!~ آخـر مواضيع المنتدى ~!
إضغط علي شارك اصدقائك او شارك اصدقائك لمشاركة اصدقائك!

العودة   منتديات بنات فلسطين > ★☀二【« الاقـسـام الأدبــيــه »】二☀★ > حـانة الآدباء والفـلاسفة والمفكريـن

شخصيات سقطت من ذاكرة التاريخ

أبطال سقطوا من الذاكرة إن فخر كل أمة ومصدر عزها بعد ربها يكمن في الترجمة العلمية لعقيدة هذه الأمة والتي تظهر وتتضح في صورة رجال قاموا بأدوار في

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 08-05-2015
مصطفى الجنابي غير متواجد حالياً
Iraq     Male
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 1763
 تاريخ التسجيل : Oct 2014
 فترة الأقامة : 3467 يوم
 أخر زيارة : 10-29-2017 (11:14 PM)
 المشاركات : 220 [ + ]
 التقييم : 13
 معدل التقييم : مصطفى الجنابي is an unknown quantity at this point
بيانات اضافيه [ + ]
اضف الشكر / الاعجاب
شكر (اعطاء): 0
شكر (تلقي): 0
اعجاب (اعطاء): 0
اعجاب (تلقي): 0
لايعجبني (اعطاء): 0
لايعجبني (تلقي): 0
افتراضي شخصيات سقطت من ذاكرة التاريخ



أبطال سقطوا من الذاكرة


إن فخر كل أمة ومصدر عزها بعد ربها يكمن في الترجمة العلمية لعقيدة هذه الأمة والتي تظهر وتتضح في صورة رجال قاموا بأدوار في خدمة دينها وأمتها وعقيدتها وإننا لنرى أمم تعيش على ذكريات أبطال محليين ينسجون عنهم الكثير من الأساطير والأكاذيب من أجل رفع شأنهم بين أبطال الأمم الأخرى ليتباهوا بهم وتصير ذكراهم بعد ذلك أعيادًا رسمية بل مقدسة عندهم وإن في أمة الإسلام رجالاً وأبطال سطروا صحائف من نور بدمائهم وأرواحهم وجهدهم وعرقهم من أجل خدمة الدين والأمة وحفظ لهم التاريخ ذلك ولكنهم وللأسف الشديد سقطوا من ذاكرة المسلمين فلم يعرفهم وتاهوا في طي النسيان والغفلة، هذا رغم أننا نرى الأمم من حولنا في كل يوم تخرج علينا باحتفالية جديدة لقزم من أقزامهم أو مجرم من مجرميهم لا عمل له صالح إلا أن محاربته للإسلام كانت سر شهرته نذكر منهم 'رولان الفرنسي' الذي قتل في حربه ضد المسلمين وخلد الفرنسيون ذكراه بأنشودة رولان الشهيرة في الأدب الفرنسي، ومنهم 'شارل مارتن' قائد الصليبيين الذي انتصر على المسلمين في معركة بلاط الشهداء سنة 114هـ عند حدود فرنسا والذي صار من يومها قديسًا، ومنهم 'رودريجو دي بيبار' أو السيد 'الكمبيادور' الأسباني الذي قضى حياته في محاربة المسلمين في الأندلس والذي نسجوا عليه الكثير من الأكاذيب والأباطيل حتى صار بطل أسبانيا القومي حتى الآن رغم أنه كان قاطع طريق ولص ولا يهمه سوى الأموال، ومنهم 'لويس التاسع' ملك فرنسا الذي قاد حملتين فاشلتين وهما الحملة الصليبية السابعة على دمياط وفشل ووقع في الأسر ثم قاد الحملة الصليبية الثامنة على تونس وفيها فشل وقتل فصار بطل فرنسا القومي وأعطي لقب قديس، وهكذا نرى الأمم من حولنا ترفع رجالها ليرفعوها.
وفي هذا الباب من أبواب ذاكرة الأمة نعيد اكتشاف هؤلاء الرجال والأبطال ونحي ذكراهم مرة أخرى

يتبع


aowdhj sr'j lk `h;vm hgjhvdo





رد مع اقتباس
قديم 08-05-2015   #2


الصورة الرمزية مصطفى الجنابي
مصطفى الجنابي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1763
 تاريخ التسجيل :  Oct 2014
 أخر زيارة : 10-29-2017 (11:14 PM)
 المشاركات : 220 [ + ]
 التقييم :  13
 الدولهـ
Iraq
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue
اضف الشكر / الاعجاب
شكر (اعطاء): 0
شكر (تلقي): 0
اعجاب (اعطاء): 0
اعجاب (تلقي): 0
لايعجبني (اعطاء): 0
لايعجبني (تلقي): 0
افتراضي



الفقيه عبد الله بن ياسين الجزولي مؤسس دولة المرابطين


عندما فتح المسلمون بقيادة عمرو بن العاص رضي الله عنه مصر سنة 20هـ كان ذلك إيذانًا بطور جديد من أطوار الجهاد والدعوة وفتح أرض جديدة خصبة لنشر الإسلام ألا وهي بلاد المغرب العربي الممتدة من غرب بلاد مصر من برقة حتى ساحل بحر الظلمات أو المحيط الأطلنطي كما كانوا يسمونه وكانت تلك المناطق الشاسعة المترامية الأطراف يسكنها قبائل البربر وينقسمون إلى قسمين: قبائل البرانس الكبرى وهم بربر الحضر الذين يسكنون السهول وأعظم قبائلهم 'قبيلة صنهاجة'؛ والنوع الثاني: قبائل البُتر وهم بربر الصحراء في جنوبي المغرب والسودان فيما يعرف الآن بدولة 'موريتانيا' وكانوا مقاتلين أشداء ممتازين وأشهر هذه القبائل قبيلة 'لمتونة'.
وكانت القبائل البربرية تدين بالمجوسية حتى جاء الإسلام وانتشر بينهم بفضل رجال أمثال عقبة بن نافع وأبو المهاجر دينار وحسّان بن ثابت وموسى بن نصير ولكن بقيت قبائل بربر الصحراء بعيدة عن الإسلام حتى فتح الأندلس فذاع صيت الإسلام في كل مكان وكان ملك قبيلة 'لمتونة' اسمه 'تيولوثان بن تيكلان' فدخل في الإسلام وحارب القبائل الوثنية ونشر بينهم الإسلام وجاء أولاده من بعده فقاموا بنفس الدور حتى وصلت رئاسة القبيلة إلى الأمير 'يحى بن إبراهيم' الذي حارب الوثنيين في غرب أفريقيا 'السنغال/غانا' ونشر الإسلام بينهم حتى سنة 427هـ عندما قرر أن يقضي فريضة الحج فترك الرئاسة لولده إبراهيم ثم اتجه للحج.
وفي رحلة الحج تأثر 'يحي بن إبراهيم' بما رآه وقد رأى أن قومه البربر في جهل شديد بالإسلام وأصوله وتعاليمه وأثناء عودته مر في الطريق على مدينة القيروان منارة العلم في المغرب العربي وقتها والتقى بالفقيه أبي عمران الفاسي شيخ المالكية وشكا إليه من جهل قومه وطلب منه أن يرسل معه فقيهًا من تلاميذه لتثقيف البربر فبعث كتابًا إلى تلميذ من تلاميذه بالسوس الأقصى وهو 'أبو محمد واجاج اللمطي' وكان فقيهًا ورعًا يدرس العلم لتلاميذه في رباط خاص به فلما وصل 'يحي' إليه قرأ الرسالة على تلاميذه فاستجاب للدعوة الفقيه 'عبد الله بن ياسين الجزولي' وكان من أنبه تلاميذه وأكثرهم علمًا وورعًا فرحل مع 'يحي' حتى وصل الصحراء حيث البربر.

عبد الله بن ياسين:
كان عبد الله بن ياسين الجزولي فقيهًا شديد الورع غزير العلم والغيرة على تعاليم دين الإسلام وكان فوق ذلك خطيبًا موهوبًا قوي التأثير يجيد اللغة العربية والبربرية أيضًا وكان قد رحل إلى الأندلس لطلب العلم وأمضى بها عدة سنوات ورأى دولة الطوائف وما أصاب الإسلام على أيديهم وبسبب بعدهم عن الدين، وعندما وصل 'عبد الله بن ياسين' الصحراء وجد أن البربر بأعداد ضخمة ومهولة وأيضًا في قمة الجهل والبعد عن الدين فأخذ في نشر تعاليم الدين بينهم وأمرهم بالمعروف ونهاهم عن المنكر واشتد عليهم في ذلك لشيوع المنكرات والعادات المخالفة للإسلام مثل الزواج بأكثر من أربع فلم يقبل البربر نصح 'عبد الله بن ياسين' وأعرضوا عنه.
السياسية التربوية لـ 'عبد الله بن ياسين'
عندما رأى 'عبد الله بن ياسين' إعراض البربر عن نصحه ودعوته قرر وصديقه وتلميذه الوفي 'يحي بن إبراهيم' على نبذ أولئك البدو الجهلة والانقطاع عنهم إلى العبادة والزهد في جزيرة نائية بنهر النيجر وانضم إليهم سبعة رجال من قبيلة 'كدالة' ومعهم 'يحي بن عمر' من رؤساء 'لمتونة' وبنوا بالجزيرة مسجدًا ورباطا للعلم والعبادة وما لبث أن اشتهر أمر هذا الرباط ووفد إليه كثير من أشراف 'صنهاجة' ممن آثروا الزهد والعبادة فأخذ 'عبد الله بن ياسين' في تثقيفهم وتربيتهم أخلاقيًا وسلوكيًا ودينيًا وأخذ يعلمهم الكتاب والسنة ويعظهم بالجنة والنار ويربيهم على معاني الجهاد في سبيل الله ويذكرهم بعاقبة الشهادة في سبيل الله ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر؛ أي أن 'عبد الله بن ياسين' اتبع مع تلاميذه سياسة تربوية شاملة تقوم على:
[1] تربية إيمانية.
[2] تربية أخلاقية.
[3] تربية سلوكية.

[4] تربية تحفيزية 'وعظية'.
[5] تربية دعوية.
[6] تربية جهادية.
[7] تربية عقائدية 'الولاء والبراء'.

وسميت هذه الفرقة بفرقة المرابطين أي الملازمين للرباط الذي أقامه 'عبد الله بن ياسين' الذي كان يشعر في داخله بضرورة وحتمية إقامة دولة الإسلام بين قبائل البربر المتخلفة تلك الدولة التي تحكم بشرع الله وبالكتاب والسنة فعندما بلغ عدد المرابطين ألف وتأكد 'عبد الله بن ياسين' من سلامة تربيتهم وأنهم على استعداد لتطبيق ما تعلموه؛ دعاهم للمرحلة الأخطر.


جهاد عبد الله بن ياسين:
بعد أن بلغ عدد المرابطين ألفًا دعاهم 'عبد الله بن ياسين' إلى خطوة عملية فبعثهم إلى أقوامهم لينذروهم ويطلبوا إليهم الكف عن البدع والضلالات وتحكيم شرع الله ففعلوا ذلك ولكنهم وجدوا الإعراض من أقوامهم فعاد 'عبد الله بن ياسين' للجوء لإعلان الجهاد على هؤلاء الضلاَّل.
* أولا: معاركه كانت مع قبيلة 'كدالة' سنة 434هـ فانتصر عليهم وأسلمت القبيلة من جديد.
* ثم حارب قبيلة 'لمتونة' وضيق عليهم حتى أذعنوا للطاعة وبايعوه على الشريعة.
وهكذا تعاقب خضوع قبائل 'صنهاجة' الواحدة تلو الأخرى حتى خضعوا جميعًا لهم وزادت قوة وسلطان 'عبد الله بن ياسين' الروحية على قبائل بربر الصحراء وصارت الرئاسة لـ'يحي بن إبراهيم' الذي ما لبث أن توفي فخلفه 'يحي بن عمر' أخلص تلاميذ 'عبد الله بن ياسين' وأكثرهم طاعة له وكان 'عبد الله بن ياسين' يحبه ويقدره حتى أنه ذات مرة جلده عشرين سوطًـا لأنه باشر القتال بنفسه مع جنده وهو الأمير الذي يجب المحافظة عليه للصالح العام.
* انضم لجماعة المرابطين الفتية الكثير من المسلمين الناقمين على فساد بلادهم وحكامهم وبعدهم عن الدين ففي سنة 444هـ بعث فقهاء مدن 'سجلماسة' و'درعة' بكتبهم إلى 'عبد الله بن ياسين' و'يحي بن عمر' يشكون من ضروب الظلم والطغيان والخروج عن أحكام الإسلام ويدعونهم إلى إنقاذ المسلمين من هذا النير المرهق وعندها خرج المرابطين يقودهم 'عبد الله بن ياسين' في حشد كبير ضخم وتوجهوا إلى مدينة 'درعة' فاستولوا عليها وأخرجوا الطغاة منها وأمر 'عبد الله بن ياسين' بإزالة المنكرات ورفع المكوس الجائرة وعيّن عليها حاكمًا من المرابطين وأمره بالتزام شرع الله عز وجل.
* توجه 'عبد الله بن ياسين' والمرابطين بعدها إلى الجنوب حيث غانا والسنغال فاستولوا على عدة مدن سنة 446هـ ونشروا الإسلام وفي 447هـ توفي الأمير 'يحي بن عمر' فتولى الأمر مكانه وقرر مع 'عبد الله بن ياسين' فتح كل بلاد المغرب.
* توجه 'عبد الله بن ياسين' إلى قتال الروافض بقايا الدولة الخبيثة الفاطمية زورًا 'العبيدية' بمدينة 'فارودنت' وكانت تعاليم الرافضة بتلك البلد كلها إلحاد وإباحية وزندقة فانتصر 'عبد الله بن ياسين' عليهم واسلموا من جديد على مذهب أهل السنة والجماعة.
* استشهاد 'عبد الله بن ياسين':
كان 'عبد الله بن ياسين' منذ أن أعلن حركته الجهادية من سنة 434هـ وهو يركز على أمر واحد وهو محاربة أعداء الإسلام من الفرقة الضالة والمبتدعة والملاحدة والزنادقة والإباحيين.
وكان من أشهر القبائل الضالة المارقة بالمغرب هي قبائل 'برغواطة' وتقع بأقصى جنوب المغرب على حدود المحيط الأطلسي 'موريتانيا' وكانت تدين بمذهب الإباحية الذي أسسه رجل يهودي الأصل يدعى 'صالح بن طريف الأندلسي' في القرن الثاني من الهجرة وقد استغل غباوة وجهالة أهل تلك البلاد فادعى النبوة وشرع لهم شرعًا جديدًا أساسه الإباحية فتبعه كثير من الهمج الرعاع حتى صاروا قبائل كبيرة وقرر 'عبد الله بن ياسين' محاربة هؤلاء الكفرة فقاد جيوش المرابطين لمعركة طاحنة مع قبائل 'برغواطة' وفي أثناء المعركة أصيب 'عبد الله بن ياسين' إصابات بالغة قاتلة وقبيل وفاته جمع أشياخ المرابطين وحثهم على الاتحاد والثبات ومواصلة الجهاد ونشر الدين وحذرهم من عواقب التفرقة والتحاسد في طلب الرياسة واستشهد 'عبد الله بن ياسين' هذا الفقيه المجاهد منشئ دولة من أعظم دول الإسلام في المغرب وسيكون لها أعظم الدور في الأندلس في 24 جمادى الأولى سنة 451هـ ودفن في مكان يعرف بـ'كريفلة' وما زال قبره معروفًا حتى الآن، وقبل وفاة 'عبد الله بن ياسين' أوحى للمرابطين بتأمير 'أبي بكر بن عمر اللمتوني' عليهم وكأنه ينصح للأمة قبل وفاته وكان نعم الاختيار كما أثبتت الحوادث والأيام.
كان 'عبد الله بن ياسين' فقيهًا شديد الورع والتقشف شديد الحمية والغيرة على تعاليم الإسلام داعية من طراز فريد جدًا استطاع أن يدخل صحراء شاسعة مترامية الأطراف وحده وعلى أمم كثيرة وكبيرة في غاية الجهل والبعد عن الدين ولا تتحدث العربية فكون منهم أمة قوية مترابطة قامت على أساس ديني وعقائدي قوي وأصبح البربر قوة حركية تعمل على خدمة الإسلام ويكفي أن تعرف أن الإسلام انتشر في وسط وغرب أفريقيا عن طريق تلك الحركة المباركة التي يرجع الفضل لإنشائها وتكوينها بعد فضل الله للفقيه 'عبد الله بن ياسين الجزولي'.

يتبع


 

رد مع اقتباس
قديم 08-05-2015   #3


الصورة الرمزية مصطفى الجنابي
مصطفى الجنابي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1763
 تاريخ التسجيل :  Oct 2014
 أخر زيارة : 10-29-2017 (11:14 PM)
 المشاركات : 220 [ + ]
 التقييم :  13
 الدولهـ
Iraq
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue
اضف الشكر / الاعجاب
شكر (اعطاء): 0
شكر (تلقي): 0
اعجاب (اعطاء): 0
اعجاب (تلقي): 0
لايعجبني (اعطاء): 0
لايعجبني (تلقي): 0
افتراضي



المنصور بن عامر المنتصر دائمًا


سيظل تاريخ الأندلس معينًا لا ينضب وواديًا لا يجدب من كثرة ما فيه من الدروس والعبر والأخبار الطوال ودولة الإسلام في الأندلس لهي أطول دول الإسلام مدة فقد استمرت طيلة ثمانية قرون خلالها برز العديد من الرجال والأبطال والقادة الذين كانوا وقتها ملء السمع والبصر وظلت أخبارهم تتردد في جنبات الأندلس لعصور متعاقبة ولكنهم وللأسف طوت أخبارهم وإنجازاتهم غير المسبوقة في خدمة الإسلام من ذاكرة المسلمين الآن ووجب علينا أن ننفض عنها الغبار عن تاريخ وأخبارهم المسلمون الآن.

* من هو المنصور:

هو 'محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي عمار المعافري' جده من الداخلين الفاتحين الأوائل وكان من الأبطال الشجعان فنزلت أسرة بني عامر بالجيزة الخضراء وأسرة بني عامر من أعرق الأصول العربية، ونشأ محمد في بيت علم ودين فأبوه عبد الله كان من أهل العلم والتقي عالماً بالحديث والشريعة وتأثر محمد بذالك فطلب العلم من صغره وأنتقل إلي قرطبة وهو حدث ودرس علي علمائها الكبار الأدب والشريعة ومنهم أبو علي القالي وابن القوطيه وأبو بكر بن معاوية القريشي، أما عن صفاته فقد كان ذكياً طموحاً قوي العزم متعدد المواهب سخي اليد كريم النفس ولكن أبرز ما يميزه حتى صار قدوه هائلة في هذا الباب هو همته العالية التي تناطح السحاب طولاً وتملأ الأرض عرضاً فلم يعلم من قادة المسلمين ونبلائهم من هو أشد منة همة وطموحاً إلا ما كان من رجال القرن الأول رضي الله عنهم وأرضاهم

* سلم النجاح:
* المتأمل لترقي المنصور ابن عامر في سلك القيادة والمناصب يرى عجب العجاب فالمنصور أول ما قام به وهو شاب صغير أن افتتح مكتباً بجوار قصر الخلافة لكتابة الشكاوى المرفوعة للخليفة الأموي وذلك للإنفاق على تعليمه بقرطبة وهذا العمل الصغير مكنة من الاتصال بأهل القصر من الخدم والحراس وغيرهم والذي نقلوا أخباره إلي سادة القصر خاصة السيدة [صبح] أم ولي العهد و[هشام المؤيد] فعهدت إلية بعدة وظائف كتابية، وهذا مهد إلية السبيل لئن يتصل بالخليفة الحكم بن عبد الرحمن الذي أسند إلية مهمة الإشراف على أملاك ولي العهد [هشام] ثم إدارة الخزانة العامة ودار المواريث وغيرها من المناصب العامة لما رأى من عزمه وطموحه وتفانيه في العمل، وكان عمر المنصور وقتها لم يتجاوز السابعة والعشرين فلقب 'بفتي الدولة' وذلك بفضل مواهبه وإمكاناته الباهرة .
* ظل المنصور مضطلعاً بالمناصب الهامة والأعمال الجسيمة في الدولة وهو محط أنظار الجميع لرفيع خلاله وجميل صفاته والقلوب حوله مؤتلفة ولكنة قام بعمل كان هو الأعظم في هذه المرحلة من حياته حيث استطاع بقوة عزمه وسرعة تصرفه أن يقضي علي مؤامرة دبرت من جانب بعض الصقالبة الموالي بالتعاون مع بعض الأمويين؛ وكانت تهدف تلك المؤامرة إلى قتل الخليفة الجديد [هشام المؤيد] وتعيين عمه 'المغيرة' وذلك سنة 366هـ فحفظ بذلك دولة الخلافة من السقوط في دائرة الصراعات الداخلية التي عادة تعصف بأساس أي ملك ثابت مهما كانت قوته وثباته .

* رجل الأندلس القوى:
* ارتفعت مكانة المنصور ابن عامر في الأندلس بعد دوره الرائع في إنقاذ الخلافة من هوة الصراعات والخلافات الداخلية فقام الخليفة 'هشام المؤيد' بتعينه وزيراً للدولة الأندلسية وأصبحت مسئوليات المنصور بن أبى عامر أعظم مما سبق بكثير وهذا جعله يفكر ملياً في وضع الأندلس ويحاول خدمة دولة الإسلام بها وذلك بعد أن أتضح له عدة أمور منها:-
أولاً:- ضعف شخصية الخليفة الجديد 'هشام المؤيد' وعدم صلاحيته لهذا المنصب الخطير خاصة أنه صغير السن مشتغل باللهو واللعب مع أقرانه.
ثانياً:- زيادة الأخطار المحدقة بالمسلمين والآتية من ناحية الشمال حيث أسبانيا النصرانية خاصة بعد أن تنفسوا الصعداء بموت الخليفة القوى عبد الرحمن الناصر الذي خضد شوكتهم سنوات طويلة .
ثالثاً:- ظهور بوادر لانقسامات داخلية خطيرة في دولة الإسلام بالأندلس؛ وذلك لزيادة العصبيات القبلية وكثرة الطامعين من ولاة الأقاليم المترامية في الانعزال والاستقلال عن جسد الدولة الأم .

رابعاً:- فساد بعض رجال الحكم والوزارة أمثال 'جعفر المصحفي' وولده محمد الذي كان يتولى رئاسة الشرطة وفي عهدهما انتشر الفساد والفسق وأختل الأمن واضطربت الأمور.
خامساً:- زيادة نفوذ الصقالبة الموالي وهم في الأصل عبيد عند الخليفة 'الناصر' اشتراهم واصطفاهم في الحراسة والجند والجيش وترقوا حتى صاروا قوة كبيرة يخشى بأسها وقد زاد نفوذها داخل قصر الخلافة حتى أنهم هموا بالانقلاب علي الخليفة 'المؤيد' عدة مرات.
كل هذه الأسباب دفعت 'المنصور أبي عامر' لأن يمعن التفكير والترتيب في كيفية مواجهة كل هذه الأخطار المحدقة وفي النهاية قرر أن يتحرك وبسرعة لمواجهة هذه الظروف العسيرة وأن يأخذ زمام المبادرة بنفسه فقام بالخطوات الآتية:
[1] قام بحجز الخليفة الصوري الصبي 'هشام المؤيد' بقصره واستقل هو بتدبير الأمور وتولي لقب الحجابة- تلقب بالحاجب المنصور- وهذه الخطوة وإن كانت سبب نقمة كثير من الناس على المنصور إلا أنها في واقع الأمر كانت أهم خطوة لأن غياب القائد الموجه والرأس المدبر يجعل كل الجهود تذهب هباءًا منثورًا وسنرى أن المنصور لم يستخدم سلطانه إلا لخدمة الإسلام.
[2] بعد أن أصبح المنصور هو الحاكم الحقيقي للأندلس قام بعزل الوزير 'جعفر المصحفي' وولده 'محمد' وحاسبهما على أموالهما الطائلة من أين جاءت وكيف تضخمت؟ وأسفر التحقيق عن كثير من الانحرافات لدى الوزير 'المصحفي' الذي زج بالسجن وقضى فيه نحبه وانتهى عصر الفساد معه.
[3] أما الصقالبة الأشداء فقد شعروا بأن المنصور يعمل على سحق نفوذهم فقرروا القيام بمبادرة وانقلاب سريع واجتمعوا على قائد لهم اسمه 'درسي' ولكن 'منصور' اليقظ كان أسرع منهم فقبض على قادة التمرد وحاكمهم بشدة وفرق شملهم ووزعهم على الأقاليم حتى لا يعودوا للتجمع والتذمر.
[4] أما الطامعين من رجال الدولة وولاة الأقاليم البعيدة والعصبيات العربية القديمة والموروثة منذ أيام الفتح الأول إضافة إلى التهديد الخارجي المتمثل في أسبانيا النصرانية المتربصة والتي قامت بالفعل بالهجوم على ديار المسلمين وذلك في شهر رجب 366هـ كلا الخطرين رأى 'المنصور' أن يواجههم بأفضل الأساليب على الإطلاق وهو شرارة الحملات الجهادية وبذلك يرد عادية الصليبيين وفي نفس الوقت يشغل هؤلاء الطامعين من الولاة بقضية إسلامية ويوجه طاقتهم لحرب أعداء الإسلام وكانت هذه الحملات هي أنجح الحملات الجهادية التي قام بها مسلمو الأندلس ضد أسبانيا الصليبية طوال عمر دولة الإسلام في الأندلس على طول عمرها 'ثمانية قرون'.

* المنتصر دائمًا:
* منذ أن أطلق 'المنصور بن عامر' شرارة الحملات الجهادية ضد أسبانيا سرت روح جديدة في قلوب المسلمين واشتعلت الحمية في قلوبهم فتقاطر المجاهدون المتطوعين على الأندلس من كل مكان، وخاض 'المنصور' أكثر من خمسين معركة ضد الصليبيين انتصر فيها جميعًا ولم تنكس له راية أبدًا حتى سرى الاعتقاد بين كل الناس مسلمهم وكافرهم بأن 'المنصور' مؤيد من السماء، والحق أن 'المنصور' قد اعتمد في سياسته الجهادية على أسلوب الغزوات المستمرة المتعاقبة والذي كان يرمي من خلاله إلى غاية بعيدة المدى لم يفكر فيها أحد من قبله من أمراء الأندلس أو لم يقدروا عليها وهي سحق الممالك الأسبانية الصليبية سحقًا تامًا وأن يفكك عراها التي بدأت في الالتحام والترابط وبالتالي يجعل أسبانيا النصرانية كلها أرض مسلمة وكانت معظم حروب المسلمين من قبل 'المنصور' للدفاع ورد عادية النصارى فلما جاء عهد 'المنصور' كان هو البادئ بالغزو دائمًا ولم يقبل من النصارى قط صلحًا أو مهادنة ولم يقنع إلا بالنصر الكامل لذلك فهو أحق الناس بوصف 'المنتصر دائمًا' وبالقطع بعد 'خالد بن الوليد' رضي الله عنه وجيل الصحابة الأفذاذ، ومن أشهر معارك 'المنصور' ضد الصليبيين ما يلي:
* معركة شنت منكس: وكانت سنة 371هـ وفيها واجه 'المنصور' تحالفا صليبيًا مكونًا من أقوى أمراء الأسبان وهم 'راميرو الثالث' أمير 'ليون' وجرسيا فرنانديز' أمير 'قشتالة' و'سانشو' أمير 'نافار' وانتصر المسلمون على النصارى الذين قتل منهم عشرات الألوف وتفككت عرى التحالف الصليبي الوليد.
* معركة برشلونة: وهي من أعظم ثغور أسبانيا وقد فتحها المسلمون الأوائل مع بداية الفتح الأول ولتثبت مع المسلمين قرنًا من الزمان ولكنها سقطت سنة 185هـ وأصبحت شوكة في جسد الأمة المسلمة بالأندلس حتى جاء 'المنصور' في سنة 375هـ واقتحمها بجيوشه الجرارة بعد معركة طاحنة مع أهل المدينة الذين قتل معظمهم ودحر المسلمون المدينة تمامًا وأسر أمير 'برشلونة' وظل في السجن حتى مات ودمر 'المنصور' قوى النصارى تمامًا في هذا الطرف النائي من شبه الجزيرة الأسبانية.
* معركة جليقية: وهي أعظم المعارك على الإطلاق وتقع 'جليقية' في أقصى غرب أسبانيا وتوجد بها مدينة 'شنت ياقب' الدينية كعبة أسبانيا النصرانية ومزارها المقدس ورمز زعامتها الروحية وبها قبر القديس 'يعقوب' بزعمهم ويقام له سنويًا احتفالاً ضخمًا مثل الموالد المعروفة يفد إليه النصارى من كل حدب وصوب من داخل أسبانيا، وقد قصدها بجيشه الجرار لأمرين أولهما: أنها كانت ملجأ لملوك وأمراء 'ليون' الخارجين على طاعة 'المنصور'، ثانيهما: ضرب إسبانيا النصرانية في صميم معقلها القاصي وصميم زعامتها الروحية وبالفعل بعد معركة طاحنة ورحلة شاقة عبر مفاوز الجبال الوعرة وفي 2شعبان 387هـ اقتحم المسلمون المدينة وخربوها تمامًا مع عدم المساس بقبر 'يعقوب' القديس وأخذ 'المنصور' نواقيس الكنيسة العظمى وحملها الأسرى على كواهلهم حتى قرطبة وعلقت رؤوسًا للثريات الكبرى لمسجد قرطبة.
* معركة صخرة جربيرة: وكانت في 24 شعبان 390هـ وفيها تحالفت كل قوى النصرانية من أجل الصمود في وجه المسلمين والتقى الفريقان عند مكان شديد الوعورة يسمى 'بصخرة جربيرة' وكاد 'المنصور' أن يهزم لأول مرة في معاركه ولكن بسالة المسلمين وشدة بأسهم في القتال أنهت المعركة بهزيمة مروعة للتحالف النصراني وقتل معظم قادة الصليبيين وواصل 'المنصور' سيره حتى فتح مدينة 'برغش' عاصمة 'قشتالة'.

* وفاة المنصور:
إن من عاش على شيء وداوم عليه فلابد أن يموت عليه و'المنصور' قضى حياته كلها في الجهاد في سبيل الله فلابد أن يموت مجاهدًا وقد كانت تلك أسمى أمانيه حتى أنه كان يحمل أكفانه حيثما سار إلى غزوة وهي أكفان صنعت من غزل بنانه واشتريت من خالص ماله الموروث وقد استجاب الله دعاءه فوافته المنية في 27 رمضان سنة 392هـ بمدينة 'سالم' ودفن بها بعد أن دفن معه غبار كل معاركه التي خاضها في سبيل الله وكان يحتفظ بها طوال رحلته الجهادية الطويلة لأعدائها وتحقيقه أمنها ورخائها ولم يستخدم قط سلطانه إلا لخير الإسلام وخير الأمة،

وقد كتب هذان البيتان من الشعر على شاهد قبره :
آثـاره تنبيـك عن أخباره حـتى كأنـك بالعيـان تــراه
تالله لا يأتي الزمان بمثله أبدًا ولا يحمي الثغور سواه


 

رد مع اقتباس
قديم 08-05-2015   #4


الصورة الرمزية مصطفى الجنابي
مصطفى الجنابي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1763
 تاريخ التسجيل :  Oct 2014
 أخر زيارة : 10-29-2017 (11:14 PM)
 المشاركات : 220 [ + ]
 التقييم :  13
 الدولهـ
Iraq
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue
اضف الشكر / الاعجاب
شكر (اعطاء): 0
شكر (تلقي): 0
اعجاب (اعطاء): 0
اعجاب (تلقي): 0
لايعجبني (اعطاء): 0
لايعجبني (تلقي): 0
افتراضي



أعظم بحارة التاريخ خير الدين بربروسا



إن من الأمور المبهجة حقًا والمحزنة في نفس الوقت أن ينوب أعداء الإسلام عن المسلمين في قراءة تاريخهم وتراث أمتهم فنجد أن كثيرا من كتب التاريخ والتراث والموسوعات الكبار قام بجمعها وترتيبها وإخراجها للحياة والعلن مجموعة من المستشرقين الذين في جملتهم ما قاموا بذلك حبًا في الإسلام والبحث العلمي، إنما قاموا بذلك للطعن في الإسلام والنيل منه وأهله؛ حيث يستطيع هؤلاء وبسهولة أن يزيفوا الحقائق التاريخية ويروجوا الأكاذيب ويضخموا الأخطاء ويبدوا المثالب؛ ثم يأتي المسلمون من بعدهم فيهتدون بعلمهم ويتبعون صنعهم ويصبحوا ببغاوات تردد نفس الأكاذيب والأباطيل الاستشراقية، وبطلنا الذي سنتحدث عنه واحد من كبار أبطال المسلمين الذين انهال عليه أعداء الإسلام طعنًا وتشويهًا وطمسًا حتى ضاعت ذكراه العطرة وبقيت الأوصاف الكاذبة تلوح في الذاكرة، وهذا أوان تصحيحها .

الأخوين 'عروج وخير الدين' :

يرجع أصل الأخوين المجاهدين 'عروج وخير الدين' إلى الأتراك المسلمين، والدهما 'يعقوب بن يوسف' من بقايا المسلمين الأتراك الذين استقروا في جزيرة 'مدللي' إحدى جزر الأرخبيل وأمهما سيدة مسلمة أندلسية كان لها الأثر على الأخوين في توجيههما للجهاد في سبيل الله ضد الصليبيين الأسبان والبرتغاليين، وقد حاول المؤرخون الصليبيون وخاصة المستشرقين منهم الطعن في جهاد الأخوين ووصفهما بأنهما قراصنة ولصوص البحر وقد توصل المؤرخ الجزائري 'أحمد توفيق مدني' إلى ما يدل على صحة نسب الأخوين، والمحزن حقًا أن كثيرًا من المراجع الإسلامية المعاصرة وقعت في هذا الخطأ وسارت على نهج الأعداء ووصفتهما بالقراصنة.

جهاد الأخوين ضد الصليبيين:

اتجه الأخوان عروج وخير الدين إلى الجهاد البحري منذ الصغر بدافع من والدتهما الأندلسية خاصة بعد السيطرة الأسبانية والبرتغالية على البحر المتوسط واحتلالهما لعدة مواني في شمالي أفريقيا وقد استطاع الأخوان أن يكونا مجموعة قتالية قوامها عدة سفن صغيرة لبحارة مسلمين؛ واستطاعت هذه المجموعة تحقيق عدة انتصارات رائعة على القراصنة الصليبيين الذين كانوا يعبثون في المنطقة فسادًا ويستولون على سفن المسلمين ويأخذونهم كأسرى وعبيد، فأثارت هذه الانتصارات إعجاب القوى المسلمة الضعيفة في شمال إفريقيا فأعطاهم السلطان 'الحفص' حق الإقامة بجزيرة 'جوبة' التونسية فزادت شعبية الأخوين بين مسلمي إفريقيا فاستجار بهم الأهالي عدة مرات للتصدي للهجوم الأسباني الصليبي فاستطاع الأخوين تحرير 'بجانة' سنة 918هـ من الاحتلال الأسباني لتكون محطة عمليات لإنقاذ مسلمي الأندلس.


تحالف الأخوين مع العثمانيين :


يرجع تاريخ تحالف الأخوين 'عروج وخير الدين' مع العثمانيين إلى سنة 920هـ بعد تحرير ميناء 'جيجل' حتى شعر كل من الجانبين بأهمية التحالف فالأخوين وجدا أنهما يواجهان قوى منظمة تكبر يومًا بعد يوم وهم في حاجة لأسلحة حديثة وسفن قوية، والعثمانيون شعروا بأهمية الجهاد البحري ضد صليبيي أسبانيا والبرتغال لتهديدهما المباشر للمسلمين في الخليج العربي والهند بعد احتلال البرتغاليين لعدن ومدن أخرى في جنوب الجزيرة بنية التوجه للأماكن المقدسة بها ونبش قبر النبي .
بعد فتح ميناء 'جيجل' حوصر الأخوان من كل جانب غربًا من حاكم الجزائر العميل 'سالم التومي' وشرقًا وجنوبًا من 'الحفصيين' العملاء للأسبان وشمالاً من أسطول الأسبان وفرسان القديس يوحنا؛ فأرسل الأخوان برسالة للسلطان 'سليم الأول' يشرحان الموقف وخطورته فأرسل إليهما أربعة عشر سفينة حربية مجهزة بالعتاد والجنود، حيث كان لهذا المدد أثره الكبير في انتصار 'عروج وخير الدين' على حاكم الجزائر وقتله.

استشهاد 'عروج':

كانت مدينة 'تلمسان' ذات موقع استراتيجي مؤثر على مقاليد الحكم بالجزائر، وكان الأسبان محتلين للبلد ويعملون على إثارة القلاقل على الأخوين بالجزائر فقررا تحرير المدينة وإعداد جيش كبير سنة 923هـ للمهمة وبعد أن نجحا بالفعل في السيطرة علي المدينة تمكن الأسبان بالتعاون مع بني حمود الخونة أن يستعيدوا المدينة، وأثناء الحصار والقتال استشهد 'عروج' وأخ له اسمه [إستاق] وكثيرون من رجال الأخوين، وتركت تلك الحادثة أثراً بالغا على 'خير الدين' الذي قرر أن يشن حربا ضروسًا ضد الصليبين أينما كانوا خاصة الأسبان منهم .


الجزائر ولاية عثمانية وقائدها خير الدين:


شعر أهل الجزائر بشدة الموقف وخطورته في ظل كثرة التهديدات الخارجية وضعف السلطة المحلية وارتماء الكثير منهم في أحضان الصليبيين فصاروا لهم عبيدًا ولدينهم وأمتهم خونة ومارقين، فاجتمع زعماء البلد وقرروا إرسال رسالة هامة للسلطان 'سليمان الأول' الذي خلف أباه السلطان 'سليم الأول' يطلبون فيها إخضاع الجزائر للسيادة العثمانية، وحاول 'خير الدين' أن يذهب بنفسه للقاء السلطان ولكن أهل البلد توسلوا إليه ألا يغادر البلد خوفًا من هجوم الصليبيين، فنزل عن رغبتهم وأناب بالرسالة الفقيه 'أبا العباس أحمد بن قاض' وكان من أكبر علماء الجزائر، ولم يفت أهل الجزائر أن يثنوا على 'عروج' في مدافعته للصليبيين ونصرة الدين والجهاد حتى الشهادة وكانت فحوى الرسالة ترتكز على عدة مطالب منها:
[1] ضم الجزائر للسيادة العثمانية وتم ذلك ابتداءًا من سنة 926هـ.
[2] تعيين 'خير الدين' قائدًا عليهم.
[3] إقامة سوق الجهاد بتلك البلاد ضد صليبي أسبانيا والبرتغال.
فاستجاب السلطان لتلك المطالب وعين 'خير الدين' قائدًا على البلد وأرسل فرقًا من الانكشارية وأذن لمن شاء من رعاياه المتطوعين للجهاد بالذهاب للجزائر مع منحهم نفس امتيازات الجند النظاميين.

جهود 'خير الدين' لنصر الدين:

كان أمام 'خير الدين' الكثير من الأعمال التي يجب أن يقوم بها وكان عليه أن يحارب على جبهتين:
* الجبهة الأسبانية الصليبية المتمركزة في عدة جيوب بالجزائر مثل 'عنابة' و'قالة' و'حصن بنيون' وقد استطاع 'خير الدين' بفضل الله عز وجل أن يقضي على تلك الجيوب ويطهر البلد من بقايا الصليبين وذلك سنة 936هـ .
* الجبهة الداخلية العميلة والخائنة ممثلة في مؤامرات أمراء بنى زياد والحفصيين وغيرهم من القبائل الصغيرة التي تقوم على مدد صليبي وعون خارجي وتعمل على الحيلولة من توحيد الصف في المغرب الأوسط، وكان ملك الحفصيين الممتد منذ أيام دولة الموحدين قد ترهل وكثرت المنازعات والخلافات الداخلية بينهم حتى مزقت تلك الأسرة ولجأ أحد أمرائها واسمه 'الرشيد' إلى 'خير الدولة' لمساعدته ضد أخيه السلطان 'الحسن بن محمد' فوجدها 'خير الدين' فرصة مواتية للقضاء على تلك الأسرة المشئومة على البلاد؛ فأرسل 'خير الدين' للسلطان 'سليمان' يعرض عليه فكرة ضم تونس للسيادة العثمانية فوافق وأرسل إليه الأسطول العثماني كله، وتوجه الجميع لتونس ففر منها سلطانها الخائن 'الحسن بن محمد' ودخل أسبانيا وعمل على جعل الإمبراطور 'شارلكان' يحتل تونس مرة أخرى ليعيده سلطانًا على رقاب العباد، وهكذا نرى أن الخونة يبيعون دينهم وأمتهم وأرضهم وعرضهم في سبيل ملك زائل ودنيا فانية وسلطان خادع، والذي يقرأ ما تعهد به الخائن 'الحسن بن محمد' لـ'شارلكان' حال مساعدته في احتلال تونس يتضح له حجم الخيانة حيث تعهد الخائن بما يلي:
[1] أن يسلم 'الحسن' عدة مدن كبيرة منها المهدية و'بونة' لـ'شارلكان'.
[2] أن يكون مساعدًا حليفًا لفرسان القديس يوحنا أعدى أعداء المسلمين.
[3] أن يناصب العثمانيين العداء ويعمل على حربهم في بلاد الجزائر والمغرب.
[4] أن يتحمل نفقات إقامة ألفي جندي أسباني يتركون بالبلاد كحامية بالبلد.
وبالفعل حشد 'شارلكان' أسطولاً جرارًا قاده بنفسه ولم يتمكن 'خير الدين' من رد عاديته فاحتل 'شارلكان' تونس سنة 942هـ وارتد 'خير الدين' راجعًا إلى الجزائر وهو ينوي رد الصفعة لـ'شارلكان'.
* قرر 'خير الدين' الرد على ضربة تونس بضربة أشد منها وجيعة فقام بالهجوم على جزر البليار الأسبانية والبرتغالية وكانت محملة بالذهب والفضة والعبيد وأخذ الكثير من النصارى عبيدًا وسبايا، واهتزت لتلك الضربة كل نواحي أوروبا، وشعر 'شارلكان' أن قوة 'خير الدين' مازالت قائمة، ونظرًا لتلك الانتصارات الرائعة قرر السلطان 'سليمان الأول' تعيين 'خير الدين' وزيرًا للبحرية العثمانية في كل البلاد واستدعاه لاستنبول لتلك المهمة ونقل 'خير الدين' نشاطه للجبهة الشرقية من البحر المتوسط.

* أصبح 'خير الدين' شبحًا ورعبًا يشغل عقول الصليبيين في أوروبا وأسبانيا لفترة طويلة واستولى على تفكيرهم حتى إذا تحركت ريح أو سمع صوت قالوا إن 'خير الدين' قادم ويعلوا صراخهم وعويلهم ويفر السكان من ديارهم ومتاجرهم ومزارعهم حتى إذا حطمت العواصف سفنهم نسبوا ذلك إلى 'خير الدين'، وبلغ الخوف مداه حتى إذا ما وقعت سرقة أو تخريب أو حتى مرض ووباء نسبوا ذلك إلى 'خير الدين' وجنوده.


'خير الدين' قائد الأسطول العثماني:


* عين السلطان العثماني 'سليمان الأول' القائد 'خير الدين' قائدًا عامًا على الأسطول العثماني ونقله للعمل في الجهة الشرقية من البحر المتوسط للقضاء على نفوذ أسبانيا و'شارلكان' وقد دخل 'سليمان' في حلف مع فرنسا العدوة اللدودة لأسبانيا وجعل 'خير الدين' مدينة 'مارسيليا' قاعدة لعملياته وصار قائدًا عامًا للأساطيل المشتركة بين العثمانيين وفرنسا وقام بتوجيه ضربات للوجود الأسباني بالمنطقة وأسر كثيرًا من الأسبان وباعهم رقيقًا وتداولتهم أيدي الناس حتى صاروا بأبخس الأثمان لكثرتهم.

وفاة 'خير الدين':

* ظل 'خير الدين' ناصبًا لسوق الجهاد في سبيل الله في البحر المتوسط وخضد شوكة 'شارلكان' والأسبان وقاد كثيرًا من الحروب ضد الصليبيين حتى صار كابوسًا يؤرق مضاجع أعداء الإسلام وحفظ لنا التاريخ العديد من مواقفه البطولية التي توضح البعد الإيماني في جهاده؛ فعندما حاصر 'شارلكان' الجزائر بعد استشهاد 'عروج' خرج 'خير الدين' بكل حزم وعزم وقرأ على جنوده قوله عز وجل: {إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم}، ثم قال: إن المسلمين في المشرق والمغرب يدعون الله بالتوفيق لأن انتصاركم انتصار لهم وإن سحقكم لهؤلاء الجنود الصليبيين سيرفع من شأن المسلمين وشأن الإسلام.
* وظل 'خير الدين' مجاهدًا حتى آخر لحظة في حياته حتى آتاه اليقين وتوفاه الله على فراشه حتف أنفه سنة 953هـ رغم أنه ظل طوال حياته مجاهدًا وقد استشهد أخوه فلا نامت أعين الجبناء.


 

رد مع اقتباس
قديم 08-05-2015   #5


الصورة الرمزية مصطفى الجنابي
مصطفى الجنابي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1763
 تاريخ التسجيل :  Oct 2014
 أخر زيارة : 10-29-2017 (11:14 PM)
 المشاركات : 220 [ + ]
 التقييم :  13
 الدولهـ
Iraq
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue
اضف الشكر / الاعجاب
شكر (اعطاء): 0
شكر (تلقي): 0
اعجاب (اعطاء): 0
اعجاب (تلقي): 0
لايعجبني (اعطاء): 0
لايعجبني (تلقي): 0
افتراضي



مجاهد العامري أسطورة البحر المتوسط




فتنة الأندلس:


عاشت دولة الأندلس أياما سعيدة تحت الحكم الموحد للخلافة الأموية التي أسسها عبد الرحمن الداخل الملقب بصقر قريش منذ سنة 138 هـ، وظلت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها من كل مكان حتى آل الأمر للتفرق وفساد ذات البين واقتتال المسلمين فيما بينهم على الحكم، وسقطت الخلافة القوية وسقطت معها وحدة المسلمين وقوتهم وتحول جسد الأمة المسلمة الكبير في الأندلس إلى أشلاء ينتهب منها كل طامع نهبته ويقضم من أجزائها قدر ما يستطيع من الأراضي والبلدان.

وكانت قواعد الأندلس الشرقية عند الفتنة من نصيب الفتيان العامريين موالي القائد العظيم 'المنصور بن أبي عامر'، وكان معظم أولئك الفتيان من الصقالبة من أصول أجنبية [ألمان وفرنسيين وإيطاليين ومن أهل البلقان] حيث يؤتى بهم وهم أطفال، ويربون في البلاط تربية إسلامية خالصة.


من هو مجاهد العامري؟


هو أبو الجيوش 'مجاهد بن يوسف بن علي' الملقب بـ'مجاهد العامري' نسبة إلى أستاذه ومعلمه الأول 'المنصور بن أبي عامر' والذي اعتنى به عناية خاصة لما رآه فيه من خلال وصفات باهرة من قوة وشجاعة إلى نسك وورع وتضلع في علم اللغة والقرآن؛ وهي صفات رشحته لأن يكون واليا على حكم 'دانية' ومنطقة الجزائر الشرقية، وظل عليها واليا حتى اضطرمت الفتنة بالأندلس بعد وفاة المنصور بن أبي عامر وما تبعه من سقوط الخلافة الأموية التي كان مجاهد العامري من أشد مؤيديها، فرأى مجاهد أن من المصلحة أن يستقل بحكم منطقة الجزائر الشرقية ويبحث عن رجل من بني أمية ينصبه خليفة للمسلمين على أمل إحياء الخلافة الإسلامية من جديد بالأندلس، ووجد ضالته في رجل من أهل العلم يلقب بـ 'المعيطي' وينتسب إلى بني أمية، وبالفعل نصبه خليفة على المسلمين بشرق الأندلس عام 405 هـ .


صفات مجاهد العامري :


كان مجاهد العامري نسيجا منفردا حيث جمع بين كثير من الخصال والصفات الحميدة وذلك في مجالات شتى؛ فهو بطل شجاع من أعظم فرسان عصره لا يباريه في المبارزة والرماية إلا القليل، يباشر القتال بنفسه وكثيرا ما كان يخرق صفوف العدو أثناء القتال، وكان لا ينضم لكتيبته الخاصة إلا أعظم الفرسان .

وفي التجارة كان مجاهد من أذكى ملوك الطوائف وأعلمهم بالشئون المالية والتجارية، وأنشأ أسطولا من السفن التجارية حقق من ورائه ثروة طائلة أحسن استغلالها في زيادة قوة ومناعة وعمران شرق الأندلس .

ولكن أعظم صفات مجاهد العامري كانت تتمثل في حبه للقرآن وعلوم القراءات والتفسير واللغة العربية؛ فقد كان مجاهد رغم أنه من الموالي إلا أنه شديد العروبة محبا للقرآن منذ صباه، صيتا به، معنيا بعلومه؛ حتى صار في المعرفة نسيج وحده، وجمع من كتب العلم خزائن جمة، فأمه جل العلماء وأنسوا بمكانه، وخيموا في ظل سلطانه؛ فانتشر العلم في دولته وقصده أكبر العلماء في القرآن واللغة أمثال 'أبو عمرو بن سعيد الداني' صاحب القراءات الشهير و'أبو عمر بن عبد البر' صاحب كتاب الإجماع، و'ابن معمر' اللغوي، و'ابن سيده' صاحب كتاب المحكم، وغيرهم كثير حتى فشا العلم بين الجواري والغلمان وصارت الجزائر الشرقية منارة العلم والقرآن بالأندلس .


مجاهد أسطورة البحر المتوسط:


كان مجاهد العامري من أعظم بحارة الإسلام في هذا العصر ومن أكثرهم تمرسا بالحروب والغارات البحرية حتى أصبح أسطورة البحر المتوسط وأحيطت شخصيته في المراجع الأجنبية بالكثير من الخيال والروعة، بل إن تفاصيل حملاته البحرية على أوروبا نجد ذكرها في المراجع الإيطالية واليونانية، ولا نجد لها ذكرا في المكتبة الإسلامية، وقد أطلق عليه المؤرخون الغربيون اسم 'موجيتوس' وهو اسم كان كفيلا أن يلقي الرعب والفزع في قلوب سكان إيطاليا وفرنسا لفترة تزيد عن ثلاثين سنة، وكانت غزوة جزيرة 'سردانية' هي أعظم معاركه وغزواته البحرية، والسبب الرئيس كان لشهرة مجاهد في أوروبا وحوض البحر المتوسط الغربي .


غزوة جزيرة سردانية [ربيع الثاني 406 هـ ]


بينما كانت دول الطوائف الأخرى تخوض غمار المنازعات والحروب المحلية الصغيرة، كان مجاهد العامري يفكر في مشروع ضخم ربما كان أعظم مشروع فكر فيه أمير من الأمراء في دولة الأندلس، ذلك هو غزو جزيرة سردانية وفتحها، وقد كان مجاهد زعيما قوي النفس خبيرا بحريا يرى أن إمارته الساحلية وأملاكه البحرية تقتضي أن يكون اعتمادها في القتال على الأساطيل قبل كل شيء، فاهتم بتقوية الأسطول فجدد دار الصناعة القديمة التي كانت بدائية واستكثر من شراء السفن والمعدات الحربية حتى صار عنده خلال فترة وجيزة أقوى أساطيل البحر المتوسط، واستعد لمشروعه الخطير، فحشد أسطولا قوامه مائة وعشرين سفينة مشحونة بالأبطال والعتاد الحربي، وأقلعت الحملة البحرية من 'دانية' في ربيع الأول سنة 406 هـ [أغسطس 1015 م] وكانت جزيرة سردانية موضع اهتمام المسلمين منذ فتح الأندلس وقد غزاها المسلمون عدة مرات سنة 711 م، 752 م، 813 م، 816 م، 817 م، 838 م بيد أن هذه الحملات كلها كانت عارضة لا تخطط للبقاء بالجزيرة، وكانت هذه الجزيرة تحت حكم الدولة البيزنطية ثم حكم الإفرنج ولكنها كانت مستقلة ذاتيا يحكمها قادة محليون، وكانت طبيعتها الوعرة وشجاعة أهلها الجبليين واعتزازهم بحرياتهم مما يعاون على دفع الغزاة ورد الحملات الغازية العارضة .

كانت حملة مجاهد العامري على جزيرة سردانية كبيرة قوية تخطط للبقاء بالجزيرة وإقامة سلطان الإسلام فيها بكل عزم وقوة، ووصلت الحملة إلى الجزيرة بعد ثمانية أيام ورست في خليج كالياري في جنوب الجزيرة ثم انساح الغزاة المسلمون إلى داخل الجزيرة بمنتهى القوة كالسيل الهادر ووقعت بينهم وبين أهل الجزيرة معارك دموية قتل فيها جمع غفير في مقدمتهم قائد الجزيرة 'مالوتو' وأسر المسلمون جموعا غفيرة وأصبحت الجزيرة تحت حكم المسلمين .

شرع مجاهد في توطيد وضع المسلمين بالجزيرة فأنشأ بها مدينة واسعة ونقل أهالي المجاهدين والمسلمين الفاتحين إليها واستقدم هو زوجته وولده الوحيد عليا وباقي أسرته .

كان لهذه الغزوة الجريئة رد فعل عنيف وقوي لدى البابوية والدول الإيطالية القريبة خاصة أن مجاهد العامري جعل جزيرة سرداينه قاعدة انطلاق جهادية على شواطئ إيطاليا خاصة 'جنوه' و'بيزا' وكلاهما من أقوى الدول البحرية في البحر المتوسط، وفي الحال أعلن البابا 'بندكتوس الثامن' الحرب الصليبية ضد المسلمين وكون أسطولا ضخما أضعاف أضعاف الأسطول المسلم وقرر الهجوم على سردانية لتحريرها من المسلمين .

وصلت أخبار الحملة الصليبية البحرية لمجاهد العامري فقرر الاستعداد لها بقوة وبالغ في تحصين الجزيرة ولكن تضافرت عليه عوامل كثيرة أدت ف النهاية لهزيمة المسلمين؛ منها مقاومة أهل الجزيرة من الداخل، وسآمة الجنود المسلمين من رداءة الطقس وقلة الغنائم والبعد عن الأوطان وهبوب الرياح والعواصف العاتية على الأسطول المسلم الراسي في خليج كالياري مما أدى لغرق الكثير من سفن الأسطول المسلم .

كانت الهزيمة التي حلت بالمسلمين من الشدة بمكان أن أسرة مجاهد نفسه قد وقعت في الأسر كلها ولم ينج من الأسطول الضخم البالغ قوامه مائة وعشرين سفينة سوى بضع سفن فقط عادت إلى الأندلس تجتر هزيمة شنيعة وتبكي قتلى وأسرى بالآلاف، وهكذا تحطم هذا المشروع الضخم ولم يتح للمسلمين أن يستقروا في سردانية كما أتيح لهم من قبل أن يستقروا في صقلية، ولو نجح مجاهد العامري في مشروعه واستقر المسلمون في سردانية لكان مرجعا أن تزدهر بها حضارة إسلامية كبيرة تشع على ظلمات أوروبا ولربما صارت أوروبا بعدها كلها مسلمة.

ولكن هذه الهزيمة القادحة لم تمنع مجاهد العامري من أن يواصل حملاته البحرية القوية في حوض البحر المتوسط مما جعله أسطورة البحار وكابوسا يقلق كرسي البابوية سنوات طويلة .


 

رد مع اقتباس
قديم 08-05-2015   #6


الصورة الرمزية مصطفى الجنابي
مصطفى الجنابي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1763
 تاريخ التسجيل :  Oct 2014
 أخر زيارة : 10-29-2017 (11:14 PM)
 المشاركات : 220 [ + ]
 التقييم :  13
 الدولهـ
Iraq
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue
اضف الشكر / الاعجاب
شكر (اعطاء): 0
شكر (تلقي): 0
اعجاب (اعطاء): 0
اعجاب (تلقي): 0
لايعجبني (اعطاء): 0
لايعجبني (تلقي): 0
افتراضي



ليو الطرابلسي

أمير البحار



كان القرن التاسع الميلادي الموافق للقرن الثالث الهجري هو عصر السيادة البحرية الإسلامية، وكان البحر الأبيض المتوسط والذي كان يعرف قبل ظهور الإسلام ببحر الروم، والذي تحول بعد ذلك إلى بحر العرب هو ميدان هذه السيادة، وقد بدأ المسلمون العرب معاركهم البحرية الأولى في تردد وخوف من البحر وأهواله، ولكن لم يمض سوى نصف قرن حتى كان البحر لهم كاليابسة محط الغزوات والفتوحات الكبيرة، وكان فتح جزيرة قبرص سنة 28 هـ على يد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما إيذانا بتدشين عصر الفتوحات البحرية التي استمر خطها البياني في تصاعد مطرد حتى وصل لقمته في القرن الثالث الهجري، وفي هذه الفترة ظهر بطلنا المغوار الملقب بأمير البحار .

أمير البحار ... ليو الطرابلسي :

في أواخر القرن الثالث الهجري ظهر في شرق البحر المتوسط أعظم بحار مسلم سمعت به كتب التاريخ على الإطلاق، وهو أمير البحر الذي فاضت المراجع والكتب الغربية في وصف وسرد حملاته وغزواته البحرية الجريئة على ثغور الدولة البيزنطية، في حين أغفلت بكل أسف كتب التاريخ الإسلامية حياة هذا البطل العظيم حتى لا نكاد نرى له أي ذكر بها سوى بضعة سطور لابن الأثير في أحداث سنة 291 هـ،

فمن هو 'ليو' أو 'ليون الطرابلسي'؟ .

المصادر الإسلامية كما ذكرنا لا تكاد تذكره وعند البحث والتحقيق عنه ينتهي الكلام إلى أنه الملقب باسم 'غلام زرافة' أو 'رشيق الورادني' وكان أمير البحر لوالي طرابلس أيام الخليفة 'المستكفي' العباسي، وليس في الرواية الإسلامية ما يلقي الضوء على نشأته، ولكن الروايات الغربية خاصة البيزنطية تكشف لنا عن نشأة هذا البطل العظيم وأعماله الهائلة في ميادين الجهاد في سبيل الله، ومما يزيد من حسرتنا وألمنا أن يكون أعداؤنا أولى منا برجالنا .

ولد 'ليون الطرابلسي' لأبوين نصرانيين في بلدة تدعى 'أتاليا' في جنوب شرقي الأناضول، لكنه منذ حداثته أيقن أن الإسلام هو الدين الحق، وأن النصرانية ضلال وتحريف فاعتنق الإسلام صغيرا، وحاول أبواه بكل طريق أن يحولا بينه وبين الإسلام، وضغطا عليه بقوة ليرتد إلى النصرانية، ولكنه ثبت على دين الحق، وفر منهما وانضم إلى المجاهدين من البحارة المسلمين الذين كانوا يجوبون البحار لمحاربة الأساطيل البيزنطية لردعها عن شواطئ المسلمين، وكان هؤلاء المجاهدون يركزون غاراتهم على شواطئ بحر الأرخبيل [بحر إيجه] وثغوره وجزره .

بزوغ النجم :

انتقل ليون منذ حداثته من بلده إلى مدينة طرابلس من أعمال الشام وبها استقر وترعرع على متن السفن وتلقى دروسه العربية في لجة البحر، واشترك منذ صغره في كثير من الحملات الجهادية التي كانت تقوم بها الجماعات البحرية المسلمة، واكتسب خبرة وشجاعة وجراءة كبيرة، خاصة في قتال الأساطيل البيزنطية، واشتهر بخفة حركته وسرعته في اتخاذ القرارات الحاسمة، فاشتهر عند المسلمين باسم 'رشيق' .
تدرج 'ليون' أو 'رشيق' في سلم قيادة الأساطيل حتى صار من كبار قادة البحر ثم انتقل إلى مدينة 'طرسوس' وكانت تعتبر المرتكز الرئيسي في محاربة الدولة البيزنطية بل تعتبر رأس الحربة الإسلامية في هذا المضمار، فأصبحت 'طرسوس' محط رحاله ومرفأ سفنه، وجمع 'ليون' تحت لوائه أمهر وأشجع البحارة المسلمين المجاهدين، حتى صار له ما أراد من وجود عصبة قوية مغامرة تعد خلاصة أبطال الجهاد البحري، وليتحول هو وزمرته الميمونة إلى قوة بحرية عظيمة تروع الدولة البيزنطية وتدخل الرعب في قلوب أعداء الله .

معركة تسالونيكا :

استمر 'ليون الطرابلسي' أو 'غلام زرافة' في غزواته البحرية الجريئة على ثغور الدولة البيزنطية وأصبح كابوسا مفزعا يقض مضاجع تلك الثغور، ولكن أعظم غزوات 'ليون' والتي خلدت ذكره في المراجع الأجنبية قبل الإسلامية معركة 'تسالونيكا'، حيث تعتبر تلك المدينة من أعظم الثغور البيزنطية وأمنعها وأغناها بعد 'القسطنطينية' وتقع على هضاب 'أولمبوس' وتشرف على رأس خليج ضيق تستطيع أن تمتنع به السفن وكان يفصلها عن هذا الخليج سور ضخم يمتد نحو ميل على طول الشاطئ وتحميها بعد ذلك قلاع حصينة شيدت على آكام مرتفعة .
وفي سنة 291 هـ استعان 'ليون الطرابلسي' بالله وخرج من 'طرسوس' في أربع وخمسين سفينة في كل منها نحو مائتي مقاتل عدا جماعة مختارة من الرؤساء والضباط، وانضم إليه في سيره أشجع أبطال البحر المسلمين في مياه المشرق .
ولم يجرؤ الأسطول البيزنطي الذي بعثه الإمبراطور 'ليون السادس' لحماية ثغور الدولة على لقاء سفن المسلمين، فارتد إلى ضفاف 'الدردنيل' تاركا مياه بحر 'إيجه' مفتوحة لسفن المسلمين تتجه بمنتهى السرعة إلى ثغر 'تسالونيكا' .
كان قائد الحامية البيزنطي بالمدينة رجلا شجاعا ذكيا اسمه 'بتروناس' حاول أن يرد سفن المسلمين بعدة وسائل منها إلقاء مقادير كبيرة من الصخور الضخمة وقطع الرخام التي كانت تزدان بها القبور اليونانية ليعطل سير السفن المسلمة ويجعلها في مرمى نبال ونيران اليونانيين، واجتهد 'بتروناس' في تحصين المدينة، ولما مات 'بتروناس' فجأة كان خليفته واسمه 'نيكيتاس' صلبا هو الآخر كسابقه .
أما أهل المدينة فقد وضعوا آمالهم في أحد قديسيهم الهالكين ويدعى 'ديمتريوس' وقد كان مدفونا في كنيسة خاصة به، فهرعوا إليه في هذه الكنيسة وانهمكوا في الصلاة ليلا ونهارا داعين وليهم 'ديمتريوس' هذا أن يكشف عنهم الضر .
أما 'ليون الطرابلسي' ومن معه من العصبة المؤمنة المجاهدة فقد قرر الهجوم على المدينة من ناحية الخليج الحصين وهو يضمر في نفسه خطة ذكية لفتح المدينة الحصينة .
وفي يوم الأحد الموافق 29/7/904 هـ بدأ الهجوم على المدينة من ناحية المدخل الأمامي ليختبر دفاعات البلد ومدى استعداد أهلها للدفاع عنها .
وفي اليوم التالي هاجم المسلمون المدينة من ناحية الشرق وحاول استخدام عدة وسائل للاقتحام بالسلالم وإطلاق المجانيق وإضرام النار تحت أبواب المدينة وشغل أهل المدينة بالقتال عامة اليوم، وكان 'ليون' يرجو بكل هذه المقدمات إلى تحويل عناية المدافعين عن غايته الحقيقية .
فقد رأى من خلال استطلاعه لأسوار المدينة عدة مواضع معينة يمكن اقتحام المدينة من خلالها، فبدأ بتنفيذ خطته النهائية بمنتهى السرعة والبراعة، فربط عدة سفن كل اثنين معا ربطا وثيقا محكما، وأقيم فوق كل اثنتين برج خشبي مرتفع، وفي صباح اليوم التالي دفعت هذه الأبراج نحو المواضع المنخفضة في السور وفي كل منهما نخبة من المسلمين تستطيع أن تقضي على المدافعين عن الأسوار، ونشبت معركة هائلة بين الفريقين، وكان بحارة سفن الإسكندرية أول من اقتحم الأبراج، وانقضوا على المدافعين كالصواعق المرسلة وأجبروهم للفرار تحت ضغط الهجوم الكاسح، فنزل الأبطال وفتحوا أبواب المدينة لينقض المسلمون عليها من كل ناحية واستولوا عليها بأكملها في سويعات وتم أسر اثنين وعشرين ألفا من أهلها حملوا جميعا إلى مدينة 'طرسوس' قاعدة الانطلاق ليتم مبادلتهم بالأسرى المسلمين لدى البيزنطيين، حيث كان من الأهداف الرئيسية لحملات 'ليون الطرابلسي' أخذ أكبر عدد من الأسرى البيزنطيين لاسترجاع أسرى المسلمين عندهم .
واستمر 'ليون الطرابلسي' أمير البحار في حملاته وغزواته البحرية الجريئة بمنطقة بحر 'إيجه' حيث لم يقوم له أحد ولم ترده أساطيل الدولة البيزنطية الضخمة، وهو في ذلك كله تابع وموالي للخليفة العباسي يأتمر بأمره ولا يرد له طلبا، ويقوم بأعظم الخدمات للدولة المسلمة من إضعاف للقوة البيزنطية، وفك أسرى المسلمين، وجمع الغنائم والثروات لصالح الدولة المسلمة، حتى استحق وعن جدارة لقب 'أمير البحار' بل وأعظم بحار مسلم عرفه التاريخ .


 

رد مع اقتباس
قديم 08-05-2015   #7


الصورة الرمزية مصطفى الجنابي
مصطفى الجنابي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1763
 تاريخ التسجيل :  Oct 2014
 أخر زيارة : 10-29-2017 (11:14 PM)
 المشاركات : 220 [ + ]
 التقييم :  13
 الدولهـ
Iraq
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue
اضف الشكر / الاعجاب
شكر (اعطاء): 0
شكر (تلقي): 0
اعجاب (اعطاء): 0
اعجاب (تلقي): 0
لايعجبني (اعطاء): 0
لايعجبني (تلقي): 0
افتراضي



المجاهد الكبير حسن الطوشي
قاهر شارلكان




إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ثم أما بعد:
إن المسلم لا يدرك القيمة الحقيقية لقدراته ومواهبه إلا إذا وضع في الاختبار الحقيقي والمحك العملي الذي تظهر فيه الكوامن وتقهر فيه الصعاب، فالمسلم لا يستصعب العوائق أبدا لأنه بإذن الله عز وجل أقوى منها ولا يحبس نفسه أسر أوهامه بأن الأمور فوق إمكاناته وسوف يأتي اليوم الذي تسقط الأوهام وتفيق الأمة من غفلتها وتستعيد ذاكرتها وأبطالها وما أكثرهم وهذه قصة واحد من أعظمهم :

خير الدين وحسن الطوشي

بعد أن فتح السلطان سليمان الأول مدينة بلجراد عزم على السفر بسائر جنوده إلى إسبانيا للاستيلاء عليها وإعادة دولة الإسلام في الأندلس المفقود وبدا للسلطان الاعتماد على رجل ذي خبرة واسعة ودراية بقتال هؤلاء الصليبيين فوقع اختياره على القائد الكبير خير الدين بربروسا فأرسل يستدعيه إلى إستامبول وعينه قائدا عاما للأساطيل العثمانية ونقل جهاده للجبهة الشرقية من البحر المتوسط فلما ذهب خير الدين استخلف مكانه أخص رجاله وأشجع أبطاله حسن الطوشي وكان يتصف بالعقل والعلم الواسع هذا إضافة لورعه وتدينه الشديد وحميته الإسلامية العالية ومن يومها سطع نجم حسن الطوشي في سماء البطولة والجهاد بتلك البقاع والبلاد.
شرع حسن الطوشي في عمله الجديد فعمل على توطيد الأمن الداخلي ووضع الأسس للإدارة المستقرة ومحاولة جمع أطراف البلاد حول السلطة المركزية بالجزائر وعمل على قهر القرصنة الأوروبية الصليبية فأبلى في ذلك بلاءًا حسنا وسار شخصه مثالا بارزا في البطولة والتضحية الإسلامية في سبيل الدفاع عن بلاد الإسلام في الشمال الإفريقي فأكسب الجزائر مهابة وجلالا ومخافة في قلوب الأعداء.
واستطاع حسن الطوشي أن يحرر مدينة 'مستغانم' ويضمها للجزائر ثم تقدم نحو الجنوب الشرقي واستولى على مدينة بكرة وشيد هناك حصنا وأقام به حامية قوية، وفي سنة 949 هـ جهز ثلاث عشرة سفينة حربية برجالها وعتادها وهجم بهم على السواحل الإسبانية وجعل تلك الفرقة دائمة الإغارة على سواحل إسبانيا فأخذ الكثير من السبايا والأسرى يسوقهم للبيع في المدن المغربية الشمالية خاصة مدينة 'تطوان' وذات مرة اصطدمت تلك الفرقة الصغيرة بأسطول إسباني كبير ودارت رحى حرب عنيفة وقاسية استشهد على إثرها الكثير من المسلمين ولكن خسائر الصليبيين كانت أضعاف أضعاف المسلمين .

الإمبراطور شارلكان الصليبي

يعد الإمبراطور شارل الخامس أو شارلكان من أكبر وأعدى ملوك النصارى للإسلام والمسلمين على مر العصور فهو شارل الخامس حفيد كل من فرناندو وإيزابيلا قديسا إسبانيا اللذان على أيديهما سقطت غرناطة آخر معاقل الإسلام بالأندلس سنة 897 هـ وقد أصبح شارلكان إمبراطور الدولة الرومانية المقدسة والتي تضم كل من إسبانيا وبلجيكا وهولندا وألمانيا والنمسا وإيطاليا مما جعل شارلكان محط أنظار ومنتهى آمال كل صليبي على وجه الأرض وقتها عدا فرنسا وإنجلترا فقط.
عندما توالت ضربات خير الدين وحسن الطوشي على الصليبيين في البحر المتوسط هرع البابا بول الثالث لعاهل الصليبيين الأكبر شارلكان وطلب منه مواجهة خير الدين وحسن الطوشي وأهل الجزائر.

الحملة الصليبية الإسبانية على الجزائر

عزم شارل كان على تجهيز حملة صليبية كبيرة يقودها بنفسه ليقضي بها على حركة الجهاد الإسلامي في غرب البحر المتوسط فبدأ أولا بتأمين كيد أعدائه الفرنسيين فعقد معاهدة نيس في سنة 945 هـ مع فرنسا لمدة عشر سنوات وبذلك تفرغ للجزائر .
قاد شارلكان الحملة الصليبية على الجزائر سنة 948 هـ ووصل إلى شواطئ الجزائر في 28 جمادى الأول سنة 948 هـ وهو ينوي تخريب البلاد وقتل العباد وقمع الجهاد .

ملحمة الصمود الجزائري

عندما وصلت الأساطيل الصليبية للشواطئ الجزائرية جمع القائد حسن الطوشي أعيان البلد وقادتها وعلمائها وحثهم على الجهاد والدفاع عن البلاد والدين وقال لهم: 'لقد وصل العدو عليكم ليسبي أبنائكم وبناتكم فاستشهدوا في سبيل الدين الحنيف هذه الأراضي فتحت بقوة السيف ويجب الحفاظ عليها وبعون الله النصر حليفنا فنحن أهل الحق وهم أهل الكفر والباطل'، فوافقه الزعماء ودعا له المسلمون فأخذ البطل في تجهيز دفاعاته وحشد جيوشه.
أراد شارلكان أن يفت في عضد المسلمين فأرسل برسالة تهديد ووعيد للقائد حسن الطوشي وقال فيها: 'أنت تعرفني فأنا سلطان كل ملة المسيحيين إذا رغبت في التشرف بمقابلتي سلمني القلعة مباشرة وأنقذ نفسك من يدي وإلا أمرت بإنزال أحجار القلعة في البحار ثم لا أبقي عليك ولا سيدك ولا الأتراك وأخرب كل البلاد' .
فماذا كان رد حسن الطوشي هل خاف وارتعد وسلم مباشرة ؟ كما يفعل الآن كلا بل رد عليه ردا قويا جريئا فيه استهزاء وسخرية بهذا الطاغية الغاشم قال له فيه: ' أنا خادم السلطان سليمان تعال واستلم القلعة ولكن لهذه البلاد عادة أنه إذا جاءها العدو لا يعطى إلا الموت، ولقد غزت إسبانيا الجزائر في عهد عروج مرة وفي عهد خير الدين مرة ولم تحصل على طائل بل انتهبت أموالها وفقدت جنودها وستحصل المرة الثالثة إن شاء الله' .
تدفقت أعداد كبيرة من المجاهدين المتطوعين لنصرة الدين إلى الجزائر بمجرد سماعهم أن إسبانيا تقود حملة صليبية ضد المسلمين وكانوا مدربين جيدا على القتال خاصة بتلك البلاد.

وما يعلم جنود ربك إلا هو


أرسل حسن الطوشي إلى شارلكان يطلب منه الإذن بالسماح لمن أراد من أهل الجزائر بالمغادرة خصوصا النساء والأطفال وعندها أيقن شارلكان أن مجاهدي البلد سيقاتلون حتى الموت وأنه من المحال احتلال الجزائر إلا إذا تم تدميرها تدميرا تاما وأخذا المجاهدون في استغلال ميزة معرفتهم بطبيعة الأرض والبلد فشنوا حربا شديدة على الصليبيين باستخدام الكر والفر وظهرت بطولات رائعة للمجاهدين أمثال 'الحاج بشير' الذي تخصص في حصد رؤوس الصليبيين.
ثم كانت المنة الإلهية والمدد الرباني لأهل الإيمان والجهاد المقدس حيث سخر الله عز وجل لجند الإسلام جندا من عنده فأرسل على جيوش الصليبيين الأمطار الغزيرة والرياح العاصفة والأمواج العاتية فاقتلعت الريح الخيام وارتطمت السفن بعضها ببعض وحملت الأمواج العاتية بعض السفن إلى الشاطئ فأخذها المسلمون غنيمة وأفسدت الأمطار مفعول البارود ووسط هذه الضربات الإلهية حاول شارلكان مهاجمة الجزائر عدة مرات ولكنه فشل في كل مرة وفي نفس الوقت كان القائد حسن الطوشي يقود المجاهدين لهجمات قاسية وشديدة أوجعت وأذهلت الصليبيين في نفس الوقت حتى قال أحد فرسان المعبد في تقريره عن القتال 'لقد أذهلتنا هذه الطريقة في الحرب لأننا لم نكن نعرفها من قبل'.
بعد الضربات الهائلة التي نالها شارلكان من مجاهدي الجزائر بالإضافة إلى العقاب الإلهي المتمثل في العواصف والأمطار والأمواج لملم شارلكان فلول جيشه وما تبقى من سفنه وانسحب خائبا يجر أذيال الخيبة ويعض على أنامله من الغيظ ومن شدة خجله وحزنه من الهزيمة لم يعد لإسبانيا بل توجه إلى إيطاليا يتوارى من الناس من شر هزيمته المنكرة، وأرسل حسن الطوشي للسلطان سليمان يبشره بالنصر قائلا: 'إن الله سبحانه وتعالى عاقب شارل الخامس وجنوده بعقاب أصحاب الفيل وجعل كيدهم في تضليل وأرسل عليهم ريحا عاصفا وموجا قاصفا فجعلهم بسواحل البحر ما بين أسير وقتيل ولا نجا منهم من الغرق إلا قليل' .


مصير شارلكان


كان فشل شارلكان في حملته الصليبية إيذانا بأفول نجمه في سماء النصرانية ونزلت أخبار الهزيمة نزول الصاعقة على أوروبا كلها وتطورت الأحداث هناك بسرعة وانفض حلفاؤه من حوله وتحولوا إلى خصمه ملك فرنسا فرانسوا الأول الذي كان أسعد الناس بهزيمة شارلكان لخوفه على أملاكه ولم يبق مع شارلكان أحد سوى هنري الثالث ملك إنجلترا الذي حالف شارلكان نكاية في فرنسا وقد حفظ الشعر العربي هذا الحدث الهام فقيل فيه:
سلوا شارلكان كم رأى من جنودنا فليس له إلا هم من زواجر
فجهز أسطولا وجيشـا عرمرمـا ولكنه قد آب أوبة خـاسر

والخلاصة أن شارلكان عظيم النصارى انكسر بعدها كسرة ما قام بعدها واختتم حياته الحافلة بالعداوة للإسلام بهزيمة يلحقه عارها وإثمها إلى يوم الدين وذلك كله على يد القائد الكبير والمجاهد البطل حسن الطوشي الذي لا يعرفه أحد الآن في زماننا هذا .


 

رد مع اقتباس
قديم 08-05-2015   #8


الصورة الرمزية مصطفى الجنابي
مصطفى الجنابي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1763
 تاريخ التسجيل :  Oct 2014
 أخر زيارة : 10-29-2017 (11:14 PM)
 المشاركات : 220 [ + ]
 التقييم :  13
 الدولهـ
Iraq
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue
اضف الشكر / الاعجاب
شكر (اعطاء): 0
شكر (تلقي): 0
اعجاب (اعطاء): 0
اعجاب (تلقي): 0
لايعجبني (اعطاء): 0
لايعجبني (تلقي): 0
افتراضي



الفقيه القاضى الأمير أسد بن الفرات فاتح صقلية


أن يكون المسلم متميزا فى باب معين من أبواب الخير فهذا شىء عظيم يستحق أن يثني عليه الناس به ويذكرونه ولكن أن يكون المسلم فقيها وعالما ومحدثا ومجاهدا وأميرا للجيوش وقائدا لأساطيل أعالى البحار وقاضيا ومعلما ومدافعا عن السنة وقامعا للبدعة ومرابطا فى سبيل الله حتى الموت، فهذا النوع من الرجال الأبطال لابد أن نؤرخ له وبماء الذهب خاصة أن أبناء المسلمين الآن لا يعرفون عنه شيئا .

من هو الأسد

هو الأمير الكبير والفقيه البارع والمحدث الثقة وأمير المجاهدين أبوعبد الله 'أسد بن الفرات بن سنان' ولد سنة 142 هجرية بمدينة 'حران' من أعمال ديار بكر بالشام ثم
انتقل إلى بلاد المغرب مع أبيه 'الفرات بن سنان' سنة 144 هجرية والذى كان قائدا
للمجاهدين الذين خرجوا لنشر الإسلام فى بلاد المغرب، واستقر مع أبيه بالقيروان،
ونشأ منذ صغره على حب العلم وحفظ كتاب الله حتى أتمه فى مرحلة الصبا وأصبح
هو نفسه معلما للقرآن وهو دون الثانية عشر .

رحلته العلمية


بعدما أتم أسد حفظ كتاب الله بدأ فى تحصيل العلوم الشرعية حتى برع في الفقه وكان محبا للنظر والمسائل المتفرعة وإعمال العقل فمال ناحية مذهب أبى حنيفة وظل هكذا حتى التقى مع 'علي بن زياد' والذى يعتبر أول من أدخل مذهب الإمام مالك بن أنس بالمغرب، فسمع منه أسد كتاب الموطأ وتلقى منه أصول مذهب مالك، وبعدهاقرر أسد أن ينتقل إلى المشرق فى رحلة علمية طويلة ابتداءا من سنة 172 هجرية وهو فى ريعان الشباب .
دخل أسد بن الفرات المدينة النبوية لسماع الموطأ من الإمام مالك مباشرة، وكان الإمام مالك له ترتيب خاص فى إسماع الموطأ حيث كان يقسم السامعين إلى ثلاثة أفواج:
? الفوج الأول أهل المدينة .
? الفوج الثانى أهل مصر .
? الفوج الثالث بقية الناس .
ولاحظ الإمام مالك حرص أسد على سماع الحديث وشغفه بالعلم فأدخله مع الفوج الثانى أهل مصر، و لكن أسد بن الفرات كان شديد الشغف بالعلم فاستقل مرويات مالك فى الموطأ واستزاده فى السماع فقال له مالك 'حسبك ما للناس' فخشي أسد أن يطول به الأمر ويفوته ما رغب فيه من لقية الرجال وسماع الحديث، فارتحل إلى العراق بعدما انتهى من سماع الموطأ.
بالعراق التقى أسد مع كبار تلاميذ أبى حنيفة أمثال 'محمد بن الحسن' وكان من كبار رواة الحديث والقاضى أبو يوسف أخص تلامبذ أبى حنيفة وأفقههم، فتعلم أسد أولا المذهب الحنفي وأكثر من سماع الثقات في الحديث، واستفاد أسد من محمد بن الحسن استفادة كبرى وكتب عنه الكثير من مسائل المذهب الحنفي المشهور .
استمر أسد فى رحلته إلى العراق جامعا بين طلب الحديث والفقه إلى سنة 179 هجرية وهي السنة التي توفي فيها الإمام مالك فارتجت العراق لموته وأقبل الناس من كل مكان للسماع من تلاميذ مالك، وعندها ندم أسد على أنه لم يبقى بجوار مالك وقال لنفسه 'إن كان فاتني لزوم مالك فلا يفوتني لزوم أصحابه' .
ارتحل أسد بن الفرات إلى مصر وكان بها أخص تلاميذ مالك وأكثرهم علما وورعا أمثال ابن وهب وابن القاسم، فدخل أسد أولا على ابن وهب وعرض عليه كتبه التي كتبها على مذهب أبي حنيفة وطلب منه أن يجيب عليها على مذهب مالك، فتورع ابن وهب عن ذلك، فدخل أسد على ابن القاسم فأجابه على هذه المسائل وتفرغ له ابن القاسم ولقنه المذهب كله بأصوله وفروعه ودون هذه المسائل كلها فى الكتاب الشهير 'المرونة' أو 'الأسدية' وحررها وضبطها حتى صارت المرجع الأول للفقه المالكي ببلاد المغرب وقتها، وأخيرا عاد أسد بن الفرات إلى القيروان سنة 181 هجرية بعد رحلة علمية شاقة وحافلة بالفوائد حيث تنقل فيها بين المدينة ومكة وبغداد والكوفة والفسطاط فى طلب العلم حتى صار من كبار علماء المغرب وإمام من أئمة المسلمين الذين بلغوا درجة الاجتهاد فلا يفتي إلا بعد النظر والترجيح ولا يتقيد بمذهب معين .


نشاطه العلمى بالمغرب


عاد أسد بن الفرات إلى القيراون حاضرة أفريقية وقتها ومنارة العلم الأولى فى الشمال الأفريقى بعلم جم فى الحديث والفقه بمدرستيه الأوليتين الحنفية والمالكية وجلس بجامع عقبة وأقبل عليه الناس من كل مكان من المغرب والأندلس واشتهر أمره وظهر علمه، وارتفع قدره، وانتشرت إمامته، وجاءته الأسئلة من أقصى البلاد ليجيب عليها .
بلغ أسد درجة الإجتهاد المطلق فلم يكن يلتزم برأي واحد بل يفتي بما يوصله إليه إجتهاده ويلتزم من أقوال أهل المدينة وأهل العراق بما يوافق الحق عنده، وكان إذا جلس في المجلس وسرد أقوال العراقيين، أي مذهب أبي حنيفة، في مسألة ما، قال له المشايخ الذين يجالسونه ممن يذهب مذهب أهل المدينة، أي مذهب مالك، 'يا أبا عبد الله أوقد القنديل الثاني' فيسرد أقوال المدنيين مما يوضح سعة علمه.
كان أسد بن الفرات شديد الضبط والتحرير والدقة لكتبه حتى صار مضرب الأمثال فقد بيعت يوما كتب فقيه مات، فنودي عليها 'هذه كتب فقيه قد قوبلت على كتب الأفريقي 'أى أسد بن الفرات' فبيعت بأغلى الأثمان .

محاربته للبدع

كان أسد بن الفرات على عقيدة أهل السنة والجماعة عقيدة السلف الصالح لذلك كان من أشد علماء المغرب على أهل البدعة، معروفا بنشر السنة حتى خارج أفريقية 'تونس الأن' وكان يكثر من تقريع المبتدعين، قرأ يوما قوله عز و جل 'إننى أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدنى' ثم قال 'يا ويل أهل البدع يزعمون أن الله عز وجل قد خلق كلامه، آمنت بالله عز وجل، وبأنه قد كلم موسى تكليما، وأن الكلام غير مخلوق، ولكن لا أدرى كيفيته' .

الأسد أمير المجاهدين

لم يكن أسد بن الفرات من هذا النوع السلبي من العلماء الذين يقبعون خلف كتبهم ومصنفاتهم ومحابرهم ولا يتحركون بعلمهم بين الناس، بل كان من العلماء العاملين وأيضا من كبار المجاهدين فى سبيل الله، فلقد ورث حب الجهاد عن أبيه الذي كان أمير المجاهدين في حران والذي حمل ولده الصغير 'أسد' وخرج به مجاهدا فى سبيل الله، فشب عالما نابها وأيضا جنديا جريئا، وبحارا مغامرا، حتى أنه في سن الشباب وقبل أن يقوم برحلته العلمية المشهورة اشترك فى العديد من المعارك البحرية في مياه البحر المتوسط، ويقول العلامه ابن خلدون أن أسد بن الفرات هو الذى افتتح جزيرة 'قوصرة' وهي جزيرة صغيرة تقع شرقي تونس الآن.
حيث كانت أفريقية أو تونس واقعة تحت حكم دولة الأغالبة التي استقلت بحكم البلاد منذ سنة184هجرية ولكنها كانت تابعة للدولة العباسية، وكانت هذه الدولة في بداياتها معنية بأمر الجهاد ونشر الإسلام، فاتجه ولاة هذه الدولة بأبصارهم ناحية الجزر الكبرى الواقعة في منتصف البحر المتوسط مثل جزيرة صقليه، وكورسيكا، وسردانيه، وغيرها ولكن التركيز الأكبر كان على جزيرة صقلية .

فتح جزيرة صقلية

تعتبر جزيرة صقلية أكبر جزر البحر المتوسط مساحة وأغناها من حيث الموارد الاقتصادية وأفضلها موقعا، ولقد انتبه المسلمون لأهمية هذه الجزيرة مبكرا منذ عهد الصحابة حيث حاولوا فتحها فى عهد عبد الله بن سعد رضي الله عنه ثم معاوية بن حديج ثم عقبة بن نافع ثم عطاء بن رافع وكان آخرهم عبد الرحمن بن حبيب وذلك سنة 135هجرية، ثم وقعت الفتن الداخلية ببلاد المغرب بين العرب والبربر وانشغل المسلمون عن جهاد العدو الذي انتهز الفرصة وأغار على سواحل المغرب عند منطقة إفريقية مما جعل المسلمون يتوحدون و يتهيؤن للرد على هذا العدوان البيزنطى .
في هذه الفترة وقعت العديد من الاضرابات بجزيرة صقلية والتي كانت تتبع الدولة البيزنطية حيث وقع نزاع على حكم الجزيرة بين رجلين أحدهما اسمه 'يوفيميوس' وتسميه المراجع العربية 'فيمي' والآخر اسمه 'بلاتريوس' وتسميه المراجع العربية 'بلاطه' وانتصر 'بلاطه' على 'فيمي' الذي فر هاربا إلى إفريقية واستغاث بزيادة الله ابن الأغلب حاكم إفريقية وطلب منه العون في استعادة حكمه على الجزيرة، فرأى زيادة الله فيها فرصة سانحة لفتح الجزيرة .
استنفر 'زيادة الله' الناس للجهاد وفتح صقلية فهرعوا لتلبية النداء وجمعت السفن من مختلف السواحل و بحث ابن الأغلب عمن يجعله أميرا لتلك الحملة البحرية الكبيرة فلم يجد خيرا ولا أفضل من الأسد الهصور والبطل المقدام 'أسد بن الفرات' على الرغم من كبر سنه في هذه الفترة ربيع الأول 212 هجرية أي سبعين عاما، وكان هذا الاختيار دليلا على فورة المشاعر الإسلامية في هذه الفترة والأثر الكبير لعلماء الدين الربانيين على الشعب المسلم، وكان أسد بن الفرات يبدى رغبته فى هذه الغزوة كواحد من المسلمين لأنه كان محبا للجهاد عالما بمعانى ومقتضيات آيات النفرة فى سبيل الله ودور العلماء فى ذلك وأيضا كان يكره الشهرة والرياء ولكن ابن الأغلب أصر على أن يتولى قيادة الحملة العسكرية وأيضا يكون قاضيا للحملة أي جمع له القيادة الميدانية والروحية لعلمه بمكانة أسد بن الفرات وأثره في الناس وحبهم له .

الجهاد حتى الممات

خرج أسد بن الفرات من القيروان في حملة عسكرية كبيرة قوامها عشرة آلاف من المجاهدين المشاة وسبعمائة فارس بخيولهم فى أكثر من مائة سفينة كبيرة وصغيرة خرجت من ميناء سوسة على البحر المتوسط وسط جمع عظيم من أهل البلد الذين خرجوا لتوديع الحملة المجاهدة.
تحرك الأسطول الإسلامى يوم السبت 15 ربيع الأول سنة 212 هجرية متجها إلى جنوبي جزيرة صقلية وبالفعل وصلت الأساطيل المسلمة إلى بلدة 'فازر' في طرف الجزيرة الغربي بعد ثلاثة أيام من الإبحار أى يوم الثلاثاء، ونفذ أسد بن الفرات على رأس جنده إلى شرقي الجزيرة، وهناك وجد قوة رومية بقيادة الثائر 'فيمي' الذي طلب مساعدة 'ابن الأغلب' لاستعادة حكمه على الجزيرة، وعرض 'فيمى' على 'أسد بن الفرات' الاشتراك معه في القتال ضد أهل صقلية ولكن القائد المسلم العالم بأحكام شريعته المتوكل على الله عز وجل وحده يرفض الاستعانة بالمشركين تأسيا بالنبى صلى الله عليه وسلم الذي رفض الاستعانة باليهود يوم أحد .

استولى 'أسد' على العديد من القلاع أثناء سيره مثل قلعة بلوط والدب والطواويس حتى وصل إلى أرض المعركة عند سهل 'بلاطه' نسبة إلى حاكم صقلية، وعندها أقبل 'بلاطه' في جيش عدته مائة ألف مقاتل، أي عشرة أضعاف الجيش المسلم وعندها قام أسد بن الفرات في الناس خطيبا فذكرهم بالجنة وموعود الله عز وجل لهم بالنصر والغلبة وهو يحمل اللواء في يده ثم أخذ يتلو آيات من القرآن ثم اندفع للقتال والتحم مع الجيش الصقلي الجرار واندفع المسلمون من ورائه ودارت معركة طاحنة لايسمع منها سوى صوت قعقعة السيوف وصهيل الخيول والتكبير الذى يخترق عنان السماء والأسد العجوز أسد بن الفرات الذي جاوز السبعين يقاتل قتال الأبطال الشجعان حتى أن الدماء كانت تجري على درعه ورمحه من شدة القتال وكثرة من قتلهم بنفسه وهو يقرأ القرآن ويحمس الناس، وتمادت عزائم المسلمين حتى هزموا الجيش الصقلي شر هزيمة، وفر بلاطه من أرض المعركة وانسحب إلى مدينة 'قصريانة' ثم غلبه الخوف من لقاء المسلمين ففر إلى إيطاليا وهناك قتل على يد بني دينه بسبب جبنه وإحجامه عن قتال المسلمين.
بعد هذا الانتصار الحاسم واصل أسد بن الفرات زحفه حتى وصل إلى مدينة 'سرقوسة'
ومدينة 'بلرم' فشدد عليها الحصار وجاءته الإمدادات من 'إفريقية' واستطاع أسد بن الفرات أن يحرق الأسطول البيزنطي الذي جاء لنجدة 'بلرم' وأوشكت المدينة على السقوط ولكن حدث ما لم يكن فى الحسبان؛ حيث حل بالمسلمين وباء شديد أغلب الظن أنه الكوليرا أو الجدري فهلك بسببه عدد كبير من المسلمين فى مقدمتهم القائد المقدام 'أسد بن الفرات' فلاقى حمام الموت مرابطا مجاهدا بعيدا عن أهله وبيته وحلق دروس العلم، مجافيا لفراشه وداره، مؤثرا مرضات ربه ونصرة دينه، وذلك فى شعبان سنة213هجرية، فجمع بين خصال الخير كلها من علم وورع، وجهاد وشهادة، فياليت علماء الأمة يتعلمون شيئا من سيرة هذا البطل الذى سقط من ذاكرة المسلمين الآن .


 

رد مع اقتباس
قديم 08-05-2015   #9


الصورة الرمزية مصطفى الجنابي
مصطفى الجنابي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1763
 تاريخ التسجيل :  Oct 2014
 أخر زيارة : 10-29-2017 (11:14 PM)
 المشاركات : 220 [ + ]
 التقييم :  13
 الدولهـ
Iraq
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue
اضف الشكر / الاعجاب
شكر (اعطاء): 0
شكر (تلقي): 0
اعجاب (اعطاء): 0
اعجاب (تلقي): 0
لايعجبني (اعطاء): 0
لايعجبني (تلقي): 0
افتراضي



الأمير بركة خان - أعظم ملوك التتار



يتبادر إلى ذهن الكثير من الناس عند ذكر كلمة 'التتار' أو 'المغول' جميع الصفات التي لا تمت للإنسانية بصلة من وحشية وقسوة وإبادة شاملة وجميع المآسي والأهوال التي خلفها الاكتساح التتري لبلاد الإسلام فى القرن السابع الهجري، حتى أن كثيرا من مؤرخي الإسلام ظنوا أن هذه النازلة هي النهاية فنعى الإسلام والمسلمين؛ ومن أراد تفاصيل ذلك فليراجع ما كتبه المؤرخ ابن الأثير عنها بعبارات تقطر أسىً وحزنا عميقين
ووسط هذه الصورة الحالكة السواد عن التتار كشعب وأمة، ضاعت آثار وأخبار رجل من أعظم الرجال وصاحب فضل كبير بعد الله عز وجل في دخول الأمة التترية دين الإسلام، بل إن هذا الرجل يضرب أروع الأمثال في رسوخ عقيدة الولاء والبراء فيحارب بني جلدته في سبيل نصرة الإسلام والمسلمين.

تقسيم دولة المغول الكبرى


نستطيع أن نقول أن المغول قد ورثوا ديار الإسلام من أقصى الشرق إلى حدود المنطقة العربية وحدود وسط أوروبا، وهي منطقة شاسعة مترامية الأطراف، لذالك وضع 'جنكيزخان' نظاما خاصا فى تقسيم هذه الامبراطورية الواسعة، حيث قسمها بين أبنائه من زوجتة الأولى على النسق التالي:
الابن الأكبر جوجى : بلاد روسيا والقوقاز وبلغاريا وما يفتحه من غرب المعمورة.
الابن الثاني جفطاي : بلاد الأوبجور وتركستان الغربية وبلاد ما وراء النهر.
الابن الثالث تولوي : خراسان وفارس وبلاد العرب وآسيا الصغرى.
الابن الرابع أوغطاي: بلاد المغول 'منغوليا الآن' والصين وتركستان الشرقية وما يفتحه من شرق المعمورة.
وكان من المقرر أن يكون 'جوجي' الابن الأكبر لـ 'جنكيزخان' هو الخليفة بعد موت أبيه، ولكن الطاغية 'جنكيزخان' شعر بطموحات 'جوجي' واستعجاله لنيل المنصب بعد أبيه فدس عليه من قتله وعين بدلا منه أخاه 'أوغطاي' في منصب ولي العهد.

القبيلة الذهبية

هذا هو الاسم الذى أطلق على أسرة 'جوجي' وممتلكاتها وما عرفوا به تاريخيا، وكانت أسرة 'جوجي' مميزة بين باقي الأسر فقد كانت لهم ثلث الغنائم التي يحصل عليها التتار في حروبهم.
وكان للإسلام بالغ الأثر فى نفوس أبناء 'جوجي' ويرجع السبب في ذلك لأن أباهم 'جوجي' تزوج من الأميرة 'رسالة بنت خوارزم شاه' التي وقعت في الأسر وهي أخت السلطان جلال الدين 'منكبرتي' آخر سلاطين الدولة الخوارزمية، مع مراعاة أن هذا الزواج باطل ولا ينعقد أصلا لكفر 'جوجي'، وأغلب الظن أنها كانت سبية مكرهة معذورة، والدليل أن 'رسالة' هذه ظلت محافظة على إسلامها وشعائرها، وإلا ما تأثر بها أبناء 'جوجي' حتى دخل بعضهم في الإسلام كما حدث مع بطلنا هذا.


من هو بركة خان ؟


هو السلطان العظيم والتتري الأول ناصر الدين أبو المعالي 'بركة خان بن جوجي بن جنكيزخان' حفيد الطاغية الدموي الذي روع العالم في القرن السابع الهجري 'جنكيزخان'، وهو أحد سبعة أبناء لجوجي وهم 'باتو، أوردا، شوبان، بركة ? بطلنا -، جمتاي، بركجار، توقاتيمر' وكان الابن الأكبر 'باتو' قد ورث منصب أبيه وأصبح زعيما للقبيلة الذهبية، والتي تعد أولى قبائل التتار إسلاما وأكثرها تعاطفا وتأدبا مع المسلمين.
وبسبب تعاطف 'باتو' مع المسلمين في بلاده أخذ النصارى خاصة الرهبان والقساوسة في بلاد المغول، وكان لهم دور وتأثير كبير على الحرب المروعة على بلاد الإسلام، في تحريض الزعيم الكبير للتتار 'كيوك بن أوغطاي' لمحاربة 'باتو' قبل أن ينتشر الإسلام في كل ربوع الشمال .
وتوفي 'باتو' سنة 650 هجرية وخلفه من بعده في رئاسة القبيلة الذهبية ابنه 'حرتق' الذي لم يعش طويلا حتى توفي وانتقلت الرئاسة لعمه البطل المقدام 'بركة خان' وذلك سنة 653 هجرية .
دخل 'بركة خان' الإسلام سنة 650 هجرية وكان من قبل محبا ومتأثرا بالإسلام بسبب امرأة أبيه 'رسالة' وقد التقى 'بركة خان' في مدينة 'نجارى' مع أحد علماء المسلمين واسمه 'نجم الدين مختار الزاهدي' وكان بركة عائدا لتوه من زيارة عاصمة المغول 'قرة قورم' وأخذ 'بركة' في الاستفسار عن الإسلام من هذا العالم المسلم وهو يجيبه بكل وضوح وسلاسة، فطلب بركة منه أن يؤلف له رسالة تؤيد بالبراهين رسالة الإسلام وتوضح بطلان عقائد التتار والتثليث وترد على المخالفين والمنكرين للإسلام، فألف 'الزاهدي' الرسالة ودخل 'بركة خان' الإسلام إثر قرائتها عن حب واقتناع وإخلاص ورغبة عارمة في نصرة هذا الدين.

أهم أعمال 'بركة خان'

لم يكن دخول 'بركة خان' الإسلام كدخول آحاد الناس بل دخل الإسلام بطلا ملكا سلطانا لقبيلة تترية، والتتار وقتها هم الكابوس المفزع للبشرية جمعاء وللمسلمين خاصة، لذلك جاءت أعمال هذا البطل العظيم على نفس المستوى الفائق من المسؤلية والقيادة، وتحول هذا السلطان الوثني إلى جندي من أخلص جنود الإسلام شديد الحب والتفاني في نصرة الدين وأهله، حيث ضرب أروع الأمثلة في الولاء والبراء وهذه طائفة من أهم أعمال 'بركة خان' في نصرة الإسلام.

أولا: مبايعة خليفة المسلمين


بعدما أعلن 'بركة خان' إسلامه كان أول ما فعله أن أرسل ببيعته للخليفة العباسي 'المستعصم' ببغداد، وهذا الإجراء رغم أنه بسيط وبه كثير من الشكلية؛ لأن خليفة المسلمين وقتها لم يكن له أى نفوذ حقيقي إلا على مساحة ضيقة من الأرض، إلا أنه يعطي صورة واضحة جلية نحو ولاء 'بركة خان' لسلطان المسلمين وانضواءه تحت جماعة المسلمين.

ثانيا: إظهار شعائر الإسلام

بعدما اعتلى 'بركة خان' رئاسة القبيلة الذهبية أخذ فى إظهار شعائر الإسلام وكانت مندثرة فى بلاد التتار منذ عهد 'جنكيزخان' الذي كان يقتل من يجهر بتلك الشعائر شر قتلة، وقام 'بركة خان' بإكمال بناء مدينة 'سراي' وهي مدينة 'سراتوف' الآن فى روسيا على نهر الفولجا وجعلها عاصمة القبيلة الذهبية، وبنى بها المساجد والحمامات ووسعها جدا حتى صارت أكبر مدن العالم وقتها، وجعلها على السمت الإسلامي الخالص.

ثالثا: غيرته على المسلمين

نظرا لأن 'بركة خان' قد دخل الإسلام بحب واقتناع وإخلاص، فلقد تجمعت معاني العقيدة الصحيحة ومقتضيات لا إله إلا الله فى قلبه وجاءت ردود أفعاله وغيرته على الإسلام والمسلمين لتذكرنا بمواقف الصحابة رضوان الله عليهم والرعيل الأول من سلف الأمة، فقد كان 'بركة خان' شديد الغيرة على الإسلام والمسلمين.
وقد ظهرت هذه العقيدة بوضوح عندما فكر الطاغية 'هولاكو بن تولوي بن جنكيزخان' في الهجوم على بغداد بعدما كاتبه الخائن الرافضي 'ابن العلقمي' وزير الشؤن ببغداد وطلب منه الحضور، وكان 'مانغو بن تولوي' أخو 'هولاكو' هو الخان الأكبر لجميع التتار، وقد نال هذا المنصب بمساعدة قوية من 'باتو' الأخ الأكبر 'لبركة خان'.
وحاول 'هولاكو' إقناع أخيه الأكبر 'مانغو' بهذه الفكرة، وبالفعل وافق 'مانغو' على الفكرة ورحب بالهجوم على باقي بلاد المسلمين، وبدأ 'هولاكو' في الإعداد لذلك، وما أن وصلت الأخبار إلى 'بركة خان' حتى التهبت مشاعره وأسرع إلى أخيه 'باتو' وألح عليه فى منع الهجوم على المسلمين وقال له: [إننا نحن الذين أقمنا 'مانغو' خانا أعظما وما جازانا على ذلك إلا أنه أراد أن يكافينا بالسوء فى أصحابنا ويخفر ذمتنا ويتعرض إلى ممالك الخليفة وهو صاحبي وبينى وبينه مكاتبات وعقود ومودة وفي هذا ما لا يخفى من القبح].
وبالفعل أقتنع 'باتو' تماما بكلام أخيه وبعث إلى هولاكو يكفه عما ينويه من قتال المسلمين؛ وبالفعل أجل 'هولاكو' الهجوم على المسلمين حتى وفاة 'باتو'.

رابعا : محالفته للمماليك


العجيب في إسلام 'بركة خان' هذه الحالة الإيمانية الفائقة وترسخ عقيدة الولاء والبراء في قلبه، وتجلي ذلك في كل مواقفه التي كانت تنبع من أصل هذه العقيدة السليمة النقية.
فقد دخل 'بركة خان' في حلف مع المماليك الذين بهروا العالم عندما انتصروا على التتار في موقعة 'عين جالوت' سنة 658 هجرية، وكثرت المراسلات والاتصالات بين السلطان 'بيبرس' و 'بركة خان' وكان لها أثر كبير في توجيه 'بركة خان' لحرب 'هولاكو' وأن هذا الأمر من مقتضيات الولاء والبراء.
وبالفعل اتفق 'بركة خان' و'بيبرس' على محاربة 'هولاكو' وكتب 'بركة خان' برسالة إلى 'بيبرس' يقول له فيها: [قد علمت محبتي للإسلام وعلمت ما فعل هولاكو بالمسلمين، فاركب أنت من ناحية حتى آتيه أنا من الناحية الأخرى؛ حتى نهزمه أو نخرجه من البلاد، وأعطيك جميع ما كان بيده من البلاد].
فالله الله على 'بركة خان'؛ ولاء وبراء، مع تجرد وإخلاص، مع جهاد وزهد في الدنيا، وهكذا يكون الأبطال الذين تسطر أخبارهم بماء الذهب.

خامسا : محاربته لهولاكو والتتار

لم يكتف 'بركة خان' بمناصرة المسلمين والدخول في جماعتهم وحلفهم ولكن طبق عقيدة الولاء والبراء بشقيها وفي أنقى صورها، فلقد انقلب حربا ضروسا على التتار الوثنيين عموما وعلى 'هولاكو' خصوصا حيث لم ينس 'بركة خان' ما فعله 'هولاكو' بالخلافة العباسية أبدا عندما اكتسح هولاكو بجحافله بغداد.
فقد حاول 'بركة خان' بشتى الوسائل أن يوقف هذا المد الجارف الذي ينذر بمحو الإسلام من الوجود، ولكن لأن معظم جنوده كانوا لا يزالون على الوثنية فقد رفضوا الانصياع لأمره بمحاربة 'هولاكو' لأنهم بذلك سيخالفون الخان الأعظم للتتار والذي قد وافق على الهجوم الهولاكي على بغداد.
فأخذ 'بركة خان' في اختلاق الذرائع والحجج لإشعال الحرب ضد 'هولاكو' ووجد ضالته فى مسألة الغنائم حيث كان من عرف 'جنكيزخان' القديم أن أسرة 'جوجى' لها ثلث الغنائم التي يحصل عليها التتار جميعا في أي معارك يخوضونها.
وبالقطع لم تكن الغنائم دافعا لـ'بركة خان' بل كان حبه للإسلام ورغبته في مقاتلة 'هولاكو' الطاغية فأرسل 'بركة' رسلا من طرفه وأمرهم أن يشتدوا ويغلظوا على 'هولاكو' في السؤال، وبالفعل نجحت الحيلة واستشاط 'هولاكو' غضبا وقتل رسل 'بركة خان' وسير جيشا لمحاربة 'بركة خان' فانهزم جيش هولاكو شر هزيمة وذلك سنة 660 هجرية، فعاود الهجوم مرة أخرى بجيش أكبر فانهزم جيش 'بركة خان' وكان يقوده أحد قواده واسمه 'نوغاي'، فأراد 'هولاكو' أن يجهز بالكلية على 'بركة خان' فأرسل جيشا جرارا فيه معظم جنوده يقودهم ابنه الخبيث 'أباقا'، فخرج لهم 'بركة خان' بنفسه على رأس الجيش ومزق جيش هولاكو شر تمزيق سنة 661 هجرية في منطقة القوقاز ولم ينج منهم سوى القليل.

سادسا : تفريقه لوحدة التتار الوثنيين


عندما يكون للمرء هدف يعمل من أجله ويحيى في سبيل الوصول إليه فإنه عادة ما يصل إليه بإذن الله عز وجل، وبطلنا 'بركة خان' كان يحيى من أجل نصرة الإسلام ومحاربة أعدائه، لذلك نجده يعمل من أجل هذا الهدف على عدة محاور، فهو يحالف المسلمين المماليك ويحارب بني جلدته من التتار، وعمل أيضا على محور شديد الخطورة وذلك بذكاء ودهاء محمود للوصول إلى تفتيت دولة التتار الوثنية وإضعافها.
فقد استغل 'بركة خان' خروج الخان الأعظم 'مانغو' لقتال بعض الخارجين عليه ومعه أخاه 'قبلاي' وترك أخاه الأخر 'أرتق بوكا' مكانه لتسيير الأمور لحين عودته، فاستغل 'بركة خان' وفاة 'مانغو' فى الطريق لإثارة الفتنة بين 'أرتق بوكا' و'قبلاي'، حيث اتفق الجند والأمراء على تولية 'قبلاى'، فأرسل 'بركة خان' إلى 'أرتق بوكا' بقوة عسكرية لمنازعة أخيه 'قبلاي' على منصب الخان الأعظم، وحرض أيضا أسرة 'أوغطاي' على مساعدة 'أرتق بوكا' ووقعت الحرب بينهما سنة 658 هجرية وذلك قبل معركة 'عين جالوت' بقليل مما جعل هولاكو يعود مسرعا من الشام لفض النزاع.
واستمرت الحروب عدة سنوات، وكان 'بركة خان' في نفس الوقت يقنع ويحث كثيرا من جنود 'هولاكو' بالشام على الدخول في الإسلام والانضمام إلى جيش 'بيبرس'؛ وبالفعل أقنع الكثيرين منهم وتحولوا إلى حرب 'هولاكو'.
أما 'هولاكو' فوجد أن كل البلايا والمعارك التي حدثت له وللتتار جميعا كان سببها 'بركة خان' فاشتد غيظه وحقده على 'بركة خان' وحاول محاربته عدة مرات ولكنه هزم شر هزيمة مما أشعل الغيظ في قلبه حتى وصت نيران غيظه إلى عقله وجسده، فأصيب بجلطة فى المخ بعد وصوله خبر هزيمة ولده 'أباقا' أمام 'بركة خان' سنة 661 هجرية وظل يعاني من الصرع حتى هلك الهالك 'هولاكو' سنة 663 هجرية، فانتقم 'بركة خان' للإسلام والمسلمين من هذا المجرم الطاغية الذي دمر دولة الخلافة الإسلامية وسفك دم الملايين من المسلمين.

رحيل البطل


ظل 'بركة خان' طوال حياته مجاهدا مناصرا للإسلام والمسلمين في كل موطن وعلى عدة محاور، تشغلة قضية الإسلام وتلتهب مشاعره ويهتز قلبه من أجل خدمة هذا الدين، لذلك كان من الطبيعى أن يموت هذا البطل على درب النصرة والجهاد، فبعدما هلك الطاغية 'هولاكو' من شدة الغيظ والحقد على ما جرى على يد 'بركة خان' ورث مكانه ابنه 'أباقا' وورث عنه أيضا حقده وحسده على 'بركة خان' خاصة أن 'بركة' قد هزمه هزيمة كبيرة سنة 661 هجرية، لذلك كانت محاربة 'بركة' هي أولى خطوات وقرارات 'أباقا بن هولاكو'.
وبالفعل أعد 'أباقا' جيشا جرارا لمحاربة 'بركة' وأرسل 'بركة' أولا قائده 'نوغاي' ولكنه هزم وأصيب بسهم في عينه، وكان 'بركة خان' يحب 'نوغاي' لإسلامه وجهاده معه في كل موطن، فخرج 'بركة خان' بنفسه للقاء 'أباقا' وفي نيته محاربة عدو الإسلام وإزالة هذا الفرع الخبيث من شجرة التتار التى بدأت تتحول للإسلام شيئا فشيئا.
وفى الطريق أتاه اليقين وتوفي البطل العظيم مجاهدا مناصرا سنة 665 هجرية بعدما قضى حياته الحقيقية، خمسة عشر سنة، فى خدمة الإسلام ومحبة المسلمين ومحاربة أعداء الإسلام حتى مات رحمه الله وبلل بالمغفرة ثراه على نية الجهاد، ولم يكن له أولاد ولم يترك ذرية ولكنه ترك سجلا حافلا في العمل للدين والفهم الصحيح لعقيدة الولاء والبراء، حتى أن السلطان المملوكي الظاهر 'بيبرس' قد سمى ولده الأكبر 'بركة خان' حبا في شخصية هذا البطل العظيم والذى وبمنتهى الأسف والأسى لا يعرفه معظم المسلمين الآن.


 

رد مع اقتباس
قديم 08-05-2015   #10


الصورة الرمزية مصطفى الجنابي
مصطفى الجنابي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1763
 تاريخ التسجيل :  Oct 2014
 أخر زيارة : 10-29-2017 (11:14 PM)
 المشاركات : 220 [ + ]
 التقييم :  13
 الدولهـ
Iraq
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue
اضف الشكر / الاعجاب
شكر (اعطاء): 0
شكر (تلقي): 0
اعجاب (اعطاء): 0
اعجاب (تلقي): 0
لايعجبني (اعطاء): 0
لايعجبني (تلقي): 0
افتراضي



الأمير شهاب الدين الغورى- صاروخ باكستان النووى



يعتبر تاريخ الإسلام في بلاد ما وراء النهر غامضا لكثير من المسلمين رغم أنه قد بدأ مبكراً في صدر الدعوة عندما دحرت جيوش الصحابة في عهد العمرين إمبراطورية الفرس وأزالوا دولتهم تماماً في عهد عثمان رضي الله عنه، وانساح المسلمون بعدها في بلاد ما وراء النهر ورفعوا الحواجز التاريخية بين الهضبة الإيرانية وبلاد الأتراك إلى بلاد الهند والصين، وظهر خلال تلك الفترة رجال أفذاذ كبار كلهم يضع هدفا ساميا نصب عينيه ألا وهو خدمة الدين ونشر الإسلام، من هؤلاء الكبار: عبد الرحمن بن ربيعة الملقب بذى النور، وعبيد الله بن أبى بكر، وشريح بن هانىء، وعبد الرحمن بن الأشعث، وقتيبة بن مسلم، ومحمد بن القاسم، وغيرهم كثير .
ولما قامت الدولة العباسية قل من يغزو تلك البلاد وانشغل المسلمون بأنفسهم فترة طويلة، حتى ظهرت الدولة الغزنوية وسلطانها العظيم 'محمود بن سبكتكين' الذي أعاد للمسلمين ذكريات الجهاد الأولى ودخل بلاد الهند ففتحها وحطم أصنامها ودمر معابدها ونشر الإسلام في مناطق لم تتل فيها قط سورة ولا آية.
وكان صاحب الفضل بعون الله عز وجل في تحطيم قوى أمراء الهند، ولكنه ومن جاء بعده من خلفائه لم يستقروا في الهند إنما كانوا يعودون إلى عاصمة بلادهم 'غزنة' ويتركون والياً من طرفهم على تلك البلاد الجديدة، مما لم يرسخ وضع الإسلام بالهند ولم يثبت أقدام المسلمين بها، ومما سمح أيضا لكفار الهند بالتمرد والثورة مرة بعد مرة، وظل الأمر هكذا حتى ظهر بطلنا الكبير الذى قام بإنشاء أول دولة مسلمة ثابتة مستقرة بالهند وعاش حياته كلها في الجهاد والدعوة وكان له أعظم الأثر في وضع الإسلام بالهند حتى أن دولة باكستان المسلمة لما أنجزت مشروعها الجريء والكبير وأنتجت أول صاروخ حربي نووي لم تجد أفضل من بطلنا هذا لتطلق اسمه على صاروخها النووى الشهير 'غوري' اعترافاً منها بعظمة وفضل بطلنا الشهير، الذى لايكاد يعرفه أحد من المسلمين.

من هو شهاب الدين؟

هو البطل الشجاع والأمير المحنك أبو المظفر شهاب الدين محمد بن سام ******، قائد القبائل ******ة، ويرجع أصل هذه القبائل إلى الجنس التركي وكانت تستوطن جبال الغور وهي بلاد واسعة وباردة وموحشة، تقع بين غزنة وهراة [وسط أفغانستان الآن] مما جعلت طبيعتهم قوية وصلبة، وقد دخلوا الإسلام على يد السلطان 'محمود بن سبكتكين' وذلك سنة 401 هجرية.
وبعدما حاربهم وعرف قوتهم وشجاعتهم حرص كل الحرص على أن يكونوا من جند الإسلام، فدعاهم للدين فدخلوه أفواجاً، فأقرهم 'محمود' على أملاكهم واستعملهم لنصرة الدين وأرسل إليهم الدعاة والمعلمين، فحسن إسلامهم وكانوا من أخلص أعوان 'محمود بن سبكتكين' وساعدوه في كثير من الحروب ببلاد الهند.

سنة الاستبدال

هذه السنة الربانية التي تعمل في الأمم والدول والجماعات وحتى الأفراد بلا محاباة ولاجور، فمن ركب طريق التمكين وأخذ بأسباب البقاء والقوة، ظل باقيا صامداً ظاهراً بإذن الله عز وجل وحده ومن ركب طريق الفرقة والاختلاف وأخذ بأسباب الزوال والذهاب والفشل، حتما لابد من أن يكون مصيره السقوط والنهاية، وهذا ما حدث بالفعل مع الدولة الغزنوية أو السبكتكينية التي أصابها الوهن ودب الضعف وحب الدنيا إلى قلوب ملوكها، واختلفوا فيما بينهم واقتتلوا على الدنيا، بعدما قاموا بنصب سوق الجهاد ونشروا الإسلام بالهند لعهود طويلة، مما سمح لكفار الهند أن يرفعوا رؤوسهم مرة أخرى، ويخلعوا الطاعة، ويطردوا المسلمين من بلادهم.
ولأن الله عز وجل ناصر دينه ومظهر شريعته فإن من مقتضيات هذه السنة أن يتولى أمر الدين قوم آخرون يحوطون حياضه ويذبون عنه وينشرونه ويكونون على مستوى هذا الدين، لذلك لما دب الضعف في الدولة الغزنوية استبدلها المولى عز وجل بالدولة ******ة وقائدها الأمير المظفر شهاب الدين ******، حيث ورث ******ون الدولة التي سقطت بالكلية سنة 582 هجرية.

إعادة الأمجاد

كانت الدولة الغزنوية قد بلغت أوج قوتها واتساعها فى عهد سلطانها العظيم محمود وولده مسعود وشملت المنطقة الشاسعة من إيران وشمال الهند كله والسند والبنجاب وحوض الجانج حتى البنغال ولما أصابها الضعف والوهن أخذت أجزاء كثيرة من هذه الدولة في السقوط في يد الكفار مرة أخرى ومن عاونهم من الفرق الضالة التي لا تقل كفراً بل تزيد بنفاقها عن الكفار الأصليين أمثال فرقة القرامطة والشيعة الإسماعيلية، وانتزعت الكثير من أملاك الغزنويين.
حتى بإيران مركز دولتهم وعندما نهض بطلنا المقدام زعيم الغور شهاب الدين ****** وأخذ في استعادة الأمجاد السابقة.
بدأ شهاب الدين رحلته الجهادية مبكراً وبدأها كما بدأها من قبل 'محمود بن سبكتكين' ومن نفس النقطة من 'الملتان' وكان هذا الإقليم يقع تحت قبضة 'القرامطة' الكفار، وبالفعل استخلص شهاب الدين 'الملتان' من يد القرامطة سنة 570 هجرية، ثم أعقب ذلك استعادة 'بيشاور' وأخضع حوض السند جميعه رغم الخسائر الفادحة التي تحملها جيشه على يد كفار الهند وشمال الهند إلى خليج البنغال.

التحالف الهندوسي

شعر أمراء الهند بخطورة الأمر وعودة التهديد الإسلامي من جديد بعدما ظهر أسد جديد على الساحة وهو شهاب الدين ****** وقرروا التحالف فيما بينهم فيما عرف بتحالف أمراء منطقة الأنهار الكبرى في شمال شبه الجزيرة الهندية وهذه المنطقة التي تعرف باسم 'الهندستان' وفيها أخصب بلاد الهند وأكثفها سكانا، وهؤلاء الأمراء دفعهم الحقد على الإسلام وتحريض الكهنة البراهمة وخوفهم على أملاكهم وعروشهم أن يبادئوا المسلمين بالعداوة والقتال مستغلين بعض الأحداث الداخلية في الدولة ******ة وانشغال شهاب الدين بالقضاء على بعض الاضطرابات والفتن الداخلية.

جهاد على كل الجبهات


كان شهاب الدين ****** يحلم بأن تكون بلاد الهند كلها مسلمة وأن يستكمل الدور الرائع الذي قام به من قبل السلطان 'محمود بن سبكتكين' بل كان شهاب الدين يحب أن يتشبه كثيرا بمحمود بن سبكتكين وظهر هذا جليا في العديد من المواقف، ولكن الأمور لم تكن مواتية مثلما حدث أيام محمود بن سبكتكين، ذلك لأن شهاب الدين قد اضطر للجهاد على العديد من الجبهات الداخلية والخارجية وينتقل من الهجوم إلى الدفاع والكر والفر، من الهند إلى خرسان إلى الصين إلى إيران وهكذا، يقاتل كفار الهند وكفار الترك والباطنية الكفار أيضا طلاب الدنيا من المسلمين الطامعين المفسدين، لذلك فلقد قضى شهاب الدين حياته كلها لم يعرف بيتا ولا راحة ولا يلاعب ولدا ولا يهنأ بأسرة واستقرار بل من على ظهر الخيل إلى ظهر الخيل ومن ضرب السيف إلى رمى السهم وهكذا.

أولاً : جهاده ضد كفار الهند


كان أمراء الهندوس هم العدو الأكبر والأصلي في معارك شهاب الدين ******، وكان لقاؤه الأول معهم في غير صالح المسلمين وترك أثراً شديداً على شهاب الدين ******، وذلك سنة 583 هجرية عندما دخل المسلمون مدينة 'شرستي' واحتلوها وكانت من أغنى وأكبر مدن الهند، فهجم التحالف الهندوسي بقيادة كبيرهم 'بريتي' والذي تسميه المراجع العربية 'كولة' على المسلمين ودارت رحى معركة من أشد ما لاقى المسلمون من قتال في الهند وانهزم بعض الأمراء ******ين وفروا من أرض القتال، وظل شهاب الدين يقاتل بنفسه حتى أنه من شدة القتال قتل عدة أفيال بسيفه ورمحه ثم أصيب إصابة بالغة وتكاثر عليه الكفار ليأخذوه فدافع عنه جنوده وحملوه مصاباً ينزف الدم مسافة أربعين كيلومتراً حتى خافوا موته، ولما عاد إلى 'لاهور' أخذ الأمراء ******ة المنهزمين من أرض المعركة وعلق على كل واحد منهم عليق شعير وقال لهم 'ما أنتم بأمراء إنما أنتم دواب' وألزمهم المشي حتى 'غزنة'.
ظل شهاب الدين يجهز لقتال الهندوس ورد الهزيمة وأخذ العدة اللازمة وجهز جيشاً كبيراً وكان ما زال ناقماً على أمراء ******ة منذ فرارهم في المعركة السابقة وعزم على ألا يصحبهم معه في القتال ضد الهندوس، فحاول بعض شيوخ القوم استرضاءه عنهم فقال شهاب الدين كلمات تعبر عن النفسية المؤمنة الصادقة التي تستشعر بما عليها من واجبات تجاه نصرة الدين والعمل للإسلام وتظهر مدى قوة قلب هذا البطل الشجاع وحساسيته الدافقة، قال {أعلم أنني منذ هزمني هذا الكافر ما نمت مع زوجتى على فراش ولا غيرت ثياب البياض عنى 'أى ثياب الكفن' وأنا سائر إلى عدوي معتمد على ربي عز وجل لا على ******ة ولا على غيرهم، فإن نصرني الله سبحانه ونصر دينه فمن فضله وكرمه وإن انهزمنا فلا تطلبوني، فلن انهزم ولو هلكت تحت حوافر الخيل}.
بعد هذه الرسالة الجلية اهتزت قلوب الأمراء ******ة وحلفوا جميعا على القتال حتى الموت وعدم الأنهزام مهما حدث فى أرض المعركة.
عاد شهاب الدين ****** إلى الهند بجيش قوامه مائة وعشرين ألف مقاتل بعد عام واحد من الهزيمة السابقة، فبرز له ملك الهند 'بريتي' في جيش قوامه ثلاثمائة ألف مقاتل أو يزيدون واستخدم شهاب الدين ****** حيلة حربية ذكية حيث قسم جيشه إلى جزئين وهجم على الهندوس عند الفجر وهم غارون على قبضة الكماشة فأمضى المسلمون فيهم القتل، وحاول 'بريتي' الفرار فقال له أصحابه {إنك حلفت لنا أنك لا تخلينا وتهرب} فنزل من على فرسه وظل يقاتل حتى وقع أسيراً في يد المسلمين وحاول 'بريتي' أن يفدي نفسه بأموال طائلة مهولة ولكن شهاب الدين علم أن بقتل 'بريتي' يسهل سقوط الهند، فرفض قبول الفدية وقتله، وهو يؤكد بذلك على معنى رسالة الجهاد في الإسلام فهو ليس للدنيا ولا للأموال ولا للغنائم ولا لشهوة القتل والتملك بل هو لأسمى المطالب لنشر الإسلام وتبليغ الدين وإزاحة الطواغيت الذين يقفون على آذان الناس ويصدونهم عن سماع الحق.
كان هذا النصر المبين إيذاناً بانهيار سلطان الأمراء الهندوس وبداية السلطان الحقيقي للإسلام في منطقة الهندستان، فلقد استولى شهاب الدين ****** على مدن [شرستي، كهرام، هنسى، أجمير] وحطم أصنام الهندوكية والبوذية في الهندستان واستعمل أحجارها في بناء المساجد، وعهد الأمير شهاب الدين ****** إلى مملوكه وقائد جيوشه 'قطب الدين أيبك' بولاية المدن الهندية المفتوحة، وكان 'قطب الدين أيبك' لا يقل شجاعة ولا إخلاصا عن أستاذه، فثبت أقدام المسلمين هناك، واتخذ 'دهلي' عاصمة له وبنى الجامع الشهير 'قطب منار'، كما تصدى 'قطب الدين' لفلول التحالف الهندوسى وانتصر عليهم في معركة حامية الوطيس في سهل 'جندوار' سنة 591 هجرية.
فى نفس الوقت الذى كان 'قطب الدين أيبك' يرسخ أقدام الإسلام بالهندستان أرسل شهاب الدين ****** بطلاً آخر من قادة جيوشه واسمه 'محمد بن بختيار الخلجي' إلى ناحية الشرق حيث منطقة 'البنغال' وهي معقل البوذية في الهند كلها، ففتحها وحطم معابدها وأظهر شعائر الإسلام بها وذلك سنة 599 هجرية وفي نفس السنة استطاع قطب الدين أن يفتح حصن 'كلنجر' أمنع حصون الهند وبسقوطة لم يبق في الهند مكان لم يدخله الإسلام باستثناء صحراء الجنوب.

ثانيا: جهاده ضد كفار الأتراك

الجنس التركي يشمل كل القبائل الواقعة وسط وشرق الهضبة الإيرانية حتى أقصى شرق الصين وأيضا بلاد القوقاز ومنغوليا، وهذه القبائل كان منها المؤمن ومنها الكافر، وأمثال القبائل المؤمنة {السلاجقة والتركمان و******ين والخورازميين} وأما القبائل التركية الكافرة الوثنية فكانت تتجمع تحت لواء كبير وتحت أقوى هذه القبائل وهي قبائل {القراخطاي} وأصلهم في غرب الصين، وكان نهرا 'سيحون' و'جيحون' هما الحد الفاصل بين هذه القبائل الكافرة وبلاد الإسلام.
وكانت هذه القبائل شديدة البأس كثيرة الفساد تؤذي جيرانها المسلمين وتفرض عليهم الجزية وتكثر من الإغارة عليهم وكان من الطبيعى أن يتصدى لهم بطل الإسلام المقدام في هذه البقعة من الأرض وتتجه أنظار المسلمين كلها إليه وبالفعل تصدى لهم شهاب الدين ****** ومنع تقدمهم وعبورهم لنهر 'جيحون' ولكن الطامة الحقيقية والحقيقة التاريخية الثابتة والمحزنة للقلب حقاً هي أن هذه القبائل إنما تحركت لحرب شهاب الدين والمسلمين بتحريض من ملك مسلم آخر وهو 'خوارزم شاه' وكان ملكه متسع للهضبة الإيرانية كلها وقد ورث الرجل ملك دولة السلاجقة العظيمة ولكنه كان رجلاً لا يبالي إلا بمصالحه الخاصة وأملاكه وأمواله، وكان ملكه المتسع وما ورثه من أملاك السلاجقة دافعا له لأن يطلب من الخليفة العباسي 'الناصر بالله' منصب السلطنة والخطبة ببغداد، فأرسل الخليفة إلى شهاب الدين ****** يطلب منه أن يمنع 'خوارزم شاه' من التقدم لحرب الخليفة، وعندها خاف 'خوارزم شاه' من قوة شهاب الدين ******، وأرسل إلى ملوك القراخطاي الكفار وأغراهم بالهجوم على الدولة ******ة وكان شهاب الدين قد أخذ من قبل بعض بلاد القراخطاي، فقويت عزائمهم على حرب شهاب الدين والمسلمين.
استغل الكفار خروج شهاب الدين ****** للغزو في بلاد الهند وهجموا بأعداد كبيرة على بلاد الغور وعظمت المصيبة على المسلمين لغياب شهاب الدين وضخامة العدو، ولكن الله عز وجل الذي وعد بحفظ دينه ونصرة جنده قيض للمسلمين عدة أبطال من أعوان شهاب الدين مثل الأمير 'محمد بن جربك' و'الحسين بن خرميل ' و'حروش ******' واجتمع عندهم المجاهدون والمتطوعون من كل مكان وهجموا على جيش 'القراخطاي' وهم غارون ليلاً ووضعوا فيهم السيف واشتد القتال بين الفريقين واستشهد 'حروش ******' وكان شيخا مسنا فالتهبت مشاعر المسلمين وألقوا السهام والرماح وصار القتال بالسيوف والفوؤس فقط وانتصر المسلمون انتصاراً هائلا جعل عقل ملك 'القراخطاي' يطيش وينقلب على خوارزم شاه ويطلب منه دية لكل قتيل كافر عشرة ألاف دينار ذهبا، مما جعل 'خوارزم شاه' يطلب العفو والصفح من شهاب الدين الذي قبل العفو شريطة دخول 'خوارزم شاه' في طاعة الخليفة العباسي فوافق خوارزم الذي كان يغير ولائه ويقلبه حسب هواه وأطماعه، ووقعت كراهيته في قلوب كل المسلمين شرقا وغربا، والعجيب أن هذا الرجل النكبة عاد وحالف 'القراخطاي' من جديد وأغراهم بشهاب الدين ودلهم على أماكن ضعفه فهزموا شهاب الدين في معركة رهيبة سنة 600 هجرية كاد يقتل فيها شهاب الدين وتنهار دولة الإسلام في الهند بسبب ذلك.


ثالثا : جهاده ضد الزنادقة والباطنية والفرق الضالة


كانت منطقة الهضبة الإيرانية وبلاد الهند مرتعا خصبا وواسعا للأفكار الضالة والعقائد المنحرفة حيث كانت مهبط ومعدن الفلسفة والمنطق والتأملات البراهمية والعقائد المجوسية والفارسية، فلا عجب أن تبقى أثار تلك العقائد الضالة في تلك البقاع، ولذلك كان السلطان العظيم 'محمود بن سبكتكين' شديد الاهتمام بتطهير كل بلد يفتحه أو يملكه من أثار تلك العقائد والفرق الضالة وقضى على كل المذاهب المخالفة لأهل السنة والجماعة، وسار على دربة الأمير شهاب الدين ****** الذي كما قلنا من قبل شديد الشبه بمحمود بن سبكتكين، ودائم الأقتداء به، فقد كان شهاب الدين ****** شافعيا على عقيدة أهل السنة والجماعة، شديد الحب والإيمان بالإسلام، يكره أهل البدع والفساد شديداً على الفرق الضالة خاصة فرقة 'الاسماعيلية' الباطنية، فقد كان يقتل من يجده منهم ويخرب قراهم ويلزمهم بالدخول في الإسلام وإظهار شعائره، وكان شهاب الدين ****** على يقين أن الملاحدة والزنادقة من أتباع الفرق الضالة هم الخطر الأكبر الذي يهدد سلامة الأمة الإسلامية وينخر في جسدها، وأنهم يتربصون بهذه الأمة الدوائر وأن عداوتهم وكفرهم أشد وطأة وأذى على المسلمين من الكفار الأصليين.
عندما تحالف الخائن 'خوارزم شاه' مع قبائل 'القراخطاي' ضد شهاب الدين والمسلمين ودلهم على عورات جيش شهاب الدين، ووقعت الهزيمة على المسلمين، سرت شائعة في البلاد أن شهاب الدين قد قتل فى المعركة، وعندها تطاول كل ملحد وزنديق ومجرم ومفسد وطامع في الدنيا؛ ومن هؤلاء أحد مماليك شهاب الدين واسمه 'أيبك بال' الذي نصب نفسه سلطانا على المسلمين مكان شهاب الدين وأعانه على ذلك أحد الزنادقة ويدعى 'عمرو بن يزان' وأخذ 'أيبك بال' في ظلم الناس وسفك دماءهم وأخذ أموالهم وتجمع حوله كل اللصوص وقطاع الطرق وفسح المجال للزنادقة والملاحدة في نشر أفكارهم وعقائدهم، ولما عاد شهاب الدين ****** من القتال ووجد الأمر هكذا أمر بالقبض على هؤلاء المفسدين والزنادقة وأمر بقتلهم ثم تلا قوله عز وجل: 'إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا ??? ' وشن حملة واسعة وشاملة على قرى وبلاد الإسماعيلية حتى الموجودة خارج نطاق مملكته ليطهر بلاد الإسلام كلها من هذا الجنس الخبيث.
كانت الشائعة التي سرت بعد هزيمة شهاب الدين من 'القراخطاي' عن مقتلة السبب في كشف مكنون صدور الكثيريين، وسبحان الله كما قال عز وجل {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خيرا لكم ?} فقد كانت الهزيمة كريهة وأليمة على نفس المسلمين عموما وشهاب الدين خصوصا ولكنها كشفت حقيقة كثيرين ممن كانوا حول المسلمين، من هؤلاء كان أمير منطقة 'الجودي' واسمه 'دانيال' وكان قد أسلم خوفا من بطش شهاب الدين، فلما وصلته شائعة مقتل شهاب الدين ارتد عن الإسلام مرة أخرى وحالف قبيلة تركية كافرة اسمها قبيلة 'بنى كوكر' ومساكنهم فى جبال لاهور والمولتان وهى حصينة ومنيعة، وقام هذا التحالف الكفري بالإغارة على بلاد المسلمين وقطعوا السبيل ونهبوا قوافل التجارة، وكان شهاب الدين في هذه الفترة يجهز الجيوش لمحاربة 'القراخطاي' ورد الهزيمة، فلما وقف على حقيقة الوضع غير عزمه وقرر البدء بهؤلاء المرتدين والكافرين في مملكته وهذا يوضح فهم شهاب الدين لترتيب الأولويات والبدء بالعدو الأقرب الذى هو عادة أخطر، أعاد شهاب الدين جيوشه بسرعة من اتجاه الشرق إلى الشمال وهجم كالأسد الضاري على الخونة والمرتدين يوم الخميس 25 ربيع أول سنة 602 هجرية واشتدت مقاومة الكفار، وكان شهاب الدين قد قسم جيشه لجزئين جزء يقوده هو بنفسه ويتولى الاصطدام المباشر مع الكفار، وجزء أخر يقوده أنجب تلاميذ شهاب الدين الأمير البطل 'قطب الدين أيبك' يكون كمينا يظهر في اللحظة الحاسمة، وبالفعل ظهر قطب الدين بجيشه عند أشتداد القتال وتنادوا بشعار الإسلام 'الله أكبر' وحملوا حملة صادقة على الكفار الذين انهزموا وأمعن المسلمون فيهم القتل، وفر الكفار وصعدوا إلى تلال هناك وأضرموا فيها النار فكان أحدهم يقول لصاحبه 'لا تترك المسلمين يقتلونك ثم يلقى نفسه فى النار' فعمهم الفناء قتلاً وحرقاً، وغنم المسلمون غنيمه هائلة حتى أن كل خمسة أسرى يباعون بدينار واشتد هذا النصر المبين على كل كافر وملحد وزنديق ومرتد في هذه البقعة من الأرض.

شهيد المحراب

وجد أعداء الإسلام على اختلاف مشاربهم وأهوائهم أنه لا سبيل للانتصار على هذا الدين إلا باغتيال رأس المسلمين وبطلهم المقدم الذي يستطيع أن يجمع الجيوش ويشحذ الهمم وينافح عن دين الإسلام، ولم يجد أعداء الإسلام أفضل من الباطنيين الكفرة ليوكلوهم في تلك المهمة القذرة فالباطنيون خبراء في أساليب الاغتيال والغيلة، وبالفعل تسلل نفر من الباطنية الإسماعلية إلى جيش شهاب الدين ****** وهو خارج لقتال قبائل 'القراخطاي' الكافرة، وأظهر هؤلاء الباطنية أنهم من جملة الجيش حتى كانت ليلة 1 شعبان سنة 602 هجرية، وكان شهاب الدين في خيمته يصلي قيام الليل وحده دخل عليه الكفار وضربوه بالسكاكين حتى قتلوه شهيداً رحمه الله وهو يصلى، فدخل عليه أصحابه فوجدوه على مصلاه قتيلاً وهو ساجد فأمسكوا بهؤلاء الكفرة وقتلوهم جميعاً، وهكذا كانت نهاية هذا البطل العظيم الذي هو من أعظم أبطال الإسلام، ويا لها من حسن خاتمة لرجل طالما تعرض لمواطن الشهادة وباشر القتال بنفسه حتى أنه من شدة قتاله كان يقتل الفيل بسيفه، يستشهد بطلنا وهو يصلي ساجدا قائما لربه عز وجل وهو خارج لقتال الكافرين وهكذا تكون خاتمة الأبطال وما أروعها من خاتمة.


 

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
شخصيات لم ينصفها التاريخ... وجع شرقي زوايا عامة 10 08-09-2014 11:40 AM
سقطت الاقنعة ملك روحي زوايا عامة 11 08-05-2014 11:07 PM
أكثر شخصيات العالم أثارة في تغيري التاريخ وجع الروح زوايا عامة 7 10-24-2013 01:16 PM
23أغسطس في ذاكرة التاريخ~ عہازفہہ علےآوتـہہارالحـب زوايا عامة 8 08-24-2013 09:40 PM


الساعة الآن 09:43 AM


فن بيتك متجر فن بيتك الصعب للاتصالات سبيكترا

Search Engine Optimization by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc.