![]() |
قد يحدث أن... http://www.qzal.net/01/2013-01/13637897611.gif قد يحدُث أنْ تخرجَ من تجربةٍ سعيدةٍ أو حزينةٍ - لا يهمُّ الأمر - ويحدث أن تنفقَ الساعاتِ والأيامَ والشهورَ وأنت لاهٍ عنها غير مكترثٍ بها، وذلك بعد أنْ أحرقت في داخِلك غابات من الحبِّ أو الحنين، فأصبحتْ كقِطَع الثلج أو رمادًا، ونظَّفت قلبك من آثار الحبِّ والأمل الموهوم. ويحدث أيضًا أنْ تُسيِّر حياتك بوجهٍ مُرْضٍ لك، إذا أنت رفعت شعار: "ارضَ بما ليس منه بُدٌّ"، وها أنت ذا تُحاوِل أن ترسيَ ذلك الشعار في قريرتك؛ بحيث يصبح ذا حُضورٍ قويٍّ تَخاف معه الجنوح لذلك الماضي. ويحدث أنْ توهم نفسك بأنَّ الماضي قد انمحى من ذاكرتك، وبأنَّك أصبحت بلا ذاكرة، أو إنْ شِئتَ بذاكرةٍ جديدةٍ تختلف اختلافًا جذريًّا عن الذاكرة القديمة، وتُحاوِل أنْ تعيش وفقًا لها؛ فتأتي وتذهب، وتصادق وتعاون، وتغضب وترضى، وكأنَّك لم تكن في يومٍ من الأيَّام على موعدٍ مع الأحزان أو التجارب القاتلة. وتتوهَّم أيضًا بأنَّ هذه الذاكرة البِكْرَ قد أعادَتْ لحياتك توازُنها، ولوجهك رواءَه، ولبسمتك روعتها، ولنفسيَّتك هُدوءها، ولقلبك نبضَه وحياتَه. ويحدث أنْ تستَمتِع بحياتك الجديدة بعضَ الوقت، وأنْ تصبح مأخوذًا بها، وأنْ تكون في غبطةٍ من أمرك، لا تخفي تلك الابتسامة الغامضة التي تكسو وجهك وتعلو محيَّاك، إلا شيئًا قليلاً من سعادتك بوضعك الجديد. ولكن ما أنْ تختلي بنفسك بعيدًا عن صخب الحياة وضوضائها حتى يتأوَّبك ذلك الماضي الأليم، ويتراءى لك وكأنه حاضرك، وإذا أنت تستعيدُ تفاصيل كلِّ هاتيك الذكريات التي جاهدتَ عبثًا في نِسيانها أو تَناسيها، وإذا حالُك قد انقَلبَ، وإذا نفسيَّتك قد تعكَّر صفوُها، وإذا أنت لا تعرف ماذا تعمل! ألهذا الحدِّ تستفزُّك الذاكرة، وتقضُّ عليك مضجعك، وتأتيك من حيث لا تحتسب، بعد أنْ وطَّنتَ نفسك على الحياة الجديدة، وعاهَدتها بأنْ تغسل يديك من آثار الماضي وألمه؟ أللذاكرة هذا الحضور القويُّ الملحُّ الذي يكون كفيلاً باستحالة حياتك في لحظةِ هدوء جئتَ تبتغيها بعيدًا عن ضوضاء الحياة؟! إذًا ثابَتْ إليك الذاكرة الأمُّ، حاملةً معها ملفَّات كلِّ شيء، وطفقْتَ تبحَثُ عن مخرجٍ سريع لهذه المشكلة. وعندما يَثُوب الشيء في لحظة غفلة تصبح الأمور هنالك مُربِكة كثيرًا؛ ولهذا فأنت لا تستطيع أنْ تمنعها من الولوج، ولا أنت تستطيع أنْ تجبرها على المغادرة. إذًا دَعْها تقيم فيك بعض الوقت، إذ هي سترحل ما من ذلك شكّ. سترحل بعد أنْ تحقق أهدافها التي تكمُن في أنها حاضِرةٌ، وأنَّه من العسير عليك أنْ تتخلَّى عنها وقد كانت في يومٍ من الأيام حياتك وآمالك وطُموحاتك وأهدافك، وكأنَّك بها تقول: أتراك تتنكَّر لي وتنسى أجمل ساعاتي؟ ألهذا الحدِّ كفرت بي وبلحظات سعادتك؟ نها لأمورٌ محرجةٌ هذه التي تتنكَّر لها بعد أنْ كنت كلَّ شيء لها، أو بعد أنْ كانت كلَّ شيء لك، وها أنت ذا تخرج من جلدها! ويحدث أنْ تبكيَ بكاء مُرًّا، وأنْ تخضلَّ عيناك بالدمع المختلط بالدم: تَأَوَّبَنِي لَيْلٌ بِيَثْرِبَ أَعْسَرُ وَهَمٌّ، إِذَا مَا نَوَّمَ النَّاسُ مُسْهِرُ لِذِكْرَى حَبِيبٍ هَيَّجَتْ ثُمَّ عَبْرَةً سَفُوحًا، وَأَسْبَابُ البُكَاءِ التَّذَكُّرُ يحدُث هذا وأنت في حيرة من أمرِك، لا تعرف ماذا تفعل؟ ولا أيَّ الطريقين تسلُك؟ هل تسلُك طريق الماضي فتنقِّب عن دهاليزه، ومنحنياته، ومنعطفاته، ثم لا تجدُ سوى الذكرى تتربَّص بك في أحد الممرَّات الضيِّقة، أم تسلُك طريق المستقبل، وتقطع صلتك بالماضي وتصبح إنسانًا جديدًا لا علاقة له به؟ هل تبكي على طلول الماضي وآثار الدِّيار، وتستبكي معك مَن هم حولك حتى يُقدِّروا معاناتك ويعذروك؟ وَلَقَدْ أَرَى أَنَّ البُكَاءَ سَفَاهَةٌ وَلَسَوْفَ يُولَعُ بِالبُكَا مَنْ يُفْجَعُ أم تتغلَّب على ضعفك وتيمِّم صوب المستقبل، وتُحاوِل البحث عن مرسًى تُثبِّت قدميك فيه بعيدًا عن رياح الماضي وعواصف الذكرى؟ إنَّ الأمر إنما يرتَكِز على همَّتك وإرادتك، أو إنْ شئت على سعادتك وهنائك؛ إذ إنَّ الكثيرين من الناس يرَوْن في استحضار صورة الماضي والعيش فيه وعلى ظِلاله نشوةً تَفُوق نشوة الاستِمتاع بالحاضر إنْ وجدت مقوماته، فلماذا نقطع على هؤلاء سعادتهم وهناءهم؟ إنَّنا نعذر هؤلاء لأنهم لم يجدوا واقعًا يمكنهم من العيش فيه بتصالحٍ مع الحياة وظُروفها؛ فلذلك فاؤوا إلى الماضي حيث شجرات الذكريَّات والحنين الوارفة الظلال. وأعجَبُ من هذا أن تجد أحدَهم معذبًا في حاضِرِه، وتراه مستمتعًا بذلك مغتبطًا، فمن ذلك ما رواه ابنُ حزم الأندلسي في كاتبه "طوق الحمامة" من أنَّه علم فتًى من بعض معارفه قد تورَّط في الحبِّ ووقع في شركه، وقد رأى ابن حزم على وجهه أثر الاكتئاب وسوء الحال، فقال له في بعض قوله: "فرَّج الله عنك"، فما كان من ابن حزم إلا أنْ رأى أثَر الكراهية في وجهه، وكثيرةٌ هي القصص التي تندرج تحت هذا النمط. ولكنَّ الشيء المحزن حقًّا أنْ ترى أناسًا لا يستطيعون أنْ ينفكُّوا من الماضي برغم كلِّ محاولاتهم في نِسيانه التي دائمًا ما تَبُوء بالفشل، فلا هو كسب شيئًا في الماضي، ولا هو سعد في الحاضر، وأخلِقْ به مُتَجافيًا عن السعادة في المستقبل. http://www.qzal.net/01/2013-01/13637897612.gif |
يسلموا ع الموضوع والمعلومات الرائعة |
اقتباس:
سلمت ودمت بخير سرني مرورك. |
ويحدث أنْ تستَمتِع بحياتك الجديدة بعضَ الوقت، وأنْ تصبح مأخوذًا بها، وأنْ تكون في غبطةٍ من أمرك، لا تخفي تلك الابتسامة الغامضة التي تكسو وجهك وتعلو محيَّاك، إلا شيئًا قليلاً من سعادتك بوضعك الجديد. يحدث كثيرا راق لي طرحك كل الود |
بارك الله فيكِ ع هذا الطرح الرائع...سلمت يمناك على هذا الانتقاء ... يعطيكِ العافية..~ |
حياتنا مراحل وكل مرحلة تترك بداخلنا أثر لا يزول راقني محتوى كلماتك صمت المحابر حضورك دائماً مميز ومواضيعك راقية سلمتٍ وسلم فكرك |
وَلَقَدْ أَرَى أَنَّ البُكَاءَ سَفَاهَةٌ وَلَسَوْفَ يُولَعُ بِالبُكَا مَنْ يُفْجَعُ لن اتمكن من التعليق لأني لا اجد ما يقال بعد الذي قيل سو كلمه شكر اتوجه بها اليك لهذا الطرح الرائع جدا تحيتي |
اقتباس:
سلمت ودمت بخير اختي الطيبة. |
اقتباس:
تحيتي لك والياسمين. |
اقتباس:
شاكرة لك حين المتابعة دمت بخير وسعادة. |
اقتباس:
اسعدني مرورك وردك الطيب تحيتي لك اخي دمت بخير وسعادة. |
الانسان يجب اذا صادفه من الالم والجروح والحزن يجب ان يوجهها وليس ليهرب منها مشكوره اخى على الموضوع الرائع والجميل هذا مجرد نصيحه لجميع المسلمين |
راق لي :81: |
اقتباس:
او التعايش هل تبقى بقاياها في نفس الانسان ام تزول؟ الكاتب يطرح اشكالية محددة هي ان الانسان في لحظة ما تغوزه هموم الماضي ومواقف إليمه عايشها لكن المهم هو التخلص من رواسبها وهو يعترف بنهاية المقال ان بعض الناس تعيش حياتها وهي تحاول نسيان الماضي لكنه يأسرها خلف قضبانه وذلك أدوم الألم واصعبه! يحتاج النسيان الى شجاعة وصبر ليس الجميع يملكها. شاكرة لك مرورك اخي وبارك الله فيك. |
اقتباس:
وراق لي مرورك شكرا يا عسول:116: |
طرح رائع اشكرك عزيزتي ممتن لذوقك العليل هنا بانتظار جديدك القادم ودي |
اقتباس:
سلمت ودمت بخير اختي. |
الساعة الآن 09:43 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.
Search Engine Optimization by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by
Advanced User Tagging (Lite) -
vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.