|
لي خمسة أطفال لي خمسةُ أطفال .. كبيرهم نشأ في البادية عُرِف بكرمِه و أصالتِه و رصانتِه و حسنِ الضيافةِ، كلّفتُه بأن يحرسَ الكعبة يسقي الحُجاجّ و يوزع عليهم التمور، حفرَ تحت الكعبة فوجدَ ماءً أسود ليس مباركًا كماء زمزم لكنّه أثمن من الماءِ إن تمّ بيعه، أحفادي منه انتشروا في شبه الجزيرة، حرقوا الخيم و شيّدوا ناطحاتِ السحاب، و بالمالِ اشتروا الطائرات، و الماكينات و السيارات، ثمّ تفرّغوا لبناءِ القصور و حُب النساء، إخوتُه لا يحبونَه يبررُ ذلك بالحسدِ و يبررون هم بالبخلِ، و بين بخله و حسدهم لا أعرف كيف أصالحهم.. طفلي الثاني ولد موهوبًا بجرحٍ في صوتِه، يغني المواويلَ حتى يَبكي و يُبكي، كأنّها ربابة في حنجرتِه، يلقي الشعرَ و يجمعُ الكتب القديمة في مكتبةٍ يحرقونها كل حربٍ و يعيدون تعميرها ، أحفادي من طفلي الثاني تشتتوا إلى طوائف فكرهوا بعضهم و كفّروا و هجّروا، و ذبّحوا و فجّروا كل مبنى جميل.. طفلي الثاني لازال جريحًا لكنّه يومًا ما سينهض.. و سيتعلّم أنّ لا شيء غير الأرض يستحق أن ننزف من أجلِه الدّم. طفلي الثالث أنجبتُه على أرضٍ أمازيغية، لا يشبهُ إخوته في لسانه و حديثه و لباسِه و ثقافتِه، غير أنّه عربي كأمّه، اختطِفَ من ذراعيّ أكثر من مرة، حسدتني عليه الأمهات الرومانيات، و الإسبانيات، و الفرنسيات، و غيرهن، دفعنَ أموالاً طائلة من أجل التبني لكنّه ابني... يجدُ دائمًا طريقهُ ليعود إليّ و لو بعد قرنٍ و نصف.. طفلي الرابع أنجبتُه على أرضٍ فرعونية، أنجبته بين الأهرامِ على أرضٍ عاش عليها الأنبياء، و ذكرها التاريخ بأقدمِ الحضارات، سلمتُه مفاتيح الطربِ و الأدبِ و باركتُه بالجَمال و الجِمال، تركتُه هناكَ بين بحرين، الأول أبيض و الثاني أحمر، يحرسُ أرضَه و يؤاخي شعبَه، يدق أجراس الكنائس، و يقيم الأذان من المساجدِ، ثم يختم يومه بأن يقص الحكاية لأطفالهِ كي لا ينسَوا من تكونُ مصر. طفلي الخامس شاميّ الولادةِ، أجملُ ما أنجبتُ من الأطفال، كأنّ يوسف دسّ من مائه في رحمي، تراه النساء فيقطّعنَ أياديهن، تخرجُ الحروفُ العربية من فمه سليمة، و الكلماتُ شهيةً، أحفادي منه، توّزعوا على أرض الشام، فكبيرهم سمّى الأرض سوريا و جعل من دمشق عاصمته الأبدية، بنى في كل بيتٍ نافورة و زيّن الشرفات بالياسمين، صغيرهم زرع أرزةً و مكث هناك يصاحب العصافير يتعلم منهم لغة السلام، يؤلفُ الموسيقى و الروايات التي لم يكتبها أحد، أمّا آخر أحفادي كُتِب عليه الجهاد كما كتِب على الذين من قبلِه، أن يحمل قضية على كتفيه كالصليب، حتى يستعيد مسجدهُ الأقصى، و كل حبةِ زيتونٍ سرقوها منه، حين لا يجدُ بندقيةً يلثم وجهه و يرجم عدوّه بحجر.. أحفادي في فلسطين يولدون رجالاً، و يموتون أطفالاً.. للكاتبة : سارة النمس |
مقالة رائعة اختي اجمل ولكن تفرق الاطفال واقتتلو فيما بينهم واستهان العدو بدمهم ..فبتنا اضعف ما نكون بعد ان كنا من خير الامم / موضوع في قمة الروعه لطالما كانت مواضيعك متميزة لا عدمنا التميز و روعة الإختيار دمت لنا ودام تألقك الدائم تحياتي |
مقال رائع جدا اشكرك على الانتقاء المميز ودي لروحك |
اقتباس:
ما يميز مواضيعي دائما هو حضورك المتواصل و الذي يروقني حتى حدود السماء أشكرك على حضورك الراقي أسعدني حقا |
اقتباس:
ولروحك الجوري على تواجدك الشغف ودي لك~ أنرتي ^^ |
نثرية رائعهْ جداَ تشبيه الكآتبةِ جاءْ جمْيل وجميعْ الاطفَالّ تفرقوآ حتى غدوْ آعداءا لبعضهمْ وشركاءِ مع عدوهمِ \ انتقائك جدا جميل .. |
عندما نهون على بعضنا نهون على الاعداء تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسّراً وإذا افترقن تكسّرت احآداً هكذا بات حال اطفالك يا امة العرب وللاسف كلهم متفرفين ويا للعجب اجتمعو على اختهم الصغيره غزه بدل ما يحموها ويحافظو على عرضهم تفرجو عليها وهي تدمر موضوع يستحق القراءه سيدتي يا اجمل مختصر كنتِ رائعه بالفعل وستكوني دوما دمتِ بكل نبضه قلب |
اقتباس:
أصبت أخي أسعدني حضورك جدا أنرت |
اقتباس:
أسعدتني بمرورك أنرت |
| الساعة الآن 08:49 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.
Search Engine Optimization by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by
Advanced User Tagging (Lite) -
vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.