منتديات بنات فلسطين - من تسريحة كيم إلى مرض الـ:Selfie الروابط الملغومة

من تسريحة كيم إلى مرض الـ:Selfie الروابط الملغومة

سناء الخوري
تاريخ المقال: 05-04-2014 02:26 AM

http://www.assafir.com/Medias/Photos...9d0e93a367.jpg

أليست مواقع التواصل جنّة الصحافيين؟
هي بالتأكيد كذلك. لكنّها أيضاً فضاء مثالي لتبادل أخبار كاذبة، أو غير دقيقة.
صار يكفي أن ينشر رابط على «فايسبوك» أو «تويتر» أكثر من مرّة، كي يصير «خبراً»،
وحقيقةً قابلة للتصديق، من دون أيّ تدقيق في صحته، أو مصداقيّة مصادره.
هكذا، لم يتمّ توثيق أيّ خطاب للبابا فرنسيس ينفي فيه وجود جهنّم، لكنّ بعض المواقع العربيّة أكّد قوله ذلك.
ولم يؤكّد أيّ مصدر موثوق أنّ كيم جونغ أون ألزم الرجال في كوريا الشماليّة باعتماد قصّة شعره.
لكنّ الجميع كان يتندّر على تلك «الواقعة» خلال الأيّام الماضية.
وحين نقول الجميع نقصد وسائل إعلام شبه معصومة، مثل «بي بي سي»، ومجلّة «تايم».
ليس على موقع «الجمعية الأميركية للطب النفسي» الرسمي
أيّ دراسة تصنّف صور الـSelfie تحت خانة الاضطراب النفسي، رغم ذلك،
أقنع رابط لموقع هزليّ اللبنانيين بضرورة مراجعة وضعياتهم أمام الكاميرا.
وقس على ذلك، من أخبار كاذبة صدّقها العالم، مثل الثلوج على مخالب أبو الهول،
والطفل السوري الذي عبر البادية وحده، و«مستر بين» لم يمت، ولم يشهر إسلامه...
وغيرها من الشائعات التي باتت تنبت كالفطر، على جدران «فايسبوك» وحسابات «تويتر».
لا نتحدّث هنا عن شائعات أو صور مركّبة أو معدّلة، يصعب كشف الزيف فيها.
بل عن أخبار لا أساس لها من الصحة، مصدرها غالباً مواقع أجنبيّة غير دقيقة،
وأحياناً مواقع ساخرة، تتمّ ترجمتها إلى العربيّة، وإذا بها تتحوّل إلى أخبار موثوقة،
تبنى عليها تحليلات وتحقيقات صحافيّة، وتعتمد كوقائع مثبتة.
عندما «يتفشّى» رابط أو وسم على مواقع التواصل، تصير عمليّة الغشّ سهلة،
لأنّ الجميع يتحدثون عن ذلك، ولأنّ الجميع صدّقوا الكذبة.
على سبيل المثال، نقلت عدّة مواقع إخباريّة معروفة بمصداقيّتها،
خبراً عن صدور قرار رسمي في كوريا الشمالية، يفرض قصّة شعر كيم جونغ أون على جميع الرجال.
تعدّدت صياغات الخبر.
بعض وسائل الإعلام الغربيّة قالت إنّ التسريحة فرضت فقط على طلاب الجامعات،
مستندةً الى حرب شنتها كوريا الشماليّة على ذوي الشعر الطويل، في العام 2005.
تولّت مواقع عربيّة الترجمة، وصار الخبر غير الدقيق، حقيقة علميّة.
مجلّة «لو نوفل أوبسرفاتور» الفرنسيّة، خصّصت تقريراً موسعاً، لسرد الطريق الذي سلكه الخبر الكاذب.
فأثبتت أنّ مصدر الخبر الأصلي، هو موقع لإذاعة تعرف بـ«راديو آسيا الحرّة»، مموّلة من الكونغرس الأميركي، ومقرّها واشنطن، بحسب المجلّة.
وللتأكّد من مصداقية الموقع، سألت «لو نوفل أبوس»
الصحافية الفرنسيّة العاملة في كوريا الشماليّة أورسولا غوتييه،
فأشارت الأخيرة إلى أنّ معلومات الموقع «ليست دقيقة 100 في المئة،
ويتمّ الحصول عليها من سوق سوداء للمعلومات والأخبار».
فيما نقلت المجلّة عن مراسل «أسوشييتد برس» في بيونغ يانغ قوله،
إنّه لم يلحظ أيّ تغيير يذكر في شكل قصّات شعر طلاب الجامعات.
أن يخدع صحافي بخبر عن قصّة شعر كيم جونغ أون، أمرٌ وارد الحدوث،
خصوصاً أنّ الإعلام الغربي يسير على مبدأ أنّ أيّ شيء قابل للتصديق، حين يتعلّق الأمر برجل يهدّد العالم بصواريخه النووية.
وأن يخدع صحافي بخبر عن إقرار البابا فرنسيس بعدم وجود جهنّم،
أمر جائز أيضاً، خصوصاً أنّ تصريحات الفاتيكان المنفتحة على أفكار جديدة وثوريّة،
أذهلت العالم خلال الأشهر الماضية.
لكنّ التصريح الذي ترجمته مواقع عربيّة، لم تنقله أيّ وكالة أنباء،
ولم يصدر رسمياً عن أيّ مجمع فاتيكاني، ولم تشر إليه أيّ مجلّة أو صحيفة باستثناء بعض المواقع المشكوك بصدقيّتها.
يمكن لأيّ منّا أن يشارك رابطاً عن خبر مماثل على صفحته، قبل أن يتنبّه إلى أنّه وقع في الفخّ،
وقد لا يتنبّه لذلك أبداً، خصوصاً إن كان أحد المواقع العربيّة تبرّع بترجمة خبر عن موقع ساخر،
وتبنّيه كخبر مؤكّد.
وذلك ما ينطبق على حالة الدراسة التي اعتبرت أنّ الـSelfie اضطراب عقلي.
مصدر الخبر الأصلي، موقع «ذا أدوبو كرونيكلز»، ويعرّف نفسه بموقع الأخبار «غير القابلة للتصديق».
ينسب الموقع الدراسة إلى «الجمعية الأميركية للطب النفسي».
لكنّ تلك الجمعيّة لم تشر إلى أيّ اكتشاف مماثل على موقعها.
يجعلنا الواقع السريالي الراهن، على تماس يومي مع أغرب الأخبار، وأكثرها تجاوزاً لطاقات الخيال.
ذلك عامل يجعل من انطلاء الشائعات على الصحافيين ومستخدمي مواقع التواصل،
أسهل من أيّ وقتٍ مضى.
لكن قبل أن تشارك أيّ رابط على «فايسبوك»،
فكّر جيداً في المرّة المقبلة، ولا تصدّق كلّ ما تراه على جدارك.