مقطع اعجبني من رواية //
الاسود يليق بك
للكاتبة //
احلام مستغاني لا أفقر من إمرأة لا ذكريات لها http://d.gr-assets.com/books/1351004560l/16081961.jpg
كبيانو أنيق مغلق على موسيقاه ، منغلق على سرّه .
لن يعترف حتى لنفسه بأنه خسرها . سيدعي أنّها من خسرته ، و أنه من أراد لهما فراقاً قاطعاً كضربة سيف . فهو يفضل على حضورها العابر غيابا طويلا ، و على المُتع الصغيرة ألماً كبيراً و على الإنقطاع المتكرّر قطيعة حاسمة .
لشدة رغبته فيها ، قرّر قتلها كي يستعيد نفسه ، و إذا به يموت معها . فسيف الساموراي ، من قوانينه إقتسام الضربة القاتلة بين السيّاف و القتيل .
كما يأكل القط صغاره ، و تأكل الثورة أبناءها ، يأكل الحب عشاقه ، يلتهمهم و هم جالسون إلى مائدته العامرة .فما أولَمَ لهم إلا ليفترسهم.
لسنوات ، يظل العشاق حائرين في أسباب الفراق ، يتساءلون : من يا ترى دسّ لهم السّم في تفاحة الحب ، لحظة سعادتهم القصوى ؟ لا أحد يشتبه في الحب ، أو يتوقع نوايه الإجرامية . ذلك أن الحب سلطان فوق الشبهات ، لولا انه يغار من عشاقه.
لذا ، يظل العشاق في خطر ، كلما زايدواعلى الحب حبا .
كان عليه إذن أن يحبها أقّل ، لكنه يحلو له ان ينازل الحب و يهزمه إغداقا ، هو لا يعرف للحب مذهبا خارج التطرف .
رافعا سقف قصّته الى حدود الأساطير ، و حينها يضحك الحب منه كثيراً ، و يُرديه قتيلاً . مضرجا بأوهامه.
إنّها إحدى المرّات القليلة التي تمنى فيها لو أستطاع البكاء ...لكن رجلا باذخ الألم لا يبكي . لفرط غيرته على دموعه ، اعتاد الإحتفاظ بها و هكذا غدا كائنا بحريا ، من ملح و ..مال .
هل يبكي البحر لأن السمكة تمردّت عليه ؟ كيف يتسنى لها الهروب و ليس خارج البحر من حياة للأسماك ؟
قالت له يوما : (( لا أثق برجل لا يبكي ))
أكتفى بابتسامة .
لم يبح لها بأنه لا يثق بأحد . سلطة المال ، كما سلطة الحكم ، لا تعرف الأمان العاطفي . يحتاج صاحبها ان يُفلس ليختبر قلوب من حوله . أن تنقلب عليه الأيّام ، ليستقيم حكمه على الناس . لذا لا يعرف يوماً إن كانت قد أحبته حقا لنفسه.
ذلك أن الأيام لم تنقلب عليه ، بل زادته منذ إفتراقا ثراء ، كما لتعوضه عن خسارته العاطفية بمكاسب مادية .
هو يرتاب في كرمها ، يرى في إغداقها عليه مزيدا من الكيد له ، أوليست الحياة أنثى .في كل ما تعطيك تسلبك ما هو أغلى ؟
يبقى الأصعب ، أن تعرف ما هو الأغلى بالنسبة إليك ، و أن تتوقع أن تغير الأشياء مع العمر ثمنها ...هبوطا أو صعودا .
عزاؤه أنّها لا تسمع لحزنه صوتاً ، وحده البحر يسمع أنين الحيتان في المُحيطات ، لذا لن تدري أبدًا حجم خسارته بفقدانها ، هل أكثر فقراً من ثريٍ فاقد الحب ؟
قال لها يوماً بنبرة مازحة حقيقة أخرى : (( تدرين ...لا أفقر من إمرأة لا ذكريات لها )) لم تبدُ قد أستوعبت قوله ، أضاف (( كانت النساء قبل أن توجد المصارف ، تخبئن ما جمعن على مدى العمر من نقودٍ و مصاغٍ في الوسادة التي ينمن عليها .تحسباً لأيام العوز و الشيخوخة . لكن أثرى النساء ليست التي تنام مُتوسدة ممتلكاتها ، بل مَن تتوسد ذكرياتها )).
كانت أصغر من ان تعي بؤس إمرأة تواجه أرذل العمر دون ذكريات جميلة .
كيف لفتاة في السابعة و العشرين من العمر ، أن تتصور زمنًا مستقبلياً يكون فيها جليسها ماضيها.