبناء فكرة ان القوة تعتمد على القمع والاستبداد وخنق الرأي الاخر
ولعلنا ان لم نتدارك الامر ببناء منظومة فكرية قائمة عل مبادئ الدين الاسلامي الحقة
فلن نصل الى شيء سنبقى معلقين بحائط الدماء نراقب الحروب وهي تحرق
مساخات اكبر من الوطن العربي ليقام عليه المشروع الصهيوني المعروف بالسرق الاوسط الجديد.


قرأت المقال كاملا والمقاربة التي اوردها كاتي المقال بحديثه التفصيلي عن الحرب العالمية الاولى
وكيف تمخضت هذه الحرب عن ويلات ومصائب دفعت الانسانية ثمنها لا لشيء فقط لأن اوروبا
مرست نفسها لتطبق ثقافة القوة بدلا من إحلال السلام فدفعت الثمن غاليا جدا
وكفى بالروب واعظاً..
كعادتك ما بتبقيلي شي اقوله

شكرا صمت \ لايكتمل جمالية الموضوع الا بردك الجميل دائما

تحياتي الك


 

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الاحتلال يستبدل قائد "فرقة غزة" لفشله بالحرب بنات فلسطين الأפֿـُبآر والـأפـدَآث 4 09-01-2014 11:55 AM
هذا هي الصور التي منعها الصهاينه من نشرها بالحرب الاخيره ع غزة بنات فلسطين ะ» فِلِسطِيـטּ وآلقَضِيـةٌ |▪●™ 8 07-31-2013 08:57 PM


الساعة الآن 11:11 PM


فن بيتك متجر فن بيتك الصعب للاتصالات سبيكترا

Search Engine Optimization by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc.