منتديات بنات فلسطين

وصايا أمي

ويوما
حين كنت صغيرا
كانت أمي توصيني
أن أنظف ثوبي
وأنهي صحني
وأوحيي كل جار
وأن أبسم لكل من لقيت
وألا أكذب...كثيرا
وأن أحرص على من أحببت
وأصون لساني ما حييت

ويوما كبرت
سافرت وافترقنا
لم أعد أسمع وصاياها العظيمة
لم أعد أرى شفاهها الرقيقة
حتى مرضت
فتركت أسفاري وعدتها
لم تكن حينها تقوى على الكلام
وفي عجب
فتحت عينيها ببطء
و أخذت بأذني
قالت كلمات لست أنساها
قالت و قد أتعبتها كلماتها
همست بحرص
و أخبرتني
ألا أقع في حب فتاة حزينة!
لم أستطع سؤالها عن تلك الفتاة الحزينة
وماتت أمي
ولم تمت وصاياها العظيمة
فلم أعرف في حياتي فتاة حزينة
فكل الفتيات يخفين ضحكات دفينة

فلم أعص أمي يوما حتى وجدتها
إذ بها بين الجموع أراها
والدمع رقراق قد زان مقلتاها
فتلمع العين من أمل حزين
وتحكي حمرة الخدود حياها
وتحكي للناظرين ببسمة
منسابة بين الشفاه عليلة
كيف تبدأ البسمات شقاها
فأهرقت دمعة من مقلة
شقت قلب الصب، داعبت وجنتاها
كطائر الحب أثقله المطر
فلما ارتعش
هوى إليه من نظر
فتمسح الدمع من فور على عجل
كأن الذي جرى أمر جلل
فتعود للبسمات تملؤ ثغرها
أنى للبسمات تخفي ما حصل
كأن الدمع قد خالط القلبا
فسقى به الروح وخامر العقلا
فمال النفس أراها تواقة
...للوصل
وامتطت روحي فازدادت بها عللا

وغابت فتاتي بين الجموع واندثرت
كأحلام بعيدات
بصمت كم احترقت
وما للشوق لها قد استعر
فالقلب ميزان فيه الحب انتصر
كأن آيات الجمال كلها لها حيزت
ومن نفسي
وروحي
وأشواقي دون الورى لها حيكت
فلم تر عيني قط أجمل من فتاة حزينة
فصارت روحي بها
بأحلام لها
سجينة
وذكرت كم كانت أمي امرأة حكيمة