![]() |
رواية الزيارة للكاتبة رنوة العمصي الزيارة: رنوة العمصي.. أوهام الجو الفلسطيني في روايتها الأولى "الزيارة" الصادرة عن دار الآداب في إطار محترف "نجوى بركات" بالتعاون مع وزارة الثقافة البحرينية، تروي الشاعرة والروائية البحرينية رنوة العمصي حياة أسرة متوسطة تعيش في أحد أحياء القاهرة على لسان طفلة ابنة ثمانية أعوام، طفلة لأب فلسطيني وأم مصرية محدثة نعمة، جاءت ثروة الأم من أبيها الذي عمل لدى اليهود المصريين أجيراً، وحين فروا إلى فلسطين اشترى أملاكهم، وتزوجت رجلاً فلسطينياً حافظ على ثروتها ولم يبددها كما فعل زوج أختها "الصعيدي" الذي تتبرم طيلة الوقت من حضوره، دخانه، عاداته في شرب الشاي، سلوكه في الحديث. أم متذمرة، صارمة في تربيتها، موتورة، خائفة، لا يبدو أنها تشعر بالأمان. هذه الأسرة التي تعيش حياة مستقرة على نحو ما، أو هذا ما تجهد العائلة نفسها على إظهاره، يخلخل استقرارها على نحو مفاجئ زيارة الجد الفلسطيني. جدٌّ لا تعرفه الحفيدة، تتخيل ملامحه وسلوكه، الجد الآتي من مكان بعيد غير صعيد مصر، إذ اعتقدت الطفلة أن لا أقارب لوالدها، وأن أبويه عند الله كوالدي أمها. تسرد الراواية/ الطفلة وقائع ما قبل الزيارة وتحضير الأسرة لها، بحرفية عالية وسرد شيّق. بيد أن َّالسؤال المقلق الذي يقضّ مضجع الأم: ما الذي جاء بهذا الجد بعد سنوات عديدة؟ هل سيأخذ ابنه معه؟ هل سيقوم بتزويجه من امرأة فلسطينية؟ والطفلة تسمع، تراقب أهلها وأقرباءها، تغار من أخيها الرضيع، تتبرم من أوامر أمها، ترى أهلها وهم منغمسون في إخفاء التفاصيل السيئة عن الجد، وإظهار اللياقة والاحتفاء به، والمبالغة بتزيين الشارع والمنزل، وكأن شهر رمضان قد حلّ، أو أن أحد الأقرباء قد رجع من الحجّ، ربما كانت من الروايات القليلة التي يسردها طفل، يردد ما يسمعه من دون أن يسبغ عليه الراوي إيديولوجية معينة أو تحليلا مسبقا لحالات وشخوص الرواية، كأن الأشخاص في الرواية يعيشون حياتهم الطبيعية وثمة كاميرا، هي عين الطفلة ذاتها ترصد كل كلمة يقولونها وكل حركة يقومون بها. والرواية تتحدث عن قضايا كبيرة بمفردات بسيطة تميل إلى العامية، قضية ضياع فلسطين، هجرة اليهود المصريين واستيلاء صغار التجار على أملاك اليهود المصريين، بل في أحيان كثيرة إجبارهم على بيعها، مشاكل معبر رفح وصعوبة تنقّل الفلسطينيين والذلّ الذي يعانونه من المصريين والإسرائيليين على حدٍّ سواء، الفوارق الطبقية بين أهالي القاهرة وصعيد مصر، ترصد هذه التفاصيل من دون أن تعلق عليها، بل تكتفي بترداد ما يصل إلى أذنيها من حوارات تدور على ألسنة أهلها وأقربائها، ويحضر سؤال الهوية بقوة دون إقحام في الرواية، ما معنى أن تكون فلسطينياً، هل الفلسطيني غريب شأنه شأن النوبيين المصريين؟ ما هو لون سحنته؟ هل يشبه أبناء النوبة؟ وهل أهل النوبة غرباء أيضاً؟ كلُّ هذا يمر على لسان الراوية/ الطفلة ولا تجد جواباً لأسئلتها. كل ما تعرفه أنها مصرية وأمها مصرية، هذا ما تردّده أمها دائماً. وتحضر في الرواية، أيضاً، ثلاثة أجيال فلسطينية، جيل الجد الذي هرب مع زوجته وأبنائه وأبيه من قريته خوفاً من اليهود، وحتى قبل أن يهاجموها، تاركاً أمه المشلولة، لم يدافع هذا الجيل عن أرضه، لم يطلق رصاصة واحدة في وجه المحتلّ، شأنه شأن أهل قريته، بل هرب منها وترك اليهود يستولون عليها من دون قتال، وحين عاد ليبحث عن أمه يجدها قد اختفت، أضاع أرضه مثلما أضاع أمه، وها قد أتى لزيارة ابنه البكر التاجر الناجح في مصر، ومعه سندات تثبت ملكيته أراضي في قريته، حضر، وكله أمل، أن يعيد ابنه المتزوج من امرأة مصرية كي يسترد الأرض ويعتني بها، لكنه يتناسى أن استرداد هذه الأراضي من اليهود لا يغدو أن يكون وهماً. والجيل الثاني المتمثل بأب الراوية/ الطفلة، الذي أسس حياة جديدة في بلاد أخرى "مصر" ويعيش حياة مستقرة مع زوجة وأطفال ولا يريد تغييرها، الجيل الذي شقّ طريقاً آخر، يحمّل أباه مسؤولية ضياع الأرض والأم، لا يلقي بالاً، رغم تقديره لأبيه، وشعوره الدائم بأنه غريب وسط عائلة زوجته، لهذه السندات التي يحملها والده، بل إنه لا يريد شيئاً من فلسطين، كأنها ماض عليه أن يمحوه من ذاكرته كي يستطيع الاستمرار في الحياة الجديدة التي اختارها. أما الجيل الثالث فهو جيل الراوية/ الطفلة، جيل لا يعرف شيئاً عن فلسطين، ولا يعرف شجرة عائلته، كل ما يعرفه هو حكايات الجد الذي أتى فجأة لزيارتهم بلهجته الغريبة، الجيل الذي يعتقد أن الذهاب إلى فلسطين هو فسحة، للالتقاء بأشخاص يُحكى أنهم يمتون إليه بصلة القرابة، لكنه في الوقت نفسه، في قرارة نفسه يحب المكان الذي ولد فيه، فالراوية مصرية وأمها مصرية، أما أبوها فهو غريب وسيبقى غريباً، حاله حال الفلسطينيين الذين يعيشون في الشتات، كما تتردد العبارة على لسان الأب. وهنا تطرح الروائية مشكلة الجيل الثالث الذي وُلد في الشتات، ما هي هويته؟ ماذا تعني فلسطين بالنسبة له؟ الجيل الذي يحمل إرثاً شائكاً ومعقداً من الانتماء، يغدو لامنتمياً. يعود الجد مخذولاً إلى فلسطين، ويستمر الابن في حياته، أما الراوية/ الطفلة فتَعِد الجدَّ بزيارة فلسطين، هذه الأرض التي لا تعرف عنها شيئاً سوى أنها مكان بعيد لا يذهب إليه البشر بالقطار. |
سلمت يداك يعطيك العافية |
الله يسلمك يا رب من كل شر شاكر مرورك الكريم همسات |
المحتوى جميل جدآ ، وستكون الرواية بالتآكيد رائعه ومميزه لكن حآول تهتم بالعنوآن آكثر .. |
اشكرك اخي الصياد للمرور الكريم الرواية ليست لي انها للكاتبة والشاعرة البحرينية : رنوة العمصي شكرا لك |
عرض شيق للرواية واحداثها المتلاحقة ومستوى السرد على لسان طفلة والبعد الزمني الممتد على مدى 3 اجيال متلاحقة رواية غنية بالاحداث والرصد للوقائع والتفاضيل الدقيقة. اتمنى ان اصل على نسخة من الرواية لقرائتها وبالتأكيد ستكون ممتعة للغاية جزيل الشكر للعرض والطرح القيم سفير القلعة وبانتظار مزيدك المميز دوماً. |
مشكور ،ـِ سفير القلعه ، ننتظر ، المزيد منك ومن روعة مما تنقل لنا ـ |
لجميع من مر هنا شكرا جزيلا تحياتي |
الساعة الآن 05:23 AM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.
Search Engine Optimization by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by
Advanced User Tagging (Lite) -
vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.